بعد معرفة أسباب القطيعة وزوال المودة بين الأخوة، نتعرف معاً على الحقوق الأخوية وإن كان بعضها أصبح واضحاً حيث تقدم الحديث عن أضدادها، لكن فلنسمعها مباشرة من فم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله حيث يقول:
"للمسلم على أخيه ثلاثون حقاً، لا براءة له إلا الأداء أو العفو: يغفر زلته، ويرحم عبرته، ويستر عورته، ويقيل عثرته، ويقبل معذرته، ويرد غيبته، ويديم نصيحته، ويحفظ خلته، ويرعى ذمته، ويعود مرضته، ويشهد ميتته، ويجيب دعوته، ويقبل هديته، ويكافىء صلته، ويشكر نعمته، ويحسن نصرته، ويحفظ خليلته، ويقضي حاجته، ويشفع مسألته، ويسمت عطسته، ويرشد ضالته، ويرد سلامه، ويطيب كلامه، ويبر أنعامه، ويصدق أقسامه، ويوالي وليه ويعادي عدوه، وينصره ظالماً أو مظلوماً فأما نصرته ظالماً فيرده عن ظلمه، وأما نصرته مظلوماً فيعينه على أخذ حقه ولا يسلمه، ولا يخذله، ويحب له من الخير ما يحب لنفسه... ويكره له ما الشر ما يكره لنفسه، ولا يبرأ المسلم يوم القيامة من هذه الحقوق إلا إذا أدّاها أو نال من صاحبه العفو"1.
وقفة خاطفة:
إن إفراد كل حق على حدى أكثر إعانة لمحاسبة النفس على مراعاته أو انتهاكه، لذا لا بد لنا من وقفة تأمل في هذه العجالة نستعرض ضمنها هذه الحقوق عارضين أنفسنا عليها عملياً في مقارنة لو نجحت لساهمت في سعادتنا الأبدية.
1- العفو عن الزلات
إن أخاك ليس ملكاً من الملائكة ولا نبياً من الأنبياء بل هو بشر مثلك يصدر منه الزلل ويخطىء في بعض الأحيان ومن حقه عليك أن تغفر له زلته وتتجاوز عن خطيئته.
يقول أمير المؤمنين عليه السلام:
"شر الناس من لا يعفو عن الهفوة ولا يستر العورة"2.
وقيل لأحدهم أي الأخوان أحب إليك؟ فقال:
"الذي يغفر زللي ويسد خللي"3.
2- المواساة في المصائب
في الحديث عنه صلى الله عليه وآله:
"من أكرم أخاه المسلم بكلمة يلطّفه بها وفرّج عنه كربته لم يزل في ظلّ اللَّه الممدود عليه الرحمة ما كان في ذلك"4.
3- ستر العورة
فإنه من واجب الأخ إذ رأى بادرة سيئة من أخيه أن يسترها لأن اللَّه سبحانه يحذّر من نشر الفواحش يقول تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ" (النور:19).
4- إقالة العثرة
حيث من أخلاق المؤمن أن يمتلك قلباً كبيراً وروحاً سامية يستوعب بهما عثرات اخوانه ولا يعطي الأمور أكثر من ما هي عليه بل يتسامح ويقبل عذر الاخر والأفضل أن يتغاضى دون الحاجة إلى الاعتذار.
في الحديث:
"شر اخوانك من أحوجك إلى مدارة وألجأك إلى اعتذار"5.
5- ردّ الغيبة
إن الغيبة انتهاك فاضح لحقوق الاخرين ويحرم استماعها ويجب ردّها وإلا فقد ورد:
"السامع للغيبة كالمغتاب6السامع للغيبة أحد المغتابين"7.
----------------------------------------------------------------------
الهوامش:
1- كنز الفوائد، ج1، ص306.
2- تحف العقول، ص63.
3- كنز الفوائد، ج1، ص100.
4- الكافي، ج2، ص260.
5- غرر الحكم ودرر الكلم، 1-403-28.
6- المصدر نفسه.1-56-1215.
7- المصدر نفسه. 1-10-1639.