وأخرج النصيبي في فوائده من طريق أبي ليلى الأنصاري: (لا يؤمن عبدٌ لله حتّى أكون أحبّ إليه من نفسه، وتكون عترتي أحبّ إليه من عترته، ويكون أهلي احبّ إليه من أهله).
قال الامام الفخر الرازي في تفسيره 7: (ان الدّعاء للال منصب عظيم ولذلك جعل هذا الدعاء خاتمة التشهد في الصلاة وقوله: اللهم صلّ على محمّد، وعلى آل محمّد، وارحم محمّداً وآله. وهذا التعظيم لم يوجد في حقّ غير الآل، فكلّ ذلك يدلّ على أنّ حبّ آل محمّد واجب) - إلى أن قال:
(أهل بيته ساووه في خمسة أشياء: في الصلاة عليه وعليهم في التشهّد، وفي السلام، وفي الطهارة، وفي تحريم الصدقة، وفي المحبّة).
وقد جاءت لدة هذه الكلمة عن أمّة كبيرة من رجال المذاهب وائمة الفقه والتفسير والحديث
فيتلو
حبّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الرتبة ويرادفه حبّ اهل بيته الطاهر بحكم الكتاب والسنّة والعقل والمنطق والاعتبار، ولا يفارق حبّهم وولاؤهم حبّ رسول الله وولاءه، كما لا ينفكّ حبّه وولاؤه (صلى الله عليه وآله وسلم) عن حبّ الله وولائه. وقد تظافرت السنّة في ذلك وتواترت، وإليك جملة منها:
1- (من كنت مولاه فعلىٌّ مولاه). من مائة طريق وزائداً.
2- (علىٌّ منّي وأنا منه، وهو ولىّ كلّ مؤمن بعدي) عمران بن حصين.
3- (من كان الله وأنا مولاه فهذا علىٌّ مولاه).
4- (من كنت مولاه فعلىٌّ وليّه) سعد بن ابي وقّاص.
5- (من احبّني وأحبّ هذين وأباهما وأُمّهما كان معي في درجتي يوم القيامة). علي (عليه السلام)، و من طريق ابو هريرة.
6- (شفاعتي لامّتي من أحبّ أهل بيتي وهم شيعتي) علىّ (عليه السلام) .
7- (يرد الحوض اهل بيتي ومن أحبّهم من أمّتي كهاتين) علىّ (عليه السلام) .
8- (أدّبوا أولادكم على ثلاث: حبّ نبيكم، وحبّ اهل بيتي، وعلى قراءة القرآن) علىّ (عليه السلام) .
9- (من احبّ هذا فقد احبّني - يعني الحسين) علىّ (عليه السلام) .
11- (اللّهمّ إنّي أحبّه فأحبّه، وأحبّ من يحبّه - قاله للحسن عليه السلام) . ابو هريرة.
12- (من أحبّهما فقد أحبّني، ومن أبغضهما فقد أبغضني - يعني الحسنين). ابو هريرة.
13- (اللّهمّ إنّي أحبّهما فأحبّهما، وأحبّ من يحبّهما - يعني الحسنين) ابو هريرة.
14- (من احبّني فليحبّ هذين - يعني الحسنين) ابو هريرة.
15- (الله مولاي أولى بي من نفسي لا أمر لي معه، وأنا مولى المؤمنين أولى بهم من أنفسهم لا أمر لهم معي، ومن كنت مولاه أولى به من نفسه لا أمر له معي، فعلىّ مولاه، أولى به من نفسه لا أمر له معه) من عدّه طرق.
16- (من أحبّ علياً فقد أحبّني، ومن أحبنّي فقد أحبّ الله). أمّ سلمة.
17- (لا يحبنا أهل البيت إلاّ مؤمن تقىٌّ).
18- (إنّ مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها غرق، وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطّة في بني اسرائيل من دخله غفر له). أبو سعيد الخدري، أبو ذر، الزبير.
19- (من فارقني فقد فارق الله، ومن فارقك يا علىّ فقد فارقني). أبو ذر، عبد الله بن عمر.
- (يا علىّ من أحب فقد أحبّني، ومن أبغضك فقد أبغضني). أبو ذر الغفاري.
21- (لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة حتّى يسأل عن أربع: عن عمره ما عمل به، وعن ماله مما اكتسبه، وفيما أنفقه، وعن حبّنا أهل البيت) أبو ذر، أبو برزة.
22- (أيها الناس من أحبّ علياً فقد أحبّني، ومن أحبّني فقد أحبّ الله، ومن أبغض علياً فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله). أنس بن مالك.
23- (من أحبّ هؤلاء فقد أحبني، ومن أبغضهم فقد أبغضني - يعني علياً وفاطمة والحسنين). زيد بن أرقم.
24- (إنّي تاركٌ فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، لن يتفرّقا حتّى يردا علىّ الحوض). جمع كثير.
25- (اللّهمّ إنّي أحبّهما فأحبّهما، ومن أحبّهما فقد أحبّني - يعني الحسنين) عبد الله بن مسعود.
26- (بابي هما وأمّي، من أحبني فليحبّ هذين - يعني الحسنين) عبد الله بن مسعود.
27- (إنّي قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي). جابر بن عبد الله الأنصاري.
28- (لا يحبك إلاّ مؤمن، ولا يبغضك إلاّ منافق - قاله لعلي). علي (عليه السلام) .
29- (ألا إنّ علي بن أبي طالب من نسبي، من أحبه فقد أحبني، ومن أبغضه فقد أبغضني). عبد الله بن عمر.
30- (آخر ما تكلّم به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : اخلفوني في أهل بيتي). عمر بن الخطاب، عبد الله بن عمر.
31- (أُوصي من آمن بي وصدّقني بولاية عليّ بن أبي طالب، من تولاه فقد تولاني، ومن تولاني فقد تولّى الله عزّ وجلّ، ومن أحبه فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله). عمّار بن ياسر.
32- (إنّ علياً راية الهدى، وإمام أوليائي، ونور من أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمتها
لمتقين، من أحبه أحبني، ومن أبغضه أبغضني). أبو برزة الأسلمي.
33- (حسينٌّ مني وأنا من حسين، أحبّ الله من أحبّ حسيناً). يعلى بن مرّة.
34- (من أراد التوسل إلىّ، وأن يكون له عندي يد أشفع له بها يوم القيامة فليصل أهل بيتي، ويدخل السرور عليهم). محمّد بن علي.
35- (لا يؤمن رجل حتى يحبّ أهل بيت بحبي. فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: وما علامة حبّ أهل بيتك؟ قال: حبّ هذا، وضرب بيده على عليّ رضي الله عنه). سلمان الفارسي.
37- (أنزلوا آل محمّد منزلة الرأس من الجسد، وبمنزلة العينين من الرأس فإنّ الجسد لا يهتدي إلاّ بالرأس وإنّ الرأس لا يهتدي إلا بالعينين). سلمان.
38- (والّذي نفسي بيده لا يدخل قلب امرىء الإيمان حتّى يحبهم لله ولقرابتي)عباس بن عبد المطلب.
39- (يا أيها الناس أُوصيكم بحب ذي قرنيها: أخي وابن عمّي علىّ ابن ابي طالب، فانه لا يحبه إلا مؤمن، ولا يبغضه إلا منافق، من أحبّه فقد أحبني، ومن أبغضه فقد أبغضني). عبد الله بن حنطب.
40- (ما بال رجال يؤذوني في أهل بيتي؟ والّذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتّى يحبني، ولا يحبني حتي يحب فىّ ذوىّ) ابن عباس. أبو سعيد الخدري. درةّ بنت أبي لهب(1) إلى أحاديث كثيرة تعطينا خُبراً بما نرتئيه من أهمية حبّ أهل البيت الطاهر في الإسلام، وضرورته من الدين، وفرضه بحكم العقل، وكونه ردف حبّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) .
وأما تحديد ذلك بحدّ معلوم معين يقف لديه المسلم ولا يعدوه، فهو أمر غير
معقول يشذّ عن المنطق الصحيح، إذ الحبّ كما عرفت إنما يتبع في بدئه وأصله وحدّه ومبلغه ورتبته، العلم بحدود ما في أهل البيت من بواعث الحب وموجباته وعوامله وعرفان قيم ما يتصوّر فيهم من دواعيه لدى الاعتبار، وأنّى ثمّ أنّى لنا الإحاطة بذلك والخبرة به من جميع نواحيه وجوانبه وجهاته، والناس ليسوا في العلم لذلك سواسية، واستكناه كلّ ذلك خارج عن نطاق الإمكان، ولا نهتدي إليه قطّ سبيلا ولا ينتهي إليه مبلغ علم ذي علم أبداً، ويعجز عن إدراكه والبلوغ إلى مداه كلّ إنسان نابه بصير.
فان اتخذت جملة من تلكم النواحي المتكثرة الّتي توجب حبهم وولاءهم الخالص واعطيت كل واحدة منهنّ حقها، وزنتها بميزان القسط الّذي لا عين فيه، تتجلّى لديك جليّة الحال، وترجع عند ذلك إلى ورائك من تحديد حبهم القهقرى، ولن تجد له مهيعا.
فهلم معي واقض ما انت قاض!بما ذا يقدّر ويسوي في سوق الاعتبار، وأىّ مقدار يقتضي ويستوجب من الحبّ؟ وما ظنك بحبهم مثلاً تجاه ما يلي؟:
1- انتسابهم إلى صاحب الرسالة الخاتمة (صلى الله عليه وآله وسلم) نسباً وصهراً، وهو أعظم خلق الله من الأوّلين والآخرين، وقد صحّ عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) وثبت وتواتر: كلّ سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلاّ سببي ونسبي. ومعلوم لدى كلّ شعب حرمة ذي قربى الملوك والسلاطين والزعماء وكرامتهم.
2- حبّ الله وحبّ رسوله إياهم، وكونهم أحبّ خلق الله اليهما، كما جاء في حديث الراية والطير وغيرهما.
3- انتفاع المؤمن بدعاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لمن أحبّهم بمثل قوله: اللّهمّ وال من والاه، وانصر من نصره، وأعن من أعانه، وأحبّ من أحبه. إلى أمثالها من الكثير الطيب الوارد في السنّة.
4- كون حبهم أجر الرسالة الخاتمة بنص من الكتاب باجماع من المسلمين على بكرة أبيهم: (قُل لاَّ أَسْــَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ ا لْمَوَدَّةَ فِى ا لْقُرْبَى).
5- كون حبهم مسؤولاً عنه يوم القيامة لدى قدم وقدم كما جاء في قوله تعالى: (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْــُولُونَ).
وقد جاء فيها من طريق أبي سعيد الخُدري مرفوعاً: عن ولاية علي.
وقال المفسر الكبير الواحدي: روي في قوله تعالى:(وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْــُولُونَ): أي عن ولاية علىّ وأهل البيت، لأنّ الله أمر نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يعرّف الخلق انّه لا يسألهم على تبليغ الرسالة أجراً إلا المودّة في القربى، والمعنى انّهم يسألون هل والوهم حقّ الموالاة كما أوصاهم النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أم أضاعوها وأهملوها فتكون عليهم المطالبة والتبعة. أ هـ.
وذكر الحافظ ابن حجر في الصواعق مرفوعة أبي سعيد الخدري، وأردفها بكلمة الواحدي هذه، فقال: وأشار بقوله: كما أوصاهم النبىّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الاحاديث الواردة في ذلك وهي كثيرة.
وذكر المرفوعة وكلمة الواحدي جمع من المؤلّفين الأعلام، واستشهد بعدها غير واحد منهم بقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) الصحيح الوارد المتواتر في ذيل حديث الثقلين: والله سائلكم كيف خلفتموني في كتابه وأهل بيتي.
وقال أبو المظفر السبط في تذكرته ص : قال مجاهد: وقفوهم انهم مسؤولون عن حبّ علىّ (عليه السلام) .
وذكر السيد الآلوسي في تفسيره 23: عند الاية الشريفة أقوالاً فقال: وأولى هذه الأقوال أنّ السؤال عن العقايد والاعمال، ورأس ذلك لا إله إلا الله، ومن أجلّه ولاية علي كرّم الله وجهه، الخ.
وذكر جمال الدين الزرندي الحنفي في (نظم الدرر)
(توجد عندنا منه نسخة بخط يد المؤلف - ولله الحمد -) كلمة أبي الحسن الواحدي برمّتها فقال: ولم يكن أحد من العلماء المجتهدين والائمّة المحدّثين إلا وله في ولاية أهل البيت الحظّ الوافر، والفخر الزاهر، كما أمر الله عزّ وجلّ بذلك في قوله:(قُل لاَّ أَسْــَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ ا لْمَوَدَّةَ فِى ا لْقُرْبَى).
وتجده في التديّن معوّلا عليهم، متمسّكاّ بولايتهم، منتمياً إليهم.
ثمّ ذكر مواقف الأئمّة من حبّ أهل البيت وكلماتهم في ولائهم.
6- كونهم أعدال القرآن الكريم كما في حديث الثقلين المتّفق عليه، ولن يتفرّقا حتّى يردا على النبىّ الحوض، فهم أئمة الهداية، ومثلهم مثل القرآن، في إنقاذ البشر من تيه الضلالة، وحيرة الجهالة، إلى الحياة السعيدة.
7- كون حبهم شارة الإيمان كما في الصحيح الثابت: لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلاّ منافق. قاله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلىّ (عليه السلام)، إلى صحاح وحسان كثيرة في مفاده، وهذه هي الولاية الّتي هنأ بها الصحابة الأوّلون علياً وهم مائة ألف أو يزيدون يوم هنأه عمر بن الخطاب بقوله: بخ بخ يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي مولى كلّ مؤمن ومؤمنة.
وهذه هي التي جاءت فيما أخرجه الحفّاظ: الدار قطني، وابن السمان، والمحبّ الطبري وآخرون من حديث: جاء عمر أعرابيان يختصمان فقال لعلىّ: اقض بينهما يا أبا الحسن، فقضى علىّ بينهما، فقال أحدهما: هذا يقضي بيننا؟ فوثب إليه عمر وأخذ بتلبيبه وقال: ويحك ما تدري من هذا؟ هذا مولاي ومولى كلّ مؤمن ومن لم يكن مولاه فليس بمؤمن.
8- إطلاق ولايتهم وعمومها الشامل على كافة الناس من دون استثناء أىّ أحد منها، وفيهم من فيهم من الأولياء والعلماء والصدّيقين والشهداء والأئمة والصالحين، وينبئك عن خطورة الموقف وعظمة الأمر ما أخرجه الحاكم النيسابوري في كتاب المعرفة باسناده من طريق ابن مسعود قال: قال النبىّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : يا عبد الله أتاني ملك فقال يا محمّد، سل من أرسلنا من قبلك من رسلنا على ما بعثوا؟ قال: قلت على ما بعثوا؟ قال: على ولايتك وولاية علىّ بن أبي طالب.
وأخرج الحافظ أبو نعيم الاصبهاني بالاسناد بلفظ: لمّا عرج بي إلى السماء انتهى بي السير مع جبريل إلى السماء الرابعة، فرأيت بيتاً من ياقوت أحمر فقال جبرئيل: هذا البيت المعمور قم يا محمّد فصلّ الله. قال النبىّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : جمع الله النبيين فصفّوا ورائي صفاً فصّليت بهم، فلما سلّمت أتاني آت من عند ربّي فقال: يا محمّد ربك يقرئك السلام ويقول لك: سل الرسل على ما أرسلتم من قبلك؟ فقلت: معاشر الرسل على ماذا بعثكم ربّي قلبي؟ فقالت الرسل: على نبوّتك وولاية علي بن أبي طالب.
وهذه الولاية كما تعمّ الأمّة المسلمة على بكرة أبيهم كذلك تعمّ جميع الأحوال والشؤون من غير استثناء حال لأىّ إنسان، ومن دون تخلّف شأن من الشأن عن ذلك الحكم البات المطلق، مع كثرة اختلاف الحالات والساعات والشؤون نظراً إلى عوامل الحبّ والبغض لدى الطبيعة، فكلّ تلكم العوامل ملغاة لا يعبأ بها تجاه تلك الولاية.
9- كون حبهم عنوان صحيفة المؤمن كما جاء فيما أخرجه من المرفوعة الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد.
10 - كونهم سلام الله عليهم سفينة نجاة الأمّة، كما في حديث السفينة الصحيح الثابت: مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها غرق.
11- توقيف إجابة دعوة الداعين من عامّة الناس بالصلاة عليهم كما ورد فيما صحّ مرفوعا: ما من دعاء إلاّ وبينه وبين السماء حجاب حتّى يصلّي على النبي وعلى آل محمّد، فاذا فعل ذلك انخرق ذلك الحجاب، ودخل الدعاء، وإذا لم يفعل ذلك رجع الدعاء.
أخرجه أبو عبد الله الحسين بن يحيى القطّان البغداي المتوفّى 334 في جزء له يوجد عندنا - ولله الحمد - عن شيخه الصدوق الثقة الحسن بن عرفة البغدادي، اسناد رجاله كلّهم ثقات.
وأخرجه أبو محمّد عبد الرحمن بن أبي شريح المتوفى 392 في (الأحاديث المائة) له، الموجود عندنا ولله الحمد، عن شيخه الثقة أبي علي اسماعيل الورّاق البغدادي المتوفىّ 323.
وأخرجه أبو الحسن علىّ بن غنايم الخرقي المالكي في (الجزء الأوّل من فوائده) الموجود لدينا ولله الحمد.
وذكره جمع من المؤلّفين الأعلام في تأليفهم محتجّين به، مخبتين إليه.
12- شرطية اقتران الصلاة على آل محمّد لدى الصلاة عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) مطلقاً في كلّ حال، وعدم الفصل والفرقة فيها بينه (صلى الله عليه وآله وسلم) وبين آله، سواء في ذلك الصلاة عليه في تشهّد الصلوات المفروضة أو في غيرها من مواطن تستحبّ فيها الصلاة عليه وقد صحّ في الصحاح والمسانيد والسنن من طريق كعب بن عُجرة وغيره
تعليم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الصحابة الأوّلين كيفية الصلاة عليه، وقارن في جميع تلكم الاحاديث ذكر الآل بذكره (صلى الله عليه وآله وسلم) وقلّ حكم في شرعة الإسلام جاء فيه من الحديث مثل ما جاء في كيفية الصلاة على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)،، وقد جمع بعض الأعلام ما ورد فيها وفي ألفاظها وصورها وهي تربو على خمسين لفظاً، وفي ستة وأربعين منها قورن الصلاة على الآل في جميع فصولها بالصلاة عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) .
على أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) قد نهى عن الصلاة البتراء وقال: لا تصلّوا علىّ الصلاة البتراء فقالوا: وما الصلاة البتراء: قال: تقولون: اللّهمّ صلّ على محمّد وتمسكون، بل قولوا: اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد.
هذا فما تداول لدى الناس من الصلاة البتراء في صلواتهم وخطبهم وكتبهم،
وفي مواطن يستحبّ الصلاة فيها على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهي تربو على خمسين موطناً ودؤبهم بقولهم (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو من البدعة الممقوتة الشائنة، تخالف ما سنّه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمر به، ونصّ عليه، وعلّمه أصحابه، وأكدّ وبالغ فيه، وحثّ امّته عليه وحضّها على اتّخاذه سنّة متّبعة، ولم يك كلامه (صلى الله عليه وآله وسلم) سدىً، وما ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحىٌ يوحى، علّمه شديد القوى من اتّبعه فقد هدى، ومن حاد عنه فقد هلك.
والخطب الفظيع الإصرار على المخالفة، والدؤب في ترك السنّة الثابتة المؤكّدة دائبين في الصلاة البتراء، آخذين البدعة سنّة جارية، وهذا مما يستاء منه محمّد نبيّنا الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) أىّ استياء،
والعياذ بالله.
13- كون حبّ أهل البيت وولائهم شرطاً عامّاً في قبول مطلق الأعمال والطاعات والقربات، من الصلاة والصلات والحجّ والصوم وغيرها كما جاء منصوصاً عليه في جملة من الأحاديث، وقد فصلّنا القول حول ذلك في الجزء الثاني من كتابنا (الغدير).
14- ثناء الله تعالى وثناء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليهم في الكتاب والسنّة بما خصّ بهم ولا يضاهيهم أىّ إنسان، وقد ورد فيهم جمعاً ووحداناً من الفضائل والمناقب ما يعدّ بالألاف، وعلى ما يؤثر عن ابن عبّاس: أنّها إلى ثلاثين الف أقرب.
15- بواعث الحبّ الذاتية الموجودة فيهم من طهارة المحتد، وقداسة الارومة وشرف الحسب والنسب، وما يمتازون به من الحكمة والعلم والخلق السامية، والزهد والورع والتقوى، إلى ملكات كريمة، ونفسيّات فاضلة، وفضائل وفواضل لا تحصى ومزايا من الإنسانية الّتي لا يدرك شأوها.
إلى بواعث ودواعي وموجبات،
كلّ منها بمفرده عامل قوىّ في أخذ حبّهم بمجامع القلوب، وتعطّف النفوس عليهم بكلّها، وقبل هذه كلّها كونهم أمان أهل الأرض من الاختلاف ومن اقتراب ما يوعدون، فيالها من فضيلة رابية ما أعظمها؟ ويا لها من منقبة جليلة ما أجلّها؟
فالإنسان بجميع طبقاته يعيش تحت راية أمنهم وأمانهم مترهّناً بفيض وجودهم، وغيث فضلهم، وبركات حياتهم، وبهم ثبتت