|
عضو متواجد
|
رقم العضوية : 68721
|
الإنتساب : Oct 2011
|
المشاركات : 97
|
بمعدل : 0.02 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
السيد الكربلائي
المنتدى :
المنتدى الفقهي
بتاريخ : 23-12-2011 الساعة : 01:40 PM
سؤال وجواب في غاية الأهمية
كنا قد واعدنا الأخوة الأعزاء بالجواب عن مسألة سابقة بعنوان (سؤال توجهنا به الى فقهاء عصرنا) وحان وقت الوفاء به، فأقول مسمياً حامداً مصلياً داعياً مستغفراً متوكلاً، ما لفظه:
ما هو السر في وجوب الرجوع الى الفقيه الحي في اجازة البقاء على تقليد الفقيه الميت، ما دامت حجية فتواه باقية، والموت ليس قاطعاً للحجية، ولم نجد من أجاب على هذا السؤال، بل أقصى ما وجدناه ان الإجازة هي من مختصات الفقيه الحي كما أوضحنا ذلك سابقاً عند طرح السؤال، ولكن هذا المقدار من الجواب لا يشفي الغليل ابداً، لأنه لماذا هو من مختصات الحي؟
والجواب الحق بالتصديق كما يقتضيه النظر الدقيق: إن كان الفقيه الميت هو الأعلم من الأحياء فحجيته باقية في عنق المكلف، فأي فتوى تخالفها تكون مكسورة منثلمة، بل ساقطة، لأن العقل يأمر باتباع الحجية الأقوى لأن الكشف التام سيكون فيها، وليس في الفتوى المخالفة لها، لأنه لا معنى لوجود كشفين تامين للواقع وهما متضادان، وهذا هو حال الطرق العقلائية، فان الطريق العقلائي الممضى من قبل الشارع يبقى على حجيته طالما لا يوجد ما يخالفه ولو ظناً فضلا عن الإطمئنان والعلم، فاذا وجد الكاسر لهذ الطريق وهو بوجود ظن على خلافه فان حجيته تنكسر لا محالة، وما دام لا يوجد اي كاسر لحجية قول الأعلم وذلك بعدم وجود من قوله حجة اقوى من ذلك الأعلم فانه قوله يبقى ساري المفعول عقلاً، واذا كان كذلك، فاذا مات الأعلم بقيت حجية فتواه على حالها من دون اي انكسار، ولا تحتاج الى أي مصحح آخر، لأن العقل بنفسه يستقل بذلك البقاء والإستمرار إبقاءاً للحجية الثابتة في عنق المكلف الذي استقل بوجوب متابعتها والتي لا يقطعها الموت، ومعنى انه استقل بوجوب متابعتها اي أن لا يقبل باتباع غيرها لما يراه من المناقضة في نظره، فاذن ما معنى الافتاء بالرجوع الى الحي في التصحيح؟
فنقول: الظاهر انه للإرشاد الى هذا الحكم العقلي الجزمي، ولكن لما كان ذلك الحكم العقلي غير واضح للكل احتاج الشارع من التنبيه عليه للإرشاد، لأن طبع القضايا العقلية ليست كلها على نسق واحد ونهج فارد حتى يفهمها الكل، فمنها واضح للعيان محسوس للكل، وبعضها يحتاج الى تفتيش وتنقيب، فالذي بقي على تقليد ذلك الفقيه الميت من دون ان يستشعر بهذا الحكم العقلي فهو كمن لم يقلّد أصلا، ولذا أوجب الفقهاء الرجوع الى الحي في الإجازة على البقاء حتى ينتبه الى ذلك الحكم العقلي في حقه، ويكون تقليده له على وفق الضوابط الشرعية، وأما إذا كان ملتفتا الى حكم العقل بوجوب متابعة تلك الفتوى، فانه لا حاجة ابدا الى مراجعة الفقيه الحي، لأن المصحح موجود عنده وهو ذلك الإلتفات، لأن الذي أعطى الحجية للفتوى هو الشارع، فلابد أن يُرجع اليه في تحديد مدى سعة حجيتها، فالبيان الشارعي الآتي على طبق ذلك الحكم العقلي لا يكون الا ارشادياً، ولكنه لما كان ذلك الحكم العقلي خافيا على البعض ويحتاج الى تفتيش وتنقيب وليس ساطعا للكل، فبيان الشارع هنا الآتي على طبق ذلك الحكم العقلي فيه رائحة ان يكون مولوياً بل سيكون متوافقا معه، لقصور التحريك العقلي لذلك العبد نحو الفعل لعدم معرفته به فيأتي الشارع ويبعثه نحوه، ولا أقل من ان يكون تأكيدياً، إذا كان العبد ملتفتا نحوه.
وأما لو كان الحي هو الأعلم فلا موضوع يبقى للتصحيح، لأن العقل يحكم بلابدية متابعة قول الفقيه الحي الأعلم، ولا عبرة بقوله بجواز البقاء على الميت، لأن قوله هذا مخالف لحكم العقل بوجوب اتباع الحجة في عنق المكلف وليس هي الا قول الأعلم، فيسقط البقاء على الميت رأساً.
وأما إذا كانا متساويين فلا معنى للتصحيح واخذ الاجازة من الحي ايضاً الا بالتقريب الذي قربناه آنف الذكر، فالتفت جيداً ولا تغفل كما غفل عنه الأقطاب وجهابذة الأعلام، فأنه لا يفهمه الا من جاس خلال الديار واستنزل فيوضات الملك الجبار ، وهذا كله أوضحناه في كتابنا القيم والهام جداً (أسرار العالمين في شرح منهج الصالحين ج1) والحمد للهْ رب العالمين(فاضل البديري 27 المحرم الحرام 1433هـ)
|
|
|
|
|