|
عضو جديد
|
رقم العضوية : 58629
|
الإنتساب : Oct 2010
|
المشاركات : 38
|
بمعدل : 0.01 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى العقائدي
هوامش تدقيقية على دعوى التزوير في حديث الكساء
بتاريخ : 21-10-2010 الساعة : 03:24 AM
جاء المقال في خمسة حلقات وهنا نضع تذييلاتنا بالتسلسل مع هذه الحلقات إن شاء الله تعالى، و أبدأ شيء أذكِرُ به هنا أنني لا أهدف لإثبات حديث الكساء بطريق صحيح كما لا أتسرع في محاكمة النوايا ..
و يجب التنبيه أيضا على أن علمائنا في القديم والحديث لم يخفى عليهم وقوع الدس والتزوير والكذب وخيانة الأمانة في مصنفاتهم ومصنفات غيرهم من قبل أيادي غير مسؤولة ووجود الكثير مما تحوم حوله الشكوك سواء في النصوص المعصومية أو النصوص العلمائية كما سبق وأن وضعت شكوكي حول بعض نسخ كتاب أوائل المقالات للشيخ المفيد عليه الرحمة ولكن ما يجدر أن نلفت إليه الأحبة المشدوهين بهذا الحديث الجديد للشيخ الراضي أمران:- 1 أن هذا الشيء ليس اكتشافا جديدا يسجل للشيخ الراضي ولا لغيره ممن يحاول إثارة هذا الموضوع بقوة هذه الأيام .
- 2 أن التأثر بخبر وجود الوضاعيين والمكذبين وإسقاطه على أي مورد لأدنى شك وأقل لبس لا يعدو أن يكون رأيا شخصيا وهذا ما يكفي تخيله فقط للشيخ الراضي وغيره ممن يحملون راية الهجوم على التراث اليوم أن يتخفف من نبرة الجزم والقطع بنتائجه التي تظهر دائما في إطار الجملة الخبرية "" هذا تزوير "" ...""وهذا وضع"" ... "" وهذا كذب "" وهي الجملة المسممة للأفكار والعقيدة حينما تتحول إلى شعار وفن لا يأتي من هذا الشيخ أو ذاك السيد غيره في مجالسه و نواديه ومقالاته ؟!
فقد رأينا ـــ وهذا ما يشجيني قوله ـــ أن هذه اللغة لم تستخدم إلا من قبل المتشددين من أبناء السنة ولم يفلحوا بل تعالت الأصوات المنكرة عليهم أنظر إلى نموذج ابن الجوزي الذي أكدى نفسه وأجهد وقته في كتابة كتاب الموضوعات ثم أصبح الاستدراك عليه فن العلماء من بعده إلى درجة أن الكتاب أصبح بلا قيمة يطمع فيها بل صار قولك في حديث ما، هذا ما شهد بوضعه ابن الجوزي كاف في أن يسبق إلى أذهان المحصلين من أبناء العامة أنه طعن من لا يؤخذ بكثير من طعونه في الأحاديث وإن كان هناك من يتمسك به إلى وقتنا الحاضر ممن هم على شاكلته !!
وحينما كتب الشيخ التستري كتابه الأخبار الدخيلة رأى الكثير من العلماء أنه راجل أشبه منه فارسا في هذا الكتاب بل معظم كتبه عدا عن قاموس الرجال !
بل لقد رأيت فيه ما يضحك الثكلى ويسقط الحبلى!!و ربما وفقني الله عز وجل لطرح دراسة حول هذا الموضوع فإني لا أشك في أهميته سيما وأنه من الكتب التي غررت بالبعض في خوض هذا المستنقع ..
وللمرة الثانية أقول. . ليس من غاية هذه التعقيبات التي بين أيديكم ـــ أحبتي ـــ أن نخلق جوا من المواجهة العنيفة في وجه الشيخ الراضي (سامحه الله) ولكن ليعلم الآخرون أنه بعد أن تحدث وأطال مظهرا أنه يتكلم بالإسلوب العلمي أردت أن أبين أنّ كثيرا مما جاء به بل معظمه ليس على الطريقة العلمية في شيء ـــ وهذه وجهة قراءة شخصية آمل أن يتقبلها مني ـــ فالمحاكمة إذن هي للأسلوب والمنهج المتبع لديه وليست مبارزة قتالية لإثبات حديث الكساء لأن هذا الحديث يصنف على باب من أبواب الروايات لا يحتاج إلى الأسانيد الصحيحة والثابتة بالقطع واليقين خلافا للرأي الذي تشدد له هو في نهاية مقاله وسوف تتضح جلية الأمر لاحقا إن شاء الله تعالى. ذكر فيها المصادر الإسلامية لرواية حديث الكساء حتى ما جاء من قبل بعض المتعصبين من أهل السنة كابن تيمية وغيره..
كيف روي الحديث والحادثة لدى المسلمين؟
قال في ص 4 : "" والحاصل أن حديث الكساء كما ألمحنا إليه سابقا ثابت بالتواتر لا مرية فيه عند مختلف المسلمين سنة وشيعة ونحن إنما نقلنا غيضا من فيض..."".
الملاحظ أن كتبنا لم تسرد القصة إلا في القليل من الروايات التي يمكن أن تعد بخلاف كتب السنة في أن اهتمامها بالسرد كان شأنا واضحا، نعم المتواتر عندنا تسميتهم بأصحاب الكساء وإذا لا حظت الروايات التي أقتبسها الشيخ الراضي ستجد أن معظمها أقتصر على ذكر أن هؤلاء الخمسة هم أصحاب الكساء أوأنهم مَـن نزلت فيهم الآية دون تعرض للتفاصيل وهذه الملاحظة غاية في الاعتبار إذ ستفيد في تفنيد الدعوى الآتية من الشيخ بتقاطع حديث صاحب العوالم مع بقية الأحاديث الأخرى فنحن نرد ونقول إن معظمها ليس في مقام السرد و التفصيل بينما هذا الحديث هو في مقام السرد والتفصيل فاختلاف طبيعة البيان يبرر اختلاف اللفظ وغير ذلك ..
هل في وسعنا أن نقول بتعدد الواقعة؟
قال في ص 9: "" ودعوى أن الواقعة قد تعددت فبعيد جدا"".
إن ثبوت التعدد سيحط من قيمة دعوى التزوير والوضع لهذا اهتم هو بالإشارة إلى بُـعد هذه الدعوى، ولكننا سنرى بالمتابعة إن كان ذلك بعيدا كما يصر الشيخ الراضي (أصلحه الله) أم لا؟
والآن ..
أركب معي أيها القارئ على متن رحلة قصيرة لتشرف من الأفق على معالم أحاديث وحوادث الكساء المتعددة . .إن بعض الروايات إذا تأملتها تفيدك أن وضع الكساء على أهل البيت عليهم السلام وإدخالهم معه كان يحكي سيرة لرسول الله صلى الله عليه واله يتمثلها حينا بعد حين، إنْ في بيوته أو خارجها !!
إلا أن أكتشاف هذا يحتاج إلى قريحة لطيفة تلطفت بكثرة وطول الممارسة للغة النص الديني ولا يتفق إلا لمن يقرأ النصوص التاريخية بتهجي الجمل والكلمات !!
ولهذا ذهب مثل المحب الطبري في ذخائر العقبى إلى تعدد الواقعة في بيت أم سلمة وحدها دعك عن سائر البيوت !!
قال: "" والظاهر أن هذا الفعل تكرر منه صلى الله عليه واله في بيت أم سلمة يدل عليه اختلاف هيئة اجتماعهم وما جللهم به ودعائه لهم وجواب أم سلمة "" (ذخائر العقبى 22) .
و لم يهتم غيره بمعارضته في دعواه وكأنهم أنسوا بما أنس به ..
ومما يشار إليه أن العلماء سنة وشيعة يعدون حمل الروايات المختلفة في العرض للقضية الواحدة على التعدد حملا قريبا في العرف وشواهده في سعة وعمق الفقه لا تكاد تحصى فكيف فات الشيخ الراضي ذلك ؟
ولكي نعود إلى دعوى التعدد نقول:
ومن الأيام الكسائية الدافئة التي كانت خارج بيته صلى الله عليه واله
ما ورد في مباهلته لنصارى نجران و قد نقلت ذلك مصادر كثيرة جدا إلا أن الشيخ المعاصر الكريم لم يخطر له ذلك على بال وإلا لأعانه على قبول دعوى التعدد من دون إصرار على الرفض، وما يدرينا لعله ظن عدم علاقة هذه الحادثة بحادثة الكساء المعقود لها البحث فإن بعض الكتـّاب لا يتعامل مع علامات الوقف التي تساعد على التدبر في قراءة النصوص ؟!
ولكن من المعلوم أن هذه الحادثة بما فيها من وجوه الشبه تؤكد أن التغطي مع أهل البيت بالكساء لم يكن لمرة واحدة فما علينا إلا أن نبحث عن اتفاقه مرة ثالثة زيادة على واقعة المباهلة فإنه بعد أن يثبت ثالثة سيكون ذلك كافيا في إثبات عادة للنبي صلى الله عليه واله؛ لأنه إذا ثبت تعدد الواقعة ثبتت العادة وأنه قد عود وعاود ذلك بمشهد ومسمع من الجميع وبثبوت ذلك يزول إشكال التعارض بين ألفاظ الحادثة التي حاول أن يقرب بها دعوى التزوير. .
إذن هل ورد في غير حادثة المباهلة وحادثة بيت أم سلمة ؟
لنرهف السمع للسيد البحاثة العملاق عبد الحسين شرف الدين في كتابه الثمين النص والاجتهاد فإنه روى:
"" عن أبي بكر قال رأيت رسول الله صلى الله عليه واله خـيّـمَ خيمة وهو متكئ على قوس عربية وفي الخيمة علي وفاطمة والحسن والحسين فقال صلى الله عليه واله معشر الناس أنا سلم لمن سالم أهل الخيمة، حرب لمن حاربهم ولي لمن والاهم لا يحبهم إلا سعيد الجَـدِ طيب المولد ولا يبغضهم إلا شقي الجد ردئ المولد "".
قال السيد شرف الدين في ذيل تلك الصفحة:
لعل هذه الخيمة هي الكساء الذي جللهم به حين أوحى إليه فيهم {إنما يريد الله ليذهب ...}. ثم أحال إلى كتابه الكلمة الغراء بتفضيل فاطمة الزهراء سلام الله عليها[1]
والحقيقة أن هذا الاجتماع في خيمة مع أهل بيته يكفي للاطمئنان بأنه كان يكرر ذلك الموقف ويعيده بين الفترة والأخرى بهدف الإعلام بأنهم أهل بيته ذي الخصائص الإلهية الكثيرة لا من سواهم من نساءه وأصهاره أو من كان ربيبا له من ذكر أو أنثى سواء صح احتمال السيد شرف الدين في أن تكون الخيمة هي الكساء أم لا .. فإننا نحمل تعدد وصف الكساء بالخيبري تارة، والمرحل أخرى، واليماني ثالثة، والخميصة رابعة، والثوب خامسة، والخيمة أخيرا على تعدده في نفسه، بل إن بعضها يصف أنهم دخلوا عليه وكان تحته كساءا فجذبه وغطاهم به، أو كان تحت أم سلمة فجذبه ومما يساعد على الإيمان بدعوى التعدد في الكساء أيضا أنه لو كان كساءا معينا لكان له شأن بعد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كما هو الحال مع عمامته وقميصه وسيفه، كيف لا وقد نزلت في مورده آية عظيمة ودخله ملك مقرب ... إذن حيث تقوت دعوى أنه فعل متكرر من رسول الله صلى الله عليه واله بهذه الشواهد المختلفة في زمانها ومكانها ومناسبتها يصبح من السهل الحكم على قول الشيخ الراضي :"" ودعوى أن الواقعة قد تعددت بعيد جدا " بأنه قول مجانب للصواب جدا جدا!
وأيضا نعرف صحة حمل أخبار الأماكن المتعددة على تعدد الواقعة ولا نقول أن رواية كونه في بيت عائشة أو أم سلمة أو بيت الزهراء سلام الله عليها متعارضة ثم نلجأ ـــ كما لجأ ـــ إلى حصره في بيت أم سلمة وإنكار كونه في بيت عائشة رغم أنه لم يرد في رواية واحدة فقط كما صنع ذلك الشيخ الراضي (هدانا الله وإياه)بل نقول وبكل ثقة أنها حوادث متعددة في المكان والزمان والمناسبة والكساء أيضا!!
ولكي ترى بأم عينك تعدد ألفاظ الثوب والمكان والمناسبة والأشخاص الواقفين على ذلك راجع إلى: (طرز الوفا في فضائل آل المصطفى لأحمد بن زين العابدين المصري الشافعي 193- 218)[2] درس فيها أثر الحواشي على الفكر الشيعي وشجب التساهل في قبول الروايات عن أهل البيت عليهم السلام وصولا بسند حديث الكساء المشهور بين الناس ..
هل قراءة المؤمنين لهذا الحديث منكر؟
قال في ص1: "" وحتى أن بعض المؤمنين مع الأسف الشديد يمارسون قراءته أي حديث الكساء هذا في الفضائيات وغيرها وكأنه من الأحاديث المتواترة عن أهل البيت عليهم السلام ... "".
وهذا الاستنكار بلا موقعية أصلا لأن المانع من قراءة أي حديث هو واحد من معوقين:- 1 معروفية كذبه أو وضعه وهذا ما سوف نبين أنه من توهمات الشيخ المعاصر(سامحه الله) ولم يشاركه في الجزم به أحد أبدا..
- 2 اشتماله على ما ينافي الدين أصولا أو فروعا وهذا ما لم يتحقق في حديث الكساء بل العكس صحيح، نعم ينبؤني إحساسي بأن المُـنكِـرَ الكريم يريد التمهيد لموضوع أكبر قد يفاجئنا به في الأيام المقبلة وهو الغلو في أهل البيت عليهم السلام وأنه لم يضع الحديث على طاولة المشرحة إلا لما في ذيله "" ما خلقت سماء مبنية ولا أرضا مدحية ...."" !!!
ولعلني أكون قاسيا في ظني ذلك فأستغفر الله . .
هذا وإن سألت عن الداعي لتلاوته وأنس المحافل به لدى عموم الناس بل والعلماء منهم موجود غير مفقود ونحن لن نزيد على اثنين:
1 اشتماله على الوعد بالثواب وهذا ما يكفي له أحاديث من بلغه، وإن كان ضعيفا، حتى بناء على عدم تمامية قاعدة التسامح لأن عدم تماميتها يمنع من إسناد الخبر إلى المعصوم ولا يمنع من العمل به لأجل الثواب قال"" من بلغه عن الله عز وجل فضيلة فأخذها وعمل بما فيها إيمانا بالله ورجاء ثوابه أعطاه الله تعالى ذلك وإن لم يكن كذلك "".
ربما اشتهى الشيخ الراضي أن يعترض هذا بفهم آخر للحديث ويقول ليس المقصود البلوغ كيفما اتفق الطريق بل لا بد أن يكون البلوغ بطريق يكفي للعقلاء في الاطمئنان بالخبر.
وهذا من الكلام الذي يصدقه السمع عند أول إيقاع ولكن سرعان ما يشده الوعي اللغوي لألفاظ هذا الحديث ويجعله يتأمل فيصل إلى رفض هذه الترجمة غير الواضحة .
كيف لا وقد استعمل العرف مادة (ب ل غ) في السؤال الذي يجري للتحقق من صدق شيء أو كذبه فيقال: بلغني أنك تقول فـيّ كذا أو تفعل معي كذا فهل هذا صحيح؟
فلو كانت كلمة بلغ خاصة بما هو ثابت ومتقرر لما صح استعمالها في السؤال التثبتي ؟ ([3])
2 التجربة القطعية لهذا الحديث في طريق قضاء الحوائج وتذليل الصعاب وبلوغ الأهداف الدنيوية الحقيرة والخطيرة على السواء
وهنا أضع علامة تعجب في حق الشيخ المعاصر (من الله علينا وعليه بالرشاد والسداد): فهو لم يأتي لا من بعيد ولا من قريب على تواتر آثار حديث الكساء التي يعرفه كل الناس وهكذا قد فعل سابقا مع زيارة عاشوراء رغم أنني ممن سأله شخصيا في مجلسه في بيته الذي كان يستأجره على الشارع العام في بلدة الحوطة حيث قلت له ماذا تقول في آثار زيارة عاشوراء وكراماتها هل تعترف بتواترها؟فقال: إجمالا .أي أنها متواترة إجمالا ؟!!
قبس- سماحة الشيخ عبدالجليل البن سعد
|
|
|
|
|