كانت القيادة السعودية تمني النفس باسقاط النظام السوري في فترة وجيزة لا تتجاوز الشهور او حتى اسابيع ، بعد ان اختار الملك السعودي الامير بندر بن سلطان ، رجل المهام القذرة ، لمنصب رئيس الاستخبارات الى جانب كونه الامين العام لمجلس الأمن الوطني السعودي ، وتسليمه الملف السوري بأكمله.
وكعادته في التعامل مع المهام التي تناط به، استخدم بندر وسائله التي باتت معروفه للمراقبين، وهي وسائل تترواح بين القاعدة ، سيف السعودية المسلط على رقاب خصومها، ولوبيات اليمن المتصهين داخل اميركا والتي نسج معها علاقات عضوية ابان فترة عمله كسفير في واشنطن على مدى 18 عاما ، بالاضافة الى الخزينة السعودية المفتوحة على مصراعيها دون حساب.
هذه المرة تمادى بندر في استخدام هذه الوسائل الى ابعد الحدود ، مدفوعا بحقده المعهود على النظام السوري وعلى محور المقاومة، متصورا ان هذه السياسية هي الكفيلة باسقاط النظام في سوريا في اقرب فرصة ممكنة، فاذا بالسحر ينقلب على الساحر فيسقط بندر وتبقى سوريا ويبقى محور المقاومة.
هذه المرة لم تنفع كل الوسائل القذرة التي استخدمها بندر في تحقيق اماني اسياده من الصهاينة والاميركان، بفضل الجبهة المتماسكة لمحور المقاومة والاحتضان الشعبي لنهج المقاومة وابطالها ورموزها ، ولولا هذا الاحتضان الشعبي لكان محور الشر المتمثل بالرجعية العربية والصهيونية والاستكبار قد نجح في تنفيذ مخططه في اسقاط محور المقاومة وجعل منطقة الشرق الاوسط ساحة مفتوحة امام الصهيونية.
ان تمادي بندر في التنسيق مع اخطر التنظيمات المرتبطة بالقاعدة ونقلها الى سوريا ومدها بالمال والعتاد والتعتيم على جرائمها بحق الشعب السوري عبر وسائل اعلامية خليجية في مقدمتها قناتي "الجزيرة" و"العربية"، دون التفكير بعواقب هذه السياسة الطائشة، واستخدامه للوبي اليميني المتصهين داخل اميركا للضغط على بعض مراكز صنع القرار داخل الولايات المتحدة لدفع ادارة اوباما للتورط عسكريا داخل سوريا ، والتمادي في ممارسة هذه الضغوط، بالاضافة الى استخدام المال السعودي بشكل سخي للاسراع بتنفذ مخططاته والتي تقاطعت ، بسبب عدم نضجها مع مخططات رفاقه الاخرين في واشنطن وتل ابيب ، الساعين لاسقاط النظام السوري.
ان دموية وطيش وغرور واندفاع بندر الجنوني في خدمة المخططات الامريكية والصهيونية ، كانت تواجه كثيرا بانتقادات من قبل الامريكان والصهاينة انفسهم ، لماذا ؟ لان الرجل كان يضر بمصالحهم بسبب اندفاعه دون تفكير بعواقب ما يقدم عليه ، الامر الذي عرض مصالحهم للخطر!!.
وكمثال عن الخدمات التي قدمها بندر لاسياده الصهاينة والاميركان والتي اراد من خلالها التعبير عن مدى استعداده في تقديم هذه الخدمات دون التفكير بعواقب ما يفعل ، ذكر وليم سيمبسون صديقه وزميل دراسته في كلية سانت هيرست للعلوم العسكرية في بريطانيا ومؤلف كتاب "الامير" عن حياة بندر ، ذكر احدى هذه الخدمات سمعها من بندر شخصيا ، وهي ان الرجل لم يتورع عن الاعتراف بانه كان وراء محاولة اغتيال المرجع العلامة اية الله السيد محمد حسين فضل الله ، كرد انتقامي على نسف مقر قوات المارينز في لبنان عام 1982 ومقتل اكثر من 350 شخصا في هجوم استشهادي!!.
عندما راى بندر الادارة الاميركية غير راضية على تحريضه لليمين الامريكي المتصهين ، وتراجع هذه الادارة عن ضرب سوريا خوفا من تداعيات التدخل الاميركي في سوريا ، استشاط غضبا فشد الرحال الى موسكو طالبا منها العون في مسعاه لاسقاط النظام السوري وكعادته تحدث هناك بلغة المال والتهديد بالقاعدة امام سيد الكرملين الذي رده خائبا.
وعلى الارض لم تنفع بندر كل عصابات القاعدة التي زج بها من مختلف اصقاع الارض الى سوريا ، فراى مساعيه قد وصلت الى طريق مسدود ، فلجأ الى لعبة خطيرة ، هي لعبة حرق لبنان عبر عصابات القاعدة ، ظنا منه ان هذا الامر قد يحرك المياه الراكدة في البركة السورية ، ما ادى الى امتعاظ وغضب كل الفرقاء الاقليميين والدوليين الذين لهم مصلحة في تجنيب لبنان الفتن ، رغم اختلاف اهدافهم.
ان قوة محور المقاومة هي التي عزلت امير المهام القذرة ، واخرجته والى الابد من الدائرة السياسية داخل السعودية ، وليس الملك ، والدليل على ذلك انه بالرغم من سحب الملف السوري من بندر وتسليمه الى الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية ، ان الملك السعودي لم يكن راغبا بعزله ، الا انه فعلها على مضض وبعد مرور اكثر من شهر على تسلم محمد بن نايف مسؤولية الملف السوري.