تمر في هذه الايام الذكرى الـ (44) لرحيل الامام محسن الحكيم.. والذكرى الـ (35) لانتصار الثورة الاسلامية بقيادة الامام الخميني.
الإمامان الحكيم والخميني طاب ثراهما ركنان اساسيان للفكر السياسي الشيعي اليوم.. ينتمي كلاهما للمدرسة الاصولية الشيعية.. رغم ما يتردد من اختلاف الظروف والساحات والمناهج.. فيقال ان الاول يمثل مدرسة النجف والثاني مدرسة قم.. ويمثل الاول مدرسة محافظة والثاني مدرسة ثورية، وان الحكيم من ابرز المراجع العرب والثاني من ابرز المراجع الايرانيين.
بعض هذه الفروقات سطحية ووهمية ولا تعني الكثير.. فالامام الخميني بعمامته السوداء يعود نسبه للنبي العربي صلى الله عليه واله، ووقف في مواجهته غلاة القوميين وصلى بامامته المرحوم عرفات وكبار القادة العرب.. والامام الحكيم الموصوف بالمحافظ تربى في مرجعيته فكراً سياسياً تجديداً اصلاحياً متمثلاً بـ «جماعة العلماء» ومؤسسي «حزب الدعوة الاسلامية» الاوائل. فالشهيد الصدر تربى في ظلال هذه المرجعية واستلهم الكثير من مبادئ تصديها للظلم.. وللانفتاح على قضايا الامة في فلسطين والجزائر وايران وغيرها.. ولقضايا الانتصار للعدل كموقفه من حرمة مقاتلة الكرد وبرقيته المشهورة لعبد الناصر لوقف اعدام الشهيد سيد قطب.
الحكيم والخميني «محافظان» اذا كانت الكلمة تعني الاصولية.. و»ثوريان» اذا كانت الكلمة تعني التغيير والاصلاح. فالتعبيران يتضمنان معنى «الانقلاب» و»الثورة»، خصوصاً ان «ريفولوشن» تعني عند الايرانيين «انقلاب» وليس «ثورة»، وهذا اقرب للصحة، رغم اختلاف الامامين في مناهج تصديهما لساحات وظروف مختلفة.
يمتلك الفكر الشيعي بطبيعته صفة الاصولية والتغيير، او المحافظة والاجتهاد (الانقلابية او الثورة) في آن واحد. كتب الفيلسوف ريجيس دوبريه الثائر الفرنسي الذي اعتقل مع «جيفارا» (بوليفيا 1967) وحُكم عليه بالسجن 30 عاماً، ومستشار الرئيس ميتيران (1981) انطباعاته في جريدة «اللموند» الشهيرة، بعد زيارته ايران مؤخراً: ان الفكر الشيعي، عند النظر لتقاليد عمل علمائهم، اصولي ومحافظ، مقارناً اياه بالكاثوليك والفاتيكان.. واجتهادي وتجديدي وعدلي يشبه الروح «المعارضة» او «المحتجة» التي امتلكها «البروتستانت» عند النظر لحراكهم.
السيد الخامنئي امتداد لمرجعية السيد الخميني ونظرية ولاية الفقيه في الحكومة الاسلامية.. والسيد السيستاني امتداد للسيد الحكيم وللسيد الخوئي.. الذي يرى ان القدر المتيقن من ولاية الفقيه هو الامور الحسبية.. وهم جميعاً امتداد للخط الاصولي، والذي تمثل اجتهاداته ومبانيه جزءاً مهماً من الفكر السياسي الاسلامي المعاصر.