الأخ السائل المفروض تذكر سند روايتك التي استند عليها سؤالك لأنه ينبز الوهابية ايران بالمجوسية ظنا ان الحق يمكن ان يستره الغربال هل تعلم يا اخي القاريء بأن ايران كانت جوسية ثم سنية ثم تحولت بفضل الله الى دولة شيعية ، قبل اربعة قرون فقط والسبب نفسه هو الذي حوّل كثيرمن السنة الى التشيع في هذا الزمان وهذه قصة تحوّل ايران الى التشيع في قصة عجيبة اترككم معها :
ذكر العلاّمة المجلسي الأوّل(رحمه الله) أنّ السلطان محمد غضب على امرأته فقال لها: أنت طالق ثلاثاً. ثمّ ندم وجمع العلماء فقالوا: لابدّ من المحلّل.
فقال عندكم في كلّ مسألة أقاويل مختلفة، أفليس لكم هنا إختلاف؟ فقالوا: لا. فقال أحد وزرائه: إنّ عالماً بالحلّة هو يقول ببطلان هذا الطلاق. فبعث كتابة إلى العلاّمة وأحضره. ولمّا بعث إليه قال علماء العامّة: إنّ له مذهباً باطلا، ولا عقل للروافض، ولا يليق بالملك أن يبعث إلى طلب رجل خفيف العقل.
قال الملك: حتى يحضر. فلمّا حضر العلاّمة بعث الملك إلى جميع علماء المذاهب الأربعة وجمعهم، فلمّا دخل العلاّمة أخذ نعليه بيده، ودخل المجلس وقال: السلام عليكم. وجلس عند الملك.
فقالوا للملك: ألم نقل لك أنـّهم ضعفاء العقول؟
قال الملك: اسألوا منه في كلّ ما فعل.
فقالوا له: لم ما سجدت للملك وتركت الآداب؟
فقال: إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) كان ملكاً وكان يسلّم عليه، وقال الله ) فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللّهِ مُبارَكَةً(([5]) ولا خلاف بيننا وبينكم أنـّه لا يجوز السجود لغير الله.
قالوا له: لم جلست عند الملك؟
قال: لم يكن مكان غيره. وكلّما يقوله العلاّمة بالعربي كان يترجم للملك.
قالوا: لأيّ شيء أخذت نعلك معك؟ وهذا ممّا لا يليق بعاقل، بل إنسان.
قال: خفت أن يسرقه الحنفيّة كما سرق أبو حنيفة نعل رسول الله(صلى الله عليه وآله).
فصاحت الحنفيّة: حاشا وكلاّ. متى كان أبو حنيفة في زمن رسول الله، بل كان تولّده بعد المأة من وفاة رسول الله.
فقال: نسيت لعلّه كان السارق الشافعي.
فصاحت الشافعيّة وقالوا: كان تولّد الشافعي في يوم وفاة أبي حنيفة، وكان أربع سنين في بطن أمـّه، ولا يخرج رعاية لحرمة أبي حنيفة، فلمّا مات خرج، وكان نشوه في المأتين من وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله).
فقال: لعلّه كان مالك. فقالت المالكيّة بمثل ماقالته الحنفيّة. فقال: فلعلّه كان أحمد بن حنبل، فقالوا بمثل ما قالته الشافعيّة.
فتوجّه العلاّمة إلى الملك، فقال: أيّها الملك علمت أنّ رؤساء المذاهب الأربعة لم يكن أحدهم في زمان رسول الله(صلى الله عليه وآله) ولا في زمان الصحابة، فهذا أحد بدعهم، إنـّهم اختاروا مِن مجتهديهم هذه الأربعة، ولو كان منهم أفضل منهم بمراتب لا يجوّزون أن يجتهد بخلاف ما أفتاه واحد منهم.
ـ فقال الملك: ما كان واحد منهم في زمان رسول الله(صلى الله عليه وآله) والصحابة؟ فقال الجميع: لا.
فقال العلاّمة: ونحن معاشر الشيعة تابعون لأمير المؤمنين(عليه السلام) نفس رسول الله(صلى الله عليه وآله)([6]) وأخيه وابن عمّه ووصيّه([7])، وعلى أيّ حال فالطلاق الذي أوقعه الملك باطل، لأنـّه لم يتحقّق شروطه، ومنها العدلان، فهل قال الملك بمحضرهما؟ قال: لا.
وشرع في البحث مع علماء العامّة حتّى ألزمهم جميعاً، فتشيّع الملك وبعث إلى البلاد والأقاليم حتّى يخطبوا للأئمـّة الإثنى عشر في الخطبة، ويكتبوا أساميهم: في المساجد، والمعابد([8]). قال العلاّمة المحقّق الجليل السيّد جعفر بحر العلوم(رحمه الله): أمر السلطان محمد باحضار ائمـّة الشيعة، فطلبوا جمال الدين العلاّمة وولده فخر المحقّقين، وكان مع العلاّمة مِن تأليفاته كتاب (نهج الحقّ وكشف الصدق) وكتاب (منهاج الكرامة) فأهداهما إلى السلطان، وصار مورداً للمراحم السلطانيّة.
فأمر السلطان قاضي القضاة نظام الدين عبد الملك وهو أفضل علماء زمانهم أن يناظر مع آية الله العلاّمة، وهيّأ مجلساً عظيماً مشحوناً بالعلماء والفضلاء، فناظرهم وأثبت عليهم بالبراهين العقليّة والحجج النقليّة بطلان مذهبهم وحقيّة مذهب الإماميّة... وبهتوا كأنـّهم القموا حجراً، ثمّ أكّد ذلك بالكتاب المزبور([9])المزيل للارتياب، فعدل السلطان والأمراء والعساكر وجمّ غفير من العلماء والأكابر إلى التزام المذهب الحقّ. وزيّنوا الخطبة والسِكّة بأسماء الأئمـّة(عليهم السلام)([10])، وكان المناظرون الحاضرون في ذلك المجلس خلق كثير من علماء العامة، كالمولى قطب الدين الشيرازي، وعمر الكاتب القزويني، وأحمد بن محمد الكشي، والسيد ركن الدين الموصلي.
ولمّا انقضت المناظرة خطب العلاّمة خطبة بليغة مشتملة على ثناء الله، والصلوة على النبيّ وآله. فقال السيد ركن الدين: ما الدليل على جواز الصلوة على غير الأنبياء؟ فقرأ العلاّمة قوله تعالى: ) الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إنّا للهِِ وَإنّا إليهِ راجِعُونَ * أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ(([11]).
فقال الموصلي: ما الذي أصاب عليّاً وأولاده من المصيبة حتّى استوجبوا الصلوة عليهم؟
فعدّد العلاّمة بعض مصائبهم، ثمّ قال: أيّ مصيبة أعظم عليهم من أن يكون مثلك تدّعي انّك من أولادهم ثمّ تسلك سبيل مخالفتهم، فاستحسنه الحاضرون وضحكوا، فأنشد بعض من حضر:
إذا العلويّ تابع ناصبيّاً***لمذهبه فما هو من أبيه
وكان الكلب خيراً منه طبعاً***لأن الكلب طبع أبيه فيه ([12])
------------------------------------------- [1] ـ الجايتو: المبارك، والسلطان محمد شاه بن ارغون خان بن أبا خان بن هلاكوخان بن تولي خان بن چنگيزخان.
[2] ـ للتعرّف على إمام المذهب الشافعي راجع ص 23.
[3] ـ من أعلام الشيعة الإماميّة المرموقين، وهو الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر الحلّي الشهير عندنا بالعلاّمة على الاطلاق.
[4] ـ الفتوحات الإسلامية ج2 ص81 ط مصر عام 1354، مطبعة مصطفى محمد.
[5] ـ النور: 61.
[6] ـ جعل الله تعالى إمامنا علياً(عليه السلام) بمنزلة نفس رسوله (صلى الله عليه وآله) في: المباهلة وهي قوله تعالى في آل عمران: 61 (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) قال القندوزي البلخي الحنفي في ينابيع المودّة ط اسلامبول عام 1302 ص44: فابرز النبيّ(صلى الله عليه وآله) علياً والحسن والحسين وفاطمة صلوات الله وسلامه عليهم، وعنى من قوله (وَأَنْفُسَنا) نفس عليّ، وممّا يدلّ على ذلك قول النبيّ(صلى الله عليه وآله): لتنتهينّ بنو وليعة أو لأبعثن إليهم رجلا كنفسي، يعني عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه فهذه خصوصيّة لا يلحقهم فيه بشر.
[7] ـ تقدّمت في ص159 و171 و182 ـ 186 الأحاديث الصريحة في انّه(عليه السلام) وصيّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) فراجع وكلّها من مصادر سنيّة.
[8] ـ روضة المتّقين ج9.
[9] ـ يعني (نهج الحق وكشف الصدق) .
[10] ـ تجد في كتاب (شبهاى پشاور) صوراً لبعض السكك والنقود المزيّنة بأسماء الأئمـّة: المقدّسة في ذلك العهد.
[11] ـ البقرة: 156.
[12] ـ تحفة العالم في شرح خطبة المعالم.