الادارة
|
رقم العضوية : 84
|
الإنتساب : Aug 2006
|
المشاركات : 39,169
|
بمعدل : 5.87 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
أمَا مِن نَاصِرٍ يَنْصُرُنَا
بتاريخ : 21-12-2009 الساعة : 02:19 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
وَيَبْدَأُ العَدُّ التَنَازُلِي لِكَسْوِ العَالَم بِالسَّوَاد , والإتِّشَاحِ بِالحُزْنِ , آنَ للقُلُوبُ الطَاهِرَةُ أن تُمَارِسُ لَذَّةَ بُكَاءِ الحُسين , وللأروَاح أن تُغَادِر الأرْض وتَطُوفُ السمَاوَات , تُعزِّي فَاطِمَةَ الزَّهْرَاء بِفَقِيْدِهَا قَتِيلِ العَبْرَة الّذِي ما ذَكَرَهُ مُؤمِّنٌ إلاّ وبَكَىَ , إنَّهُ الشهْرُ الّذِي بَكَت فيهِ السَمَاوَاتُ وسُكانها , والأرَض وعُمَّارها ..
وكأنَّنَا فِي هذا الشَهْرِ نَسْمَعُ النِدَاءَ الأسْمَىَ , والهِتَاف المَلائِكِي , حَيْثُ بَقِيَ الحُسينُ وحِيداً عَلَىَ رَمْضَاءِ كَرْبَلاء , يُنَادِي " أمَا مِن نَاصِرٍ يَنْصُرُنَا , أما مِن مُغيث يُغيثُنا " , إنَّهُ المُحَرَّمُ مُقْبِل , إنَّهَا الصَرْخَةُ تَذْوِي فِي الآذَان وتُلامِسُ النُفُوسَ الحيَّة , وكَأنِّي بِالمَلائِكَةِ الضَاجِّين , في كُلِّ صَوْبٍ يَنتَحِبُون !..
إنَّهَا صَرْخَةُ الحَق , والنِدَاءُ الَّذِي يُنَاسِبُ كُلَّ الأزْمِنَة , ويقصِدُ الضَمَائِر فيُحييهَا, والقُلُوبَ فيُطَهِّرُهَا , إنَّهُ النِدَاء الّذِي وجَهّهُ الحُسينُ رُوحِي لهُ الفِدَاء لِكُلِّ العالمِين , ولكُلِّ الأزْمِنَة !..
فهَل يا تُرىَ سنَخْذُلُ الحُسين , ونصُمُّ آذَاننا عَن سَمَاعِ النِدَاء , بالتَّأكِيد فإنَّ مَنِ ارْتَضَعَ لِبَانَ حُبّ الحُسين, وكذلِكَ مَن عَرَفَهُ حقَّ المَعْرِفَة , وعَرَفَ عَظَمَة تضْحِيَتِه , لَن يَخْذُلَه أبداً !..
وهُنَا يكُونُ السُؤَال , كَيْفَ نَرْبِطُ على قُلُوبِنَا معَ الحُسين .؟
عَشرةُ الحُزْنِ قَادِمَة , ونَعْلَمُ كَيْفَ لِهذِهِ العشرَة مكَانٌ عَظِيْمٌ فِي قُلُوبِنَا إذِ التَجْهِيزَات والإسْتِعْدَادَات تُسْبَقُ بِفَتْرَة , وها هِيَ القُلُوب تَهْفُو للإلتِقَاء بمَعْشُوقِهَا والذَوَبَان في أبْجَدِيَّة عِشْقِ الحُسِين , فيَالهَا مِن لذّةٍ لا يستَشْعِرُهَا إلاّ مَنِ انْغَمَسَت رُوحَهُ بمَاءِ مَعِينِ حُبّ الحُسِين .. !
فمِنّا مَن يَشْعُرُ بِأنّ هذِهِ الأيَّامُ هِيَ المُختصَر الشَفِيف للعَامِ القَادِم , وهِيَ فُرصَة وإضاعتها غصّة , والبَعضُ ينتَظِرُ لإصْلاحِ نَفْسِه , لَيَسْمَعَ مُحاضرَة دينيّة توعوِيَّة , تُمهِّد لهُ طريق التوْبَة , وتمكّنهُ من تخطّي كُلّ العثرات , و البَعْض يَنتَظِرُ لِينهَل من فيضِ الحُسين عليهِ السَّلام , ويرغَب في علمِه , واقتِفَاء أثَرِه !
البَعض الآخر يجِد في البُكاء على الحُسين لذّة وطريق نحوَ الصوَاب , ونحوَ عوالِم السمَاء , فنَجِدُهُ مِنَ المُتابعِين للمآتِم , المُتواجِدِينَ دائِمَاً , المُنتَظِرِين والمتُرقّبِين للأيّام الأولَىَ من شهرِ مُحرَّم !
وآخرُونَ لاهُون !!!!!
فمُحرَّم يختَلِف من فردٍ لآخر , من فكرٍ لآخر , من عقل لآخَر , من قلبٍ لآخر , فنرَىَ بعضَ ضُعفَاء النُفُوس , في الكفَّة الأخرَىَ , ينتَظِرُونَ مُحرّم لتتسنّىَ لهُم الفُرصَة لإشْبِاع لذّة النَظَر إلىَ الجِنسِ الآخر , والتظَاهُر بخِدْمَةِ الحُسِين فِي حِين أنّ الحقِيقَة والوَاقِع هُم يهْدِمُونَ هذِهِ الشعَائِر الحُسينِيّة , ويشُهوّهُونَ أهدافَهَا وحقِيقتهَا , فنرَاهُم يُضيعُون القيمة العُظمَىَ من الشهرِ العظيم , في الهرجِ والمَرج , وترى مواكِب الحُسين تَظْهَرُ , و يتزامَن ظُهُورُهَا وظهُور بعض الشبَاب الطائِش المُراهِق , والفتَيَات المُتبرِّجَات تنْظُرْنَ إلَىَ مواكِبِ العزاءِ للتفَرُّجِ دُونَ فائِدَةٍ تُذْكَر , فلا الحُزنُ بادٍ على الوجُوه , ولا العيُونُ بَاكِيَات !
فقَط السُخرية والهزَل هُوَ همّهُم الأوَل , فيالهُ من زمنٍ يُعرضِ النَاسُ فيهِ عنِ الحقّ , ويتجّهِونَ نحوَ اللهو , ويُستخدَمُ الحقُّ فيهِ للباطِل , هُوَ الأمرُ كذلِك , فهُم يدّعُون خدمَة الحُسين من أجلِ تحقيق أهدافهم الرخِيصَة , والكثِير ممّا سَمِعنَاهُ وشهِدنَاهُ بِمرَأى أعيننا في الأعوام السابِقَة , لهُوَ حقّاً يُدْمِي العَين , وإثبَات الشيء لا يَنفِي ما عدَاه !!
إنّ انطِلاقَة الحُسِين رُوحِي لَهُ الفِدَاء ما كَانت لمُمارسَة البُكاء وبعضِ الشعَائِر في فترة زمنِيّة مُحدّدَة , ومعصية الربّ في فترة أخرَىَ , بَل انطلَقَت لتكُون ثورة خالِدَة بكُلّ تفاصِيلِهَا في أعماقِ كُلّ إنسان رسالِي , وإنّما هذِهِ العشرة تكُون أشبَه بجرسٍ يدُقُ لِيُذكّرَ الإنسَان بما قدّمَهُ الحُسين عليهِ السّلام من تضحِيَات من أجلِ إقَامَةِ الصلاة وترسِيخ الدِين في أعماقِ كُلّ فَرد !
إنّه , لمِنَ المُخجِلِ الإعترَاف بِأنّ فئة من شبابِ اليُوم لا يُصلِّي وإنَّما يعتَبِر المآتِم الحُسينِيّة والمواكب والتطبير طقُوس تُمارس لفترة , وعادَات رُسِّخَت منذُ زمَنٍ بعِيد , ويقُوم بِهَا على أسَاس أنها صَارت عادَات , وذلِكَ بسبَب العقِيدَة السَطْحِيَة ..!
ومِنَ المُحزِنِ حقّاً , أن نرىَ المآتِم تصدَحُ بِصَوْتِ الحقّ وتُبيّن دور السيّدَة زَينب عقِيلَةُ الطالبِين , في كَرْبَلاء , وكَيْفَ لحِجَابِهَا وصلاتِهَا وثقافَتِهَا وأدَبِهَا وأسلُوبِهَا في الخِطَابَة وقُوّتِهَا وتمكّنِهَا , دور عمِيق في واقِعَة الطَفّ الأليمَة , وحتّى تلكَ التفَاصِيل , كصلاتِهَا في ليلَةِ الوحشَة / ليلة الحادِي عشر لِمَا لهذا المَشْهَد مِنَ الأثَر العَمِيق في النُفُوس !
ونرى بعض شاباتنا اليُوم , وقَد أعمَتْهُم الرَغبَة , وصُمّت آذَانُهُم عن سمَاعِ الحقّ والصواب , يرتدُون العباءَات الضَيِّقَة الّتِي تكشِفُ ولا تستُر , ويتزَيَّنّ بالحُلِيّ والحُلَل , ويُبالِغنَ في التطَيّبِ والتعطّر , بِمَا يجرَح مشَاعِر الكَثِير مِنَّا فمَا بَالُنَا بفَاطِمَة الزَهْرَاء عليهَا السَّلام وهِيَ ترَىَ وُفَّادَ مآتِمِ ابنِهَا بِهذا الحَالِ , بَل وكَيْفَ ينْظُرُ الموعُودُ مِن آلِ محمَّد لِهذا الحالِ ..!
البَعض مِنْهُم لا يَدْرِي كمِ السَاعَةُ ولا وَقت الأذَان , ولا كَيْفِيَّة الصَلاة , ولا يَعرِفُ إلاّ المجلات الرخِيصَة الّتِي لا تُغنِي ولا تُسمِنُ من جوع , لا قُدرَةَ لهُم على الكِتَابَة , ولا طاقةَ لهُم على المواجهَة, ولا يجِدنَ أيّ فنٍ للخِطَابَة !
فكَيْفَ ندّعِي أنّنَا نُلبّي النِدَاء , وكَيْفَ نصرُخُ بـِ "لبيكَ يا حُسين " , ونحنُ لا نقتدِي بِمن هُم أهلٌ للإقتِدَاء , بِمَن قال لها الحُسين روحي لهُ الفِدَاء , " أخيّة زينب اذكُريني في صلاة اللّيل" , لِمَ ندّعِي معرِفَتَهُم وقُربَهُم , ونحنُ بعِيدُونَ كُلّ البُعدِ عنهُم , لا نتخلَّقُ بأخلاقِهِم , ولا نتصّفُ بصفَاتِهِم , لِمَ ؟!
ألا يجدُرُ بِنَا أن نتوقّفَ لِلحظَة , نتأمّل تصرُفَاتنَا , ونُعاتِبَ هذِهِ النَفْس , ونلُومُهَا , على كُلّ الذنُوب الّتِي اقترفتهَا .. !
ألا يجدُرُ بِنَا أن نتوقَفَ لِلحظَة , لِنرَىَ كَم أجْحَفْنَا في حقِّ مِن قدَّمَ كُلّ ما يَملِك لِيُصلِحَ في أمَّةِ جَدِّه ويأمُرَ بالمَعرُوف وينهَىَ عنِ المُنكَر !
ألا يجدُرُ بِنَا أن نتوقَفَ للحظَة , لِنرَىَ كم أجحَفْنَا في حقِّ أنفُسِنَا , بإلبَاسِهَا ثوبَ الذنب , ومعصية الرب , والتقصِير في من أعطَىَ , وبذَل مُهجتَهُ !
ألا يجدُرُ بِنَا , أن نُعِيدَ التفكِير مليَّاً !!
إنّهُ المُحرّم , وإنّهَا عاشُورَاء .. لـِ نُفِيقَ من غفلَتِنَا , لـِ نُطفِئ غضَب الربّ بالدمُوع بِالبُكاءِ على الحُسين , لـِ نَتُب إليه , ولـ نكُن مِنَ خُدَّامِ مُحمَّدٍ وآلِ مُحمَّد , والنَّاصِرِينَ لهُم , وبِذَلِك نُلبِّي نِدَاء الحُسين , حيثُ يقُول " أما من ناصِرٍ ينصُرُنَا .. " , فلنَنصُر الحقّ بكُلّ ما أوتِينَا من قُوّة.. والسّلام
|