انشغلت القوى المتنفذة في البرلمان بمناقشة خيار القائمة الانتخابية المغلقة والقائمة المفتوحة، وشغلت الناس بها، حتى تم تصويرها وكأنها اقرب الى الحل السحري الذي يحقق ما عجزت الحكومة عن تحقيقه في مجال تقديم الخدمات للمواطنين، وتأمين استقرار البلد وبنائه، وتوفير فرص العمل للعاطلين، وتحسين مفردات البطاقة التموينية، ومعالجة قضية المفصولين السياسيين، والاهتمام بالأرامل والثكالى، وتطوير التعليم وتوفير الطبابة المجانية وتطوير الأداء الحكومي.
من المؤكد ان حسم إقرار احد الخيارين لن يؤثر كثيرا على عزوف المواطن عن المشاركة في الانتخابات. فالأسباب التي أدت الى العزوف لم يكن بينها انحياز المواطنين الى القائمة المفتوحة او المغلقة، إنما كانت ناجمة عن احتجاج المواطنين على تردي الأداء الحكومي، ونقص الخدمات وتراجعها، وعدم الوفاء بالوعود الانتخابية التي قطعها الفائزون فرادى او قوائم معروفة! في حملاتهم الانتخابية.
ان تركيز النقاش على القائمة المفتوحة والمغلقة، هو محاولة بائسة لتضليل المواطن، وجره بعيدا عن معاناته الفعلية التي يئن من ثقل وطأتها عليه. فالمواطن اليوم واع الى حد كبير لمصالحه، فلا القائمة المفتوحة ولا المغلقة، ولا قضية كركوك، ولا العدد المفترض لأعضاء مجلس النواب القادم هي التي تشغل باله، بل ان ما يشغل بال المواطن هو الاختراقات الأمنية، والأنفلونزا الوبائية، والبطالة، وضعف القدرة الشرائية، وأزمة الخدمات وغيرها الكثير. وان الذي يعيش هذه المعاناة سرعان ما يكتشف اللعبة التي اختصرت الصراع وكأنه بين القائمة المفتوحة والمغلقة وليس بين المشروع الوطني والمشروع الطائفي.
تتجه الأمور، على ما يبدو، نحو خيار القائمة المفتوحة ليس لأنها تضمن حق الناخب في اختيار المرشح الأفضل له من القائمة التي ينتخبها وحسب، بل كون اغلب الكتل ترغب بالقائمة المفتوحة لأنها تسهل عليهم بقاء شيء من ائتلافاتهم لحد يوم الانتخابات، وتنقذهم من نقاش ترتيب الأسماء في القائمة الواحدة وتعفيهم من توزيع المقاعد.
ليس هناك من فرق بين القائمة المغلقة والقائمة المفتوحة اذا كانت القائمة طائفية في جوهرها. ولا يعني حق الاختيار شيئاً ان كان على الناخب ان ينتخب طائفيا دون آخر في إطار القائمة الواحدة!
لا ينتظر الناخب حسم الاختيار بين القائمة المفتوحة والقائمة المغلقة، لأنه لم يجدها حبل النجاة للتغلب على تردي الوضع الأمني والاختراقات النوعية، كما حدث في يومي الأربعاء والأحد الداميين. وكي لا يقع الناخب مرة أخرى في الفخ ذاته، عليه ان يختار بين من رهن نفسه للطائفية السياسية والمصالح الضيقة وجهد الى جعل الصراع يدور حول الكراسي والنفوذ والهيمنة وحسب. وبين من سعى من اجل المصالح العامة والعمل لبناء العراق الموحد والوقوف مع الناس والاستماع لهم وتبني مصالحهم والدفاع عنها.