انتم تتحركون نحو العلمانية بينما اوربا تتحرك نحوالدين
يبدوان قدرنا التاريخي نحن المسلمون ان ندخل صراع تاريخي مع اوربا الغرب وقدرنا ان نحمل مشروعنا ويحمل الغرب مشروعا اخر للعالم ومنذوالقران التاسع عشرحتى اليوم زمن الانتكاسة الحضارية للمسلمين الذي هو نفس الوقت زمن الهيمنة الغرية على العالم الاسلامي ثقافيا واقتصاديا وعسكريا لم يتغيرهدف الغرب من المواجهة انة مشروع الاستحواذ على الثروة تحت شعارات الدعوة الى تبني ايديولوجيا الحداثة
وظهر أن التقدم العلمي والاقتصادي والطبي وثورةالاتصال - تحت راية الحداثة وما بعد الحداثة- لم تستطع تلبية الأشواق والحاجاتالنفسية الوجودية العميقة للكائن البشري، فتحول الدين من المؤسسات التقليدية إلىتدين المجموعات الصغيرة المتجسدة في الطوائف والنحل الجديدة الخارجة من رحم الكنائسالموجودة أو المركبة من خليط دولي من العقائد والأفكار والأساطير. ومع أن الصورةالإعلامية لهذه الجماعات مشوهة، إلا أنها ما تزال دائبة النشاط والحركة بدوافعدينية أحيانا ودوافع جيوسياسية أحيانا أخرى، تتداخل فيها المصالح الاستراتيجيةللدول القوية المهيمنة والصهيونية العالمية أيضا.
ان التركيز الإعلاميوالسياسي على التحولات الدينية العميقة التي يشهدها الغربيون بشكل جماعي وكثيف علىالصعيد النفسي والاجتماعي وحتى السياسي. في حين تتضخم المتابعات الإعلاميةوالدراسات الأكاديمية المنصفة وغير المنصفة، والمحاكمات والحروب الدولية لمكافحةالصحوة الإسلامية سواء بالمواجهة العسكرية أو السياسية أو الثقافية أو الإعلامية،بل برفع تهمة "معاداة السامية" كما هو واقع اليوم في أوروبا عامة، وفرنسا خاصة.
وظهور اكبر طائفة دينية تقود الرأي السياسي والرأي العامبالولايات المتحدة وتريد التحكم في العالم كله بما فيه العالم الإسلامي، ولو اقتضىذلك استخدام القوة، وهو ما شرعت فيه واشنطن في العراق حاليا، وفي أفغانستان من قبل،مما يهدد بقيام حرب دينية عالمية طاحنة.
وهم
لإنجيليون الأمريكيون
أسرع تيار ديني غربي نمواوقوة على الصعيد العالمي، ويقدر المراقبون عددهم بحوالي 500 مليون عضو موزعين علىمختلف القارات، يؤمنون بمعركة "هارماجيدون" المعركة النهائية الوشيكة بين قوى الخيروقوى الشر قوى الاخير التي تنطلق من جبل صهيون وقوى الشر التي تنطلق من بابل او كوفان. وكثير من رجال القرار السياسي والاقتصادي والثقافي بالولايات المتحدةيعتنقون هذه المعتقدات على رأسهم جورج بوش الاب والابن والجد وعدد منالوزراء وكتاب الدولة والموظفين الساميين. وعندما كانت واشنطن تعد العدة للغزوالعسكري للعراق، حاول جورج بوش إقناع الرئيس الفرنسي جاك شيراك بصواب القرارالأمريكي بمختلف الوسائل بما فيها الإقناع الديني. ولما أخبره بمعركة "ياجوجوماجوج" تساءل الرئيس الفرنسي عن هذا، ولم يفهم شيئا إلا بعد تفسيرات مستشار منمستشاريه، أخذها من الفيدرالية البروتستانتية الفرنسية. ومعركة باجوج وماجوج هيمعركة "هار ماجيدون" التي أشار إليها الإنجيل في سفر القيامة (سان جان) معتبرا أنهاستقع في فلسطين بعد قيام دولة "إسرائيل" ليعتنق اليهود بعدها المسيحية وتبدأالألفية السعيدة.
نمو الطائفة الإنجيلية في "الأرض الأمريكية الموعودة" يتجاوز الكنيسة الكاثوليكية والكنائس البروتستانية التاريخية: فقد كان عدد الأتباععام 1430 حوالي 40 مليونا ـ من بين 560 مليون مسيحي ـ ليصبحوا اليوم 500 مليون منبين 2 مليار مسيحي أي الربع. ويظن المراقبون أن العدد اليومي للمعتنقين الجدد يصلإلى 52000. ويعتقد هارفي كوكس، أستاذ الإلاهيات بجامعة هارفارد وصاحب كتاب "عودةالله"المشهور أن عددهم سوف يتضاعف في أفق 2050 ليصبحوا نصف المسيحيين في العالم، والدينالمهمين في القرن الواحد والعشرين. ىوالقرون الاحقة
أهم عقيدة عند هؤلاء ـ بالإضافة إلىهارماجيدون ـ هو الولادة المسيحية الجديدة بلقاء مباشر مع "المسيح" أو رسول المسيح،وذلك ما وقع لرئيس الولايات المتحدة جورج بوش في سن الأربعين عندما التقى ب"رسولالمسيح" القس بيلي غراهام. فقد زعم بوش أنه ولد مرة ثانية بعدما كان يشرب الخمركثيرا ويعيش دون هدف ويهدد حياته، وبعد ذلك استطاع أن يكون حاكما لولاية تيكساس ثمللبيت الأبيض بفضل العقيدة الجديدة معتبرا نفسه مختارا من الله للقيام بمهمة "جليلة" هي "تحرير العالم من قوى الشر". او الاسلام الشرير كما يزعم ويحظى بوش بدعم كبير من زعماء الطائفةالأقوياء، خاصة القس بات رويركسون مؤسس المنظمة القوية "التحالف المسيحي" والرئيسالسابق للقناة الإنجيلية الأمريكية، دومافيلي سانيل"، فقد قال هذا الأخير في منتصفيناير الأخير "إني سمعت الرب يقول لي إن انتخابات 2004 يتكون انفجارا". وأن "جورجبوش سيفوز بكل سهولة. ومهما تكن أفعاله، سيئة أو حسنة، سوف "يؤيده الرب لأنه رجلتقي والرب يباركه". وروبرتسون هذا هو صاحب منشور شهير تحت عنوان متداول في السياسةالخارجية الأمريكية" النظام العالمي الجديد"، وفيه قال الرجل "إن السلم العالمي لنيكون قبل إنشاء مملكة الرب وشعب الرب، وقبل أن يتحول هذان إلى زعماء للدنيا كلها".
ويسعى التيار الإنجيلي الذي يضم حوالي 70 مليونا من الأمريكيين (الربعتقريبا) إلى الانتشار في العالم كله، ويجد الطريق سهلة لذلك، ويتجذر في كل منأمريكا اللاتينية واليابان مرورا بإفريقيا وأوروبا وروسيا والهند والصين، بل يسعىإلى ترسيخ أقدامه عن طريق القوة العسكرية بالعالم الإسلامي انطلاقا من أرض العراقالمحتل. وحسب ما أوردته الأسبوعية الفرنسية "لونوفيل أوبسرفاتور" (26 فبراير 2004 ـ 3 مارس، ص 6 ـ 14) ضمن ملف ضخم حول الموضوع، فإن الطائفة موجودة بالمغرب العربي،ففي المغرب يوجد 150 مبشرا، وبالجزائر يركز مبشرون فرنسيون ومصريون سوأردنيون عملهمفي مناطق القبائل الأمازيغية، وتختص الجامعة الدولية "كولومبيا" بولاية كاروليناالجنوبية بتكوين مبشرين قادرين على "تصفية الإسلام" في عقر داره، ويشهد على ذلكمباركة كنيسة "البابتيست"للاحتلال الأمريكي للعراق، وضغطها على جيمي كارتر الرئيسالأمريكي الأسبق ليتخلى عن رئاسة الكنيسة بسبب موقفه المعارض ثم إرسالها لعدد منالمبشرين المستعدين للموت (والشهادة) بالعراق.
اذن لابد ان نعطي أهمية كبيرة جداً للمعركة على الوعي، أكثر -أحياناً- من اهتمامنا بالمصادمات العسكرية، ولهذا الابد ان نستثمرطاقاتنا ومواردنافي بناءوعي الامة وتجديد القيم الاسلامية فيها واعادة دراسة التاريخ وانتاجة من جديدان وجودنا في وسائل ومصادربناء الوعي الفكري
هوما يسبب إزعاجاً كبيراً للطرف الصهيوني ومن خلفة الاستكبار العالمي الجديد لأنه يكسر احتكاره التقليدي لرواية الصراع من طرفه فقط. وبكسر هذا الاحتكار فإن العالم ستكون لديه رواية أخرى مختلفة ومليئة بالمعرفة والمعلومات الدقيقة عما يجري في صراعه مع قوى المقاومة في المنطقة،الاسلامية ومن ثم ينكشف زيف الرواية الصهيونية الانجيلية الجديدة ، وتسقط مصداقيتها لدى الرأي العام العالمي الذي بدأ يستمع لوجهة النظر الأخرى.