اقول : مقدمتا ولفهم الجواب فأنه لا يخفى على قارئ القرآن أن الله تعالى عرف نفسه بأنه الواحد الاحد وهو خالق كل شيء ،
وكل شيء في الدنيا سوى الله مصيره الفناء ( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ) ، وهذا بعد ان يطرأ عليه التغيير والتحول ( إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )
إذن : الثابت الوحيد الذي لا يتغير ولا يفنى في الوجود هو الله تعالى خالق الوجود ، لا يشاركه بهذه الميزة اي شيء
اذا كان هذا واضحا ، لنرجع الى الآيات اعلاه ونتأمل قول صاحب الجنة في الآية (35) حيث صرح : وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا
تبيد : أي تهلك او تفنى
أَبَدًا : ظرف زمان للمستقبل ، يستعمل مع الإثبات والنفي ، ويدُل على الاستمرار ، او : ظَرْفُ زَمَانٍ لِلتَّأْكِيدِ نَفْياً بِمَعْنَى قَطْعاً وَمُطلَقاً .
والمحصلة : يعتقد صاحب الجنة بان جنته باقية على حالها لا يطرأ عليها التغير والفناء وهي باقية على هذا الحال الى الابد .
ويستتبع هذا الاعتقاد تكملة لدفع اعتقاد معارض له وهو : وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا .
اي : طالما جنته خالدة لا تفنى ، فهذا يعني ليس هناك رجوع الى الله لان هذا يقتضي الفناء والتغير باتجاه يوم الحساب .
اذن يتضح من تفاصيل هذا الاعتقاد انه صنع حالة تشابه صفة وشأن الله تعالى وهو الثابت الذي لا يتغير ولا يفنى ، وهذا محل ونقطة اشراكه بالله تعالى .
ولذلك رد عيه صاحبه لما ألتمس حيثية اشراكه فقال ( لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا ) اي لا يعتقد ان هناك من يشابه ويشارك الله في حقيقته وان كل شيء فان ومرده الى الله ليحاسبه ويجازيه .
وآلله اعلم
الباحث الطائي
التعديل الأخير تم بواسطة الباحث الطائي ; 14-06-2021 الساعة 02:06 PM.