هناك كلمة قالها الشهيد الصدر (قده) حول اختلاف مواقف أهل البيت (ع) وهي أن الاختلاف من قبيل تعدد الأدوار ووحدة الهدف، وهذا كما ينطبق على الأئمة ينطبق على أصحاب الأئمة والعلماء الأبرار.
فقد اختلف موقف سلمان الفارسي (رض) عن موقف أبي ذر (رض)، فالأول اختار المسالمة بل أصبح والياً على المدائن زمن الخليفة الثاني، وأبو ذر اختار المواجهة حتى نُفي للربذة ومات فيها غريباً، وليس ذلك تناقضا في المواقف بل من باب تعدد ادوار ووحدة هدف.
وفي مطلع القرن العشرين قاد ثورة العشرين في العراق الميرزا الشيرازي (قده) ضد الاحتلال البريطاني، بينما اختار السيد اليزدي (قده) التفرغ للحوزة وخدمة المؤمنين، وقد حاول بعض الجهلة استغلال الحدث في التشنيع على اليزدي واتهامه بالعمالة لبريطانيا، وقد اثبت التاريخ بعد ذلك أن اختلاف العلمين كان من قبيل تعدد ادوار ووحدة هدف.
وفي بداية الثورة الإسلامية في إيران تصدى الامام الخميني (قده) للقيادة السياسية بينما سيدنا الخوئي (قده) اختار موقف الحفاظ على الحوزة العلمية في النجف الأشرف ورعاية خط التدين في العراق، وقد حاول البعض استغلال ذلك للهجوم على مرجعية السيد الخوئي (قده) واعتبارها مرجعية متخلفة صامته، ولكن أثبتت الأيام خصوصاً بعد الانتفاضة الشعبانية في العراق وما قام به السيد الخوئي (قده) من دور أبوي فيها أن اختلاف موقفه عن موقف السيد الامام (قده) ما كان نتيجة اختلاف الظروف وأنه كان من قبيل تعدد أدوار ووحدة هدف كاختلاف الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام.
وهكذا الأمر بالنسبة لأحداث العراق وأحداث البحرين حيث اعتمد بعض المراجع على منهج البيانات الإعلامية الشديدة والتي لاشك في تأثيرها وأهميتها، فإن أهمية الكلام بأهمية المتكلم.
بينما اتخذت المرجعية العليا في النجف الأشرف منهج البعد عن الأضواء والتركيز على بعض الخطوات العملية فمثلاً بالنسبة لأحداث البحرين قامت بعض الجهات بنقد دور المرجعية نقداً لاذعاً واعتبرتها المرجعية الصامته، لكن المرجعية بذلت جهدها بواسطة أحد المسؤولين في الحكومة العراقية لمخاطبة الحكومة الأمريكية ونقد دورها بشكل واضح في أحداث البحرين.
كما قامت بالحديث مع رأس الحكومة التركية لتدخل وسيطاً نزيهاً بين حكومة البحرين والمعارضة اعتقاداً من المرجعية بأن ترك الجانب الإعلامي يساعدها مستقبلاً على التأثير في أي حدث تمر به المنطقة، وعدم تأطير تحركها في القضايا التي تمر بها الأمة بإطار طائفي.
وهذا ما أردنا أن نؤكد عليه أن اختلاف ادوار المراجع والأعلام دام ظلهم ليس تناقضاً ولا يبرر لنا الطعن في طرف دون آخر لعدم قناعتنا بوجهة نظره، وهكذا الأمر عندما تختلف أدوار علماء المنطقة في البحرين أو الاحساء أو القطيف في بعض القضايا الاجتماعية والسياسية فإن كل ذلك يرجع من العلماء الواعين المخلصين إلى تعدد أدوار ووحدة هدف.
نسأل الله للجميع الحفظ والتأييد والتوفيق لخدمة الدين والمذهب إنه خير ناصر ومعين