|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 81994
|
الإنتساب : Apr 2015
|
المشاركات : 1,288
|
بمعدل : 0.37 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى الفقهي
الفقه المقارن/ الزكاة والصدقة
بتاريخ : 05-09-2017 الساعة : 06:01 PM
الزكاة والصدقة
الزكاة في اللغة: الطهارة والنماء والبركة والمدح1 مثل قوله تعالى: ﴿... أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا ...﴾2 أي أطهر، وما روي عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال: "زكاة الأرض يبسها"3 أي طهارتها يبسها. وقول الإمام علي عليه السلام: "العلم يزكو على الانفاق"4 أ أي ينمو، وقولهم: "زكا الزرع"5 إذا حصل منه نمو وبركة، وقوله تعالى: ﴿... الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ ...﴾6 أي يمدحونها.
في الشرع: ما يخرجه الانسان من حق الله تعالى إلى مستحقيه، وتسميته بذلك لما يكون فيها رجاء البركة أو لتزكية النفس أي تنيمتها بالخيرات والبركات أو لما جميعاً فإن الخيرين موجدان فيها7.
وزكى أذى زكاة ماله.
هذا ملخص ما ذكره أهل اللغة في بيان معنى الزكاة8.
*
161
أما الصدقة: فقد قال الراغب في مفرداته: "الصدقة ما يخرجه الانسان من ماله على وجه القربة كالزكاة لكن الصدقة تقال في الأصل للمتطوع به والزكاة للواجب"9.
وقال الطبرسي في مجمع البيان: "الفرق بين الصدقة والزكاة أنَّ الزكاة لا تكون إلاَّ فرضاً، والصدقة قد تكون فرضاً وقد تكون نفلاً"10.
ومن ثم نرى أن الزكاة لوحظ فيها معنى الوجوب وقصد منها حق الله في المال كما لوحظ في الصدقة التطوع، إي إعطاء المال قربة إلى الله تعالى وتد تلحظ فيها الرحمة على المعطى له مثل قول إخوة يوسف: ﴿... وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَآ...﴾11.
وبما أنّ الزكاة لوحظ فيها الوجوب أي حق الله في المال نرى أنها تشمل أنواع الصدقات الواجبة والخمس الواجب وغيرها من كل ما كتب الله على الإنسان في المال.
ويشهد لهذا ما ورد في كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لملوك حمير: "وآتيتم الزكاة من المغانم خمس الله وسهم النبي وصفيه وما كتب الله على المؤمنين من الصدقة"12.
فان لفظ "من" بعد الزكاة لبيان أنواع الزكاة المذكورة بعدها وهي:
162
أ- من المغانم خمس الله.
ب- سهم النبي وصفيه.
ج- ما كتب الله على المؤمنين من الصدقة. أي القسم الواجب من الصدقة.
وهكذا جعل الصدقة الواجبة قسما واحدا من أقسام الزكاة. وقد حصر الله الصدقة بالمواضع الثمانية المذكورة في قوله تعالى: ﴿... إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ...﴾13 ولم يحصر الزكاة بمورد ما، وقرنها بالصلاة في خمس وعشرين آية من كتابه الكريم14، وكلما قرنت الزكاة بالصلاة في كلام الله وكلام رسوله قصد منها مطلق حق الله في المال والذي منه: حقه في ما بلغ النصاب من النقدين والأنعام والغلّات أي الصدقات الواجبة، ومنا حقه في المغانم أي الخمس، وحقه في غيرهما.
وإذ قرنت في كلامهما بالخمس، قصد منها الصدقات الواجبة خاصة. وكذلك إذا أضيفت في الكلام إلى احد موارد أصناف الصدقة مثل "زكاة الغنم" أو "زكاة النقدين" قصد منها عند ذاك أيضا صدقاتها الواجبة. ويسمى العامل على الصدقة في الحديث و السيرة بالمصدق15 و لا يقال "المزكي" ويقال لمعطي الصدقة "المتصدق"16 ولا يقال المزكي أو
163
المتزكي و"الصدقة" هي التي حرمت على بني هاشم17 وليست الزكاة، ولم ينتبه مسلم إلى هذا وكتب في صحيحه "باب تحريم الزكاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلى اله... "18، وأورد في الباب ثمانية أحاديث تنصّ على حرمة الصدقة عليهم وليست الزكاة كما قال، وعلى هذا فكل ما ورد في القران الكريم من أمثال قوله تعالى: ﴿وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ﴾19، فهو أولاً أمر بإقامة كل ما يسمى صلاة سواء اليومية منها أو صلاة الآيات أو غيرهما. وثانيا أمر بأداء حق الله في المال سواء حقه في موارد الصدقة الواجبة، أو حقه في موارد الخمس أو في غيرهما.
وكذلك المقصود في ما روي عن رسول الله انه قال: "إذا أديت زكاة مالك فقد قضيت ما عليك"20، انك إذا أديت حق الله في مالك أي جميع حقوق الله في المال فقد قضيت ما عليك، وكذلك ما روي عنه انه قال: "من استفاد مالا فلا زكاة عليه حتى يحول الحول"21، أي لا حق لله في ماله. وورد في أحاديث أئمة أهل البيت عليهم السلام: "وحق في الأموال الزكاة"22. ولعل سبب خفاء ذلك على الناس، أن الخلفاء لما اسقطوا الخمس بعد رسول الله ولم يبق مصداق للزكاة في ما يعمل به غير الصدقات، نسي الخمس متدرجاً، ولم يتبادر إلى الذهن من الزكاة في العصور الأخيرة غير الصدقات !.
164
هوامش
1- راجع مادة (زكا) من نهاية اللغة لابن الاثير.
2- سورة الكهف، الآية: 19.
3- بمادة زكا من نهاية اللغة.
4- نهج البلاغة، كتاب الحكم، العدد 147.
5- مادة زكا من مفردات الراغب.
6- سورة النساء، الآية: 49.
7- راجع مادة زكا من مفردات الراغب.
8- راجمنا في هذا وما يأتي بترجمة المصطلحات الآتية الراغب في مفرداته، وابن الأير في نهاية اللغة، وابن منظور في لسان العرب ،والقاموس وشرحه مضافاً إلى تفاسير القران مثل تفسير الطبري والطبرسي وغيرهما.
9- بمادة صدق.
10- مجمع البيان ج 1/ 384بتفسير الآية 272من سورة البقرة.
11- سورة يوسف، الآية: 88.
12- يأتي ذكر مصادر الكتاب في ما بعد إن شاء الله.
13- سورة التوبة ؟ الآية: 60.
14- راجع مادة الزكا من المعجم المفهرس لألفاظ القران الكريم.
15- راجع مادة صدق بمفردات الراغب ونهاية اللغة ولسان العرب.
16- قال الله تعالى {ان المصدقين المصدقات} الحديد/ 18 0 وقال: { والمتصدقين والمتصدقات } الأحزاب / 35، وراجع أبواب الزكاة في صحيح مسلم 3/172 ،وسنن أبي داود 1/ 202. والترمذي 3/ 172. ولا يعبأ بما ورد عند بعض المتأخرين مثل المتقي في كنز العمال.
17- يأتي تفصيله في ما بعد إن شاء الله.
18- صحيح مسلم 3/ 117.
19- راجع مادة الزكاة في المعجم المفهرس لألفاظ القران الكريم.
20- سنن الترمذي 3/ 97باب ما جاء إذا أديت الزكاة فقد قضيت ما عليك.
21- سنن الترمذي 3/ 125 باب ما جاء لا زكاة على المال المستفاد حتى يحول عليه الحول.
22- الكافي 2/ 19 و20، وتفسير العياشي 1/ 252، والبحار 68/ 337و389.
|
|
|
|
|