لن يتحمل مسؤولية الحق عباد الهوى و الشهوات ، وحدهم المتقون يعرفون قيمة الحق و شرف الإلتزام به و تحمل مسؤوليته في المجتمع .
إن الذين يصنعون تاريخ مجتمعهم هم الذين يتحملون مسؤوليته في الحياة ، إن صناع التاريخ المجيد للبشرية هم المتمسكون بالحق المناضلون من أجله ، و منطق الحق أكبر سلاح في وجه المستأثرين و الحكام الجائرين .
غير أن تحمل مسؤولية الحق ليس هيناً أبداً ، إنه يفقر و يتعب و يعذب و ربما يميت أيضاً ، قال أبو ذر العظيم : ( ما ترك الحق لي صديقاً ) .
و الآن : من أجل أن نصنع تاريخ أمتنا من جديد في سبيل مستقبل زاهر و حياة سعيدة .
من أجل أن نكون أمة بمفردنا لا بد أن نعمل بوصية الرسول الأكرم لأبي ذر : ( لا تخف في الله لومة لائم ) .
و : ( قل الحق و ان كان مراً ) .
إن الحق ليس مجرد شعار ، أو منطق ، أو موقف منفرد جزئي ، إنه مقياس المؤمن الصادق في الحياة .
فنحن كثيراً ما نحتار في اختيار الموقف الصائب من إزاء الآخرين ، فلا ندري مثلاً : ماذا يجب أن نعمل تجاه ظالم قدم لنا مالاً يستميلنا نحوه ؟ هل نقبله ؟ أم نرده ؟
ماذا نعمل لو دجننا المستأثرون في شلتهم ؟ هل نقبل الخطوة الأولى أم نرفض ؟ و كيف نرفض ؟ كيف نعلن غضبنا على الباطل ؟
ثم من نرجو إذا غضبنا ؟ على من نتكل في نصرة الحق عندما لا يدافع عنه و لا فرد واحد في المجتمع ؟
أتريد أن تعرف ماذا يجب أن تفعل ؟ استمع إلى وصية الإمام علي (ع) إلى أبي ذر (رض) : ( يا أبا ذر : إنك غضبت لله فارج من غضبت له ) .
إن الحق لا يعرف بالرجال ، و إنما الرجال هم الذين يعرفون بالحق !!
و العملية قد تبدو سهلة في البداية ، و لكنها أصعب من نقل الجبال و إنما الجهاد الأكبر الذي لا يقوى عليه إلا من صادق الحق طول العمر ، و رفض الباطل طول الحياة .
إن كل نعمة ورائها مسؤولية ، فكل فلس يضاف إلى رصيد المرء يعتبر ثقلاً جديداً يضاف إلى كاهله ، و لابد أن يتحمل أمانة هذا الثقل طيلة سيره في طريق الحياة المظلمة المتعرجة المخيفة ، حتى لقاء الله .
و لكن ظهر الإنسان أضعف من أن يتحمل وزر المال و الثروة ، أمام قوة أهوائه و شهواته ، فلا بد أن يحافظ بين ثقل الحمل و ضعف الظهر ، فلا يحمل من الثقل أكثر من قدرته ، لا بد أن يعرف قدرته على التحدي ، و تحمل المسؤولية .
و أن لا يحمل على ظهره ما يزيد ، بالطبع أن تكسب ما تريد من مال ، و لكن بشرط أن لا تحرق بها حياتك في الآخرة .
أسمعت وصية الإمام علي (عليه السلام) إلى ولده الإمام الحسين (عليه السلام) إنها تقول : " لا تحمل على ظهرك فوق طاقتك فيكون وبالاً عليك و إذا وجدت من أهل الفاقة و الفقر من يحمل زادك و ثقلك هذا إلى يوم القيامة ، فيوافيك بها فاغتنمه ، و أكثر من إعطائك له و تزويده ، فلعلك تطلبه يوم القيامة فلا تجده " .
إن بريق المال يسلب الكثيرين القدرة على تفهم الحياة و الإستعداد للمصير ، و يجرهم إلى الضياع في عالم المناقصات و المزايدات . و يتيهون بين خطوط الدينار و الدرهم ثم يهون إلى الحضيض .
إن عبادة المادة تحصر المرء في مجالات ضيقة ، و لا تدعه يرى الحياء والأشياء إلا من خلال ثقوب المصلحة الضيقة .
و للحيلولة دون سيطرة المادة على الإنسان لا بد أن ينفقه في سبيل الله و المحتاجين . . .! و لا يسعى وراء المال الحرام فإن في ذلك نهاية الإيمان .
و أبو ذر ما كان يمنعه من جلب الثروة شيء ، فهو صاحب رسول الله ، و خامس المسلمين ، و في طليعة المجاهدين مع صاحب الرسالة طيلة عمره . . إلا أن الإيمان كان يمنعه من ذلك ، ففي ذلك العصر الذي عاشه أبو ذر حيث كان الناس يعيشون في أشد حالات الفقر و الحرمان كانت حاشية الخليفة تقضم مال الله قضم الإبل نبتة الربيع (كما يقول الإمام علي (عليه السلام) ) .
يقول الأحنف بن قيس : " كنت في نفر من قريش فمر أبو ذر رضي الله عنه و هو يقول : بشر الكانزين بِكّيٍ في ظهورهم يخرج من جنوبهم و بِكّيٍ من أقفيتهم يخرج من جباههم
قال : ثم تنحى فقعد إلى سارية ، فقلت : من هذا ؟
قالوا : هذا أبو ذر فقمت إليه ، فقلت : ما شيءٌ سمعتك تقول قبيل .
قال : ما قلت إلا شيئاً سمعته من نبيهم .
قلت : ما تقول في هذا العطاء ؟
قال : خذه فإن فيه اليوم معونة ، فإذا كان ثمناً لدينك فدعه " / الغدير ص 320 .
أعرفت أي موقف ينبغي للمؤمن الصادق أن يتخذه تجاه المال .
أن يطلب من حله
و ينفقه في سبيل الله (على) الناس .
و إن كان ثمناً للدين ، فدعه .
فـ" إن خليلي عهد إلي أن أي مال ذهب أو فضة أو كي عليه فهو جمر على صاحبه حتى يفرغه في سبيل الله " .
ودمتم محاطين بالألطاف المهدويه
الحمد لله خالق الخلق جاعل الملائكة رسلا أولي بئس شديد
أكرمنا بحب أهل بيت النبوة وجعلنا لهم برحمته لنا من التابعين
وصلاة وسلاما عليهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
...
...
حياكم الله اختي الطيبه
موفقه بحق محمد وال محمد
كل الشكر..
.
قال : كنت بالشام فأختلف أنا و معاوية في هذه الآية : { الذين يكنزون الذهب و الفضة } ، فقال : نزلت في أهل الكتاب ، فقلت : فينا و فيهم !
كان معاوية يريد تضليل الناس بتحديد القرآن لوقت نزوله ، و مورده فقط ، بينما كان أبو ذر الذي صحب رسول الله منذ بدء الدعوة ، يرفض هذا التغيير الكيفي التضليلي ، ليؤكد شمول القرآن لكل مجتمع ، في كل زمان و مكان