للسياحة فوائد قد يعجز الإنسان عن إدراكها جميعاً، أو تعدادها على سبيل الحصر. وما ندركه اليوم قد يستدركه غيرنا غداً، لتبقى سنة التطور والتطوير، والجدد ضاربة عبر التاريخ والأجيال إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها..
- فمن هذه الفوائد التعرف على آيات الله في خلقه.. في أجناس الناس وألوانهم وألسنتهم.. في عاداتهم وتقاليدهم، في أفكارهم وثقافاتهم، وفي طباعهم وأمزجتهم، في ميولهم وهواياتهم.. فيزدادوا إجلالاً لله وتعظيماً لقدرته، وإقراراً بعظمته، وإقبالاً على طاعته، ورجاء بعفوه ومغفرته.
(ومن ءاياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إنَّ في ذلك لأياتٍ للعالمين) سورة الروم : الآية 22
- ومن فوائد السياحة التعرف على آيات خلق الله في الأرض واخنلاف تكوينها وتضاريسها ومناخاتها ومعادنها وكنوزها وأنهارها وبحارخا وثرواتها، وفوارق ليلها ونهارها، وحرها وبردها:
- ومن فوائد السياحو والسفر التعرف على ما لدى اللآخرين من علوم وفنون ومستجدات ومبتكرات وأساليب. والحكمة كما يقول رسول الله صلى الله عليه و آآله وسلم: ((الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها)). فالحياة مدرسة تتسع وتضيق بقدر اتساع أو ضيق دائرة تعرف الإنسان عليها زماناً ومكاناً وظرفاً.. فالإنسان ابن محيطه. فمن كان حبيس بيته كان ابن بيته، ومن كان حبيس قريته أو مدينته أو بلده كان ابن هذه الدائرة. أما من ارتحل في أرض الله الواسعة، يلتمس العبر، ويقلب الفكر، ويستطلع الأحوال والثقافات والمعارف والأعراف والتقاليد والتجارب.. فإنه لا شك سيكون أوسع نظراً، وأعمق تصوراً، وأكثر خيراً، وأعظم أثراً، حيث يكون ابن عصره.
- اقتباس العلوم والمعارف واتساع المدارك: ومن فوائد السياحة الاطلاع على ما لدى الآخرين من علوم وثقافات وحضارات وخبرات وتجارب ومهارات وعادات وتقاليد.. والأخذ بالمفيد منها، والمفعل للدور، والمطور للمشروع، والمقوي للأداء..
والملاحظ أن الذين لا يخرجون من دائرة بيئتهم، ومناطق ولادتهم وسكنهم يظلن أضيق أفقاً، وأقل معرفة وإدراكاً، وأبطأ تصوراً، وأقل عطاء من أولئك الذين يتجولون في أرض الله الواسعة، ويتنقلون بين البلاد والشعوب.
والإسلاميون بشكل خاص مطالبون بالسياحة لمعرفة زمانهم وما فيه من قوى وحضارات ومخترعات وتحديات وخصائص، للتعلم والتعليم، والأخذ والعطاء، والاحتكاك بالغير وإفادته والاستفادة منه في ضوء القاعدة النبوية (( الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها)).
- ومن الفوائد الجليلة للسياحة الدعوة إلى الإسلام و التعرف على مذهب أهل البيت عليهم السلام
سواءً لأهل البلاد أو للجالية الإسلامية الموجودة هناك. واليوم بات الأمر سهلاً وميسوراً لوجود المساجد والمراكز والمنتديات الإسلامية على امتداد العالم. فالدعوة إلى الإسلام في البلاد المختلفة لها فوئد كثيرة ومنافع جمة للداعية وللناس.
فبالنسبة لهؤلاء فإن أثر القادمين عليهم من بعيد أكبرمن أثر المقيمين بينهم, ثم هم بحاجة إلى من يستفتونه من مشاكل غربتهم وحياتهم الجديدة. راجع فقه الاغتراب من كتابنا نحو صحوة إسلامية على مستوى العصر.
.
إن السياحة يمكن أن تكون باباً واسعاً من أبواب التثمير, وإقامة المشاريع الصناعية والتجارية والاقتصادية, وتبادل السلع من خلال عملية التصدير والاستيراد.
والمشروع الإسلامي من خلال تكامله يحتاج إلى إلى القوة الاقتصادية, وبخاصة في عصر بات القرار السياسي مبيناً على الاعتبار الاقتصادي.
ولا أدل على ذلك مما وصل إليه اليهود من هيمنة على اقتصاد العالم وقطاعاته السياحية والمصرفية والصناعية والزراعية وغيرها..
ولقد أدرك الأولون من سلفنا أهمية هذا الأمر فشكلوا القوافل التجارية, وجلبوا أقطار الأرض, يمارسون تجارة الدنيا والدين.. وكانوا يتنقلون على الحمر والبغال والجمال.. فيقصدون البلد تلو الآخر ولم تكن لديهم طائرات ولا سيارات وقطارات أو أي من وسائل النقل الحديثة..
- ومن فوائد السياحة الترويح عن النفس, والخروج من أسر الروتين المضني للجسم الممل للنفس عملاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"روحوا عن القلوب ساعة بعد ساعة فإن القلوب إذا كلت عميت".
فالسياحة تجد النشاط, وتبعث الحيوية, وتشحذ الإرادة, وتصقل النفس, فيعود الإنسان إلى بلده وكأنه خلق من جديد, وخلقت معه طاقات لم يكن ليشعر بها, وفتحت أمامه آفاق لم يكن ليراها.
تحياتي
نرجس