في ذكري ميلاد نور الحق والحقيقة.. الامام الرضا(ع)..مدرسة للعطاء والتضحية
بتاريخ : 05-09-2014 الساعة : 02:58 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
يعيش العالم الاسلامي هذه الايام فرحة ذكري مولد النور لعالم آل البيت عليهم السلام أجمعين، الامام علي بن موسي الرضا عليه السلام الذي عرف ب'غريب طوس' والذي يصادف
اليوم 11 ذي القعدة بكل ما تعنيه الغربة لدي مولانا الامام الرضا(ع)
،أنها غربة النفس عن الأطهار والأخيار والمصطفين الأبرار عليهم ألاف التحية والسلام تلك الغربة التي فرضت عليه فرضاً من قبل الخليفة العباسي المأمون، الغربة والابتعاد عن خير الخلق كلهم جده المصطفي صلي الله عليه وآله وسلم.
رغم ذلك فقد تألق نجم آل البيت عليهم السلام بعطائه وتضحياته وتأثيره في كل الواقع الانساني العام والاسلامي خاصة ، حيث ملأ أبو الحسن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام وهو ثامن الأئمة الهداة ،الكون نوراً منذ اللحظة الأولي من ولادته المباركة وذلك يوم 11 ذي القعدة من سنة 148 وقيل سنة 153 للهجرة في المدينة المنورة حيث استمرت امامته 20 سنة حتي استشهد في 17 صفر من سنة 203 للهجرة وعمره 55 سنة ، بعد ان دس له المأمون العباسي السم بيده ودُفِنَ بمدينة طوس (مشهد المقدسة الواقعة في شمال شرق ايران)..
وقد أشرقت الأرض بمولد الامام علي الرضا عليه السلام، فقد وُلد خَيرُ أهل الأرض، وأكثرهم عائدة علي الاسلام. وَسَرَتْ موجاتٌ من السرور والفرح عند آل النبي صلي الله عليه وآله، وقد استقبل والده الامام الكاظم عليه السلام النبأ بهذا المولود المبارك وسماه باسم جده الامام أمير المؤمنين علي عليه السلام تَبَرُّكاً وَتَيَمُّناً بهذا الاسم المبارك، والذي يرمز لأَعظَم شَخصيةٍ خُلِقَت فِي دنيا الاسلام بعد النبي صلي الله عليه وآله، والتي تَحلَّت بِجميع الفضائل.
واستمر هذا العطاء الفياض بالخير والبركة علي المسلمين والعالم الاسلامي ينبع بعلمه وخلقه وحكمته البالغة ومواقفه الرسالية الجليلة ضد الطغيان والاستبداد والفساد السياسي والأخلاقي ورفع أركان الاسلام من جديد بعد أن حاول بني العباس القضاء علي النور الامامي تحت يافطة ولاية العهد ولكن الله سبحانه وتعالي اراد أن يتم نوره باشعاع نور الامام علي الرضا(ع).
لقد كانت حياة الامام الرضا (ع) فاتحة مرحلة جديدة من حياة الشيعة حيث خرجت بصائرهم وأفكارهم من مرحلة الكتمان الي الظهور والاعلان، ولم يعد الشيعة من بعد ذلك العهد طائفة معارضة في مناطق خاصة، بل أصبحوا ظاهرين في كل بلاد، وكان (ع) بمثابة قرآن ناطق، في خُلقه وعلمه ومكرماته وكان (ع) يمثل هذا النور بكل وجوده، وكان قلبه يستضيء بنور الله عزوجل، فأحبه سبحانه وتعالي ونوّر قلبه بضياء المعرفة وألهمه من العلوم ما ألهمه، وجعله حجة بالغة علي خلقه وهكذا أناب الامام الرضا (ع) إلي ربه فوهب البارئ له ما شاء من الكرامة والعلم، لقد زهد في الدنيا واستصغر شأنها، ورفض مغرياتها، فرفع الله عزوجل الحجاب بينه وبين الحقائق لأن حب الدنيا رأس كل خطيئة، وهو حجاب سميك بين الانسان وبين حقائق الخلق.
وأعظم الزهد زهده في الخلافة، بالطريقة التي عرضها عليه المأمون العباسي، فإن من الناس من يزهد في الدنيا طلباً لما هو أعظم من متاعها، حتي شهد له أعداؤه في شأن الخلافة. ما رأيت الملك ذليلاً مثل ذلك اليوم من خلال موقف الامام علي الرضا(ع) المشرفة.
وكان (ع) في قمة التواضع وحسن المعاشرة مع الناس، وقد فاضت من هذه النفس الكريمة تلك الأخلاق الحسنة، وكان عظيم الحلم والعفو، وسيرته تشهد بذلك وكتب التاريخ غنيةً بذلك.
لقد عاش الامام الرضا (ع) في عصر ازدهرت فيه الحضارة الاسلامية، وكثرت الترجمة لكتب اليونانيين والرومانيين وغيرهم، وازداد التشكيك في الأصول والعقائد من قبل الملاحدة وأحبار اليهود، وبطارقة النصاري، ومجسمة أهل الحديث. وفي تلك الأزمنة أتيحت له (ع) فرصة المناظرة مع المخالفين علي اختلاف مذاهبهم، فظهر برهانه وعلا شأنه. ويقف علي ذلك من اطلع علي مناظراته واحتجاجاته مع هؤلاء (جمع الشيخ الطبرسي قسما من هذه الاحتجاجات في كتابه الاحتجاج 2: 170 - 237).
وكان الامام علي الرضا(ع) أفضل الناس في زمانه وأعلمهم وأتقاهم وأزهدهم وأعبدهم وأكرمهم وأحلمهم وأحسنهم أخلاقاً، وكان يجلس في حرم النبي (ص) في الروضة والعلماء في المسجد فاذا عسرت علي أحد منهم مسألة أشاروا وبعثوا إليه بالمسائل فيجيب عنها وقد جمع له المأمون جماعة من الفقهاء في مجالس متعددة فيناظرهم ويغلبهم حتي أقر علماء زمانه له بالفضل