قبيلته
ينتمي إلى قبيلة عبد القيس من ربيعة التي قدمت إلى البحرين في الجاهلية أخو الأمير زيذ بن صوحان
مولده
ولد صعصعة بن صوحان في دارين في القطيف سنة 24 قبل الهجرة الشريفة .
نسبه
هو صعصعة بن صوحان بن الحارث بن الهجرس بن صبرة بن حدرجان بن عساس بن ليث بن حداد بن ظالم بن دحل بن عجل بن عمرو بن وديعة بن لكيز بن أقصي بن عبد القيس العبدي بن دعمي بن جديعة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان.
وآل صوحان من أسرة تنتمي إلى قبيلة ( عبد القيس ) من ( ربيعة ) التي عرفت بولائها الخالص لأمير المؤمنين (ع)، أما رأس هذه الأسرة ( صوحان ) والد الصحابي الجليل صعصعة كان سيدا مطاعا في قومه ، و رئيسا نافذ القول فيهم كما قالت عنه عائشة أم المؤمنين ( رض ) أنه كان رأسا في الجاهلية و سيدا في الإسلام .
و لصعصعة إخوان كرام وهم: زيد (هو نفسه الأمير زيد بن صوحان الذي بقع ضريحه في قرية المالكية في البحرين) و سيحان وقيل هو نفسه عبد الله ، أما زيد فكان من الأبدال وقد أستشهد مع أمير المؤمنين ( ع ) في موقعة الجمل عام (36 هجرية) وأستشهد معه أخوه سيحان ( رض ) في نفس الواقعة مدافعين بذلك عن الإسلام و تحت لواء علي (ع)، وقد وصف (عقيل بن أبي طالب) زيد و أخيه فقال فيهم: " و أما زيد و عبد الله فانهما نهران جاريان، يصب فيهما الخلجان، و يغاث بهما اللهفان ، رجلا جد لا لعب معه … … " .
كما سأل ابن عباس صعصعة في وصف أخوته فقال: (كان عبد الله سيدا شجاعا، مألفا مطاعا، خيره وساع، وشره دفاع، قلبى النحيزه، أحوزى الغريزة، لا ينههه منهنه عما أراده، ولا يركب من الأمر إلا عتاده).
أما زيد فقال فيه: (كان والله يا ابن عباس عظيم المروءة، شريف الأخوة، جليل الخطر، بعيد الأثر، كميش العروة، أليف البدوة ، سليم جوانح الصدر، قليل وساوس الدهر، ذاكر الله طرفي النهار وزلفا من الليل).
فصاحته ورواية الحديث الشريف
عرف عن صعصعة أنه كان خطيبا فصيحا مصداقا لقول ابن عباس له " أنك لسليل أقوام كرام خطباء فصحاء ماورثت هذا عن كلالة " كما شهد بذلك معاوية عند و صفه آل صوحان فقال : " بأنهم مخاريق الكلام ".
لقد أسلم صعصة في عهد الرسول ( ص ) ولم يره، فكان يروي الحديث عن عثمان وعلي ( ع ) وروى عن أبو إسحاق السبيعي، والمنهال بن عمرو، وعبد الله بن بريدة وغيرهم الكثير. فكان أيضا صعصعة بن صوحان ثقة معروف و ثقة ابن سعد والنسائي .
ولاؤه الخالص لأمير المؤمنين ( ع )
جاء عن الإمام الصادق ( ع ) أنه قال ( وما كان مع أمير المؤمنين (ع) من يعرف حقه إلا صعصعة وأصحابه).
فقد شهد مع الإمام علي (ع) مواقعه كلها، فقد جرح في الجمل، وكانت له مناورات مشهورة بأحقية أمير المؤمنين (ع) قال (رض): في الإمام علي (ع) " كان فينا كأحدنا، لين الجانب، وشدة تواضع، وسهولة قياد، وكنا نهابه مهابة الأسير المربوط للسياف الواقف فوق رأسه " .
وقف (رض) يوم بيعة الإمام علي (ع) يخاطبه " يا أمير المؤمنين لقد زنت الخلافة وما زانتك و رفعتها وما رفعتك، وهي إليك أحوج منك إليها".
كما ذكر أبو الفرج الاصبهاني (إن صعصعة بن صوحان أستأذن على علي (ع) وقد أتاه عائدا لما ضربه أبن ملجم، فلم يكن عليه إذن ، فقال صعصعة للآذن: قل له يرحمك الله يا أمير المؤمنين حيا و ميتا ، فقد كان الله في صدرك عظيما، ولقد كنت بذات الله عليما. فأبلغه الآذن ذلك فقال: وأنت يرحمك الله فقد كنت خفيف المؤونة ، كثير المعونة.
رثائه للأمام علي ( ع )
لقد عرف عن صعصعة بحسن بلاغة و شعره و خطابة فكان أبن عباس حبر الأمة إذا ما أراد أن يستمع إلى البلاغة و الحكم وسداد الرأي وما عفا من أخبار العرب يجالس صعصعة و يسائله و يرتوي من فيض نبعه، كما أختاره وفد المصريين لرئاسة جماعة منهم عند دخولهم على الخليفة عثمان لطلب الإصلاح، ولصعصعة شعر جميل يرثي به الإمام علي ( ع ) فيقول :
هل خبر القبر سائليه أم قر عينا بزائريه
أم هل تراه أحاط علما بالجسد المستكين فيه
لو علم القبر من يواري تاه على كل من يليه
ياموت ماذا أردت مني حققت ما كنت أتقيه
ياموت لو تقبل افتداء لكنت بالروح افتديه
دهر رماني بفقد ألفي أذم دهري واشتكيه
وله في هجو معاوية فيقول :
تمنيك نفسك مالا يكون جهلا معاوية لا تأثم
وله في عتاب المنذر بن الجارود فيقول :
هلا سألت بني الجارود أي فتى عند الشفاعة و البان ابن صوحانا
كنا وكانوا كأم أرضعت ولدا عق ولم نجز بالاحسان إحسانا
لا تأمنن على سوء فتى دهرا يجزي المودة من ذي الود كفرانا
مع ولاة عصره
عاش صعصعة فترة عظيمة من فترات التاريخ البشري وعاصر أناسا عظام نقشوا في ذاكرة التاريخ بخطوط عريضة زاهية لا تنمحي، فقد عايش جزءا من حياة الرسول الأعظم ( ص ) وتربى في ظل دولته الكريمة وعاصر حياة الخلفاء الراشدين وعايش الأحداث المهمة والمؤلمة منها والمفرحة - البيعة - الردة - الفتوحات الإسلامية وانحدار المسلمين التدريجي من المجد الإيماني إلى بناء المجد الشخصي، ليرى صعصعة نفسه وجها لوجه يصطدم مع سلاطين الإسلام الذين حولوا الخلافة إلى ملك وراثي ، ليروا أمامهم عقبة وهو صعصعة الذي جرعهم الغصة تلو الآخرى وغزاهم في عقر دارهم وفي مقر حكمهم بأشد الكلام وأقساه. فعملوا له الغدر و يبيتون له و يتحينون له من الفرص حتى قال عنه معاوية لاصحابه ( هكذا فلتكن الرجال ).
قالوا فيه
لقد شهد الجميع لصعصعة بالفضائل من محبيه و أعدائه و مما قيل فيه :-
سماه الإمام علي ( ع ):الخطيب الشحشح
وقال عنه عبد الله ابن عباس : انك لسليل أقوام كرام خطباء فصحاء
وقال فيه عقيل بن أبي طالب: صعصعة عظيم الشأن قليل النظير
وقال معاوية بن أبي سفيان: وددت والله أني من صلبه
وقال عنه عبد الملك بن مروان: انه احضر الناس جوابا
وقال عنه المغيرة بن شعبة: حسبك لعمري لقد أوتيت لسانا فصيحا
نفيه
(والله لأجفينك عن الوساد، وأشردن بك في البلاد) بهذا القول الذي صدر عن معاوية وهو يهدد صعصعة لعدم تحمل السلطات الأموية وجوده بين ظهرانيهم ، فكان شوكة في جنوب الباغين، وقذى في عيون الظالمين، فأمر واليه على الكوفة المغيرة بن شعبة بإبعاده عن الكوفة باعتبارها معقلا لتحركه الجماهيري المعارض، ونفيه إلى جزيرة (أوال)، وهي جزيرة البحرين الحالية، موطنه الأصلي ومضارب قبيلته عبد قيس ،معلنا بداية رحلة بلاء جديدة زاده التقوى وسلاحه الإيمان، وشعاره الإسلام، وهدفه الإصلاح، أنيسه الحق ورفيقه الصبر. و الرحلة تطول وما تزيد هذا الصحابي الجليل الا صلابة وإباء ، واستعداد للفداء والجسد معذب، والنفس مستبشرة ، البدن متعب ، والروح مطمئنة ، خلاصة الجهاد نصر أو شهادة . و أخيرا عاد السيف إلى قرابة، فان ( أوال ) كانت موطن أسلافه فلا غرور أن وطد فيها دعائم الولاء لآل البيت ( ع ) ، حتى استوى على سوقه، وآتى أكله يانعا بإذن ربه .
وفاته ومقامه
توفي الصحابي الجليل صعصعة بن صوحان ( رض ) في جزيرة أوال بعد نفيه إليها سنة 56 هجرية وهي أحد جز مملكة البحرين حاليا، وقيل سنة 60 هجرية وله من العمر سبعين سنة ، ودفن في قرية ( عسكر ) الواقعة جنوب جزيرة المنامة العاصمة في البحرين ، و يقع بها ضريح صعصعة و مسجده المسمى بأسمه على ساحل البحر و كانت تعلوه قبة ثم تهدمت ولم يعاد بنائها من جديد ، وبناء المسجد عامة قديم و هو مزار مشهور لدى عامة الناس و يأمه الزائرون من كل مكان في البحرين باختلاف طوائفهم في العطل وفي المناسبات . وفي جنوب قبر صعصعة قبرين أحدهما ( للشيخ محمدالجوي ) من صلحاء قرية جو ودفن هناك بوصية منه ، و الثاني لأحد الصلحاء ويدعى الحاج محمد بن درباس والقبرين موجودين في المسجد المحيط بقبر صعصعة و خارج المصلى يوجد أماكن لجلوس الزائرين لقضاء يومهم فيه.
كما يوجد لصعصعة مسجد مسمى بأسمه في الكوفة و أخر لأخيه زيد ولكن لا يحتويان على قبريهما ، و لمسجد صعصعة في الكوفة أعمال مذكورة في كتب الأدعية كما ذكروا أن له فضائل و كرامات يتناقلها الخلف عن السلف .
الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون ولا يحصى نعمائه العادون ولا يؤدي حقه المجتهدون
اللهم عجل لوليك الفرج
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
..
بارك ربي في نفسكِ العارفة لمقام هذا العابد الزاهد
صعصعة هو ذاك الرجل الذي قال عنه الإمام علي : «الخطيب الشحشح» هو ذاك الرجل الشجاع الذي شهد مع الإمام علي ، حروبه كلها «الجمل وصفين ونهروان». هو ذاك الرجل الذي كان رسول الإمام علي إلى أعدائه، هو ذاك الرجل الذي قال عنه الإمام الصادق : «ما كان مع أمير المؤمنين من يعرف حقه إلا صعصعة وأصحابه». هو ذاك الرجل الذي قال له الإمام علي : «وأنت يرحمك الله فلقد كنت خفيف المؤنة كثير المعونة». هو ذاك الرجل ابن سيد قومه صوحان العبدي الذي قالت عنه عائشه في رسالتها إلى زيد بن صوحان ـ أخ صعصعة ـ تطلب منه النصرة قالت: «أما بعد فإن أباك كان رأسًا في الجاهلية وسيدًا في الإسلام».
صعصعة هو ذاك الرجل الذي شهد الأعداء بمكانته وقوة خطابه، نعم فقد ذكر الأصفهاني قوله: «قال رجل لعبيد الله بن زياد بن ظبيان بما تحتج عند الله عز وجل من قتلك لمصعب؟ قال إن تركت أحتج رجوت أن أكون أخطب من صعصعة بن صوحان»[1] .