روي أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أرسل جماعة يرأسهم رجل من بني ليث إلى البصرة ليدعوا أهلها إلى الإسلام والتمسك بفضائله ، لكنه لم يجد أذناً صاغية ، فقال الأحنف للناس : والله أن الرجل يدعو إلى خير ، ويأمر بالخير ، وما أسمع إلا حُسناً ، وأنه ليدعو إلى مكارم الأخلاق وينهى عن رذائلها .
ولما عاد الليثي إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) ذكر له ما جرى هناك وما سمعه من الأحنف ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : ( اللهم اغفر للأحنف ) ، فكان الأحنف بعد ذلك يقول : فما شيء أرجى عندي من ذلك ، يعني من دعوة النبي (صلى الله عليه وآله) ، فَأسلَمَ .
أبرز صفاته :
أدرك الأحنف عصر النبي ( صلى الله عليه وآله ) ولكنه لم يراه ، وكان يُعد من دُهاة العرب ، وكان رجلاً عالماً حكيماً وشجاعاً وصاحب رأي .
وقد تميز بصفة الحلم حتى صار العرب يضربون به المثل فيقولون : ( أحلم من الأحنف ) .
وسُئل ذات مرة كيف أصبحت رئيساً لقومك ؟ ، فقال : بعوني للمحتاجين ونصرتي للمظلومين .
موقفه مع أمير المؤمنين ( عليه السلام ) :
شهد الأحنف بن قيس جميع حروب الإمام علي ( عليه السلام ) ، إلا حرب الجمل ، إذ قال لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) قبل الخروج : يا أمير المؤمنين ، إِختَر مني واحدة من اثنتين ، إما أن أقاتل معك بمئتي محارب ، وإما أن أكف عنك ستة آلاف سيقاتلون مع طلحة والزبير ، فقال أمير المؤنين ( عليه السلام ) : أكفف عنا الستة آلاف أفضل ، فذهب الأحنف إليهم ودعاهم إلى القعود واعتزل بهم ، وكان ذلك سبباً في عدم ذهابه إلى حرب الجمل .
موقفه من خلافة معاوية :
روى صاحب أعيان الشيعة : دخل الأحنف وجماعة من أهل العراق يوماً على معاوية ، فقال له معاوية : أنت الشاهر علينا السيف يوم صفين ، ومخذل الناس عن أم المؤمنين [ عائشة ] ؟ ، فقال له : يا معاوية لا تذكر ما مضى منا ، ولا تردّ الأمور على أدبارها ، والله إن القلوب التي أبغضناك بها ، يومئذٍ لفي صدورنا ، وإن السيوف التي قاتلناك بها لعلى عواتقنا ، والله لا تمدّ إلينا شبراً من غدر ، إلا مددنا إليك ذراعاً من ختر [غدر] .
وفاته :
توفّي الأحنف بن قيس ( رضوان الله عليه ) سنة 67 هـ بمدينة الكوفة .