كان لي صديق مسيحي محترم جدا يزورني وأزوره وهو مثقف جدا، واستمرت علاقاتنا سنوات طويلة لم تشوبها شائبة.وكان اسم أحد ابنائه (أمير) وفي يوم ونحن جلوس في بيتي رأيته ليس على بعضه ، فقلت له : لا أراك على بعضك كما عهدتك. قال: لا انا على بعضي ولكن يوم امس تقدم ابن عمي لخطبة بنت من اقربائنا ولكنهم مسلمون فرفضوا ذلك إلا أن يعتنق الإسلام. وكان هناك قسيس يرتدي الزي المدني استغل الفرصة وتكلم بكلام لا يُليق.
ثم قال لي صديقي : الستم تزعمون أنكم دين المحبة والتسامح لماذا تحرمون هذا الشاب من الزواج ممن يحب.
قلت له لابد من اقول لك شيئا قبل الاجابة على السؤال : أن السيد المسيح ويوحنا المعمدان لم يتزوجا ماتا وهم عزّاب. والسبب أن زمانهم كان زمن وثنية بامتياز ولذلك لم يجدا امرأة مؤمنة يتزوجوا بها ، فيوحنا مات في شبابه ، السيد المسيح ايضا انتقل وهو في عز الشباب (33) عام حسب رواية الانجيل. ونبينا محمد (ص) كذلك لم يتزوج في الجاهلية غير خديجة التي كانت على دين التوحيد ولكن لما انتشر الاسلام وبعد وفاة خديجة تزوج كثيرات مؤمنات به.
فقال لي: ولكن اليهودية كانت منتشرة والسيد المسيح كان يهوديا حسب ديانة أمه. فقلت له لم يكن يهوديا ولهذا السبب لم يجد في اليهودية المنحرفة امرأة تناسبه.
ثم قلت له : يا أخي ليس المسلمون وحدهم من يفعل ذلك كل الأديان تفعل ذلك وفي نصوص إلهية واضحة. فقاطعني وقال : يعني في الكتاب المقدس مذكور أن البنت لا تتزوج ممن يخالفها في دينها. فقلت له : نعم وبكل وضوح . وليس ذلك فقط ، بل إذا تزوجت بنت مسيحية مثلا شخص مغاير لدينها وأنجبت اطفالا ثم علموا بأمرها فيما بعد فإن الحكم عليها وعلى زوجها وأطفالها يكون قاسيا جدا لايتصوره عقل بشري وحتى الحيوانات لا تفعله.
فتعجب وقال يا شيخ انا أراك عاقلا عادلا ما هذا الكلام (يعني شنو حكمهم في الكتاب المقدس).
فقلت له حكمهم على نوعين .
الأول هو حكم الله عليهم بأن يُسلط عليهم الأمراض حتى يُفنيهم.
والثاني : هو حكم الناس الذي اباحه الله لهم وهو القتل بالسيف ذبحا ، أو يحبسوهم إلى أن يموتوا جوعا وبعد الموت لا يدفنوهم بل يرموهم في الصحراء حتى تكون جيفهم طعاما لوحوش الأرض. فنظر لي مليا متعجبا متحيرا، ثم قال : وين مكتوب هذا شيخ ما اعتقد موجود. فقلت له وإذا وضعت النص امامك الآن ، فما هو جوابك. فقال دعني أرى.
فقلت له: ورد في سفر إرمياء حول زواج الرجل او المرأة من آخر مغاير لدينهم يقول إرمياء : (وصار لي كلام الرب قائلا: أن لا يتخذوا امرأة مغايرة لدينهم وإذا فعلوا ذلك وخالفوا الشريعة يكون مصيرهم جميعا الموت الرجال والنساء والأطفال ولا يدفنهم أحد حتى تكون جيفهم طعاما لطيور السماء ووحوش الأرض). والنص الكامل كما ورد في سفر إرمياء (وصار لي كلام الرب قائلا: لا تتخذ لنفسك امرأة ولا يكن لك بنون ولا بنات في هذا الموضع لأنه هكذا قال الرب عن البنين والبنات المولودين وعن امهاتهم اللواتي ولدنهم وعن آبائهم الذين ولدوهم . ميتات أمراض يموتون. لا يُندبون ولا يُدفنون بل يكونوا دمنة على وجه الأرض.وبالسيف والجوع يفنون وتكون جثثهم آكلا لطيور السماء ووحوش الأرض). ويقصد بقوله في هذا الموضع . المكان الذي وصل إليه حيث كان الناس في تلك المنطقة على غير دين إرمياء.
ثم قلت له وهناك احكام ابشع من هذا الذي تراه.لا بل ان هناك وضوح اكثر في سفر ملاخي الذي يقول وبكل وضوح بحرمة الزواج من دين آخر كما نقرأ : (غدر يهوذا وعمل الرجس لانه قد نجس قدس الرب حيث تزوج بنت إله غريب. يقطع الرب الرجل الذي يفعل هذا).() وفي نص أكثر وضوحا ما ورد في سفر التثنية 7 : 1 ـ 5. : (لا تصاهرهم . بنتك لا تعطي لابنه وبنته لا تأخذ لابنك، فيحمي غضب الرب عليك ويهلككم سريعا).
ثم اخذ الكتاب المقدس من يدي وتمعن في النص ثم قلب الغلاف وقرأ الطبعة والسنة واسم المطبعة ، ثم قال : والله عجيب اشلون ما ازالوا هذه البشاعات وحذفوها لأنها تُسيء بالدرجة الأولى إلى هكذا رب. ثم التفت لي وقال : شيخ بصدق اخبرني : وإذا بنت مسلمة اصرت وعاندت وتزوجت من شخص مغاير لها في دينها وأنجبت منه اولاد وبنات ، شنو تسوون بيها.
قلت له لا شيء ، نترك امرها إلى الله لأنه لا حكم في هذا الباب في القرآن فقط نهي عن الزواج . فالتفت لي ضاحكا وقال : والله يا شيخ انت فد يوم تسويني مسلم.
ثم قال : غدا القسيس عنده محاضرة أخرى سوف اقوم امام الناس واقرأ عليه هذا النص امام الناس.
هكذا هم.يستمعون فقط لما يقوله القساوسة ولا يُكلف احدٌ منهم نفسه فيفتح كتابه المقدس ويتأكد من ذلك.