قصة عجيبة
حدثت في الإنتفاضة الشعبانية في صحن الإمام الحسين (ع)
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الراوي لهذه القصة:
كنا نزور مرقد الحسين (عليه السلام) كل خميس ولطالما شد انتباهنا رجل في الاربعينات من عمره يجلس في مكان معين من الصحن الحسيني الشريف حيث كان هذا الرجل يبكي بحرقة ويؤشر بيديه الى قبة الامام ويتحدث اليه ولا يتوقف ابدا!
فنراه هكذا كلما دخلنا الى الصحن ويبقى على هذا الحال حتى نخرج منه , وعدة مرات حاولنا الكلام معه فلم يعرنا اي انتباه وبسبب تكرار محاولاتنا معه اطمأن بعض الشيء لنا واخذ يجيبنا ببعض الكلمات خاصة عندما يتوقف قليلا عن البكاء والنحيب وهكذا استمرالحال لعدة اشهر فاصبح بيننا سلام وكلام ومودة - الى ان جاء يوم شعرنا بانه ازداد اطمئنانا لنا ويمكن ان يستجيب لإلحاحنا ويلبي دعوتنا المستمرة له بان يحكي لنا حكايته فقد اثار فضولنا بشكل عجيب - بادر احدنا بسؤاله كالمعتاد ولكنه هذه المرة لم يتجاهل السؤال بل نظر الينا نظرة فيها حسرة ثم تنهد واغرورقت عيناه بالدموع وقال:
اجلسوا لأحكي لكم حكايتي , اطعناه بسرعة كالتلاميذ وجلسنا ننتظر سماع ماكنّا لاشهر ننتظره وبدء بالكلام
وطبعا سأتصرف بسرد الحكاية لتوضيح القصة للقاريء الكريم
والقصة كالتالي:
في احد الايام العصيبة التي مرت على العراق ومن ارض كربلاء المقدسة بالتحديد وبعد انتهاء وقمع الانتفاضة الشعبانية البطلة ضد طاغية العراق المجرم صدام التكريتي في عام 1991 دخلت قوات جيش الطاغية (ولا اقول هنا القوات العراقية) لان القوات التي قمعت الانتفاضة وسفكت دماء العراقيين وانتهكت المقدسات كانت قوات منتقاة بعناية من الامويين الحاقدين ممن يحملون في قلوبهم حقد اسود ضد كل ما يمت بصلة لآل البيت (عليهم السلام ومحبيهم) - دخلت هذه القوات الى صحن مرقد الامام الحسين (عليه السلام) في ذلك اليوم المشؤوم الذي قال فيه حسين كامل مقولته المشهورة موجها كلامه لقبة الامام: (انت حسين وانا حسين ولنرى ما الذي تستطيع فعله لي) ...
وبعد ذلك ضرب القبة المقدسة بالمدفعية واحدث فجوة كبيرة بها ولكن الحسين عليه السلام امهله ولم يهمله فقد ضرب راسه بمرض عضال في باديء الامر وبعدها كانت نهايته الشنيعة المعروفة ثم رميت جثته في مزبلة بغداد لمدة ثلاثة ايام منع اهله حتى من دفنه دخلت هذه القوات الى الصحن الشريف واغلقت الابواب لتحاصر داخل الصحن والحضرة الحسينية الشريفة عشرات من المؤمنين الذين احتموا داخل الحضرة من الهجوم الهمجي لهذه المرتزقة وقائدها البربري صهر القائد الضرورة على المدينة المقدسة وأمر حسين كامل جنده باحضار جميع المؤمنين المتواجدين هناك ووضعهم امامه على شكل مجاميع جالسين على الارض وبدئوا بإذلالهم وشتمهم وضربهم بالايدي والارجل , ثم بدء قائد الجند ( الشرطي السابق ) حسين كامل يضرب بقدمه تارة وبكعب مسدسه تارة اخرى الواحد تلو الاخر ليشبع غريزته الحيوانية وحقده الاعمى حتى وصل الى مجموعة من المؤمنين لم يتجاوز عددهم الاربعة وانا كنت احدهم لفت انتباهه دعائنا وتضرعنا لله وتقربنا له وطلبنا شفاعة الحسين (عليه السلام) بأصوات عالية فاغتاض اللعين من ذلك وشهر مسدسه باتجاه اثنين منا بعد ان اوقفهم امام قبة الحسين (عليه السلام) وقال لهما هذا حسين وانا حسين فان كنتم معه فسأقتلكم بيدي وان كنتم معي فتبروا منه فقال احدهم لقد امرنا الامام (عليه السلام) ان نمد الاعناق ولا نتبرء منه..
فالتفت المجرم الى الثاني ليعرف رأيه , ولم يختلف الثاني عن صاحبه, وقال له وانا لا اتبرء من امامي- وبكل برود اطلق حسين كامل رصاصتين على راس كل منهما موديا بحياتيهما ثم عاد إلينا والتفت لصاحبي الثالث وقال له ... وما تقول انت: اجاب صاحبي صارخا بوجه ذلك الكافر: الحقني بمن سبقني فلست احرص منهما على الدنيا .... ولست ممن يخاف الجرابيع .. فبدء يطلق عليه الرصاص ليودي به صريعاً ,,, شهيداً في سبيل الله ثم نظر اللعين لي نظرة مكر ودهاء ممزوج بحقد وكراهية الامويين لمحبي آل البيت (عليهم السلام) وقال لي: فما تقول انت هل تريد اللحاق باصحابك ؟ - ووجه مسدسه الى رأسي ...
وقال: ها ما رايك هل تريد اللحاق باصحابك ام تترك امامك الحسين وتاتي الى جانبي؟ وكنت بحالة مزرية ارتجف خوفاً وابكي بكاءاً عالياً لما شاهدته بام عيني من جريمة نكراء فقد قتل وبدم بارد واعصاب هادئة ثلاثة من اعز اصدقائي امام ناظري بالاضافة الى من اعدم فالتفتُ حولي فلم اجد سوى الموت منتشراً في الصحن الشريف وجنود الطاغية تمليء المكان وتدنس الارض
الطاهرة والمنايا تحوم حولي ,,, فلم اقوى على التحدي ولم استطع فعل او قول شيء سوى البكاء ودفنت وجهي بين راحتي يدي
نعم لقد ضعفت واستطاع ان يرهبني ويشفي غليله ويرضي كبرياءه السقيم فابقى على حياتي انا واثنان آخران معي واعدم الباقين في
داخل الصحن , وكان الوقت قد امسى وكنت متعبا مرهقا اعاني من اوجاع كثيرة في جسدي نتيجة الضربات التي تلقيناها من جند الطاغية فقد كان يوما طويلا وعصيبا استغرقت في نوم عميق وانا جالس في مكاني داخل الصحن فلم يسمح لنا بعد بالتحرك وبعد برهة من الزمن سمعت اصواتا بجانبي ففتحت عيني واذا برجل طويل القامة مهيوب يلبس ملابس عربية ويضع على رأسه عمامة خضراء والنور يشع منه لينير الصحن بأكمله ويلتف حوله رجال كثيرون يتنقلون بين الشهداء داخل الصحن , واذا بهم ينادونه بالحسين (عليه السلام) فصرخت مولاي ابا عبد الله الحسين أرايت ما فعلوا بنا - التفت الي وهز راسه وكانه يقول لي نعم رايت
وسمعت كل شيء فوقف مع جماعته عند اصحابي الثلاثة الذين اعدموا امامي , وامر بعض الرجال ليغسلوا ويدفنوا الاثنين
الذين اعدموا اولا , فقلت له مولاي لماذا امرت بغسل ودفن
هذين الرجلين وتركت الثالث قال: هذين ضحوا بانفسهم حباً بي لذلك امرت الملائكة بغسلهم ودفنهم وبعدها سيكونون مع
اصحابي في الجنة واردف قائلا: اما هذا فقد رأى امامه ما اصاب
صاحبيه ولم يخف ولم يتردد في التضحية فكان اكثر صبرا
فاجره اكبر ومنزلته اعلى لذلك فسوف اغسله بيدي وادفنه بنفسي وغدا يدخل الجنة معي ..
بابي انت وامي مولاي تدفن بيدك رجل محب لكم وجسدك الطاهر يبقى في الفلا دون ان يدفنه احد وبعد ان اكمل عليه السلام دفن اصحابي اخذ رجاله وذهب فركضت خلفهم اناديهم ليأخذوني معهم
او بالاحرى لاعرف هل لي من توبة بعد ان خذلتهم , فلم يُعيروني
اي انتباه وكأني غير موجود - فتيقنت باني قد ارتكبت اثم كبيرا
عندها فتحت عيني واذا بي لوحدي نائم في الصحن الشريف وقد خرج الجميع وتركوني في تلك الليلة فعلمت اني قد ارتكبت اكبر جرم في حياتي واضعت على نفسي فرصة الفوز بان اكون مع سيدي ومولاي الحسين ع فلطالما كررت قولي عند الزيارة ( ياليتنا كنا معكم فنفوز فوزا عظيما ( وعندما سنحت الفرصة اضعتها وتخاذلت , لذلك ومنذ ذلك اليوم قررت المجيء كل يوم هنا بنفس المكان ابكي واستغفر ربي واكلم مولاي الحسين صلوات الله وسلامه عليه ..
اخي الفاضل فعلا قصه تحمل كل العبر والتفاني والايثار بوركت على نقل هذه القصه الرائعه للعلم من اجل الصحابه عمار بن ياسر ذكرت الاله بخير والله سبحانه وتعالى عن رسول الله بلغه بالشهاده ودعواتنا له بقبول دعاءه