العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى الفقهي

المنتدى الفقهي المنتدى مخصص للحوزة العلمية والمسائل الفقهية

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

الشيخ عباس محمد
عضو برونزي
رقم العضوية : 81994
الإنتساب : Apr 2015
المشاركات : 1,288
بمعدل : 0.37 يوميا

الشيخ عباس محمد غير متصل

 عرض البوم صور الشيخ عباس محمد

  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي الفقه المقارن/ نكاح المتعة وفيه فصول
قديم بتاريخ : 06-01-2018 الساعة : 08:31 PM


نكاح المتعة وفيه فصول
1 - حقيقته هذا نكاح

إنما حقيقته أن تزوجك المرأة الحرة الكاملة المسلمة أو الكتابية نفسها، حيث لا يكون لك مانع في دين الإسلام عن نكاحها، من نسب أوسبب أو رضاع أو احصان أو عدة، أو غير ذلك من الموانع الشرعية،ككونها معقوداً عليها لأحد آبائك، وإن كان قد طلقها أو مات عنها قبل الدخول بها، وككونها أختاً لزوجتك مثلاً أو نحو ذلك.

تزوجك هذه المرأة نفسها بمهر مسمى إلى أجل مسمى، بعقد نكاح جامع لشرائط الصحة الشرعية، فاقد لكل مانع شرعي كما سمعت فتقول لك بعد تبادل الرضا والاتفاق بينكما: زوجتك أو أنكحتك أو متعتك نفسي بمهر قدره كذا يوماً أو يومين أو شهراً أو شهرين أو سنة أو سنتين مثلاً، أو تذكر مدة أخرى معينة على الضبط فتقول أنت لها على الفور: قبلت، وتجوز الوكالة في هذا العقد من كلا الزوجين كغيره من العقود،وبتمامه تكون زوجة لك، وأنت تكون زوجاً لها، إلى منتهى الأجل المسمى في العقد، وبمجرد انتهائه تبين من غير طلاق كالاجارة، وللزوج فراقها قبل انتهائه بهبة المدة المعينة لا بالطلاق- عملاً بنصوص خاصة

--------------------------------------------------------------------------------
205

--------------------------------------------------------------------------------


حاكمة بذلك، ويجب عليها مع الدخول بها1 أن تعتد بعد هبة المدة أو انقضائها بقرأين، إذا كانت ممن تحيض، وإلاَّ فبخمسة وأربعين يومأ كالأمة، عملاً بأدلة خاصة تحكم بذلك.

فإذا وهبها المدة أو انقضت قبل أن يمسها فما له عليها من عدة،كالمطلقة قبل المس2 وأولات الاحمال في المتعة أجلهن أن يضعن حملهن كالمطلقات، أما عد ة المتوفى عنها زوجها في نكاح المتعة فهي عدة المتوفى عنها زوجها في النكاح الدائم مطلقاً3.

وولد المتعة ذكراً كان أو أنثى يلحق بأبيه ولا يدعى إلاَّ له كغيره من الأبناء والبنات، وله من الارث ما أوصانا الله به سبحانه بقوله عز من قائل: ﴿يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ... ﴾4 ولا فرق بين ولديك المولود أحدهما منها والآخر من النكاح الدائم، وجميع العموميات الشرعية الواردة في الأبناء والآباء والأمهات شاملة لأبنا، المتعة وآبائهم وأمهاتهم، وكذا القول في العمومات الواردة من الأخوة والأخوات وأبنائهما، والأعمام والعمات والأخوال والخالات وأبنائهم ﴿... وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ ...﴾5 مطلقاً.

نعم نكاح المتعة بمجرده لا يوجب توارثاً بين الزوجين ولا ليلة، ولا


--------------------------------------------------------------------------------
206

--------------------------------------------------------------------------------


نفقة للتمتع بها، وللزوج أن يعزل عنها، عملاً بأدلة خاصة العمومات الواردة في هذه الأمور من أحكام الزوجات.

هذا نكاح المتعة بكنهه وهذه متعة النساء بحقيقتها، وهذا هو محل النزاع بيننا وبين الجمهور.

2 - جماع الأمه على اشتراعه

أجمع أهل القبلة كافة على أن الله تعالى شرع هذا النكاح في دين الاسلام، وهذا القدر مما لا ريب فيه لأحد من علماء المذاهب الإسلامية على اختلافهم في المشارب والمذاهب والآراء، بل لعل هذا ملحق - عند أهل العلم - بالضروريات مما ثبت عن سيد النبيين صلى الله عليه وآله وسلم فلا ينكره أحد من علما، أمته، ومن ألم بما يقوله أهل المذاهب الإسلامية كلهم في حكم هذا النكاح مستقرئاً فقه الجميع، علم أنهم متصافقون على أصل مشروعيته وإنما يدعون نسخه كما ستسمعه إن شاء الله تعالى.

3- دلالة الكتاب على اشتراعه

حسبنا حجة على اشتراعه: قوله تعالى في سورة النساء: ﴿... فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ...﴾6 إذ أجمع أئمة أهل البيت وأولياؤهم على نزولها في نكاح المتعة، وكان أبي بن كعب، وابن عباس وسعيد بن جبير، والسدي، يقرأونها: ﴿فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى﴾7 وصرح عمران بن حصين الصحابي بنزول هذه الآية في


--------------------------------------------------------------------------------
207

--------------------------------------------------------------------------------


المتعة، وأنها لم تنسخ حتى قال رجل برأيه ما شاء8، ونص على نزول الآية في المتعة مجاهد أيضاً فيما أخرجه عنه الطبري في تفسيره الكبير9.

ويشهد لذلك أن الله سبحانه قد أبان في أوائل السورة حكم النكاح الدائم بقوله عز من قائل: ﴿... فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ ...﴾10 إلى أن قال: ﴿وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ...﴾11 فلو كانت هذه الآية في بيان "الدائم" أيضا للزم التكرار في سورة واحدة، أما إذا كانت لبيان المتعة فإنها تكون لبيان معنى جديد، وأولو الألباب ممن تدبروا القرآن الحكيم علموا أن سورة النساء قد اشتملت على بيان الأنكحة الإسلامية كلها، فالدائم وملك اليمين تبينا بقوله تعالى: ﴿... فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ﴾12 ونكاح الاماء مبين بقوله تعالى: ﴿وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ...﴾13 إلى أن قال: ﴿...فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ


--------------------------------------------------------------------------------
208

--------------------------------------------------------------------------------


وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ...﴾14 والمتعة مبينة بآيتها هذه ﴿... فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ...﴾

4- اشتراعه بنصوص السنن

حسبنا من السنة في هذا الباب: صحاح متواترة عن أئمة العترة الطاهرة عليهم السلام وقد أخرج الشيخان البخاري ومسلم في اشتراع هذا النكاح صحاحاً كثيرة عن كل من سلمة بن الأكوع، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن مسعود، وابن عباس، وأبي ذر الغفاري، وعمران بن حصين، والأكوع بن عبد الله الأسلمي، وسبرة بن معبد، وأخرجها أحمد بن حنبل في مسنده من حديث هؤلاء كلهم ومن حديث عمر، وحديث ابنه عبد الله، وأخرج مسلم في باب نكاح المتعة من كتاب النكاح من الجزء الأول من صحيحه عن جابر بن عبد الله، وسلمة بن الأكوع قالا: خرج علينا منادي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ان رسول الله أذن لكم أن تستمتعوا، يعني متعة النساء، انتهى بلفظه. والصحاح في هذا المعنى أكثر من أن تستقصى في هذا الاملاء.

5- القائلون بنسخه وحجتهم والنظر فيها

قال أهل المذاهب الأربعة وغيرهم من فقهاء الجمهور بنسخ هذا النكاح وتحريمه محتجين بأحاديث أخرجها الشيخان في صحيحيهما، وقد أمعنا فيها متجردين متحررين فوجدنا فيها من التعارض في وقت صدور النسخ ما لا يمكن الوثوق بها، فإن بعضها صريح بأن النسخ كان يوم خيبر، وفي بعضها أنه كان يوم الفتح، وفي بعضها أنه كان في غزوة تبوك، وفي بعضها أنه كان في حجة الوداع، وفي بعضها أنه كان في


--------------------------------------------------------------------------------
209

--------------------------------------------------------------------------------


عمرة القضاء، وفي بعضها أنه كان عام أوطاس، على أنها تناقض ما ستسمعه من صحاح البخاري ومسلم الدالة على عدم النسخ، وأن التحريم والنهي إنما كانا من الخليفة الثاني ببادرة بدرت على عهده من عمرو بن حريث، وكان الصحابة قبلها يستمتعون على عهد الخليفتين، كما كانوا يستمتعون على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وستسمع كلام عمران بن حصين، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وأمير المؤمنين فتواه صريحاً بأن التحريم لم يكن من الله تعالى ولا من رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وإنما كان بنهي عمر، ومحال أن يكون هناك ناسخ يجهله هؤلاء وهم من علمت مكانتهم في العلم ومنزلتهم من رسول الله وملازمتهم إياه صلى الله عليه وآله وسلم. على أنه لو كان ثمة ناسخ لنبههم إليه بعض الواقفين عليه، وحيث لم يعارضهم أحد فيما كانوا ينسبونه من التحريم إلى عمر نفسه، علمنا أنهم أجمع معترفون بذلك، مقرون بأن لا ناسخ من الله تعالى ولا من رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

على أن الخليفة الثاني نفسه لم يدع النسخ كما ستسمعه من كلامه الصريح في اسناد التحريم والنهي إلى نفسه، ولو كان هناك ناسخ من الله عز وجل أو من رسوله لأسند التحريم إلى الله تعالى أو إلى الرسول، فإن ذلك أبلغ في الزجر وأولى بالذكر.

وظني أن المتأخرين عن زمن الصحابة وضعوا أحاديث النسخ تصحيحا لرأي الخليفة، إذ تأول الأدلة فنهى وحرم متوعدا بالعقوبة، فقال: متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: وأنا أحرمهما وأعاقب عليهما: متعة الحج، ومتعة النساء.

ومن غريب الأمور دعوى بعض المتأخرين أن نكاح المتعة منسوخ


--------------------------------------------------------------------------------
210

--------------------------------------------------------------------------------


بقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ﴾15 بزعم أن المتمتع بها ليست زوجة ولا ملك يمين، قالوا: أما كونها ليست بملك يمين فمسلم، وأما كونها ليست بزوجة فلأنها لا نفقة لها ولا إرث ولا ليلة.

والجواب: أنها زوجة شرعية بعقد نكاح شرعي كما سمعت، وعدم النفقة والارث والليلة فإنما هو لأدلة خاصة خصصت العمومات الواردة في أحكام الزوجات كما بيناه سابقاً.

على أن هذه الآية مكية نزلت قبل الهجرة بالاتفاق، فلا يمكن أن تكون ناسخة لاباحة المتعة المشروعة في المدينة بعد الهجرة بالاجماع.

ومن عجيب أمر هؤلاء المتكلفين أن يقولوا بأن آية "المؤمنون" ناسخة لمتعة النساء، إذ ليست بزوجة ولا ملك يمين، فإذا قلنا لهم: ولم لا تكون ناسخة لنكاح الإماء المملوكات لغير الناكح وهن لسن بزوجات للناكح ولا بملك له، قالوا حينئذ: إن سورة "المؤمنون" مكية، ونكاح الاماء المذكورات إنما شرع بقوله تعالى في سورة النساء وهي مدنية: ﴿وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ﴾16 والمكي لا يكون ناسخاً للمدني، لوجوب تقدم المنسوخ على الناسخ، يقولون هذا القول وينسون أن المتعة إنما شرعت في المدينة، وأن آيتها في سورة النساء أيضا، وقد منينا بقوم لا يتدبرون فإنا لله وإنا إليه راجعون.


--------------------------------------------------------------------------------
211

--------------------------------------------------------------------------------


6- صحاح تنم على الخليفة

أخرج مسلم - في باب المتعة بالحج والعمرة من صححه17 -بالاسناد إلى أبي نضرة قال: كان ابن عباس يأمر بالمتعة وكان ابن الزبير ينهى عنها، فذكر ذلك لجابر، فقال: على يدي دار الحديث تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلما قام عمر18 قال: إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاءفأتموا الحج والعمرة وأبنوا نكاح هذه النساء فلو أوتي برجل نكح امرأة إلى أجل إلآ رجمته بالحجارة 19.

وهذا ما أخرجه أحمد بن حنبل من حديث عمر في مسنده20 عن أبي نضرة أيضاً، ولفظه عنده ما يلي: قال أبو نضرة: قلت لجابر: إن ابن الزبير ينهى عن المتعة، وان ابن عباس يأمر بها، فقال لي: على يدي جرى الحديث تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومع أبي بكر، فلما ولي عمر21 خطب الناس فقال: ان القرآن هو القرآن، وان رسول الله هو الرسول، وانهما


--------------------------------------------------------------------------------
212

--------------------------------------------------------------------------------


كانتا " متعتان " على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إحداهما متعة الحج والأخرى متعة النساء22.

وهذا صريح فصحيح في أن النهي إنما كان منه بعد ولايته وقيامه بأمر الخلافة.

ومثله حديث عطا ء، فيما أخرجه مسلم في باب نكاح المتعة من صحيحه23 - قال: قدم جابر بن عبد الله معتمراً، فجئناه في منزله، فسأله القوم عن أشياء، ثم ذكروا المتعة، فقال: نعم استمتعنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر وعمر.

وحديث أبي الزبير - كما في الباب المذكور من صحيح مسلم - قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: كنا نستمتع24 بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث.

وفي الباب المذكور من صحيح مسلم أيضاً عن أبي نضرة. قال: كنت عند جابر فأتاه آت فقال: ان ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين فقال جابر: فعلناهم25 على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم نهانا عنهما عمر.

وقد استفاض قول عمر على المنبر: متعتان كانتا على عهد


--------------------------------------------------------------------------------
213

--------------------------------------------------------------------------------


رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما26، متعة الحج ومتعة النساء. حتى نقل الرازي هذا القول عنه محتجاً به على تحريم متعة النساء، فراجع ما حول آيتها من تفسيره الكبير.

وهذا متكلم الأشاعرة وأمامهم في المعقول والمنقول (القوشجي) يقول في أواخر مبحث الإمامة من سفره الجليل - شرح التجريد -: إن عمر قال وهو على المنبر: أيها الناس ثلاث كن على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا أنهي عنهن وأحرفهن وأعاقب عليهن: متعة النساء، ومتعة الحج، وحي على خير العمل، وقد اعتذر عنه بأنه هذا كان اجتهاداً منه وعن تأول، والأخبار في هذا ونحوه مما يضيق عنه وسع هذا الاملاء.

وقد استمتع على عهد عمر ربيعة بن أمية بن خلف الثقفي أخو صفوان فيما أخرجه مالك - في باب نكاح المتعة من الموطأ - عن عروة الزبير قال: ان خولة بنت حكيم السلمية دخلت على عمر وقالت له: إن ربيعة بن أمية استمتع بامرأة فحملت منه، فخرج عمر يجر رداءه فقال: هذه المتعة لو كنت تقدمت لرجمت. أي لو كنت تقدمت في تحريمها والانذار برجم فاعلها قبل هذا الوقت لرجمت ربيعة والمرأة التي استمتع بها، إذ كان هذا القول منه قبل نهيه عنها، نص على ذلك ابن عبد البر فيما نقله الزرقاني عنه في شرح الموطأ27 ولا يخفى ظهور هذا الكلام في أن التصرف في حكم المتعة إنما هو منه لا من سواه.

7- المنكرون عليه

أنكر عليه علي أمير المؤمنين ع 15 ند بلوغهما إلى آية المتعة من


--------------------------------------------------------------------------------
214

--------------------------------------------------------------------------------


تفسيريهما الكبيرين، إذ أخرجا بالاسناد إليه أنه قال: لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى إلاَّ شقي.

وأنكر عليه ابن عباس نقال28: ما كانت المتعة إلاَّ رحمة رحم الله بها أمة محمد لولا نهيه - أي عمر - عنها ما احتاج إلى الزنى إلا شقي – أي قليل من الناس - كما فسرها ابن الأثير في مادة شفى بالفاء من النهاية، وكان ابن عباس يجاهر بإباحتها، وله في ذلك مع ابن الزبير- حتى في أيام إمارته -حكايات هول المقام بذكرها29.

وأنكر عليه جابر كما سمعت من حديثه في ذلك.

وأنكر عليه ابنه عبد الله كما هو ثابت عنه، وقد أخرج الامام أحمد في ص 95من الجزء الثاني من مسنده من حديث عبد الله بن عمر قال – وقد سئل عن متعة النساء -: والله ما كنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زانين ولا مسافحين. ثم قال: والله لقد سمعت رسول الله يقول: ليكونن قبل يوم القيامة المسيح الدجال وكذابون ثلاثون أو أكثر.

وسئل مرة أخرى عن متعة النساء فقال - كما عن صحيح الترمذي30-: هي حلال. فقيل له: إن أباك نهى عنها. فقال: أرأيت إن كان أبي نهى عنها وصنعها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنترك السنة ونتبع قول أبي؟!

وأنكر عليه عبد الله بن مسعود كما هو معلوم عنه، وقد أخرج


--------------------------------------------------------------------------------
215

--------------------------------------------------------------------------------


الشيخان في صحيحيهما واللفظ للبخاري31 عن عبد الله بن مسعود قال: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وليس لنا شيء، فقلنا: ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك، ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل معين، ثم قرأ علينا: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾32. وأنت تعلم ما في تلاوة الآية من الإنكار الشديد على تحريمها كما صر ح بها شارحو الصحيحين.

وأنكر عليه عمران بن حصين فيما استفاض عنه، وقد نقل الرازي33 عنه أنه قال: أنزل الله في المتعة آية وما نسخها بآية أخرى، وأمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمتعة وما نهانا عنها، ثم قال رجل برأيه ما شاء. قال الرازي: يريد عمر.

وأخرج البخاري في صحيحه عن عمران بن حصين قال: نزلت أية المتعة في كتاب الله ففعلناها مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولم ينزل قرآن يحرمها، ولم ينه عنها حتى مات، ثم قال رجل برأيه ما شاء.

وأخرج أحمد في مسنده، عن أبي رجاء، عن عمران بن حصين قال: نزلت آية المتعة في كتاب الله، وعملنا بها مع رسول الله، فلم تنزل آية بنسخها، ولم ينه عنها النبي حتى مات.

وأمر المأمون أيام خلافته أن ينادي بتحليل المتعة، فدخل عليه محمد بن منصور وأبو العيناء فوجداه يستاك ويقول - فيما نقله ابن


--------------------------------------------------------------------------------
216

--------------------------------------------------------------------------------


خلكان –34 وهو متغيظ: متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعهد أبي بكر وأنا أنهى عنهما. قال: ومن أنت يا جعل حتى تنهى عما فعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبو بكر، فأراد محمد بن منصور أن يكلمه، فأومأ إليه أبو العيناء وقال: رجل يقول في عمر بن الخطاب ما يقول نكلمه نحن ؟ ! فلم يكلماه، ودخل عليه يحيى بن أكثم فخلا به وخوفه من الفتنة وذكر له أن الناس يرونه قد أحدث في الاسلام بهذا النداء حدثاً عظيماً يثير العامة والخاصة، إذ لا فرق عندهم بين النداء بإباحة المتعة والنداء بإباحة الزنى، ولم يزل به حتى صرف عزيمته إشفاقاً على ملكه ونفسه.

وممن استنكر حرمة المتعة وأباحها وعمل بها عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج أبو خالد المكي المولود سنة ثمانين والمتوفي سنة تسع وأربعين ومائة وكان من أعلام التابعين، ترجمه ابن خلكان في وفياته، وابن سعد في ص 361 من الجزء 5 من طبقاته، وقد احتج به أهل الصحاح وترجمه ابن القيسراني في ص 14 3من كتابه (الجمع بين رجال الصحيحين) وأورده الذهبي في ميزانه فذكر أنه تزوج نحواً من تسعين امرأة بنكاح المتعة وأنه كان يرى الرخصة في ذلك قال: وكان فقيه أهل مكة في زمانه.

8- رأى الامامية في المتعة

أجمع الامامية - تبعاً لأئمتهم الاثني عشر عليهم السلام- على دوام حلها، وحسبهم حجة على ذلك: ما قد سمعته من اجماع أهل القبلة على أن الله تعالى شرعها في دينه القويم، وأذن في الإذن بها منادي نبيه العظيم، ولم يثبت نسخها عن الله تعالى ولا عن رسوله صلى الله عليه وآله وسلم حتى انقطع الوحي باختيار


--------------------------------------------------------------------------------
217

--------------------------------------------------------------------------------


الله تعالى لنبيه دار كرامته، بل ثبت عدم نسخها بنصوص صحاحنا المتواترة عن أئمة العترة الطاهرة، فراجعها في مظانها من وسائل الشيعة إلى أحكام الشريعة. على أن في صحاح أهل السنة وسائر مسانيدهم نصوصاً صريحة في بقاء حلها واستمرار العمل بها على عهد أبي بكر وشطر من عهد عمر حتى صدر منه النهي عنها في شأن عمرو بن حريث، وحسبك من ذلك ما أوردناه في هذه العجالة، إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.



--------------------------------------------------------------------------------
218

--------------------------------------------------------------------------------


هوامش
1- وعدم بلوغها من اليأس الشرعي.
2- ولا عدة على من بلغت سن اليأس كالمطلقة أيضاً.
3- سواء أكانت مدخولاً بها أم لا وسواء أكانت يائساً أم لا وسواء أكانت حبلى أم حائلاً. وعدة الحبلى إذا مات عنها زوجها في كلا النكاحين، أبعد الأجلين وهما: وضح الحمل ومضي المدة وهي أربعة أشهر وعشر بعد علمها بموت الزوج.
4- سورة النساء: 11.
5- سورة الأحزاب: 6.
6- سورة النساء: 24
7- أخرج ذلك عنهم غير واحد من الأعلام كالإمام الطبري حول الآية من أوائل الجزء الخامس من تفسيره الكبير، والزمخشري أرسل هذه القراء ة في كشافه عن ابن عباس ارسال المسلمات ونقل عياض عن المازري - كما في أول باب نكاح المتعة في شرح صحيح مسلم للامام النووي -: ان ابن مسود قرأ فما استمتعتم به منهن إلى أجل، والرازي ذكر في تفسير الآية أنه روى عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن قال: وهذا أيضاً هو قراءة ابن عباس. قال: والأمة ما أنكروا عليهما في هذه القراءة. قال: فكان ذلك اجماعاً من الأمة على صحة هذه القراء ة إلى آخر كلامه في ص 201 من الجزء 3 من تفسيره الكبير.
8- على كلامه في هذا الشأن قريباً.
9- راجع ص 9 من جزئه الخامس.
10- سورة النساء: 3.
11- سورة النساء: 4.
12- سورة النساء: 3.
13- سورة النساء: 26.
14- سورة النساء: 26.
15- سورة المؤمنون: 5،6
16- سورة النساء:26.
17- صفحة 467من جزئه الأول طبع مصر سنة 1306.
18- أي فلما قام بأمر الخلافة، وهذا صريح بان هذه الأحداث: النهي والتحريم والانذار لم تكن من قبل.
19- الرجم حد من حدود الله عز وجل لا يشترعه إلاَّ نبي، على أن القائل بالمتعة مستنبط اباحتها من الكتاب والسنة، فإن كان مصيباً فبهما اخذ، وان كان مخطئاً فإنما هو مشتبه لا حد عليه لو فعلها، فإن الحدود تدرأ بالشبهات.
20- صفحة 52من جزئه الأول.
21- هذا صريح بأن تحريم المتعة الذي أشاد به الخليفة في خطابه لم يكن قبل ولايته على الناس.
22- لا مندوحة عن قبول روايته إذ قال: كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أما تحريمه إياهما فلرأي رآه.
23- صفحة 535 من جزئه الأول.
24- الظاهر من قوله: كنا نتمتع أن سيرة الصحابة كانت مستمرة على ذلك بعلم من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر وعمر قبل نهيه.
25- فعلناهما ظاهر باستمرار سيرتهم على فعلها كقوله السابق نستمتع وكقوله استمتعنا.
26- لا يخفى ظهوره في أن النبي إنما هو منه لا من الله تعالى ولا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
27- حيث يشرح هذا الحديث في الموطأ.
28- فيما رواه عنه أبن جريج وعمر بن دينار.
29- ألفتك إلى ما كان منها في صفحة 489من المجلد 4من شرح نهج البلاغة الحميدي أحمد يدي حيث ترجم ابن الزبير أثناء شرحه لقول أمير المؤمنين عليه السلام: ما زال الزبير منا أهل البيت حتى نشأ ابنه المشؤوم.
30- نقله عن الترمذي كل من العلامة في نهج الصدق والشهيد الثاني في مبحث المتعة من روضته
31- في الصفحة الثانية أو الثالثة من كتاب النكاح فراجع.
32- سورة المائدة: 87.
33- أثناء بحثه عن حكم متعة النساء حول آيتها من تفسيره الكبير.
34- في ترجمة القاضي يحيى بن أكثم.

من مواضيع : الشيخ عباس محمد 0 دراسة بريطانية: تعدد الزوجات يطيل العمر ويجلب الرزق
0 كيف أجعل زوجي يهتم بي
0 أكثر ما تحبه المرأة في الرجل
0 هل حب المخالف لعلي (عليه السلام) ينجيه يوم القيامة ؟
0 عنى حديث الاجتماع على حب علي (عليه السلام)
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 06:42 PM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية