بسم الله الرحمن الرحيم
أغلب المسلمين يترعرعون منذ صغرهم على أفكار ومعتقدات أبائهم الأولون وقومهم الماضون طوال حياتهم دون إطلاق العنان لعقلهم التفكير ولو للحظة ويسألون أنفسهم :
- هل نحن على الطريق الصحيح؟
- هل نحن ضمنا لأنفسنا النجاة والهداية ؟
كثيرا مانسمع ويسمع بقية الفرق الاسلامية الافتراءات على متبعي اهل البيت دون الخوض في المسألة بالبحث والتقصي و معرفه الحقيقه..
صحيح أن أغلب السواد من المسلمين على مذهب اهل السنة , ولكن وجود طائفة لايستهان بها وبعددها وهي في انتشار كبير وتزايد ضخم سرا وجهرا تتعبد بمذهب آخر ..
وهذا يثير في عقولنا تساؤلات عن مذهبهم وما هي معتقداتهم ومن أين لهم بها ..
اضافة الى كون هذا المذهب أن له اسم ملفت للانتباه وهو" مذهب اهل البيت" ومجرد لقبهم بهذا اللقب جدير بالاهتمام وداعي قوي لمعرفه عقيدتهم ومدى صحتها ..
فعند سؤالنا لهم عن عقيدتهم ومن أين أخذوا بها لوجدنا جوابهم حاضرا وهو ( وجدنا أدلة من الكتاب والسنة بضرورة التمسك بأهل البيت فاتبعناهم .. ومن تلك الادله حديث الثقلين ..)
حديث الثقلين هو من اقوىالأدلة الدالة على ولاية اهل البيت والتمسك بعترة النبي من بعده .. هذا الحديث المشهور والمتواتر محفوظ عند الشيعة ومتناقل في كتبهم وعلى لسان شيوخهم ويتداوله عوامهم وصغارهم .
فهم وجدوا ان النبي خطط لهم طريق الهداية والفلاح و بين أنهم إذا شاءوا مواصلة السير على طريق الهداية فعليهم بالتمسّك بميراثيه ، وهما القرآن والعترة لكي لايضلّوا بعده أبداً، فأراد بهذا أن يوضّح للأجيال القادمة أن الحق لا يمكن بلوغه إلاّ عبر هذين الثقلين، فسمعوا له وأطاعوا ..
لهذا نجدهم أحرص الفرق الإسلامية على التمسك بالعترة الطاهرة من بعد القران .. ليس هذا لداعي هوى او بطر إنما التزاما لأمر رباني وإتباعا لوصية النبي وتمسكا بهداه ..
وفي المقابل .. أين أهل السنة عن هذا الحديث؟
وما موقفهم منه ؟
وهل يعترفون به أم ينكرونه ؟
وان اعترفوا به وصححوه على مبانيهم فهل يطبقونه وبما جاء به من حق ؟
إنها أسئلة مشروعة وجديرة للبحث حولها ..
سيندهش العوام من اهل السنة لو قلنا ان هذا الحديث مشهور ومتعدد المصادر بكتب أهل السنة والجماعة أنفسهم وقد رواه أكثر من 200 عالم ..
وقال ابن حجر في الصواعق المحرقة:
" ولهذا الحديث طرق كثيرة عن نيف وعشرين صحابيا" ، حتى وصل إلى درجة التواتر الذي لا مجال للطعن والنقاش العقيم فيه ، وهو موضع إجماع العلماء والأكابر من السنة والشيعة..
أخرج أحمد بن حنبل في مسنده (ج 3 - ص 17 ) عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وآله قال : ( إني أوشك أن أدعى فأجيب ، وإني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله عز وجل ، وعترتي ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، وإن اللطيف الخبير أخبرني بهما أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما )
وفي صحيح مسلم ( 2 - ص 238 ) قال النبي صلى الله عليه وآله . ( وأنا تارك فيكم الثقلين : أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ، فحث على كتاب الله ورغب فيه ، ثم قال : وأهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي )
أقوال العلماء في هذا الحديث :
1 - قال إبن حجر : ومن ثم صح أنه (ص) قال : إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا : كتاب الله وعترتي ( 1 )
وقال : وفي رواية صحيحة : كأني دعيت فأجبت ، إني قد تركت فيكم الثقلين ، أحدهما آكد من الآخر : كتاب الله عز وجل وعترتي ، فإنظروا
كيف تخلفوني فيهما ، فإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض... ولهذا الحديث طرق كثيرة ، عن بضع وعشرين صحابياً ، لا حاجة لنا
ببسطها ( 2 )
2 - وقال : المناوي : قال الهيثمي : رجاله موثقون.
3 - ورواه أبو يعلى بسند لا بأس به... ووهم من زعم وضعه كابن الجوزي ( 3 )
4 - وقال إبن كثير بعد أن ساق رواية النسائي المتقدمة : قال : شيخنا الذهبي : هذا حديث صحيح ( 4 ). وقال في تفسيره : وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله (ص) قال : في خطبته بغدير خم : إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي ، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ( 5 )
5 - وقد ذكر الألباني هذا الحديث ضمن أحاديث سلسلته الصحيحة ، وخرج بعض طرقه وأسانيده الصحيحة والحسنة ، وذكر بعض شواهده وحسنها ، ووصف من ضعف هذا الحديث بأنه حديث عهد بصناعة الحديث ، وأنه قصر تقصيراً فاحشاً في تحقيق الكلام عليه ، وأنه فاته كثير من الطرق والأسانيد التي هي بذاتها صحيحة أو حسنة ، فضلاً ، عن الشواهد والمتابعات ، وأنه لم يلتفت إلى أقوال المصححين للحديث من العلماء ، إذ اقتصر في تخريجه على بعض المصادر المطبوعة المتداولة دون غيرها ، فوقع في هذا الخطأ الفادح في تضعيف الحديث الصحيح ( 6 )
فكل هذه الشهرة والتواتر لهذا الحديث العظيم والمهم ، وأغلب اهل السنة إما يجهلون بوجوده في الأصل ، او يجهلون المراد منه وماذا كان يريد رسول الله أن يكون فيهم على ضوء هذا الحديث ...!!
ترى ما السبب؟؟
الجواب يكمن في أن المشايخ والعلماء الأجلاء - من اهل السنة - قد جعلوا من هذا الحديث تحفه تاريخيه وأثر تاريخي فقط فعمدوا على ركنه في( المتحف الأثري) .. عفوا أقصد في كتب الأحاديث ، دون ان يقرأوه على الناس ولا يستخدموه خلال خطبهم أو ندواتهم او مقالاتهم ,, واستخدموا حديث آخر مشابه له ولكنه نسخه غير أصليه عنه بل نسخة مزورة تصلح للاستخدام والتداول ضمانا لبقاء عقيدتهم الهشه !!
انه حديث الثقلين ولكن بشكله الخرافي المدلس به على الناس حيث أستبدل فيع العترة بالسنة .. ..!!
فقالوا ان النبي قال (تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما فلن تضلوا أبداً كتاب الله وسنتي)
انه حديث اكتسب شهره بين عوام السنة ولكنه غير صحيح باعتراف علماء السنة أنفسهم ، و رب مشهور لا أصل له ..
وإذا نظرنا إلى متن الحديث وجدناه لا يستقيم ، فكيف يقول الرسول (ص) تركت فيكم .... كتاب الله وسنتي والسنة غير مجموعة وغير مدونه في عصره على معتقدهم في الأصل ؟!
أو إن هذه السنة قد أحرقت حرقاً شديداً بعد النبي على أيدي أسيادهم الأولون ...؟!!!
والدليل على كونها غير مدونه هو وقوع الاختلاف والوضع فيها ..فلو كانت السنة مقترنة بالقران وانها لن تفارقه لما وقع فيها الاختلاف والوضع من الواضعين ..
والصحيح ان النبي أراد ان يبين ان العترة هي الحافظه لسنته لذلك قرنهم بالقران . فكما ان القران لايقع فيه التحريف فكذلك السنة التي مصدرها اهل البيت لايقع فيها الوضع ..
ألم يقل عمر بن الخطاب ( لولا علي لهلك عمر) ؟
أليست مقولته المشهوره هذه فيها دلاله على ان العترة المتمثله هنا بشخص علي عليه السلام هي الاحق بالتصدي لامور الاسلام وان فيها النجاه ،وبدون العترة فان الهلاك هو المصير المحتم .. فعمر يهلك بدون العترة .. واتباع عمر أيضا سيهلكون بدون تمسكهم بالعترة.....!!!
قرأ الفريقان - السنة والشيعة - الحديث ولكن اختلافا كلا منهما بالتفسير ..
الشيعه يعتبرونه دليلا على إمامة أهل البيت ووجوب طاعتهم وفهموا منه أن الله قرن العترة بالقران ، واستدلوا بهذا على أن العترة مراجع للمسلمين، كمرجعية القرآن لهم بالضبط ، ومن لا يفترق عن القرآن فجدير به أن يخلف الرسول ، فالقرآن خليفة المسلمين وهو يعتبر ( الجانب النظري ) والعترة الطاهرة وهم خلفاء المسلمين يعتبرون ( الجانب العملي), وأن العترة اعلم الناس وأفضلهم بعد النبي وان النجاة منحصرة بالتمسك بهم وأنهم معصومين من الخطأ ..
أما اهل السنة فسروا حديث الثقلين على ان النبي يوصي بالتمسك بالقران الكريم و بأهل البيت خيرا وأن أهل البيت هو أل علي وعقيل وجعفر والعباس ، وأدخلوا مع آل البيت زوجاته أيضا ...
والنتيجة نجد أن الشيعه التزموا بالمعنى الحقيقي للحديث فتمسكوا بالقران الكريم ووالوا واتبعوا العترة الطاهرة في جميع شؤونهم الدينية والدنيوية وجعلوهم أئمة لهم ورضوا بالسنة النبوية الواردة منهم عليهم السلام ..
في حين نجد ان اهل السنة تمسكوا فقط بالقران (الجانب النظري ) فقط وتركوا ا الثقل الثاني وهم العترة الطاهرة وضيعوها وأخذوا عقيدتهم من أعدائهم من الضالين والظالمين والفسقة ..
والسؤال الآن .. من هم على جادة الصواب وفي الطريق السليم الذي اختاره الله ..
طريق الشيعه عندما اختاروا التمسك بوصية النبي فاتبعوا القران و العترة وأخذوا السنة الصحيحة من عند أفضل الناس بعد النبي والمنزهون عن الخطأ والنسيان ومن عندهم علم الكتاب وتأويله وتفسيره الصحيح ؟؟
ام طريق السنة الذين تمسكوا بالقران والسنة الناقصه والمحرفه والتي لم تجمع عصر النبي الأعظم ، و اعتمدوا في ايصالها ونقلها على أناس لاحظ لهم في العلم والتفسير والمختلفين فيما بينهم وكل واحد وله راي واجتهاد خاص فيه والمناصرين لحكام الظلم والجور ومن هم غير أهل وليسوا بكفؤ لهذا الحمل الثقيل باعترافهم أنفسهم ؟؟
هذه تساؤلات بعد عرض بعض الأدلة من كتب اهل السنة لكي تنير درب من يريد ان يهتدي الى الحقيقه..
------------------------------
(1) الصواعق المحرقة - رقم الصفحة : ( 145 )
(2) المصدر السابق - رقم الصفحة : ( 228 )
(3) المصدر السابق - الجزء : ( 9 ) - رقم الصفحة : ( 162 )
(4) البداية والنهاية - الجزء : ( 5 ) - رقم الصفحة : ( 184 )
(5) تفسير القرآن العظيم - الجزء : ( 4 ) - رقم الصفحة : ( 113 )
(6) سلسلة الأحاديث الصحيحة - الجزء : ( 4 ) - رقم الصفحة : ( 355 ) - رقم الحديث : ( 176)