أما وقد بلغ الكلام هذا الحد بات لزاما علينا توضيح الهدف من جعل الخليفة ؟!
لقد تبين إلى الآن أن كل موجود من الموجودات قابل لكي يكون حاملا لاسم من أسماء الله تعالى على الأقل وبذلك يكون خليفة الله تعالى من هذه الجهة
وقد تعلقت المشيئة الإلهية أن يوجد خليفة يخلفه في كل الأسماء ( طبعا ما عدا الأسماء المستأثرة ) أي أن يمتلك هذا الموجود القابلية والقدرة على حمل الأسماء كلها لا بعضها
فإذا كانت باقي الموجودات آيات الله تعالى الدالة عليه فهذا الموجود يكون آية الله الكبرى
وإذا كانت باقي الموجودات مرايا مختلفة بحسب شكلها ولونها وكدورتها وصفائها فإن هذا الموجود هو المرآة الأنقى والأصفى والأشد صقالة وعكسا وإظهارا ...
وإن كانت باقي الموجودات هي كلمات الله تعالى التي لا تنفد فهذا الموجود هو كلمة الله التامة
وإن كانت باقي الموجودات هي مظهر اسم من أسمائه الحسنى فهذا الموجود هو مظهر الاسم الأعظم الجامع لكل الأسماء والصفات
إن هذا الموجود هو ثمرة شجرة الوجود، وكمال العالم الكوني، وغاية الحركة الوجودية والايجادية...
وقد فهمت الملائكة وإبليس عظمة هذا المقام الشريف، فاشرأبت أعناقهم شوقا لنيل هذا الكمال الرفيع والشأن العظيم، وكانوا يظنون أنهم الأجدر بهذا المقام والأصلح لبلوغ هذه الرتبة، فمن الأولى منهم وهم أهل الطاعة والكمال والتسبيح والتقديس؟! وهم سكان السماوات العلى ومجاوري الرب الكريم ؟!
ولكن الله الذي يعلم ما لا يعلمون { إني أعلم ما لا تعلمون }
والذي يعلم من هو الأجدر، ويضع الأمور مواضعها، ويعطي كل ذي حق حقه { إنك أنت العليم الحكيم }