الخميني والشيوعية
ليس الشبه الوحيد بين السيد الخميني مرشد الثورة في إيران والسيد لينين مرشد الثورة الشيوعية في روسيا، أن كليهما بدا بالعمل لإسقاط نظام بلديهما من باريس، ودخلا بلديهما بعد أن سقطت في إيران أسرة بهلوي الملكية وفي روسيا أسرة رومانوف القيصرية، كما أن الشبه بين الرجلين ليس أن كلا منهما كانت تحركه روح الانتقام الشخصي، فالخميني أراد أن ينتقم من الشاه لأنه قتل ابنه على حدّ زعمه ولينين أراد أن ينتقم من قيصر لأنه قتل أخاه ولكن وجه الشبه الحقيقي هو :
1- إن الشيوعية اتخذت كلمة الفقراء ( برولتراليسم ) شعارا للثورة الشيوعية، وأخذ الخميني كلمة المستضعفين شعار للثورة الإسلامية الإيرانية .
2- النظام الشيوعي لا يؤمن بالملكية المطلقة، ولذلك صودرت أموال كبار التجار والمعامل والأراضي في ظل الشيوعية، وخلقت من الأغبياء طبقة فقيرة تضاف إلى الفقراء، والخميني ونظامه صادروا أموال التجار وأراضي الناس والمعامل الكبيرة وأضافوا طبقة فقيرة إلى الفقراء وشعارهم أن الإسلام لا يؤمن بالملكية المطلقة المحدودة كما قال كارل ماركس .
3- النظام الشيوعي يعتقد بأن الصحافة والإعلام يجب أن يعبر عن سياسة الحزب ويجب أن تكون في خدمة النظام الحاكم وتكون بوقا من أبواقه، ونظام الخميني صادر الصحف واستولى على الإعلام واستعمله في صالح حزبه .
-27-
4- الحزب الشيوعي هو الذي يحكم في النظام الشيوعي ، ويحكم الحزب الجمهوري الإسلامي إيران بقيادة الخميني .
5- الشعب ممنوع من السفر إلى خارج البلاد في الأنظمة الشيوعية، والسفر ممنوع على شعب إيران في نظام الخميني .
6- الشيوعية تدعو إلى الأممية ونبذ القومية، وأول شعار نادى به الخميني هو الأممية واعتبار القومية كفرا وإلحادا .
7- وفي الأنظمة الشيوعية يؤلّه الحاكم كما إلّه ستالين في روسيا، وماوتسي تونغ في الصين وتيتو في يوغسلافيا، وفي نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية ألّه الخميني أكثر من أي إله آخر .
8- في كثير من الدول الشيوعية تتخذ كلمات الحاكم إنجيلا واجب اتباعه، ويرددها الشعب في كل مناسبة ومكان، وكلمات الخميني اعتبرت إنجيلا يرددها اتباعه وأعوانه في كل مكان .
9- النظام الشيوعي هو النظام القائم على القيادة الجمعية في حكم البلاد على شرط أن يكون القادة من المؤمنين بالماركسية، ونص دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية على القيادة الجماعية شريطة أن يكونوا من المؤمنين بالخميني، وشعارهم " حب خميني حسنة لا تضر معها سيئة " .
10- في النظام الشيوعية تخضع كل دائرة للجنة شيوعية تنبثق من داخل تلك الدائرة، وفي نظام الخميني تخضع كل دائرة للجنة خمينية تنبثق من داخل تلك الدائرة .
11- النظام الشيوعي يتخذ الفلسفة المكيافيلية ( النتائج تبرر أساسا للمقدمات ) دعامة للعمل السياسي، والنظام الخميني اتخذ الفلسفة نفسها أساسا للقمع الدموي .
12- النظام الشيوعية يرى من واجبه مساعدة الشيوعية في الدول الأخرى لاستلام السلطة بأي ثمن ونظام الخميني يرى من واجبه مساعدة أنصار ( ولاية الفقيه) في أي مكان من العالم لاستلام السلطة .
-28-
13- النظام الشيوعي قسم الشعب إلى البرجوازية والفقراء واستغل هذا التقسيم في بسط نفوذه، والخميني قسم الشعب إلى أهل الشمال والجنوب، أي الأثرياء القاطنين في شمال طهران والفقراء الساكنين في جنوبها، واستغل هذه التفرقة لبسط سلطانه على الشعب .
14- النظام الشيوعي يرى التصفية الجسدية لأعدائه ضرورة في بعض الأحيان كما تعرض لها تروتسكي أحد بناة الشيوعية وقادتها عندما كان لاجئا في المكسيك، ونظام الخميني اتخذ التصفية الجسدية شعارا له وهدد به المناوئين بكل وقاحة .
15- في النظام الشيوعي كل حزب مكلف بأدلاء المعومات عن أعداء النظام، والخميني سن هذا القانون عندما طلب من كل أبناء الشعب أن يتجسسوا لصالح نظامه ولو على أقرب المقربين .
16- قال لينين اعطني مرحا أعطيك شعبا، وقال الخميني اعطني الإعلام أعطيك شعبا. وبعد هذه المقارنة، لابد من الإشارة إلى عدة حقائق، هل أن تعاون المخابرات الروسية ( ك ج ب ) مع المخابرات الخمينية وتعليم الحرس الثوري طرق التجسس أمرا اعتباطي ؟ وهل أن مصافحة الخميني للدول الشيوعية واستخدام الخبراء من كوريا الشمالية أمر اعتباطي ؟
وكيف يمكن تفسير الحرية التي يتمتع بها الحزب الشيوعي ( تودة) (2) في العمل السياسي والإعلامي في إيران الأول مرة منذ تأسيسها، وفي ظل نظام يدعي أنه جاء لحماية الإسلام. وماذا يعني سكوت الخميني عن المجازر التي ترتكب بحق المسلم في أفغانستان على يد المحتلين الروس ؟ وما هو معنى هذا الهجوم العنيف ليل نهار على الاستعمار الغربي فقط، وعده ذكر الاستعمار الشرقي، بل الإصرار
ــــــــــــــــ
(2) راجع فصل الرعب المدمر .
-29-
وعدّه ذكر الاستعمار الشرقي، بل الإصرار بعد التعرض له ؟ وكيف يبرر الخميني إعطاء المناصب الحساسة في الدولة للشيوعية، والتعاون مع الحزب الشيوعي لقتل ( مجاهدي خلق) ؟ ومما أن الكلمات العبارات لا تغرني أبدا، بل انظر إلى العمل كمقياس حقيقي لتقيم الأفراد والجماعات، فلذلك لا أجد صعوبة في رمي الخميني بالشيوعية مع ما عليه من الطيلسان والعمة والرداء، وتكراره اسم الله والإسلام في كل أحاديثه .
فالخميني الذي لم يتورع من الكذب وقتل الأبرياء والحرب مع الاخوة المسلمين واغتصاب أموال الناس والسطو على حقوق الشعب والتعاون مع إسرائيل لضرب المسلمين، وكل هذه القبائح لم تكن تعرف عنه قبل أن يعتلي سده الحكم بل لم يحلج بخلد أي بشر أنه سيتوغل فيها حتى قمة رأسه في يوم ما، فهل يكون من الصعب عليه أن يخفى آرائه السياسية كما أخفى دهرا أخلاقه للشيمة ؟
وسواء كان الخميني شيوعيا أم غير شيوعي، فالشيوعيون الإيرانيون يعيشون في ظل نظامه في عهد ذهبي لم يحملوا به من قبل إبداء ، وأن إيران في ظل هذا النظام الفوضوي الجائر أصبحت أكثر استعدادا من أي وقت مضى لقبول السيطرة الشيوعية، وأن الشيوعيين الآن في إيران ينظرون اللحظة المناسبة للوثبة الأخيرة يساعدهم الدب القطبي من خارج البلاد والطابور الخامس من داخلها (3) .
ـــــــــــــــــــ
(3) اعتقلت السلطات الإيرانية زعماء الحزب الشيوعي في إيران بعد أن اتهمتهم بمحاولة انقلابية فاشلة واعتقلت أيضا بعض القادة العسكريين بتهمة التعاون مع الحزب الشيوعي وفي ضمن المعتقلين العقيد بهرام أفضلي قائد القوات البحرية .