مجلة المشاهد السياسي - « واشنطن » - 10 / 6 / 2007م - 10:16 ص
اعتقالات بلا تهم ومحاكمات طويلة ومنع سفر للمفرج عنهم
تواصل الحكومة السعودية تنفيذ مبادرات الاصلاح، لكن من دون أن يلحق أي تحسّن يُذكر بوضع حقوق الإنسان. فكانت انتهاكات متكرّرة تندرج في إطار «الحرب على الارهاب»، واشتباكات بين القوّات الأمنيّة والجماعات المسلّحة. واعتقل عشرات لم يُفصَح عن هويتهم، أو أي معلومات أخرى تتعلّق بظروف وقْفهم، كما لم يُعرف ما إذا كان بينهم من وُجّه إليه الاتهام أو قُدّم للمحاكمة.
ولم تقتصر الاعتقالات على المشبوهين بالارهاب، بل طاولت بعض منتقدي إجراءات الاعتقال لفترات طويلة، ومن دون توجيه تهم أو محاكمة. وتردّدت معلومات عن عمليات تعذيب، واستمرت المحاكم في فرض عقوبة الجلد.
كذلك العنف ضد المرأة ما زال منتشراً على نطاق واسع، فيما يعاني العمال الأجانب التمييز والايذاء. وأُعدم ما لا يقلّ عن ٣٩ شخصاً.
انتُخبت السعودية عضواً في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في أيار (مايو) من العام الماضي. وعلى رغم ذلك، ما زالت هذه العضوية لقباً فخرياً تعلّقه السلطات السعودية على صدرها من دون أن تلتزم بما يتطلّبه ذلك منها.
إذ لم يغيّر ذلك من الاعتقالات التعسّفية لكل من يعبّر عن رأيه، فقد اعتقل عشرات المحتجّين على القصف الإسرائيلي للبنان في الصيف الماضي، أطلقوا لاحقاً من دون تهمة.
وفي (سبتمبر) أيلول، احتُجز لفترة وجيزة حوالى ٣٠٠ من أتباع طائفة الشيعة الإسماعيلية، لتظاهرهم في نجران احتجاجاً على استمرار اعتقال إخوان لهم في الطائفة، قُبض عليهم على خلفية تظاهرات حصلت في نيسان (أبريل) ٢٠٠٠. ولاحقاً، أُفرج عن بعضهم فيما يُعتقد أن آخرين ما زالوا قيد الاحتجاز.
انتهاكات بذريعة الارهاب
وتواصل الحكومة السعودية سياستها المعلنة في محاربة الارهاب، وهي في كثير من الأحيان لا تولي اعتباراً يُذكر للقانون الدولي.
واستمرت الاشتباكات بين قوّات الأمن وجماعات مسلّحة في مناطق مختلفة، أبرزها أبقيق والرياض وجدّة. وأفيد بأن ما لا يقلّ عن خمسة ممن وردت أسماؤهم على القائمة الرسمية للمشتبه في انتمائهم إلى تنظيم «القاعدة»، قُتلوا في نُزل في شباط (فبراير)، خلال اشتباكات مع قوّات الأمن في حيّ اليرموك في الرياض.
وفي نيسان (أبريل)، أعلن وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبد العزيز، العمل على إنشاء محكمة لأمن الدولة تناط بها مهمّة التحقيق مع المشتبه في انتمائهم إلى الارهاب ومحاكمتهم. ولم يتّضح ما إذا كانت هذه المحكمة أُنشئت فعلاً بحلول نهاية العام.
وكان تصريح الملك عبد الله بن عبد العزيز في حزيران (يونيو)، بأن الذين سلّموا أنفسهم إلى السلطات سيستفيدون من العفو عمّا ارتكبوه.
وأعقب ذلك في آذار (مارس) وحزيران (يونيو) وآب (أغسطس)، القبض على عشرات من المشتبه في صلتهم بتنظيم «القاعدة» في مكّة والمدينة والرياض، وقدّر عددهم بحوالى مئة شخص.
ولم تفصح السلطات عن أسماء الذين اعتقلتهم في العام ٢٠٠٦ والسنوات السابقة، كما لم يتّضح الوضع القانوني لهم ولا ظروف اعتقالهم، أو حتى إذا وُجّهت إلى أي منهم تهم أو قُدّم للمحاكمة.
• يُعتقد أن فؤاد حكيم المعتقل منذ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٤ للاشتباه في صلته بـ«تنظيم متطرّف»، بقي قيد الاعتقال من دون تهمة أو محاكمة، ومن دون السماح له بالاتصال بمحام، حتى أفرج عنه من سجن الرويس في جدة، في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي.
• في نيسان (أبريل) ٢٠٠٦، أُفرج من دون اتهام عن محيي الدين مغني حاجي مسقط، وهو طبيب صومالي قُبض عليه في تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٥، بزعم أنه قدّم العلاج الطبّي إلى أحد المشبوهين أمنيّاً. وكان احتُجز في سجن الحائر في الرياض.
• في تموز (يوليو) ٢٠٠٦، أُفرج من دون توجيه تهم، عن معتقلين أوقفا في تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٥، هما: عبد الحكيم محمد جيلاني (بريطاني قُبض عليه عندما كان في رحلة عمل إلى مكة، واتُهم بتقديم مساعدات مالية إلى «تنظيم متطرف) وعبد الله حسن (ليبي الجنسية).
ومع ذلك، صُودر جوازا سفرهما، ومُنعا من مغادرة السعودية.
وورد أن جيلاني تعرّض للضرب وحُرم من الطعام لبعض الوقت خلال احتجازه.
وأعلن وزير الداخلية في نيسان (أبريل) الافراج عن آلاف المعتقلين، من بينهم ٧٠٠ على صلة بتنظيم «القاعدة»، أشركتهم السلطات في برنامج لـ«تصحيح أفكارهم المتطرّفة». ولم يوضح الوزير تاريخ الافراج عنهم.
معتقلو غوانتانامو
تسلّمت السعودية من السلطات الأميركية في أيار (مايو) ٢٠٠٦ وحزيران (يونيو) من العام نفسه، ما لا يقلّ عن ٢٤ محتجزاً سعودياً في معتقل غوانتانامو في الخليج الكوبي، إضافة إلى المعتقل الصيني الصديق أحمد صديق نور تركستاني من أقلية الـ«إيغور» العرقية.
وقبض على المعتقلين العائدين لدى وصولهم الى السعودية واحتُجزوا في سجن الحائر. وبرزت مخاوف من احتمال تعرّض صديق أحمد صديق للتعذيب أو الاعدام في حال إعادته إلى الصين، ويُعتقد أنه كان محتجزاً في السعودية بحلول نهاية العام ٢٠٠٦.
وأفادت السلطات السعودية بأن هيئة التحقيق والادّعاء العام سيدرسان حالات المعتقلين العائدين، الذين أطلق ما لا يقلّ عن ٢١ منهم في أيار (مايو) وآب (أغسطس).
الجدير ذكره أن بعضهم أُفرج عنه لعدم توفّر أدلّة على ارتكابه أي جريمة، فيما حُكم على آخرين بالسجن لمدة سنة بتهمة تزوير مستندات.
السجناء السياسيون
تعرّض بعض منتقدي الحكومة للاحتجاز من دون تهمة أو محاكمة، وكثيراً ما ظلّوا محتجزين لفترات طويلة قبل محاكمتهم أو الافراج عنهم.
• ففي أيلول (سبتمبر)، تمّت محاكمة د. شايم الهمزاني، وجمال القُصيبي، وحامد الصالحي، وعبد الله المجيدي الذين احتجزوا في سجن الحائر من دون تهمة أو محاكمة، ومن دون السماح لهم بالاتصال بمحامين ما يقرب من عامين، بحسبما أفادت التقارير.
واعتُقل الأربعة في العام ٢٠٠٤، بعد مطالبتهم بإصلاحات سياسية وقضائية، والافراج عن السجناء السياسيين. وصدرت في حقّهم أحكام بالسجن لمدد تراوح بين سنة ونصف السنة وثلاث سنوات ونصف السنة.
وأُفرج عن د. شيم الهمزاني، في تشرين الأول (أكتوبر)، بعدما أمضى مدة عقوبته، لكنه ظل ممنوعاً من السفر.
• وفي آب (أغسطس)، اعتُقلت هند سعيد بن زُعير ورضيعها (١٠ أشهر)، واحتُجزت لأسبوع قبل أن تُطلق من دون توجيه تهمة إليها.
ويبدو أن سبب اعتقالها أن والدها، د. سعيد بن زُعير، من منتقدي السياسات التي تنتهجها الحكومة في سياق «الحرب على الارهاب».
• قبض على ٢٠ رجلاً من بين ٢٥٠ لحضورهم تجمّعاً خاصاً في منطقة العشيمياء في جيزان في آب (أغسطس)، واعتبروا في عداد سجناء الرأي. وبحلول نهاية العام، كانوا لا يزالون محتجزين من دون تهمة أو محاكمة، فيما أُفرج عن آخرين ممن قُبض عليهم في تلك الفترة أيضاً من دون توجيه تهم إليهم.
• وفي أيلول (سبتمبر)، أُفرج عن كامل عباس الأحمد الذي يعتقد أنه كان من سجناء الرأي، من مقرّ المباحث العامة في الدمام. وهو ظلّ محتجزاً منذ آب (أغسطس) ٢٠٠٣ لأسباب لم يُفصح عنها تتعلّق بمعتقداته الشيعية، على ما يبدو.
حرّيّة التعبير
على رغم تحقيق قدر أكبر من حرّيّة الصحافة خلال السنوات الأخيرة، تعرّض بعض الكتّاب والصحافيين السعوديين من دعاة الاصلاح إلى الاعتقال لفترات قصيرة، أو للمنع من السفر أو الرقابة. كما تعرّض بعضهم لمضايقات من قبل أفراد ينتمون إلى الفئات المحافظة في المجتمع.
• ففي شباط (فبراير)، أُوقف صدور صحيفة «الشمس» اليومية لمدة ستة أسابيع، بعدما أعادت نشر الرسوم الكاريكاتورية التي تصوّر النبي محمد في إطار حملتها الداعية إلى اتخاذ إجراء ضد تلك الرسوم.
• وفي آذار (مارس)، قُبض على محسن العواجي لنشره مقالات على الإنترنت تنتقد السلطات، وتطالب بإنهاء الرقابة على شبكة الإنترنت. وأُطلق من دون توجيه تهمة اليه بعد ثمانية أيام.
• في أيار (مايو)، فرضت وزارة الاعلام غرامة على حمزة المزيني، وهو أستاذ جامعي انتقد أحد رجال الدين في مقال له. وفي أيلول (سبتمبر)، تعرّض لاعتداء بدني من مجموعة من الشبان الذين وصموه بأنه «كافر»، فيما كان يلقي كلمة عن إصلاح المناهج المدرسية.
• وفي تشرين الأول (أكتوبر)، قضت إحدى المحاكم بإسقاط القضية المرفوعة ضد رجاء الصانع، مؤلّفة كتاب عن حياة فتيات وشابات سعوديات، بعدما اتُهمت بالاساءة إلى المجتمع السعودي، وإساءة تفسير آيات من القرآن الكريم، ولم تسمح وزارة الثقافة والاعلام بعرض كتابها، و٢٠ كتاباً آخر، في المعرض الدولي للكتاب في الرياض، حيث اعتُبرت هذه الكتب مسيئة للسعودية وللإسلام.
ومنع عشرات الأشخاص، من بينهم دعاة للاصلاح، من السفر بعد الافراج عنهم. وأفيد بأن د. متروك الفالح ومحمد سعيد طيب، اللذين قُبض عليهما في العام ٢٠٠٤ لمطالبتهما بالاصلاح، ظلاّ خاضعين لقيود على حرّيتهما في التعبير والتنقل، فُرضت عليهما منذ الافراج عن أولهما في آب (أغسطس) ٢٠٠٥ وعن الثاني في آذار (مارس) ٢٠٠٤. وطلِب من محمد سعيد طيب لدى الافراج عنه التوقيع على تعهّد بعدم معاودة المطالبة بالاصلاح السياسي.
• أبقي على سعد بن سعيد بن زُعير، وشقيقه مبارك بن سعيد بن زُعير، ووالدهما د. سعيد بن زُعير، قيد الرقابة ومنع السفر. وبقي الأب معتقلاً من دون اتهامه أو محاكمته من حزيران (يونيو) إلى آب (أغسطس)، وهو احتُجز خلال هذه الفترة بمعزل عن العالم الخارجي في سجن عليشة في الرياض، وذلك في أعقاب مقابلة أُجريت معه في قناة «الجزيرة» الفضائية.
حقوق المرأة
لا تزال المرأة السعودية عرضةً للتمييز على نطاق واسع، وتعاني في شكل خاص القيود الشديدة على حرّيّتها في التنقّل. ولا يزال العنف في محيط الأسرة منتشراً، حيث أفادت «الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان» بأنها تلقت أنباء عن مئات من حالات العنف في محيط الأسرة. وفي أيار (مايو)، أفيد بأن الملك عبد الله أمر بإنشاء محكمة جديدة متخصّصة في نظر قضايا العنف في محيط الأسرة، لم يتّضح ما إذا كان ذلك تحقّق بحلول نهاية العام.
وواصلت الناشطات في مجال حقوق المرأة مساعيهن من أجل إقرار حقوقهن.
وتعهّدت وجيهة الحويدر، عقب الافراج عنها، بمواصلة أنشطتها. وهي اعتُقلت لفترة وجيزة في آب (أغسطس) ٢٠٠٥ لرفعها لافتة تناشد الملك عبد الله منح المرأة قدراً أكبر من الحقوق.
وفي شباط (فبراير)، رفض مجلس الشورى مشروع قانون تقدّم به أحد الأعضاء لرفع الحظر المفروض على قيادة النساء للسيارات. وفي حزيران (يونيو)، عيّنت السلطات ست سيدات مستشارات لمجلس الشورى لتقديم المشورة في القضايا التي تمسّ المرأة.
واعترضت وزارة العمل عقبات في مسألة زيادة عدد الموظّفات من النساء السعوديات. وأرجأت الوزارة تنفيذ قرار يقضي بألا يعمل في محالّ الملابس النسائية الداخلية سوى إناث، وذلك بعدما ورد أن أصحاب المحالّ لم يتمكّنوا من تنفيذ القرار.
الابعاد القسري
في ٢٦ أيلول (سبتمبر)، ألقت قوّات الأمن في السعودية القبض على أبو القاسم أحمد أبو القاسم، وهو من المعارضين السياسيين لحكومة السودان، وعضو في إحدى الجماعات السياسية المسلّحة في دارفور، وذلك في منزله في جدّة، حيث يعيش منذ أكثر من ٢٠ سنة. ويبدو أن اعتقاله جاء على خلفية خطبة ألقاها في مقرّ السفارة السودانية، انتقد خلالها حكومة الخرطوم. وهو أُبعد إلى السودان، حيث اعتُقل على الفور واحتُجز بمعزل عن العالم الخارجي، في ٢٨ أيلول (سبتمبر).
العمال الأجانب
تعرّض بعض العمال الأجانب لانتهاكات على أيدي السلطات الحكومية وأصحاب الأعمال الخاصّة. وكان من بين الانتهاكات من جانب السلطات الاعتقال من دون تهمة أو محاكمة، بينما كان من بين الانتهاكات من جانب أصحاب الأعمال سوء المعاملة بدنياً ونفسياً وعدم دفع الأجور.