آراء أهل السنة في أبن تيمية : 1) أبن جهبل: أبن تيمية يخالف الكتاب والسنة. يقول ابن جهبل في مقدمة رده على ابن تيمية: "مذهب الحشوية في اثبات الجهة واه ساقط، يظهر فساده من مجرد تصوره، حتى قالت الائمة:"لولا اغترار العامة بهم لما صرف اليهم عنان الفكر ولا خط القلم في الرد عليهم، وهم فريقان: فريق لا يتحاشى في اظهار الحشو (يحسبون انهم علي شيء الا انهم هم الكاذبون)(المجادلة 17) وفريق يتستر بمذهب السلف لسحت يأكله، او حطام يأخذه او هوى يجمع عليه الظغام والجهلة، الرعاع السفلة، لعلمه ان ابليس ليس له دأب الا خذلان امة محمد (ص). ولذلك لا يجمع قلوب العامة الا على بدعة وضلال يهدم بها الدين، و يفسد بها اليقين..الى ان يقول:"أدعي –أي ابن تيمية- انه يقول بما قاله الله ورسوبه (ص) والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار رضي الله عنهم. ثم انه قال ما لم يقله الله ورسوله ولا السابقون من المهاجرين والانصار فذكره لهم في هذا الموضوع استعارة للتهويل، والا فهو لم يرد من أقوالهم كلمة واحدة. ولا نفيا ولا اثباتا، واذا تصفحت كلامه "انظر العقيدة الحموية" عرفت ذلك. اللهم الا ان يكون مراده بالسابقين الاولين من المهاجرين والانصار مشايخ عقيدته دون الصحابة(1). 2) الحافظ السبكي: أبن تيمية نقض دعائم تلاسلام. ثم يستطرد رأي أهل السلف وعقيدة أهل السنة بما يخالف ما ذهب اليه ابن تيمية و ما تبعه من الحشوية. أما الحافظ السبكي فيقول في كتابه "الدرر المضيئة في الرد على أبن تيمية" ما هذا لفظه:"اما بعد فانه لما احدث ابن تيمية في اصول العقائد، ونقض من دعائم الاسلام الاركان والمعاقد. بعد أن كان مستترا بتبعية الكتاب والسنة، مظهرا انه داع الى الحق، هاد الى الجنة، فخرج عن الاتباع الى الابتداع، وشدة عن جماعة المسلمين بمخالفة الاجماع، وقال بما يقتضي الجسمية والتركيب في الذات المقدسة، وان الافتقار الى الجزء ليس بمحال، وقال بحلول الحوادث بذات الله تعالى، وان القرآن محدث تكلم الله به بعد ان لم يكن، وانه يتكلم ويسكت، ويحدث في ذاته الارادات بحسب المخلوقات وتعدى في ذلك الى استلزام قدم العالم، والتزم بالقول بأنه لا أول للمخلوقات. فقال بحوادث لا أول لها، فأثبت الصفة القديمة حادثة، والمخلوق الحادث قديما، ولم يجمع أحد هذين القولين في ملة من الملل، ولا نحلة من النحل، فلم يدخل في الفرق الثلاث والسبعين التي افترقت عليها الامة. ولا وقفت به مع امة من الامم همه وكل ذلك ان كان كفرا شنيعا، لكنه تقل جملته بالنسبة الى ما احدث في الفروع(2). يلاحظ في المقدمة جرد لجل الاراء التي نادى بها أبن تيمية و خالف بها عقيدة أهل السنة قاطبة، جعلت السبكي لا يجد حرجا في تكفيره، دون ما احدثه في الفروع. 3) اليافعي: من كان على عقيدة ابن تيمية حل ماله ودمه. يقول اليافعي في "مرآة الجنان" : كان ابن تيمية يقول (ان الله على العرش استوى) استوى حقيقة. وانه يتكلم بحرف وصوت، وقد نودي في دمشق وغيرها. من كان على عقيدة ابن تيمية حل ماله ودمه، وقال في حوادث سنة 728هـ وله مسائل غريبة انكر عليها وحبس بسببها مباينتها لمذهب اهل السنة ثم عد له قبائح، قال: أقبحها نهية عن زيارة قبر الرسول (ص)(3). 4) أبوبكر الحصيني: أبن تيمية يتبع المتشابه ويبتغي الفتن. أما ابوبكر الحصيني الدمشقي فيقول:"فأعلم ان قد نظرت في كلام هذا الخبيث الذي في قلبه مرض الزيغ، المتتبع ما تشابه من الكتاب والسنة ابتغاء الفتنة، وتبعه على ذلك خلق من العوام وغيرهم ممن اراد ال عز وجل له اهلاكه، فوجدت فيه ما أقدر على النطق به، ولا لي انامل تطاوعني على رسمه و تسطيره، لما فية من تكذيب رب العالمين، في تنزيهه لنفسه في كتابه المبين، وكذا الازدراء بأصفيائه المنتخبين من الخلفاء الراشدين، واتباعهم الموفقين، فعدلت عن ذلك الى ذكر ما ذكره الائمة المتقون، وما اتفقوا عليه من تبعيده واخراجه ببغضه من الدين(4). 5) ابن حجر العسقلاني: من العلماء من ينسبه الى النفاق. أما شيخ الاسلام أحمد بن حجر العسقلاني فيقول في كتابه "الدرر الكامنة في اعيان المائة الثامنة": ومنهم من ينسبه الى الزندقة، لقوله ان النبي لا يستغاث به، وان في ذلك تنقيصا و منعا من تعظيم النبي، ومنهم من ينسبه الى النفاق لقوله في علم ما تقدم، ولقوله انه كان مخذولا حيثما توجه، وانه حاول الخلافة مرار فلم يحصلها، انما قاتلة للرئاسة لا للديانة. و لقوله الحميد (الرحمن على العرش استوى) قال ان العرش مكانه، ولما كان الواجب ازليا عنده واجزاء العالم حوادث عنده اضطر الى القول بأزلية جنس العرش وقدمه وتعاقب اشخاصه الغير متناهية فمطلق التمكن له تعالى أزلي، والتمكنات المخصوصة حوادث عنده كما ذهب التكلمون الى حدوث التعلقات(5). الى غير ذلك من الاقوال، التي تتبع بعضها المحقق السبحاني وعرضها في بحوث الملل والنحل فليراجع من اراد الزيادة. 6) الحافظ الذهبي: لقد بلغ أبن تيمية سموم الفلاسفة وتصنيفاتهم. واذا كانت الاقوال التي عرضناها لخصوم الرجل من أهل السنة و الجماعة، فان التاريخ قد حفظ لنا اعتراضا قويا لأحد المحبين له، انه الحافظ شمس الدين الذهبي مؤرخ الشام ومحدثها الكبير المتوفي سنة 748 هـ ، والذي بعث لابن تيمية رسالة ينصحه فيها، ومما جاء فيها:"الحمد لله على ذلتي يارب ارحمني واقلني عثرتي، واحفظ علي ايماني واحزناه على قلة حزني، واسفاه على السنة وذهاب أهلها..الى كم ترى القذاة في عين أخيك وتنسى الجذع في عينك؟ الى كم تمدح نفسك وشقاشقك وعبارتك وتذم العلماء وتتبع عورات الناس؟ مع علمك بنهي الرسول (ص):"لا تذكروا موتاكم الا بخير، فانهم قد افضوا الى ما قدموا" بل اعرف انك تقول لي لتنصر نفسك..يارجل بالله عليك كف عنا، فانك محجاج عليم اللسان لا تقر ولا تنام، اياكم والغلوطات في الدين، كره نبيك (ص) المسائل وعابها ونهى عن كثرة السؤال وقال:"ان اخوف ما اخاف على امتي كل منافق عليم اللسان" وكثرة الكلام بغير زلل، تقسى القلب اذا كانت في الحلال والحرام فكيف اذا كانت في العبارات اليونسية والفلاسفة التي تعمى القلوب، والله قد صرنا ضحكة في الوجود، فالى كم تنبش دقائق الكفريات الفلسفية؟ لنرد عليها بعقولنا، يارجل قد بلعت سموم الفلاسفة وتصنيفاتهم مرات، وكثرة استعمال السموم يدمن عليها الجسم، وتكمن والله في البدن، واشوقاه الى مجلس فيه تلاوة وتدبير وخشية بتذكر وصمت بتفكر..ياخيبة من اتبعك فانه معرض للزندقة والانحلال، ولا سيما اذا كان قليل العلم والدين باطوليا شهوانيا، لكنه ينفعك ويجاهد عنك بيده ولسانه، وفي الباطل عدو لك بحاله و قلبه. فهل معضم اتباعك الا قعيد مربوط خفيف العقل، او عامي كذاب بليد الذهن او غريب واجم قوي المكر؟ او ناشف صالح عديم الفهم؟ ان لم تصدقني ففتشهم و زنهم بالعدل، يامسلم أقدم حمار شهوتك لمدح نفسك، الى كم تصادقها وتعادي الاخيار؟ الى كم تصادقها وتزدري الابرار؟ الى كم تعظمها و تصغر العباد؟ الى متى تخاللها و تمقت الزهاد؟ الى متى تمدح كلامك بكيفية لا تمدح –والله- احاديث الصحيحين؟ ياليت أحاديث الصحيحين تسلم منك، بل في كل وقت تغير عليها بالتضعيف والاهدار والتأويل والانكار اما آن لك ان ترعوي؟ اما حان لك ان تتوب و تنيب؟ اما انت في عشر السبعين وقد قرب الرحيل؟ بلى –والله- ما أذكر انك تذكر الموت، بل تزدري بمن يذكر الموت.. فما أظنك تقبل على قولي ولا تصغى الى وعظي، بل لك همة كبيرة في نقض هذه الورقة بمجلدات، وتقطع لي اذناب الكلام، ولا تزال تنتصر حتى تقول البته سكت، فاذا كان هذا حالك عندي زانا الشفوق المحب الواد، فكبف حالك عند اعدائك؟ واعداؤك –والله- فيهم صلحاء وعقلاء وفضلاء، كما ان اولياؤك فيهم فجرة وكذبة وجهلة وبطلة وعور و بقر، قد رضيت منك بان تسبني علانية، وتنتفع بمقالتي سرا فرحم الله امرأ اهدى الي عيوبي، فاني كثير العيوب غزير الذنب، الويل لي ان انا لا اتوب، وا فضيحتي من علام الغيوب! ودوائي عفو الله ومسامحته وتوفيقه وهدايته والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيي وعلىصحبه أجمعين(6). ان المتتبع لمجمع آراء علماء أهل السنة والجماعة وغيرهم في ابن تيمية يمكنان يستنتج التالي: · لم يكن ابن تيمية الا حشويا متسترا بتبعيته للسلف الذين جعل لهم مذهبا موحدا يجع اليه. · سقط في اخطاء عقائدية و اصولية نتيجة دراسته للفلسفة، خالف بها ما اجمعت عليه الامة وخصوصا علماء اهل السنة والجماعة من اشاعرة. · كان كثير الكذب على السلف في نقله آرائهم واقوالهم و اجماعهم في بعض المسائل العقائدية، مع تعمده التحريف وعدم الضبط في نقل النصوص. · لم يكن اتباعه من علماء الامة او عقلاؤها وانما جلهم من العوام الجهلة. وقد انتصر بهم وبالسطان فحقن دمه واكتفى فقط بسجنه الى ان مات فيه. · عدم الاعتراف له بالاعلمية التي تؤهله للاجتهاد، فقد كان سطحيا في فهمه للنصوص، مؤمنا بظواهرها الابتدائية. وهذا خلاف ما عليه المحققون من رجال الشريعة. · ان آراءه العقائدية الشاذة ترمي به بعيدا عن الجماعة، واذا اضفنا ما ابتدعه من فتاوي ضالة في الفقه وآراءه في الصحابة فهو ان لم يحكم عليه بالكفر الصراح فلا شك في زندقته ونفاقه(7). المصادر: 1) الحقائق الجلية، ص 31،32،47،48 2) بحوث في الملل والنحل، ج4 ص42 3) مرآة الجنان، ج4 ص 277 ، انظر المرجع السابق ج4 ص 42-43 4) بحوث في الملل والنحل، ج4 ص 45- 46 5) كشف الارتياب في أتباع محمد بن عبدالوهاب، م.س ص132 6) بحوث في الملل والنحل، م.س ص39-40، نقلا عن تكملة السيف الصقيل ، للمحقق المعاصر الكوثري، ص 190-192 7) رد العلاء البخاري الحنفي على ابن تيمية.