اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
لاتكاد تخلو سورة من كتاب الله عز وجل وفي اماكن متعددة منها الا وتدعو الى إعمالالعقل واستخدامه في الوصول الى الايمان بعظمة الله ووحدانيته , وقد أكد الله تبارك وتعالى ان العقل السليم هو الذي يؤدي بصاحبه الى امتثال طريق الله ,ومن امتثل طريق الله فقد وجد طريقه الى الجنة ونزلت الكثير من الايات القرانية التي تدعو الى العقل:
أتأمرون الناس بالبرّ وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون).سورة البقرة (44)
كذلك يحي اللهُ الموتى ويريكم آياته لعلّكم تعقلون) البقرة (73)
(وتزودوا فان خير الزاد التقوى واتّقونِ ياأولي الألباب) القرة (97)والراسخون في العلم يقولون آمنا به كلٌ من عند ربنا وما يذّكر إلاّ أولوا الألباب) آل عمران (7)
(ان في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب) آل عمران (190)
(فلا وربّك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما)النساء(65)
قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون)الانعام (50)
(ان شرّ الدوابّ عند الله الصمّ البكم الذين لايعقلون ) الانفال (22)
(وطبع الله على قلوبهم فهم لايعلمون)التوبة (93)
(كذلك نفصّل الآيات لقوم يتفكرون ) يونس (24)
(ومنهم من يستمعون اليك أفأنت تسمع الصمّ ولو كانوا لا يعقلون) يونس(42)
(أليس منكم رجل رشيد) هود (7
(ولدار الآخرة خير للذين اتقوا أفلا تعقلون) يوسف (109)
( ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) الرعد(3)
(الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) الرعد (2
(هذا بلاغ للناس وليُنذروا به وليعلموا أنما هو اله واحد وليذّكر اولوا الألباب) ابراهيم (52)
(وأنزلنا اليك الذّكر لتبين للناس مانُزّل اليهم ولعلهم يتفكرّون) النحل (44)
(والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لاتعملون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والافئدة لعلّكم تشكرون) النحل (7
ان السمع والبصر والفؤاد كلُّ اولئك كان عنه مسؤولا) الاسراء (36)
(وجعلنا على قلوبهم أكنّة ان يفقهوه وفي آذانهم وقرا) الاسراء (46)
(ان ّ في ذلك لآيات لأولي النهى)طه (54)
أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها)الحج (46)
(هو الذي يحيي ويميت وله اختلاف الليل والنهار افلا تعقلون) المؤمنون(80)
(وماعند الله خير وأبقى أفلا تعقلون) القصص (60)
(وتلك الأمثال نضربها للناس ومايعقلها الا العالمون) العنكبوت(43)
(أولم يتفكّروافي انفسهم ماخلق الله السماوات والارض ومابينهما الا بالحقّ واجل مسمى) الروم
(ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله ان في ذلك لآيات لقوم يسمعون)الروم(23)
(ولقد أضلّ منكم جبلاَّ كثيرا أفلم تكونوا تعقلون) يس (62)
ومن نعمره ننكّسه في الخلق أفلا يعقلون)يس(6)
(وأذكر عبادنا ابراهيم واسحق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار ) سورة (ص) (45(
(هل يستوي الذين يعلمون والذين
لايعلمون انما يتذكر أولوا الألباب ) الزُمر (9)
(وسخر لكم مافي السماوات ومافي الأرض جميعا منه ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)الجاثية(13)
أفلا يتدبرونالقرآن أم على قلوب أقفالها ) سورة (محمد) (24)
(فاعتبروا ياأولي الابصار) الحشر (2)
(
تحسبهم جميعا وقلوبهم شتّى ذلك بانهم قوم لايعقلون) الحشر(14)
(لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية) الحاقة(12)
(كلا بل ران على قلوبهم ماكانوا يكسبون) المطففين(14)
(هل في ذلك قسم لذي حجر ) الفجر (4)
العقل أول دلائل الأعجاز الإلهي حيث هو الحجة الباطنة التي توازي الحجة الظاهرة المتجسدة بالرسل والأنبياء. لذا فالعقل إنما هو نور يميز به الإنسان الرشد من الغي، والخير من الشر، والممكن من المستحيل، والحق من الباطل، وبه يعرف الحسن والقبح والخير والشر وما الى ذلك. ولكن ربما يفقد المرء عقله سريعا عند الغضب ويفعل السوء لأن سورة الغضب تطفي جذوة العقل، ونشوة الشهوة تذيب وقار العقل.
وقد جاء في الحديث الشريف:
( زوال العقل بين دواعي الشهوة والغضب )
لذا فأن المرء ما أن يفيق مما هو فيه من شهوانية النفس وثورة الغضب تراه لائما لنفسه متحسراً على ردود فعله غير المنضبطة، وفي النهاية يرجع الى ذاته ويسكن الى نفسه ويثق بفكره ويتذكر ثم يهتدي الى سبيل سوي بإرادة ذاتية نابعة من سكينة عقله المتحرر من قيود الغضب ودرن الحياة .
ولأن الإسلام دستور دين ودنيا، كان لابد له من أن يكون البلسم الناجع الذي يبلسم منغصات حياة بني الإنسان، لذا تراه عبر جليل قول الرحمن مرة، وعظيم قول النبي الكريم تارة اخرى، يذكر الإنسان بعقله وعظمة تفعيله وإعماله بدلاً من تثبيطه وإهماله، مرغباً له بأن يزيده قوة الى عقله بالتذكرة والبصيرة
وبإعطائه الثقة الكاملة في كشف الحقائق الغيبية والتأمل بآيات الله سبحانه وتعالى باعتبار أن العقل يدعو الى المثل العليا، ويندب إلى الخير الأبدي ويفضله على الشهوات العاجلة .
لذا ترانا نتلمس عمق الترابط بين الدين كحالة إعتقادية وبين الفكر والعقل كحالة ذاتية من خلال الحديث النبوي الشريف: (أصل ديني العقل) وبذلك فأن العقل إنما هو عقال للنفس البشرية، والجامع المانع الحاكم المتحكم بمستقل الأنسان كحالة فردية مرة، وأخرى كمجتمعات وأمم.
ومن هذه النقطة نستحضر آيات - معجزات- العقل ونقتفي آثاره:
الآية الأولى :
معرفة المستحيل، لان مدى تصور العقل للأشياء الملموسة محدود، في حين تراه للغيبيات ذا تصورات غير محدودة تاركاً لخيول أفكاره الجموح حيثما يندفع العقل، ومن آثار هذه الآية أو المعجزة إنكاره للمستحيل برمته وعدم تعقله.
الآية الثانية :
أن العقل كشاف للإنسان عن وجوده لأنك إذا حدثت إنساناً عن شيء غير معقول فصدقك فهو دليل على أنه لا عقل له، فللعقل استكشاف ذاتي واستقراء منطقي لوجوده عن طريق التذكرة من خلال آثارها المتجلية في وجدان الحقيقة والمميزة له بين الباطل والخرافات المبتدعة عن سمو الغايات الأخرى لأن غاية التذكرة عودة الإنسان الى عقله، حيث قال الله سبحانه وتعالى: "لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ" (الأنبياء /10).
الآية الثالثة :
تمكين الذات من تحديد الحب واستعلاءها (هوى النفس)، وبذلك فأن القرآن الكريم يؤكد على هذه الحقيقة حيث يقول جل شأنه: "وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى" (النازعات /40-41)، فتلك هي الأهواء التي طالما ذكرنا بها الإسلام قرآنياً حيث انها تكون دافعة الى تضليل الإنسان قاضية على العقل كله، مودعة النفس في ظلمات ما فوقها ظلمات، وآثار حظر هذه الأهواء والشهوانية المفرطة وتسخيرها في صالح الأنسان هي إحياء الضمير والوعي بالمسؤولية وترك الأنانية.
الآية الرابعة :
بيان الحكمة والتثبيت من الأمور في كل أحوالها بالتفكير المنهجي السليم والتذرع بالوسائل العلمية اللائقة، والمضي على طريق الخير وهنا يحكم العقل عليه بأن يتثبت ولا يعجل في الحكم والتجنب من أخطاء التسرع.
ومن آثار آية العقل ايضاً، إحقاق الحق والعدل ومعرفة حدود الله، وخير دليل على ذلك وقوف سيد الشهداء أبي الأحرار الحسين بن علي عليه السلام في موقف الحكمة البالغة والعقل النيّر ليلقي الحجة الراجحة على أولئك الذين فسدت عقولهم وغابت عن منطق الحق فكان دمه الشريف نبراساً للأمة .
وفي القرآن الكريم ما هو أغنى وأوفر: "يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ" (المائدة /15- 16).
وهكذا تتظافر النصوص الإسلامية على بيان آيات العقل وآثاره لكي تكون تذكرة إليه ويقظة له من الداخل، فليس هناك أي حقيقة يمكنها أن تكشف العقل لنا دون العقل ذاته، والعقل لا يمكن معرفته إلا بالتذكرة الى آثاره والتنبه الى مغانمه ومحاسنه
نسألكم الدعاء