بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ﴾(1) صدق الله مولانا العلي العظيم
الشُّبهة:
دعوى أنَّ الإسلام إنما انتشر وذاع صيته بالسيف والإرهاب، ولو لا السيف والإرهاب لما كان للإسلام من أثر يُذكر، فالناس أذعنت لدين الإسلام لأنها وقعت تحت وطأة الإرهاب والعنف الذي كان يُمارسه الرسول الله (ص). هكذا قيل، وهكذا يقول بعض الناس في زماننا!
الجواب:
للوقوف على فساد هذه الشبهة، لابد من ملاحظة مجموعة أمور:
الأمر الأول: ملاحظة الخطاب الديني، الذي اعتمده النبيُّ (ص) في الدعوة إلى الإسلام:
فالإسلام بدأَ حين بدأ بمحمد (ص)، ولم يكن معه من أحدٍ سوى عليٍّ، وخديجة. والوسيلة الوحيدة التي توسَّل بها واعتمدها في الدعوة إلى الإسلام هي الكلمة الطيبة، والدعوة إلى القيم الإنسانية التي تشرئبُّ لها القلوب القويمة والسليمة، والمجرَّدة عن العقد والأضغان.. كما توسَّل بالبرهان، والدعوة إلى التفكير، والتدبُّر، والتأمُّل في المبادئ التي يدعو إليها. هذه هي الوسيلة التي اعتمدها رسول الله في الدعوة إلى الإسلام.
أولاً: الدعوة إلى القيم الإنسانية:
فكان (ص) يقول: "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق"(2)، وأخذ يأمر بالمعروف -بكلِّ ما هو معروف-، وينهى عن كلِّ ما هو منكر ومستقبَح، فكان ينهى عن الفاحشة والرذيلة، ويدعو إلى العفاف والفضيلة وكان يدعو للعدل والإنصاف والمساواة، وينهى ويشجب كلَّ مظاهر الظلم والاستبداد، والابتزاز، وحرمان الضعفاء، وتسلُّط المتنفذين والأقوياء. هذه هي القيم التي دعا لها رسول الله (ص)، ولذلك التفَّت حوله الرجالات.
ثانياً: الدعوة إلى التأمل والتفكّر:
كما أنه كان يدعو إلى التأمُّل والتفكُّر فيما جاء به من أصولٍ اعتقادية وأفاد أن الاذعان لهذه الأصول هو من مقتضيات الفطرة والتعقل، من خلال محاورة العقول، وتنبيه القلوب.
فدعا جبابرة قريش، ودعا علماء اليهود، وعلماء النصارى إلى التأمل فيما يقول.. ودعا الإنسان، وحاكى فطرته، وناغى عقله، وقال له لا تقبل منِّي ما أقول إلَّا بعد أن تتفكَّر وتتأمَّل فنادى: ﴿يَا أَهْلْ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُم أَنْ لاَ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ﴾(3)، هذه ليست لغة المستبد، ولا هي لغة الذي يدعو إلى أطروحته بالسيف والإرهاب، هذه لغة الإنسان الذي يدعو إلى الفكر بواسطة الحوار، والمجادلة بالتي هي أحسن.. ولذلك كان يؤكِّد على لزوم المجادلة بالتي هي أحسن، وقد علَّمه القرآن هذا الخُلُق، قال تعالى: ﴿وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾(4).
كان يدعوهم للتأمل في الآفاق وفي أنفسهم، ويدعوهم للتأمل في اختلاف الليل والنهار، واختلاف الخَلْق، ويقول لهم بأنَّ هذه المظاهر الكونية، وما تشتمل عليه أنفسُكم، هو دليلٌ وبرهانٌ على صوابية ما أدَّعيه، فيقول تعالى: ﴿وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾(5)، دعوة للتبصُّر، عودوا إلى أنفسكم -هذه هي اللغة التي اعتمدها رسول الله في الدعوة إلى الإسلام-، ويقول من كتاب الله تعالى: ﴿سَنُرِيْهِم آيَاتنَا فِيْ الآفَاقِ وَفِيْ أَنْفُسِهِم حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾(6) ولم يقل سوف نقتلهم حتى يؤمنوا، سوف نجزِّرهم، وسوف نُصلِّبهم على جذوع النخل؛ حتى يؤمنوا.. لم يقل ذلك، ولم تكن هذه لغته، بل كانت لغته: إننا سنوقفهم على الدليل، وسنوقفهم على البرهان: ﴿سَنُرِيْهِم آيَاتنَا فِيْ الآفَاقِ (في الكون) وَفِيْ أَنْفُسِهِم (وسنظلُّ نريهم ذلك) حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شّيْءٍ شَهِيْد﴾. ثم يُوقفهم عل مظاهر الكون، وعلى اختلاف أنحائه، ووظائفه، وعلى نظامه؛ كلُّ ذلك ليثوبوا إلى عقولهم ورشدهم، عَلَّهم يؤمنوا بما يقول. هذه هي وسيلته. يقول: ﴿أََلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً﴾ ألا يعبِّر ذلك عن شيء؟!﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفٍ أَلْوَانُهَا﴾(7)، أرض واحدة، وتربة واحدة، والماء الذي يُغذَّيها ذو طبيعة واحدة، ثمَّ إنَّ ألوان الثمرات مختلفة! وطعومها مختلفة، ورائحتها مختلفة، وأشكالها، وهيئاتها، ووظائفها، وما يترتَّب عليها من آثار، ومضاعفات، كل ذلك مختلف! ما هو السر؟! هكذا يحاول أن ينفُذ في أعماق عقولهم؛ ليثبت صحة دعوته من خلال هذه المنبِّهات، حتى يدخلوا الإسلام عن وعيٍ وبصيرة.
ثم تُضيف الآية الكريمة: ﴿فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفاً أَلْواَنُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيْضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيْبُ سُوْدٌ/ وَمِنَ الْنَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾(8)، يعني إنَّ دعوتنا يقبلها العلماء، والعقلاء، والمتأملون، والمتفكرون. هذه هي وسيلتنا للدعوة إلى الله. هكذا كانت وسيلة رسول الله: الدعوة للتأمل والتبصُّر والتفكر.
ثالثاً: إلزام الآخرين بما يؤمنون به:
ومن الوسائل التي اعتمدها الرسول (ص) في الدعوة هي إيقاف اليهود والنصارى على ما يؤمنون به، ويلتزمون به، فيقول لهم إنكم تلتزمون بالتوراة والإنجيل، وفي التوراة والإنجيل ما يُؤكِّد صوابيَّة دعوة الإسلام، ونبوة رسول الإسلام، فيقول: ﴿الَّذِيْنَ يَتَّبِعُوْنَ الرَّسُوْلَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِيْ يَجِدُوْنَهُ مَكْتُوْباً عِنْدَهُمْ فِيْ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيْلِ﴾(9)، يقيم الحُجَّة عليهم، ويقول لهم إنكم تجدون إسمي، ودعوتي، وما يثبتُ صحَّة قولي، في كتابكم الذي تلتزمون بصحَّته، وبأنه وحي من الله، وهذه هي العلامات الموجودة عندكم: ﴿يَأْمُرَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُم عَنِ الْمُنْكَرِ.. وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِيْ كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾(10) ويقول تعالى:﴿ قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾(11)، أنتم ادَّعيتم أنَّ النبيّ مجنون، هنا خياران: إما أن نواجهكم بالسيف؛ لتعدلوا عن هذه الدعوى. وذلك ليس من سبيلنا، وليس هو طريقنا في الدعوة إلى الله. وأما الخيار الثاني فهو أن تتفكَّروا، ويجلس أحدكم لوحده؛ كي يتأمَّل، أو تجتمعوا و تتفاكروا وتتباحثوا في شأن هذا الرجل الذي تُنكرون نبَّوته. هذه هي الوسيلة التي اعتمدها القرآن والرسول (ص) للوصول إلى الحقيقة: اجلسوا مثنى، أو فُرادى، ثم تفكَّروا، وستجدون أنَّ ما بصاحبكم من جِنَّة، ﴿إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيْرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٌ شَدِيْدٌ﴾(12).
هذه وسيلة النبي (ص) لأكثر من عقدٍ من الزمن..
إذن هذه هي الوسيلة التي اعتمدها الإسلام في الدعوة إلى الله، وظلَّ يعتمد هذه الوسيلة لما يربو على عقدٍ من الزمن، فبدأ في مكة واستمر عقداً ويزيد من الزمن وهو يدعو بهذه الطريقة، وبهذه الوسيلة، ولم تكن له وسيلة أُخرى. فمن أين جاءت دعوى السيف والإرهاب، ولم يكن في يد رسول الله سيف، ولم يكن مع رسول الله ما يُرهب به الآخرين؟! بل كانت السطوة والقوة في الطرف المقابل، وكان رسول الله في الطرف الآخر؛ هذا هو الأمر الأول.
النتيجة:
إذن، فبملاحظة الخطابات الدينية، من القرآن الكريم، وأحاديث الرسول، والوسائل التي اعتمدها والواقع الذي كان عليه الرسول (ص)، كلُّ ذلك عندما يلاحظه المُنصف يعرف أنَّ وسيلة الدعوة لم تكن السيف والإرهاب.
-----------------------
1- سورة آل عمران/ 159.
2- بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 16 ص 210.
3- سورة آل عمران/64.
4- سورة آل عمران/64.
5- سورة الذاريات/21.
6- سورة فصلت/53.
7- سورة فاطر/27.
8- سورة فاطر/27- 28.
9- سورة الأعراف/157.
10- سورة الأعراف/157.
11- سورة سبأ/46.
12- سورة سبأ/46.
التاريخ لم يثبت اي عمل عدائي في تاريخ نبي الإسلام النضالي و الجهادي او حتى الدعوي فكل معارك و غزوات و حروب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم كانت دفاعية
و أما بعض جماعات من يرون في إرهاب ابو بكر و عمر على انه جهاد و نشر للإسلام فهؤلاء هم اليوم من ينشرون الإرهاب في بلاد المسلمين بحجة ذلك و يمارسون أبشع صور الإرهاب في قتل الأبرياء
كما فعل عمر الذي ينسبون اليه فتح فارس و هو كل ما قام به في حق أهلها إرهاب و عنصرية و كأنه لم يسمع خطبة الوداع ليس لعربي فضل على أعجمي و لا اسود على ابيض الا بالتقوى