بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
حوراء زينب (سلام الله عليها) في طفولتها كانت جالسة في حجر أبيها - وهو (عليه السلام) يلاطفها بالكلام - فقال لها: يا بني قولي: واحد، فقالت: واحد، فقال لها: قولي اثنين، فسكتت، فقال لها: تكلمي يا قرة عيني، فقالت (عليها السلام): يا أبتاه ما أطيق أن أقول اثنين بلسان أجريته بالواحد، فضمها صلوات الله عليه إلى صدره وقبلها بين عينيها. (1
لقّبت زينب (سلام الله عليها) بألقاب مختلفة التي تحكي عن سجاياها الأخلاقية منها: عقيلة بني هاشم، عقيلة الطالبين، عقيلة النساء، عالمة غير معلّمة (2) وكيف لا وهي ولدت ونشأت في بيت العقل والإيمان. قد تربّت في بيت الرسالة والإمامة وقد طوت عمرا من الدهر مع الإمامين الحسن والحسين (عليهما السلام).
)
الفصاحة العلوية والبلاغة المرتضوية، قد ورثتها هذه المخدرة الكريمة، بشهادة العرب أهل البلاغة والفصاحة أنفسهم وسمعت خطبة أمّها الغرّاء المعروفة بخطبة الفدكية وهي كانت بنت ستة سنين ويدها في يد أمّها.
لقد أجاد العلامة البرغاني في مجالس المتقين حيث قال: إن المقامات العرفانية الخاصة بزينب (عليها السلام) تقرب من مقامات الإمامة. (
3)
كانت عقيلة بني هاشم (سلام الله عليها) من أزهد نساء زمانها فقد كانت في بيت زوجها عبد الله بن جعفر، وهو كان ذا ثروة وحشمة يوم ذاك، وكانت تخدمها العبيد والإماء فتركت ذلك كله لوجه الله، وأعرضت عن زهرة الحياة من المال والبيت والزوج والولد والخدم والحشم، وصحبت أخاها الحسين (عليه السلام) مع علمها بجميع ما يجري عليها من المصائب والنوائب.
كانت هذه المصائب والبلايا في عين أم المصائب (سلام الله عليها) جميلا وقد صرّحت بذلك في مجلس الطاغية عبيد الله بن زياد (لعنه الله) حيث قال لها: كيف رأيت صنع الله بأخيك وأهل بيتك؟ فقالت: ما رأيت إلا جميلا (4). هذه الحالة و تلك المقالة تكشف عن عظمة شأنها وفضلها على إحدى سيدات نساء أهل الجنة، آسية بنت مزاحم(سلام الله عليها). لمّا اطّلع فرعون على إيمانها(سلام الله عليها) بالنّبي موسى (عليه السلام) حبسها وقام بتعذيبها فتعسّر عليها الحال فقالت: (رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (5) فسألت الله ـ سبحانه وتعالى ـ أن يقبض روحها ويأخذها إلى الجنان. فكيف كانت حالها إن كان يُذبح أخوها و بنو أخوها وابناها أمام عينها وكانت ترى رؤوس الاحبّة فوق الرماح مشالاة. ولكنّ الحوراء زينب (سلام الله عليها) رأت هذه الوقايع وسافرت مع رأس أخيها أربعين منزلا وما رأت هذه المصائب والبلايا إلا جميلا لأنها جرت في سبيل الله ومرضاته.
ـــــــــــــــــــــ
1.العقيلة والفواطم، الحاج حسين الشاكري، الصفحة ٢9
2. احتجاج طبرسی، ج2، ص31.
3. العقيلة والفواطم، الحاج حسين الشاكري، الصفحة ٢١.
4. بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج ٤٥ ، الصفحة ١١٦.
5. تحريم،11.