منذ أيام دعوتُ الى غرفة مكتبي مربّية اولادي يوليا فاسيليفنا لكي أدفع لها حسابها
قلت لها: اجلسي يا يوليا..
هيّا نتحاسب..
أنتِ في الغالب بحاجة إلى النقود،
ولكنك خجولة إلى درجة انك لن تطلبيها بنفسك..
حسنا..
لقد اتفقنا على ان ادفع لك ثلاثين روبلا في الشهر
قالت: أربعين
قلت: كلا،
ثلاثين..
هذا مسجل عندي..
كنت دائما ادفع للمربيات ثلاثين روبلا..
حسناً،
لقد عملت لدينا شهرين
قالت: شهرين وخمسة أيام
قلت: شهرين بالضبط..
هكذا مسجل عندي..
اذن تستحقين ستين روبلا..
نخصم منها تسعة ايام آحاد..
فأنت لم تعملي مع الاطفال في أيام الآحاد بل كنت تتنزهين معهم فقط..
ثم ثلاثة أيام أعياد
تضرج وجه يوليا فاسيليفنا،
وعبثت اصابعها باهداب الفستان ولكن..
لم تنبس بكلمة
*******
واصلتُ:
نخصم ثلاثة أعياد،
اذن المجموع اثنا عشر روبلا..
وكانت كوليا مريضة اربعة ايام ولم تكن تدرس..
كنت تدرسين لفاريا فقط..
وثلاثة أيام كانت أسنانك تؤلمك فسمحتْ لك زوجتي بعدم التدريس بعد الغداء..
اذن اثنا عشر زائد سبعة.. تسعة عشر.. نخصم، الباقي ..هم.. واحد واربعون روبلا.. مضبوط؟
احمرّت عين يوليا فاسيليفنا اليسرى وامتلأت بالدمع، وارتعش ذقنها..
وسعلت بعصبية وتمخطت، ولكن..
لم تنبس بكلمة
*******
قلت: قبيل رأس السنة كسرتِ فنجانا وطبقا..
نخصم روبلين..
الفنجان أغلى من ذلك،
فهو موروث، ولكن فليسامحك الله!
علينا العوض..
وبسبب تقصيرك تسلق كوليا الشجرة ومزق سترته..
نخصم عشرة..
وبسبب تقصيرك ايضا سرقتْ الخادمة من فاريا حذاء..
ومن واجبك ان ترعي كل شئ،
فأنتِ تتقاضين مرتباً..
وهكذا نخصم ايضا خمسة..
وفي 10 يناير اخذت مني عشرة روبلات
همست يوليا فاسيليفنا: لم آخذ
قلت: ولكن ذلك مسجل عندي
قالت: حسناً، ليكن
واصلتُ: من واحد واربعين نخصم سبعة وعشرين..
الباقي اربعة عشر
امتلأت عيناها الاثنتان بالدموع..
وظهرت حبات العرق على انفها الطويل الجميل..
يا للفتاة المسكينة
قالت بصوت متهدج: أخذتُ مرة واحدة.. أخذت من حرمكم ثلاثة روبلات.. لم آخذ غيرها
قلت: حقا؟ انظري،
وانا لم اسجل ذلك!
نخصم من الاربعة عشر ثلاثة،
الباقي احد عشر..
ها هي نقودك يا عزيزتي!
ثلاثة.. ثلاثة.. ثلاثة.. واحد، واحد.. تفضلي
ومددت لها احد عشر روبلا..
فتناولتها ووضعتها في جيبها بأصابع مرتعشة..
وهمست: شكراً
*******
انتفضتُ واقفا واخذتُ أروح واجئ في الغرفة واستولى عليّ الغضب
سألتها: شكراً على ماذا؟
قالت: على النقود
قلت: يا للشيطان،
ولكني نهبتك،
سلبتك!
لقد سرقت منك!
فعلام تقولين شكراً؟
قالت: في أماكن أخرى لم يعطوني شيئا
قلت: لم يعطوكِ؟!
أليس هذا غريبا!
لقد مزحتُ معك،
لقنتك درسا قاسيا..
سأعطيك نقودك،
الثمانين روبلا كلها!
هاهي في المظروف جهزتها لكِ!
ولكن هل يمكن ان تكوني عاجزة الى هذه الدرجة؟
لماذا لا تحتجين؟
لماذا تسكتين؟
هل يمكن في هذه الدنيا ألاّ تكوني حادة الانياب؟
هل يمكن ان تكوني مغفلة الى هذه الدرجة؟
ابتسمتْ بعجز فقرأت على وجهها: يمكن
سألتُها الصفح عن هذا الدرس القاسي وسلمتها، بدهشتها البالغة، الثمانين روبلا كلها..
فشكرتني بخجل وخرجت
تطلعتُ في اثرها وفكّرتُ: ما أبشع أن تكون ضعيفاً في هذه الدنيا!