|
مــوقوف
|
رقم العضوية : 15
|
الإنتساب : Jul 2006
|
المشاركات : 21
|
بمعدل : 0.00 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
عابرة سبيل2005
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
بتاريخ : 27-08-2006 الساعة : 11:05 AM
إن المثل التي نشرها الإمام السجاد (عليه السلام) تبهر العقول وتدعو إلى الاعتزاز والفخر لكل مسلم بل لكل إنسان يدين للإنسانية ويخضع لمثلها وقيمها.
ومن الحق أن يقال أن هذا الإمام الملهم العظيم ليس لطائفة خاصة من الناس، ولا لفرقة معينة من الفرق الإسلامية دون غيرها، وإنما هو للناس جميعاً على اختلاف عصورهم، بل وعلى اختلاف أفكارهم وميولهم واتجاهاتهم، فإنه سلام الله عليه يمثل القيم الإنسانية والكرامة الإنسانية، ويمثل كل ما يعتزّ به هذا الإنسان من الكمال والآداب، وسمو الأخلاق وكان المسلمون يرون في سيرة الإمام زين العابدين (عليه السلام) تجسيداً حياً لقيم الإسلام وامتداداً مشرقاً لجده الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، فهو يحكيه في منهجه وسيرته ومآثره وقد ملك القلوب والعواطف بأخلاقه الرفيعة، وكانوا لا يرون غيره أهلاً لقيادتهم الروحية والزمنية، ولهذا عمدوا إلى اغتياله كما اغتالوا غيره من أئمة المسلمين، وأعلام الإسلام من الذين يشكلون خطراً عليهم.
يشكل عبق الأجواء والمناخات الروحية والإيمانية في مدينة كربلاء المقدسة معلماً بارزاً وميزة تنفرد بها المدينة عما سواها من المدن العراقية الأخرى، حيث ضريح الامام الحسين، ويقابله ضريح أخيه العباس (عليه السلام)، وعلى مرمى حجر منهما تل الزينبية، وهو مزار للسيدة زينب (عليها السلام) شقيقتهما. وفي أطراف المدينة تمتد القبور على مساحات شاسعة من الأرض.. أضف إلى ذلك أن هناك عدداً كبيراً من المساجد والحسينيات التي تؤدي دوراً فاعلاً ومهماً في إحياء المناسبات الدينية، ونشر وإشاعة ثقافة أهل البيت (عليهم السلام). ولعل ذلك يبدو واضحاً وجلياً إلى حد كبير خلال شهر محرم الحرام، وخلال شهر رمضان المبارك أكثر من أي وقت آخر.
وقد أضفى الطابع الديني للمدينة ومناخاتها الروحية قدراً كبيراً من الثراء الثقافي والقدرة على التعاطي والتعامل مع أناس من مشارب ومستويات وانتماءات وثقافات مختلفة.
وفي ظل تلك الأجواء والمناخات الروحية، كان لضريح سيدنا العباس (عليه السلام) خصوصية جعلته يمثل مأوى وملاذاً لأصحاب الحوائج.
وهناك عوامل عديدة جعلت الرابطة الروحية بين الناس والعباس (عليه السلام) من خلال ضريحه المقدس في كربلاء، ذات طابع خاص إذغ صح التعبير. ومن تلك العوامل أن الطريقة التي استُشهد بها العباس كانت في واقع الأمر طريقة مأساوية هزت وما زالت تهز مشاعر الملايين من الناس، وفي الوقت ذاته فإن التضحية والإيثار اللذين أظهرهما العباس من أجل إعلاء كلمة الدين ومساندة أخيه الإمام الحسين (عليه السلام) والدفاع عن حرائر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وسعيه إلى إنقاذ الأطفال والنساء بجلب الماء إليهم بأي وسيلة، كل ذلك جعل منه ثائراً وبطلاً قلّ نظيره في التاريخ. ويمكن للمرء أن يلمس مدى ذلك الارتباط الروحي والتعلق العاطفي والوجداني في يوم السابع من شهر محرم الحرام، الذي يوصف بأنه يوم العباس (عليه السلام)، وكذلك عند قراءة مقتل الإمام الحسين (عليه السلام) صبيحة يوم العاشر.
ولعل الزائر عندما يدخل إلى صحن العباس (عليه السلام) يطالع عبارة: "السلام عليك يا قمر بني هاشم".. ولا شك في إن لتلك العبارة معاني ودلالات عظيمة، بصرف النظر عمن هو قائلها. وقمر بني هاشم واحد من ألقاب عديدة للعباس (عليه السلام).
والملاحظ إن زوار مدينة كربلاء وزوار العباس (عليه السلام) ليسوا من العراقيين فحسب، بل إنهم يأتون من أقطار وبلدان مختلفة. وهم ليسوا من أبناء الطائفة الشيعية فقط، بل من أبناء الطائفة السنية وطوائف إسلامية أخرى. إذ هناك كرامات كثيرة للعباس (عليه السلام) يتناقلها الناس فيما بينهم، ولعل من بينها شفاء كثير من المصابين بأمراض استعصى على الأطباء علاجها. وإن تناقل روايات كثيرة عن تلك الكرامات الإلهية على ألسنة الناس، دفع أناساً مسلمين من غير أبناء الطائفة الشيعية، أو من غير المسلمين أصلاً، للتوجه إلى ضريح العباس (عليه السلام) إما لطلب الشفاء لمريضهم، أو لكشف غم أو هم ألم بهم. وهكذا فإن القدسية التي يحظى بها هذا الرجل جعلته يحتل مكانة قريبة جداً إلى مكانة الأئمة المعصومين (عليهم السلام).
وما يكشف جانباً مهماً من تلك القدسية، أن معظم الناس يتجنبون كثيراً أن يقسموا كذباً بالعباس، لأن لديهم قناعة واعتقاداً راسخاً بأن أذى سيلحق بهم جراء فعلهم هذا. وقد نقل لنا عدد من سدنة الروضة العباسية المباركة بعضاً من الكرامات التي شاهدوها ولمسوها خلال عملهم هناك منذ عدة أعوام.
وكذلك فإن الناس يأتون إلى الضريح المقدس للعباس (عليه السلام) في ظل مشاعر تمتزج فيها عوامل الرهبة والوجل والخوف بآفاق الأمل والتفاؤل واليقين وصدق الاعتقاد، ويخرجون منه ونفوسهم وقلوبهم منشرحة بعبق أجواء المكان الروحية والمعنوية، ليتوجهوا إلى الضريح الآخر المقابل له، لينهلوا منه المزيد.
العباس هو ابن أمير المؤمنين (عليه السلام)، وأخو سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) وحامل لوائه يوم عاشوراء. والعباس في اللغة بمعنى أسد الغابة الذي تفر منه الأسود.
أمّه فاطمة الكلابية التي اشتهرت في ما بعد بكنية أُمّ البنين، وقد تزوّجها الإمام علي (عليه السلام) بعد استشهاد فاطمة الزهراء (عليها السلام).
ذكر أنّه ولد في 4 شعبان عام 26 للهجرة بالمدينة، وهو أكبر أبناء أم البنين الأربعة الذين استشهدوا في كربلاء بين يدي الإمام الحسين (عليه السلام). وعند استشهاد أمير المؤمنين (عليه السلام) كان العباس في الرابعة عشرة من عمره، وفي كربلاء كان له من العمر 34 سنة.
كنيته أبو الفضل وأبو فاضل ومن أشهر ألقابه: قمر بني هاشم، وساقي العطاشى، وحامل لواء الحسين، وحامل الراية، وأبو القربة، والعبد الصالح، وباب الحوائج و . . . إلخ.
تزوّج العبّاس من لبابة بنت عبيد الله بن العبّاس (ابن عمّ أبيه)، ولد منها ولدان اسمهما عبيد الله، والفضل. وذكر البعض أنه له ابنين آخرين اسماهما محمد والقاسم.
كان العباسي طويل القامة جميل الصورة، ولا نظير له في الشجاعة، وقد سمي بقمر بني هاشم لحسنه وجماله. وهو حامل لواء الإمام الحسين (عليه السلام) يوم العاشر، وساقي خيام الأطفال والعيال. وكان يتولّى في مخيم أخيه إضافة إلى جلب الماء، حراسة الخيم والاهتمام بأمن عيال الإمام الحسين (عليه السلام).
وعلى بعد ثلاثمائة متر تقريباً من مرقد الإمام الحسين (عليه السلام) يوجد مرقد أبي الفضل العباس (عليه السَّلام)، في روضة مستقلة، ولم يكن الإمام يأذن بالحرب له ويستبقيه للقيادة فلما وجد الإمام وحيداً أصر على الإمام مستأذناً للقتال، فقال الإمام: (أنت صاحب لوائي)، فقال العباس: فداك روحي يا أخي فقد ضاق صدري من الحياة، فقال الحسين: فاطلب لهؤلاء الأطفال قليلاً من الماء، فخرج العباس وخطب فيهم ووعظهم، ثم قال: يا عمر بن سعد هذا الحسين ابن بنت رسول الله قد قتلتم أصحابه وأهل بيته، وهؤلاء عياله وأولاده عطاشى فاسقوهم من الماء فقد أحرق الضمأ قلوبهم، وهو مع ذلك يقول: دعوني أذهب إلى الروم أو الهند وأُخلي لكم الحجاز والعراق، فلما انتهى من كلامه وقد أثر كلامه في الجيش، وأخذ يلعن بعضهم بعضاً فصاح شمر، يا ابن أبي تراب، لو كان وجه الأرض كله ماء وهو تحت أيدينا، لما سقيناكم منه قطرة إلا أن تدخلوا في بيعة يزيد، ثم رجع العباس إلى الحسين وهو يسمع صراخ الأطفال من العطش، فأخذ قربته وحاربهم حتى وصل إلى الماء فملأ القربة وحملها متوجهاً نحو الخيام وأحاط به الأعداء من كل جانب ورموه بالنبال حتى صار درعه كجلد القنفذ من السهام، فكمن له زيد بن ورقاء من ورائه وقطع يمينه وهنا ارتجز (عليه السَّلام) يقول:
والله إن قـــــــطعتمو يـــــمــــيني إني أُحــــــــامي أبـــــداً عـن ديني
وعــــــن إمام صــــــادق اليـــقين نجل النـــــــبـــــــي الطاهر الأمين
يؤكد على أن اندفاعه إنما هو عن الدين والإسلام وإمامه الإمام الحسين (عليه السَّلام) في الحقيقة يمثل الإسلام، وقاتل حتى ضعف ثم أصاب القربة سهم وأُريق ماؤوها وجاء من ضربه بعمود من حديد فانقض عليه الحسين (عليه السَّلام) فوقف عليه منحنياً وقال أخي، الآن انكسر ظهري وقلت حيلتي وشمت بي عدوي، ولعل الحسين لهذا السبب لم يحمله إلى المخيم وبقي مرقده الشريف منفصلاً عن الشهداء، وهو كما قال الشاعر:
أحـــــق النــــــاس أن يــبكى عليه فتى أبكى الحســـــــين بكــــــربلاء
أخـــوه وابـــــــن والـــــده علي أبـــــو الفـــــضل المضرج بالدمــاء
|
|
|
|
|