باب قول النبي صلى الله عليه وسلم سدوا الأبواب إلا باب أبي بكر قاله ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم
3454 حدثني عبد الله بن محمد حدثنا أبو عامر حدثنا فليح قال حدثني سالم أبو النضر عن بسر بن سعيد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس وقال إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله قال فبكى أبو بكر فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خير فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير وكان أبو بكر أعلمنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من أمن الناس علي في صحبته وماله أبا بكر ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكرولكن أخوة الإسلام ومودته لا يبقين في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بكر
وفيه إيماء إلى أن شأن الخلة الثقة بالخليل ، وحمل مشورته على النصح فلا ينبغي [ ص: 15 ] أن يضع المرء خلته إلا حيث يوقن بالسلامة من إشارات السوء
قال الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا )
فعلى من يريد اصطفاء خليل أن يسير سيرته في خويصته فإنه سيحمل من يخاله على ما يسير به لنفسه ، وقد قال خالد بن زهير وهو ابن أخت أبي ذؤيب الهذلي : فأول راض سنة من يسيرها
وهذا عندي هو محمل قول النبيء صلى الله عليه وسلم : لو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا فإن مقام النبوءة يستدعي من الأخلاق ما هو فوق مكارم الأخلاق المتعارفة في الناس فلا يليق به إلا متابعة ما لله من الكمالات بقدر الطاقة ، ولهذا قالت عائشة : كان خلقه القرآن . وعلمنا بهذا أن أبا بكر أفضل الأمة مكارم أخلاق بعد النبيء صلى الله عليه وسلم ؛ لأن النبيء جعله المخير لخلته لو كان متخذا خليلا غير الله .
يروي البخاري أن النبي الأعظم صلى الله عليه و آله و سلم خطب بقوله عن تخيير العبد ما بين الدنيا و ما عند الله فما علاقة خطبة النبي الأعظم صلى الله عليه و آله و سلم ببكاء ابي بكر ؟!
و هل البكاء علامة على الأعلمية لأنه بمجرد بكاء الشخص دل بكاءه على علمه و أعلميته !
و ما علاقة سد الأبواب بالخطبة ؟
و ما علاقة أخوة الإسلام و المودة بالتخيير فيما بين الدنيا و ما عند الله ؟
و لكن الأدهي و الأمر أن يقال بأن النبي الأعظم صلى الله عليه و آله و سلم بعد الخطبة يختار ابوبكر على الله عز وجل و كأنه فضل ابوبكر على الله وما عند الله !!
هل يعقل ان يتغطرس نبي من أنبياء الله و يرفض خلة الله سبحانه من أجل فرد من الناس أيا كان ؟!
وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا
الله عز وجل اتخذ ابرهيم خليلا فكيف يفاضل خاتم الأنبيا على خلة الله بعبد حقير ؟!
هو الغلو و حسب
حتى قال صاحب تفسير التحرير و التنوير باستدلاله بالحديث عن منزلة ابن ابي قحافة التي تساوت مع الذات الإلهية و النبوة لما لها من كمالات الأخلاق !!
فإن قال قائل: وما معنى الخُلة التي أعطيها إبراهيم؟ قيل:
ذلك من إبراهيم عليه السلام العداوة في الله والبغض فيه، والولاية في الله والحبّ فيه، على ما يُعرف من معاني الخلة.
تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ)
قوله تعالىٰ: { وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً } قال ثعلب: إنما سمي الخليل خليلاً لأن محبته تتخلل القلب فلا تدع فيه خللاً إلاَّ ملأته؛
وقيل: هو بمعنى المفعول كالحبيب بمعنى المحبوب، وإبراهيم كان محبّاً لله صلى الله عليه وسلم وكان محبوباً لله. وقيل: الخليل من الاختصاص فالله عزّ وجل أعلم ٱختص إبراهيم في وقته للرسالة. واختار هذا النحاس قال: والدليل على هذا قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: " وقد اتخذ الله صاحبكم خليلاً " يعني نفسه. وقال صلى الله عليه وسلم: " لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً " أي لو كنت مختصاً أحداً بشيء لاختصصت أبا بكر رضي الله عنه.
قال الزجاج: ومعنى الخليل؛ الذي ليس في محبته خلل؛ فجائز أن يكون سمي خليلاً لله بأنه الذي أحبه واصطفاه محبة تامة