|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 82198
|
الإنتساب : Aug 2015
|
المشاركات : 1,202
|
بمعدل : 0.35 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
صدى المهدي
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
بتاريخ : يوم أمس الساعة : 05:00 PM
إلى الرفيق الأعلى
وبعد أكله للرطب سرى السمّ في جميع أجزاء بدن الإمام((عليه السلام)) وقد علم أنّ لقاءه بربّه قد حان فاستدعى السندي. «فلمّا مثل عنده أمره أن يحضر مولى له ينزل عند دار العباس بن محمّد في مشرعة القصب ليتولى غسله، وسأله السندي أن يأذن له في تكفينه فأبى وقال((عليه السلام)):
«إنّا أهل بيت مهور نسائنا وحجّ صرورتنا وأكفان موتانا من طاهر أموالنا، وعندي كفني»([26]).
واُحضر له السندي مولاه، وثقل حال الإمام ((عليه السلام))، وأشرف على النهاية المحتومة، فأخذ يعاني آلام الموت فاستدعى المسيب بن زهرة فقال له:
«إني على ما عرّفتك من الرحيل الى الله عزّ وجلّ فإذا دعوت بشربة من ماء فشربتها ورأيتني قد انتفخت، واصفرّ لوني واحمرّ واخضرّ وتلوّن ألواناً فاخبر الطاغية بوفاتي».
قال المسيب: فلم أزل أراقب وعده حتى دعا((عليه السلام)) بشربة فشربها ثم استدعاني، فقال لي:
«يا مسيب ، إنّ هذا الرجس السندي بن شاهك سيزعم أنه يتولى غسلي ودفني. وهيهات هيهات أن يكون ذلك أبداً».
«فإذا حملت الى المقبرة المعروفة بمقابر قريش فالحدوني بها، ولا ترفعوا قبري فوق أربعة أصابع مفرّجات، ولا تأخذوا من تربتي شيئاً لتتبركوا به فإنّ كل تربة لنا محرمة إلاّ تربة جدّي الحسين بن عليّ فإنّ الله عز وجل جعلها شفاءاً لشيعتنا وأوليائنا».
قال المسيب: ثم رأيت شخصاً أشبه الاشخاص به جالساً الى جانبه، وكان عهدي بسيدي الرضا((عليه السلام)) وهو غلام، فأردت أن أسأله، فصاح بي سيدي موسى، وقال: أليس قد نهيتك ؟
ثمّ إنّ ذلك الشخص قد غاب عني، فجئت الى الإمام وإذا به جثّة هامدة قد فارق الحياة فأنهيت الخبر الى الرشيد بوفاته».
لقد لحق الإمام((عليه السلام)) بالرفيق الأعلى وفاضت نفسه الزكية الى بارئها فاُظلمّت الدنيا لفقده وأشرقت الآخرة بقدومه، وقد خسر الإسلام والمسلمون ألمع شخصية كانت تذبّ عن كيان الإسلام، وتنافح عن كلمة التوحيد وتطالب بحقوق المسلمين وتشجب كل اعتداء غادر عليهم.
فسلام عليك يا بن رسول الله ،يوم ولدت ، ويوم استشهدت ، ويوم تبعث حياً.
والمشهور أن وفاة الإمام ((عليه السلام)) كانت سنة ( 183 هـ ) لخمس بقين من شهر رجب([27]) وقيل سنة ( 186 هـ )([28]).
وكانت وفاته في يوم الجمعة وعمره الشريف كان يوم استشهاده خمساً وخمسين سنة([29]) أو أربعاً وخمسين سنة([30]).
التّحقيق في قتل الإمام ((عليه السلام))
بعد قتل الإمام ((عليه السلام)) حاول هارون أن يتخلّى عن مسؤولية قتله للإمام وأشاع بين الناس بأن الإمام((عليه السلام)) قد مات حتف أنفه ، وأنّ هارون وأجهزته لا علاقة لهما بالحادث وذلك ضمن خطوتين :
الخطوة الاُولى :
قام السندي بن شاهك بالخطوة الاُولى من مسلسل التخلي ليمهّد الأجواء لسيّده هارون في أن يتخلّى فيما بعد بنفسه عن مسؤولية هذه الجريمة.
يحدّثنا عمربن واقد عن تحرك السندي وكيفية تنصّله عن الحادث،قال: أرسل إليَّ السندي بن شاهك في بعض الليل وأنا ببغداد يستحضرني، فخشيت أن يكون ذلك لسوء يريده بي، فأوصيت عيالي بما احتجت إليه، وقلت: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، ثم ركبت اليه.
فلما رآني مقبلا، قال: يا أبا حفص لعلّنا أرعبناك وأفزعناك ؟
قلت : نعم قال: فليس هناك إلاّ خير.
قلت : فرسول تبعثه الى منزلي يخبرهم خبري. فقال نعم .
ثم قال: يا أبا حفص أتدري لِمَ أرسلت إليك ؟ فقلت: لا.
فقال: أتعرف موسى بن جعفر ؟ فقلت إي والله، إنّي لأعرفه، وبيني وبينه صداقة منذ دهر.
فقال: من هاهنا ببغداد يعرفه ممن يُقبل قوله ؟ فسميت ، وجاء بهم كما جاء بي ، فقال : هل تعرفون قوماً يعرفون موسى بن جعفر؟
فسموا له قوماً، فجاء بهم ، فاصبحنا ونحن في الدار نيفاً وخمسين رجلا ممن يعرفون موسى بن جعفر((عليهما السلام)) قد صحبه.
قال : ثم قام فدخل وصلينا، فأخرج كاتبه طوماراً، فكتب أسماءنا ومنازلنا وأعمالنا وحِلالنا، ثم دخل إليه السندي.
قال : فخرج السندي فضرب يده إليَّ فقال: قم يا أبا حفص فنهضت ونهض أصحابنا ودخلنا .
فقال لي: يا أبا حفص اكشف الثوب عن وجه موسى بن جعفر فكشفته فرأيته ميتاً، فبكيت واسترجعت .
ثم قال للقوم: انظروا إليه فدناواحد بعد واحد فنظروا إليه .
ثم قال : تشهدون كلّكم أنّ هذا موسى بن جعفر بن محمّد ؟ فقلنا : نعم ، نشهد أنه موسى بن جعفر بن محمّد.
ثم قال: يا غلام اطرح على عورته منديلا واكشفه، قال: ففعل .
فقال : أترون به أثراً تنكرونه ؟ فقلنا : لا، ما نرى شيئاً ولا نراه إلاّ ميتاً.
ثم سجّل شهادتهم وانصرفوا([31]).
الخطوة الثّانية :
وفي الخطوة الثانية قام هارون بنفسه ليعلن أمام حشد من وجوه الشيعة بأنه بريء من جريمة قتل الإمام((عليه السلام)).
عن محمّد بن صدفة العنبري، قال: لمّا توفي أبو إبراهيم موسى ابن جعفر((عليه السلام)) جمع هارون الرشيد شيوخ الطالبيّة وبنى العباس وسائر أهل المملكة والحكّام واحضر أبا إبراهيم موسى بن جعفر((عليه السلام)) فقال: هذا موسى ابن جعفر قد مات حتف انفه، وما كان بيني وبينه ما استغفر الله منه في أمره ـ يعني في قتله ـ فانظروا إليه.
فدخل عليه سبعون رجلا من شيعته، فنظروا الى موسى بن جعفر وليس به أثر جراحة ولا خنق، وكان في رجله أثر الحناء([32]).
وضع الإمام((عليه السلام)) على الجسر
وحسب الأوامرالمعدّة سلفاً من قبل هارون كما تدل عليها القرائن، لأجل أن يتنصل عن قتله للإمام، ليس أمام الشيعة فحسب وإنما أمام الاُمة الإسلامية كلّها، وأن تكون طريقة التخلّي من مسؤولية الحادث بأن يستبطن أنّ المقتول ما هو إلاّ رجل عادي لا وزن له، فعلام هذا التضخيم والتهويل والتشكيك بموته ؟
فتخطّى السندي بن شاهك بالاُسلوب التالي : حيث وضع الإمام على جسر الرصافة وهو ميت ينظر إليه القريب والبعيد وتتفرّج عليه المارّة قد أحاطت بجثمانه المقدّس شرطة الطاغية القاتل وكشفت وجهه للناس قاصدين بذلك انتهاك حرمته((عليه السلام)) والحط من كرامته والتشهير به.
وقد أمر السندي جلاوزته أن ينادوا على جثمان الإمام((عليه السلام)) بذلك النداء المؤلم الذي تذهب النفوس لهوله أسى وحسرة: «هذا إمام الرافضة فاعرفوه» هذا موسى بن جعفر الذي تزعم الرافضة أنه لايموت فانظروا إليه ميتاً.
متى قالت الشيعة إنّ الإمام موسى لا يموت ؟
نعم قالت الواقفية بذلك والشيعة منهم براء وهارون وجلاوزته أعلم من غيرهم بهذه الحقيقة. لكنه وسيلة من وسائل التشهير وإلصاق التهم بالشيعة بسبب أن الواقفية تذهب الى أن الإمام موسى حي لم يمت وأنه رفع الى السماء كما رفع المسيح عيسى بن مريم.
بهذا الاُسلوب حاولت الأجهزة الحاكمة أن تنسب هذا الرأي للشيعة ظلماً، وتبرر الإهانة والإذلال وقد لُحق النداء المذكور بهذا المقطع : ألا من أراد أن يرى الخبيث بن الخبيث موسى بن جعفر فليخرج([33]).
وقد حاول هارون بهذا الاُسلوب ـ بالإضافة الى احتقار الشيعة وإذلالهم ـ الوقوف على العناصر الفعّالة منهم والتعرف على مدى نشاطها وحماسها، عن طريق هذا الاستفزاز الصارخ والاعتداء على كرامة الإمام((عليه السلام)) أمامها كأُسلوب ماكر للتخلّص من خطرهم ليساقوا بعد ذلك للسجون والقبور.
يقول الشيخ باقر القرشي : وأكبر الظن أنّ الشيعة قد عرفت هذا القصد، فلذا لم تقم بأيّ عمل إيجابي ضده([34]).
مبادرة سليمان
كان سليمان بن أبي جعفر المنصور رجلا محنّكاً وذا عقل متزن. وقد رأى أنّ الأعمال التي قام بها هارون ما هي إلاّ لطخة سوداء في جبين العباسيين; فإنّ هارون لم يكتف باغتيال الإمام((عليه السلام)) ودسّ السمّ إليه بل ارتكب جملة من الأعمال الوحشية التي تدل على أنه لا عهد له بالشرف والنبل والمعروف والإنسانية من هنا بادر سليمان ـ حين سمع نبأ إخراج جنازة الإمام الى الجسر والنداء الفظيع على جثمانه الطاهر ـ وحاول أن يتلافى الموقف بالتي هي أحسن.
إنّ قصر سليمان كان مطلاًّ على نهر دجلة وحين سمع النداء والضوضاء ورأى بغداد قد اضطربت، قال لولده وغلمانه : ما هذا ؟
قالوا : السندي بن شاهك ينادي على موسى بن جعفر، وأخبروه بذلك النداء الفظيع.
فصاح بولده قائلا: انزلوا مع غلمانكم فخذوه من أيديهم فان مانعوكم فأضربوهم، وخرقوا ما عليهم من سواد ـ وهو لباس الشرطة والجيش ـ .
وانطلق أبناء سليمان وغلمانه الى الشرطة فأخذوا جثمان الإمام((عليه السلام)) منهم، ولم تبد الشرطة معهم أية معارضة، فسليمان عم الخليفة وأهم شخصية لامعة في الاُسرة العبّاسية وأمره مطاع عند الجميع ، وحمل الغلمان نعش الإمام((عليه السلام)) فجاءوا به الى سليمان فأمر في الوقت أن ينادى في شوارع بغداد :
ألا من أراد أن يحضر جنازة الطيب بن الطيب موسى بن جعفر فليحضر([35]).
وأكبر الظن أن سليمان خاف من انتفاضة شعبية أو تمرّد عسكري، لأنّ الشيعة لم تكن قلة في ذلك العصر فقد اعتنق التشيع خلق كثير من رجال الدولة وقادة الجيش وكبار الموظفين والكتّاب لذا تدارك سليمان الموقف وقام بهذه المهمّة وأنقذ حكومة هارون من الاضطراب والثورة([36]).
وخرج الناس على اختلاف طبقاتهم لتشييع جثمان الإمام((عليه السلام)) وخرجت الشيعة فعبّرت عن حزنها وأساها بعد هذا التشييع الكبير.
تجهيز الإمام ((عليه السلام))
وقام سليمان بتجهيز الإمام((عليه السلام)) فغسّله ، وكفّنه ، ولفّه بحبرة قد كتب عليها القرآن الكريم بأسره كلّفته الفين وخمسمائة دينار([37]).
وقال المسيب بن زهرة: والله لقد رأيت القوم بعيني وهم يظنون أنهم يغسلونه فلا تصل أيديهم إليه ويظنون أنهم يحنّطونه ويكفّنونه وأراهم أنهم لا يصنعون شيئاً، ورأيت ذلك الشخص الذي حضر وفاته ـ وهو الإمام الرضا ((عليه السلام)) ـ هو الذي يتولّى غسله وتحنيطه وتكفينه، وهو يظهر المعاونة لهم، وهم لا يعرفونه فلما فرغ من أمره إلتفت إليَّ فقال((عليه السلام)):
«يا مسيّب مهما شككت في شيء فلا تشكنّ فيّ، فإني إمامك ومولاك وحجة الله عليك بعد أبي .
يا مسيب مثلي مثل يوسف الصديق ومثلهم مثل إخوته حين دخلواعليه وهم له منكرون([38]) وبعد انتهاء الغسل حُمل الإمام((عليه السلام)) الى مرقده».
تشييع الإمام((عليه السلام)) ودفنه
وبعد الغسل هرعت جماهير بغداد الى تشييع الإمام((عليه السلام)) فكان يوماً مشهوداً لم تر مثله في أيّامها فقد خرج البر والفاجر لتشييع جثمان الإمام((عليه السلام)) والفوز بحمل جثمانه، وسارت المواكب وهي تجوب شوارع بغداد وتردد أهازيج الحزن واللوعة، متّجهة نحو باب التبن يتقدمهم سليمان حافياً حاسراً متسلّباً([39]) مشقوق الجيب الى مقابر قريش، وحفر له قبر فيها وأنزله سليمان بن أبي جعفر.
وبعد الفراغ من الدفن أقبلت الناس تعزّيه بالمصاب الأليم([40]).
تراث الإمام الكاظم ((عليه السلام))
من مواعظ وحكم الإمام الكاظم ((عليه السلام)) :
روي عن الكاظم((عليه السلام)) أنه قال: «صلاة النوافل قربانٌ إلى الله لكلّ مؤمن.
والحج جهاد كلّ ضعيف.
ولكلّ شيء زكاة، وزكاة الجسد صيام النوافل.
وأفضل العبادة بعد المعرفة انتظار الفرج.
ومن دعا قبل الثّناء على الله والصلاة على النبي((صلى الله عليه وآله)) كان كمن رمى بسهم بلا وتر.
ومن أيقن بالخلف جاد بالعطية، وما عال امرىً اقتصد.
والتدبير نصف العيش.
والتّودّد إلى الناس نصف العقل.
وكثرة الهم يورث الهرم، والعجلة هي الخرق.
وقلّة العيال أحد اليسارين.
ومن أحزن والديه فقد عقّهما.
ومن ضرب بيده على فخذه، أو ضرب بيده الواحدة على الاُخرى عند المصيبة
فقد حبط أجره، والمصيبة لا تكون مصيبة يستوجب صاحبها أجرها إلاّ بالصبر.
والاسترجاع عند الصدمة.
والصنيعة لا تكون صنيعة إلاّ عند ذي دين أو حسب.
والله ينزل المعونة على قدر المؤونة، وينزل الصّبر على قدر المصيبة.
ومن إقتصد وقنع بقيت عليه النعمة، ومن بدر وأسرف زالت عنه النعمة.
وأداء الأمانة والصدق يجلبان الرزق، والخيانة والكذب يجلبان الفقر والنفاق.
واذا أراد الله بالذرة شراً أنبت لها جناحين فطارت فأكلها الطير.
والصنيعة لا تتم صنيعة عند المؤمن لصاحبها إلاّ بثلاثة أشياء: تصغيرها وسترها وتعجيلها، فمن صغّر الصّنيعة عند المؤمن فقد عظّم أخاه، ومن عظّم الصنيعة عنده فقد صغّر أخاه، ومن كتم ما أولاه من صنيعة فقد كرم فعاله.
ومن عجّل ما وعد فقد هنئ العطيّة»([41]).
قال أبو الحسن الماضي((عليه السلام)): «قل الحقّ وان كان فيه هلاكك فإنّ فيه نجاتك ودع الباطل وإن كان فيه نجاتك فانّ فيه هلاكك»([42]).
قال((عليه السلام)): «ينبغي لمن عقل عن الله أن لا يستبطئه([43]) في رزقه ولا يتّهمه في قضائه».
وقال رجل : سألته عن اليقين؟ فقال((عليه السلام)): «يتوكّل على الله، ويسلّملله، ويرضى بقضاء الله، ويفوّض الى الله».
وقال عبد الله بن يحيى([44]): كتبت إليه في دعاء «الحمد لله منتهى علمه» فكتب((عليه السلام)): «لا تقولنّ منتهى علمه، فانه ليس لعلمه منتهى. ولكن قل: منتهى رضاه»([45]).
وسأله رجل عن الجواد؟ فقال((عليه السلام)): «إنّ لكلامك وجهين، فإن كنت تسأل عن المخلوقين، فإن الجواد الذي يؤدّي ما افترض الله عليه، والبخيل من بخل بما افترض الله، وإن كنت تعني الخالق فهو الجواد إن أعطى ، وهو الجواد إن منع، لأنّه إن أعطاك أعطاك ما ليس لك وإن منعك منعك ماليس لك» .
وقال لبعض شيعته: «أي فلان ! اتق الله وقل الحقّ وان كان فيه هلاكك فإنّ فيه نجاتك، أي فلان! اتّق الله ودع الباطل وإن كان فيه نجاتك، فإنّ فيه هلاكك».
وقال له وكيله: والله ما خنتك فقال((عليه السلام)) له: «خيانتك وتضييعك عليّ مالي سواء والخيانة شرّهما عليك».
وقال ((عليه السلام)): «إيّاك أن تمنع في طاعة الله، فتنفق مثله في معصية الله».
وقال ((عليه السلام)) : «المؤمن مثل كفّتي الميزان كلّما زيد في إيمانه زيد في بلائه».
وقال ((عليه السلام)) : عند قبر حضره: «إنّ شيئاً هذا آخره لحقيقٌ أن يزهد في أوّله. وإنّ شيئاً هذا أوّله لحقيق أن يخاف آخره».
وقال ((عليه السلام)) : «من تكلّم في الله هلك، ومن طلب الرئاسة هلك. ومن دخله العجبُ هلك».
وقال ((عليه السلام)) : «اشتدت مؤونة الدنيا والدين: فأمّا مؤونة الدنيا فإنّك لا تُمدّ يداك الى شيء منها إلاّ وجدت فاجراً قد سبقك إليه. وأمّا مؤونة الآخرة فإنّك لا تجد أعواناً يعينونك عليه».
وقال ((عليه السلام)) : «أربعة من الوسواس: أكلُ الطين وفتّ الطين. وتقليم الأظفار بالأسنان، وأكل اللّحية. وثلاث يجلين البصر: النظر الى الخضرة والنظر الى الماء الجاري والنظر الى الوجه الحسن».
وقال ((عليه السلام)) : «ليس حسن الجوار كفّ الأذى ولكن حسنُ الجوار الصبر على الأذى».
وقال ((عليه السلام)) : «لا تُذهب الحشمة بينك وبين أخيك([46]). وأبق منها، فانّ ذهابها ذهاب الحياء».
وقال ((عليه السلام)) : لبعض ولده: «يا بنيّ إيّاك أن يراك الله في معصية نهاك عنها. وإيّاك أن يفقدك الله عند طاعة أمرك بها. وعليك بالجد. ولا تخرجنّ نفسك من التقصير في عبادة الله وطاعته، فإن الله لا يُعبد حقّ عبادته. وإيّاك والمزاح; فإنّه يذهب بنور إيمانك ويستخفّ مروّتك. وإيّاك والضّجر والكسل، فإنّهما يمنعان حظّك من الدنيا والآخرة».
وقال ((عليه السلام)) : «إذا كان الجور أغلب من الحقّ لم يحلّ لاحد أن يظنّ بأحد خيراً حتى يعرف ذلك منه».
وقال ((عليه السلام)) : «ليس القبلة على الفم إلاّ للزوجة والولد الصغير».
وقال ((عليه السلام)) : «اجتهدوا في أن يكون زمانكم أربع ساعات: ساعةً لمناجاة الله. وساعةً لأمر المعاش. وساعةً لمعاشرة الإخوان والثقات الذين يعرّفونكم عيوبكم ويخلصون لكم في الباطن. وساعةً تخلون فيه للذاتكم في غير محرّم وبهذه الساعة تقدرون على الثلاث ساعات. لا تحدّثوا أنفسكم بفقر ولا بطول عمر، فإنّه من حدّث نفسه بالفقر بخل. ومن حدّثها بطول العمر يحرص. اجعلوا لأنفسكم حظّاً من الدنيا بإعطائها ما تشتهي من الحلال ومالا يثلم المروّة وما لا سرف فيه. واستعينوا بذلك على أمور الدين، فإنّه رُوي : ليس منّا من ترك دنياه لدينه أو ترك دينه لدنياه».
وقال ((عليه السلام)) : «تفقّهوا في دين الله فإنّ الفقه مفتاح البصيرة وتمام العبادة والسبب الى المنازل الرفيعة والرتب الجليلة في الدين والدنيا.وفضل الفقيه على العابد كفضل الشمس على الكواكب. ومن لم يتفقّه في دينه لم يرض الله له عملا».
وقال ((عليه السلام)) لعلي بن يقطين : «كفّارة عمل السلطان الإحسان الى الإخوان».
وقال ((عليه السلام)) : «كلّما أحدث الناس من الذنوب مالم يكونوا يعملون أحدث الله لهم من البلاء مالم يكونوا يعدّون».
وقال ((عليه السلام)) : «إذا كان الإمام عادلا كان له الأجر وعليك الشكر وإذا كان جائراً كان عليه الوزر وعليك الصبر»([47]).
ورأى رجلين يتسابّان فقال ((عليه السلام)) : «البادي أظلم ووزره ووزر صاحبه عليه مالم يعتد المظلوم».
وقال ((عليه السلام)) : «ينادى مناد يوم القيامة: ألا من كان له على الله أجر فليقم، فلا يقوم إلاّ من عفا وأصلح فأجره على الله».
وقال ((عليه السلام)) : السخي الحسن الخلق في كنف الله، لا يتخلّى الله عنه حتّى يدخلهُ الجنة. وما بعث الله نبيّاً إلاّ سخيّاً. وما زال أبي يوصيني بالسخاء وحسن الخلق حتّى مضى».
وقال السنديّ بن شاهك ـ وكان الذي وكّله الرشيد بحبس موسى((عليه السلام)) ـ لمّا حضرته الوفاة: دعني أكفّنك. فقال((عليه السلام)): «انّا أهل بيت، حجّ صرورتنا([48]) ومهور نسائنا وأكفاننا من طهور أموالنا».
وقال ((عليه السلام)) لفضل بن يونس: «أبلغ خيراً وقل خيراً ولا تكن امّعة ([49]) قلت: وما الامّعة؟ قال: لا تقل: أنا مع النّاس وأنا كواحد من الناس. أنّ رسول الله((صلى الله عليه وآله))، قال: يا أيها الناس إنّما هما نجدان نجد خير ونجد شر فلا يكن نجد الشرّ أحبّ إليكم من نجد الخير»([50]).
وروي أنه مرّ برجل من أهل السواد دميم المنظر([51])، فسلّم عليه ونزل عنده وحادثه طويلا، ثم عرض ((عليه السلام)) عليه نفسه في القيام بحاجة إن عرضت له، فقيل له : يا ابن رسول الله أتنزل إلى هذا ثم تسأله عن حوائجك وهو إليك أحوج ؟ فقال((عليه السلام)) : «عبد من عبيد الله وأخ في كتاب الله وجارٌ في بلاد الله، يجمعنا وإيّاه خير الآباء آدم((عليه السلام)) وأفضل الأديان الإسلام ولعلّ الدهر يردّ من حاجاتنا إليه، فيرانا ـ بعد الزهو عليه([52]) ـ متواضعين بين يديه. ثم قال((عليه السلام)):
نواصل من لا يستحق وصالنا *** مخافة أن نبقى بغير صديق([53])
والى هنا نكتفي بهذه الجولة السريعة في تراث الإمام الكاظم((عليه السلام)) راجين من الله التوفيق للسير على هدي أهل البيت((عليهم السلام)) الذي يمثل النبع الصافي والهديّ الرباني السليم في ظلمات الهوى والوهم.
* هذا المقال مستلّ من موسوعة أعلام الهداية(9) للمجتمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام .
|
|
|
|
|