اللهم صلي على محمد واله محمد
اللهم صلي على محمد واله محمد
اللهم صلي على محمد واله محمد
منهاج البراعة (شرح نهج البلاغة للميرزا الخوئيّ)
الميرزا حبيب الله الخوئيّ:
اسمه الكامل: الميرزا حبيب الله بن السّيّد محمّد أمين الرّعايا بن السّيّد هاشم بن السّيّد عبدالحسين. ولد في مدينة خُوْي سنة (1268هـ) أو (1261هـ) (1).
توجّه إلى النجف الأشرف سنة (1286هـ) وهو ابن خمس وعشرين سنة مع ابن عمّه السّيّد محمّد حسين الهاشميّ الموسويّ، فمكث يطلب العلم فيها ردحاً من الزّمن.
ذكره الشّيخ آغا بزرگ في «نقباء البشر» بأنّه كان من تلاميذ الميرزا حبيب الله الرّشتيّ، والميرزا الشّيرازيّ (2). وبعد سنين أمضاها بالنّجف الأشرف عاد إلى خُوي، وألّف فيها بعض مصنّفاته.
كانت وفاته بطهران في شهر صفر سنة (1324هـ)، فدُفن في مرقد السّيّد عبدالعظيم الحسَنيّ في مدينة الرّيّ (3).
* * *
مصنّفاته:
للميرزا حبيب الله الخوئيّ عدد من المصنّفات، منها:
1 ـ شرح العوامل في النّحو. صنّفه في خُوي سنة (1283هـ) قبل سفره إلى النّجف.
2 ـ تقريرات درس العلاّمة السّيّد حسين الحسينيّ الكوهكمريّ، أئمّة عام (1289هـ).
3 ـ عدد من الرّسائل في الفقه والأُصول، بلا عنوان ولا تاريخ.
4 ـ تحفة الصّائمين في شرح الأدعية الثّلاثين (أي أدعية أيّام شهر رمضان) صنّفه سنة
(1291هـ) في الأيّام الأولى لرجوعه من النّجف.
5 ـ رسالة في الرّدّ على الصّوفيّة، صنّفه في خُوي سنة (1321هـ). وذكر هذه الرّسالة كلّها في الجزء السّادس من شرحه على نهج البلاغة.
6 ـ منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، وهو ما نستعرضه في السّطور الآتية.
* * *
منهاج البراعة:
وهو شرح مفصّل للنّهج، صفنّفه العلاّمة الميرزا الخوئيّ في سبعة أجزاء. وبلغ بشرحه حتّى الخطبة (218) مع شرح لقسم منها. طُبع هذا الشّرح على الحجر لأوّل مرّة في تبريز سنة
(1328هـ)، والطّبعة الأخرى له كانت بين سنة (1351) و (1356هـ)، ثمّ طُبع في قمّ بين سنة (1377) و (1380هـ). وصدر فيها في أربعة عشر جزءاً من القطع الوزيريّ سنة
(1386هـ) أيضاً. وآخر طبعة له هي طبعة المكتبة الإسلاميّة في طهران.
ولمّا لم يمهله الأجل فيتمّ شرحه، قام سماحة آية الله حسن زاده الآملي بهذه المهمّة بعد سنين، فأنجز خمسة أجزاء منه اعتباراً من الجزء الخامس عشر إلى الجزء التّاسع عشر. ثمّ قام الباحث المعاصر محمّد باقر الكمريّ بإتمامه عبر الجزء العشرين والحادي والعشرين.
يقول آية الله حسن زاده الآملي في مقدمته الوجيزة على هذا القسم: «ولكن لمّا بلغ رحمه الله إلى الخطبة المائتين والتّاسعة والعشرين انقطع مهله وانقضى أجله وقضى نحبه وجفّ قلمه، فبقي هذا الأثر القويم أبتر، فعزمتُ متوكّلاً على الله المتعال ومستعيناً به لإتمامه على النّهج المذكور؛ لكي يكون تكملةً له وتماماً، فكتابناهذا تكملة منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة» (4).
وبلغ به حتّى الكتاب الثّلاثين، ثمّ تركه سنة (1389هـ)، فواصله الكمريّ وأكمله بجزءين سمّاهما «تكملة منهاج البراعة»، بادئاً بالكتاب الحادي والثلاثين وخاتماً بالحكمة السادسة والخمسين بعد الأربعمائة، أي آخر نهج البلاغة، وقد تمّ هذا القسم من الشّرح عام (1388هـ)، على نفس المنوال الّذي بدأ به الشارح.
* * *
أُسلوب المؤلّف في الشّرح:
يبدأ المؤلّف كتابه بحمد الله تعالى، ثمّ يذكر في مقدّمته الشّروح السّابقة لنهج البلاغة، وهي:
1 ـ شرح القطب الرّاونديّ. ويصرّح هنا بأنّه لم يعثر عليه، بل اطّلع على أقسام منقولة منه في شرح ابن أبي الحديد.
2 ـ شرح ابن أبي الحديد. وهو من منظار المؤلّف ـ مع عظمته ـ «جسد بلا روح» وصاحبه أدّى فيه ما يقع على عاتق المؤرّخين والأدباء، ولم يضطلع برسالته الحقيقيّة في شرح النهج، بل أقحم فيه تأويلات بعيدة بسبب ما كان يدين به من اعتقاد.
3 ـ شرح ابن ميثم البحرانيّ. وهو عنده أحسن الشّروح، خالٍ من الحشد والزوائد، لكنّه سلك فيه مسلك أهل المعقول، وفاته فوائد المنقول، وحيث اقتضى الحال اعتمد على رواية عاميّة ليس لها اعتبار.
ويستنتج المؤلّف بهذه المقدّمة قائلاً: «فحيث لم يكن له شرح يليق به، عزمتُ... على تهذيب شرح يذلّل صِعابه للطّالبين، ويرفع حجابه للرّاغبين».
ثمّ يعدّد سبع مزايا لكتابه، وهي:
1 ـ جعل لكلّ خطبة رقماً خاصّاً؛ ليسهل على القرّاء الرّجوع إلى ما وضعه إذا كانت في موضع آخر من الكتاب جملة أخرى مناسبة أو موافقة في المعنى أو شرح لإجمال خطبة مضت، أو كانت هناك ضرورة للإشارة إلى خطبة أو كتاب أو حكمة سابقة.
2 ـ قسّم الخطب أقساماً، وجعل كلّ قسم تحت عنوان «فصل»، ومِلاك عمله في هذا التّقسيم وحدة المعنى والمقصود، وأنجز شرح كلّ قسم على حِدة.
3 ـ ميّز في شرح كلّ فصل بين اللغة، والمعنى، والإعراب، والشّرح، والتّرجمة. وذكر تحت عنوان اللغة المادّة اللغويّة، وحثيما كان ضروريّاً ذكر صيغة اللفظة أيضاً. وأشار في قسم الإعراب إلى نقاط نحويّة ولطائف أدبيّة وبلاغيّة، واستند أو استشهد في قسم المعنى بالآيات، والرّوايات، والأخبار والآثار الّتي تبدو مناسبة.
4 ـ الشّرح الّذي أعدّه للنّهج مزيج بالمتن. وفي الطّبعة الوزيريّة لهذا الكتاب وُضعت الكلمة أو الكلمات المأخوذة من نصّ النّهج بين قوسين.
5 ـ أنّى وجد زلّة في شرح ابن أبي الحديد نبّه عليها في نفس القسم، وذيل الخطبة المعهودة، وكشف عنها.
6 ـ كلّ كلام أشار فيه الإمام عليه السّلام إلى ملحمة أو واقعة أو حادثة، أورد الشّارح بيانها مراعياً الإيجاز، وذكر السّند.
7 ـ لمّا كان الشّريف الرّضيّ قد حذف الأسناد من النّهج، وأحياناً اختار فقرةً من نصّ الخطبة، فإنّ المؤلّف تلافى ذلك فذكر سلسلة سند الخطبة. وإذا كانت الخطبة ناقصة فإنّه أكملها وسدّ ثلمتها حيثما ظفر به في كتاب معتبر كـ«الكافي»، و «من لا يحضره الفقيه»، و«التوحيد» للصّدوق، و«الإرشاد» للمفيد، و«بحار الأنوار»، و«وسائل الشّيعة»، وغيرها من الكتب.
وذكر في كثير من المواضع نصّ النّهج بسندٍ وطريق غير سند الشّريف الرّضيّ وطريقه.
ومع هذا كلّه يصرّح بعد إيراد هذه الخصائص بتواضعٍ أنّه ليس «ممّن يُعدّ في عداد من يؤسّس هذا البنيان، أو يقدر على السّباق في ذلك الميدان».
وثمّة خصائص أخرى في منهاج البراعة لم يُشر إليها المؤلّف، هي:
ومع هذا كلّه يصرّح بعد إيراد هذه الخصائص بتواضعٍ أنّه ليس «ممّن يُعدّ في عداد من يؤسّس هذا البنيان، أو يقدر على السّباق في ذلك الميدان».
وثمّة خصائص أخرى في منهاج البراعة لم يُشر إليها المؤلّف، هي:
8 ـ إنّ ما يبدو على هذا الشّرح أكثر من غيره، وتتجلى فيه قابليّة المؤلّف، هو مباحثه الكلاميّة المطعَّمة ببحوث عقليّة ونقليّة.
9 ـ يعرض المؤلّف في بداية الكتاب بعد مقدّمة موجزة حول تأليفه وخصائصه مباحثَ تمهيديّة في المجالات الآتية:
ـ اللفظ وتقسيماته.
ـ أقسام الدلالات.
ـ الحقيقة والمجاز وأنواعهما.
ـ الاشتراك.
ـ التّشبيه، الاستعارة، الكناية وأقسام كلٍّ منها وأركانه.
ـ المحسّنات اللفظيّة والمعنويّة.
ـ عليّ عليه السّلام وأسماؤه وألقابه وخصائصه.
ـ الشّريف الرّضيّ ونسبه.
ـ ما قيل في مدح نهج البلاغة.
10 ـ نقل المؤلّف في آخر كلّ فقرة من الشّرح ترجمتها الفارسيّة تحت عنوان «فصل». وهذه الترجمة حرفيّة (5).
ومن الحريّ بالذّكر أنّ الترجمة في «تكملة منهاج البراعة» للآمليّ، والكمريّ ليست حرفيّة، وقد انتهجت سبيل الكمال نوعاً ما.
ولم يُنقل هذا الشّرح إلى اللغة الفارسيّة لحدّ الآن على ما نعلم.
نسألكم الدعاء