|
عضو فضي
|
رقم العضوية : 34252
|
الإنتساب : Apr 2009
|
المشاركات : 1,863
|
بمعدل : 0.33 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الحوزويه الصغيره
المنتدى :
المنتدى الفقهي
بتاريخ : 01-05-2012 الساعة : 06:19 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم ياكريم
رد سماحة السيد أمين -رعاه الله- على سؤال حول التكفين بالحرير:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، غفر الله لنا ولكم.
بالنسبة لمسألة الكفن، فقد ورد في الشريعة الإسلامية المقدسة استحباب التكفين بأرفع الألبسة وأرقاها، والحرير يعتبر من الألبسة الراقية، إلا أنه خرج عن عموم هذا الاستحباب بالتخصيص، والمخصِّص استدلوا عليه تارة بالرواية، وأخرى بالإجماع، وثالثة بالاستصحاب؛ وبيان ذلك بالجملة تفصيلاً كما يلي:
أما الإجماع فقد اتفقت فتوى العلماء على عدم جواز التكفين بالحرير، بل لم نجد بين الأصحاب كثرة سؤال حول المسألة رغم كونها من المسألة الابتلائية تبعاً لسنة الموت الجارية على الجميع، أعاننا الله وإياكم على عَقباته ونزعاته.
لذا؛ يظهر أن المسألة لوضوحها -في الحرمة- عند الأصحاب لم يكثر منهم السؤال عنها، من هنا قلَّت الروايات فيها.
وأما الاستصحاب فتوجيهه صناعياً كما يلي:
لما حَكم الشارع المقدس بحرمة لبس الحرير من الرجل في حياته، استصحب العلماء حرمة لبسه له بعد مماته، والكفن بالنسبة للرجل الميت يعتبر لباساً حتى وإن كان قد فارق الحياة، ومادمنا نشك في جواز لبسه الحرير بعد موته، ومادام لدينا يقين سابق بعدم جواز لبس الرجل للحرير عندما كان حياً؛ فالنتيجة: نستصحب يقيننا السابق إلى ما بعد الموت، فيَثبت عدم جواز لبس الرجل وتكفينه بالحرير بعد مفارقته الحياة.
والسؤال: ماذا عن (المرأة والطفل) على مستوى (دليل الاستصحاب)؟ ففتوى العلماء بحرمة التكفين بالحرير شاملة للطفل والمرأة غير مختصة بالرجل، مع أن الطفل والمرأة حال الحياة يجوز لهما شرعاً لبس الحرير، فكيف يتَّجه الاستصحاب بالنسبة لهما كما اتّجه في مورد الرجل؟
جوابه: بعد الإعراض عن الاختلاف في أن الأصل في الأشياء عند عدم ورود دليل شرعي هل هو الحرمة أم الإباحة، على الاختلاف في العباديات وفي الأصوليات؛ فبعد الإعراض عن هذا الاختلاف نقول على أعلا المراتب وهي مرتبة كون الأصل في الأشياء -إن لم يرد فيها دليل شرعي- هو الإباحة :
إنّ جريان الاستصحاب في موردَي (الطفل والمرأة) باعتبار أن حاكمهما الشرعي السابق -أي حال الحياة- هو الإباحة، إلا أنّ هذه الإباحة إنما مستثناة من حكم حرمة لبس الحرير، إذ أن الدليل الشرعي كأنما حَرَّم لبس الحرير مطلقاً، ثم استثنى من الحكم فَردَي الطفل والمرأة، وبما أن حال الموت ليس كحال الحياة، فهنا يتم استصحاب الحرمة الشرعية بنكتة أن الشرع إنما استثنى الطفل والمرأة من تلك الحرمة في حال الحياة، لا في حال الممات، فيقال بعد تنقيح المناط بعدم الفصل بين الرجل والطفل والمرأة بعد الموت، فيكون حكمهما كحكم الرجل، ويتم تخصيص جواز لبس الحرير للطفل والمرأة بحال الحياة فحسب.
إن قيل: ما قيمة الحكم شرعاً في البدء بالحرمة ثم استثناء الطفل والمرأة مع أن الأصل في الأشياء الحلية؟ فهذا تخصيص لغوي لا قيمة له، إذ الطفل والمرأة من البدء الأصل فيهما جواز لبسهما للحرير، فهذا كأن تقول: يحل لبس الحرير من الرجل والطفل والمرأة تبعاً لأصالة الحل حال عدم وجود دليل شرعي، ثم تقول يحرم شرعاً لبس الحرير مطلقاً من الجميع وفق الدليل الشرعي، سواء من الرجل والمرأة والطفل، ثم تقول وقد استثنى الشرع المرأة والطفل من هذه الحرمة فأحلَّ لهما ذلك! فهما من البدء يحل لهما فما ثمرة هذا الإطلاق وتقييده؟!
ج: إشكال متين، إلا أن الثمرة تظهر بالنظر لحال الموت وحال الحياة، بمعنى أنه وإن بنينا على أن الأصل هنا هو الحلية حال عدم وجود دليل شرعي، إلا أن الدليل الشرعي بعد مجيئه وتحريمه ذلك بنحو الإطلاق، ثم استثنائه للطفل والمرأة ،يكون قد استثناهما في حال الحياة، دون حال الممات، فنتمسك بذلك الدليل الشرعي التحريمي لحال الممات في المرأة والطفل بلا فصل بين الحياة والموت؛ بهذا تظهر الثمرة من هذا التحريم الإطلاقي والاستثناء منه؛ فدَقّق.
وأما الرواية فقد ورد فيها بما مضمونه أن السائل يَسأل الإمام عليه الصلاة والسلام: أيجوز تكفين الميت بالحرير؟ قال: إن كان الحرير غالباً على القطن ... فلا يجوز، وإن كان القطن غالباً عليه فيجوز.
فالسائل سأل عن الميت، والأصل في اللغة التذكير، فيشمل الحكم الطفل والمرأة بلا فصل بين (الرجل) و(الطفل والمرأة)؛ فينتج حرمة تكفين أي منهم بالحرير.
وعليه؛ قد يقال بأن الإجماع على هذا محتمل المدركية؛ بسبب وجود الرواية (الدليل اللفظي)، والإجماع المدركي ليس بحُجَّة، فلا يبقى له وجه للاستدلال به في المورد، إذ يكون المعتمَد حينها هو الرواية؛ ومثله كذا الاستصحاب.
إلا أن هذا القول يرد عليه: أنّ الرواية فيها مشكلة، وهي أنها مُضْمَرة، ومادامت كذلك فالتمسك بالإجماع إمام من باب دعمها، أو من باب سقوطها؛ ونفسه التمسك بالاستصحاب.
زبدة الكلام وخلاصة الاستدلال نقول:
إن بنينا على أن الأصل في مثيل المسألة عند عدم وجود دليل شرعي هو الحرمة؛ فالنتيجة تكون واضحة، إذ يقال حال الموت ليس كحال الحياة، فكل منهما يختلف عن الآخر، ومادمنا نشك في (حرمة) و(حلية) التكفين بالحرير للرجل والطفل والمرأة بعد الموت، فنحكم -وفق الأصل- بعدم الجواز لعدم الدليل الشرعي على الحلية.
كما أن بالإمكان التمسك بالرواية المذكورة بلا فصل بين (الرجل والمرأة والطفل)؛ أو التمسك بالإجماع بدعم الرواية به أو دعمه بالرواية كونها مُضْمَرة؛ وكذا التمسك بالاستصحاب في (الرجل) بعدم الفصل بين حال الحياة وحال الممات؛ وكذا تعميم دليل الحرمة الشرعية للبس (الرجل) الحرير إلى (المرأة والطفل) في حالَي (الحياة والممات) وتخصيص ذلك بإخراج (المرأة والطفل) من تحت هذا العموم في حال الحياة إن فهمنا عموم الدليل الشرعي بهذا النحو.
نسألكم الدعاء
أمين السعيدي-8 /جمادى2/ 1433هـ
قم المقدسة
|
|
|
|
|