( السياسي المتدين ، والمتدين السياسي )
-----------------------------------------------
وقفة قصيرة على عنوانين متقاربين المضمون
1- السياسي المتدين
السياسي عموما ، هو عنوان لوضيفة مختصة بادارة نظام الحكم في البلاد ،
والسياسي المتدين ، صفة يحملها السياسي يفترض انها تمثل منهج اساسي في نظريته السياسية ، كونه يريد القول على انه سياسي ذو ابعاد دينية يؤمن ويعمل بها .
مثال على ذلك في واقعنا السياسي العراقي ، الاحزاب التي تاسست على اساس العقيدة والمنهج الديني او داخل فيها بشكل مهم كافكار وممارسات واعضاء يسوّقون انفسم على هذا الاساس بالاضافة الى الاساس الوطني . مثل حزب الدعوة الاسلامي الذي يحسب على قياديي واتباع الشيعة في العراق ولعل تاريخهم وتفاصيلهم معروفة للجميع بلا حاجة الى توضيح .
وطبع سيكون هنا عنوان السياسي المتدين ، هو من يمارس العمل السياسي ولكن بخصوصية قيم ومبادئ الدين الاسلامي ، ويكون شعارا له وتطبيق في مختلف المجالات ذات الصلة .
2- المتدين السياسي
المتدين السياسي ، هو شخصية دينية بالاصل ( اي متصدية للعمل الديني ) ، وتكون حيثية العمل السياسي فرع اخر متفرع عن عملها او حتى كعنوان اساسي مهم من ضمن اختصاصاتها . كما الحال في منهج ولاية الفقيه الذي يتصدى للعمل السياسي فما دونه سواء على طريقة ومنهج ولاية الفقيه او غيره ، ولعل في العراق وكما نشاهد في الواقع الخارجي هناك شخصيات ذات طابع ديني وتمارس العمل السياسي ، مثل السيد عمار الحكيم ، ومثل الشيخ جلال الدين الصغير ( سابقا ) ، والشيخ همام حمودي .
وهنا عنوان / مصطلح " المتدين السياسي " يعني ايضا ان صاحبه يحمل الصبغة الدينية وبشكل اساسي في منهجه وفكره السياسي نظريتا وتطبيقا .
ولكن ، يبقى هناك مسالة وفرق مهم اود الاشارة اليه وهذا هو سبب الطرح
وهو ، لكون كلا من عنواني / مصطلحي السياسي المتدين ، والمتدين السياسي يشتركان في المضمون الديني المنعكس على توجهاتهم وعملهم السياسي
لكن الابعاد السلبية ( فساد التطبيق والشعار ) يختلف اثرا على الواقع المحيط بهما .
ففساد "السياسي المتدين " يعني سقوطه اولا ، ويترك اثرا سلبي عند الناس بخصوص مصداقية السياسيين المتدينين عموما بدرجات مختلفة ، وكذلك اثرا سلبيا في الدين لما يصيب المحيط من احباط .
واما فساد " المتدين السياسي " فهو بالتاكيد سوف ينتج نفس مضمون آثار فساد السياسي المتدين ، ولكن اثره اعمق وهذا هو المهم .
لان نظرة المجتمع والمتدينين عموما لاهل الدين ( مشايخ وخطباء وحوزويين وفقهاء وما صعد ) تختلف عمّن سواهم ، وهذا الزي الديني والعمامة التي على الراس هي رمز وشعار الاسلام وقيمه العالية . واي خلل يقدح بمن يمثل الدين في الامة فهو قدح وضرر بالدين وفتنة وانحراف تصيب الشخص والمحيط بدرجات .
وباختصار : فمسؤلية المتدين السياسي اكبر ، وفساده اخطر ، خاصتا اذا كان المجتمع عموما تصبغه الحيثية الدينة بشكل اغلب . كما الحال في العراق كمثال وواقع مشهود يمكن لنا ان نقيم الامر من خلاله .
السلام عليكم
التفاتة مهمة جدا أخي الفاضل.. يمكن منها تقييم جانب من جوانب المشهد العراقي ..
فالمتدين السياسي العراقي الذي برز على الساحة العراقي كفاعل منذ 12 عاما .. ربما بل يقينا أساء لهذا العنوان كثيرا ..
ودون الخوض في الاسماء .. فما كنا ننتظره منهم يفوق الأحلام ..
أما ما عايشناه منهم على أرض الواقع ترك خيبة أمل كبير في أهلّية أن يتقمص رجل الدين ثوب السياسي في العراق على الأقل ..
فلا هم اسسوا لمنهج سياسي محترم ويشار اليه بالبنان .. ولا هم حافظوا على الهوية الدينية التي يمثلونها ولو في الهيئة الظاهرية..
أتذكر اني رأيت أول ايام سقوط الصنم رجلا معمما وبزي العلماء ونشر صوره هنا وهناك .. والتقيته بعد عشر سنوات وإذا هو بلباس أنيق ( قاط ورباط) ، وترك عمامته بعيدا .. وهذا السلوك - أي التظاهر بمظهر المتدين - وفي الحقيقة هم أبعد الناس عن حقيقة الدين هو الذي أساء ويسيء للمذهب لانه يخلق صورة لدى الشارع الاسلامي بغير ما كان يعتقده قبل الخوض في السياسة .. بل ان بعض السلوكيات تنم عن استخفاف بالدين واستحمار العقول .. لتمرير مآرب شخصية ..
أعتقد والنماذج كثيرة .. لان القضية برأيي ،، ان المتدينيين السياسيين يعملون بأفق ضيق وتحركهم أهواء ومنافع شخصية .. وهناك كلمة لأحد المتدينيين المسؤولين وكان لديه منصب رفيع وهو معمم ولكن عندما أعفي من منصبه .. تحول الى وحش كاسر من سب وشتم وتهديد ووعيد (أحتفظ بأسمه) ، حتى مُنح مركزا آخر فسكت..
والكلام أخي الاستاذ الطائي ذو شجون ..
مع احترامي
التعديل الأخير تم بواسطة جعفر المندلاوي ; 29-06-2015 الساعة 03:06 PM.
شيء بالشيء يذكر ، انقل قصة ( وعبرة ) من عهد النبي سليمان ع
يقال ، أن طيران أراد شرب الماء فرأى رجل ذو لحية طويلة قرب الماء
فقال الطير في نفسه ، لن يؤذيني هذا الرجل لأنه صاحب لحية ( أي اللحية رمز لتدين صاحبها )*
وعندما اقترب من الماء رماه الرجل بحجر فكسر جناحه*
اشتكى الطير عند النبي سليمان ع .
فقال له سليمان ع ، ماذا تحب أن أفعل به*
هل اقطع يده ، أم أكسرها ؟
فقال الطائر ، لا يا نبي الله*
أريد أن " تنتف لحيته " لأنه خدعني بها !!!
------- انتهى -------
يذكرنا حالها بحال ما نشهد ونسمع من أصحاب اللحى احيانا في الجانب السلبي سواء التكفيريين الآن ، او المتدينين السياسيين او السياسيين المتدينين .
فكم صاحب لحية طويلة ، وهو ذئب مفترس يتقمص مظهر الدين ، وفعله فعل الشقي اللعين .
اللهم فإن سليماننا غائب ، فنسألك ان تعجّل فرجه ، " لينتف لحية من ظلمنا " أو يكسر يده ، أو يقطعها.*
اللهم إليك المشتكى . لا تغيب ولا تنسى .
اللهم عدلك على يد نبيك وصل لكسر جناح عصفور ، اللهم فلا تكن رقاب مؤمنين قطعت وأعراض انتهكت ، واموال انتهبت وظلم وعذاب شديد وطويل أهون عليك منه ، حاشاك يارب ، بل كبير حلمك وصبرك ، وسعت رحمتك ، حتى تنتهي المهلة ، والحمد لله رب العالمين .