إن فكرة انتظار ((المهدي، المنجي، المنقذ...)) هي فكرة آمنت بها الرسالات الالهية وغيرها ...
ومن الحكمة أن يكون الانسان من المنتظرين بالمعنى الايجابي للانتظار وأن يسعى أن يكون من الممهدين لظهور هذا المهدي المنقذ المنجي فالقول والعمل ومساعد له في تحقيق الاهداف السامية المرسومة من الله سبحانه وتعالى الا وهي نشر العدل في الارض ليكون حجة الله في الارضيين ...
الانتظار..العنوان الكبير الذي يختزل كل طموحات الإنسان على هذه الأرض، الإنسان المشدود إلى يوم الخلاص..
الانتظار يعني الخلاص من أنظمة الاستكبار والهيمنة والاستعلاء... الخلاص من سياسات الإذلال والقهر والظلم والاستعباد.. الخلاص من نزوات المتربعين على عروش البطش والفتك والسفك والقتل.. الخلاص من هواجس الرعب والخوف والحرب والدمار.. الخلاص من عالم البؤس والعناء والشقاء والمحن والفتن.. فلن يعش الإنسان على هذه الأرض بلا هوية، بلا كرامة، بل عزه، بلا حرية، بلا أمن، بلا سلام.. ولن يترك على هذه الأرض لا إلى نهاية يلهث وراء السراب الكاذب، ووراء شعارات الزيف والدجل والخداع.. ضحية التضليل والمؤامرات والمساومات وألاعيب السياسات الفاسدة.. وأسير الأيديولوجيات والنظريات الكافرة الضالة التائهة الضائعة الفاسقة الهابطة....وأسير القوانين والأنظمة الجائرة الزائفة الفاشلة..
إن كل ذلك لابدّ له من نهاية .. وستكون زمام الأمور ووراثة الأرض لعباد الله الصالحين وليس للأشرار والفجار، والعصاة والمنحرفين، والطغاة والمستكبرين..
قال تعالى : "ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون"
فقيادة هذا العالم في نهاية الشوط هي للمؤمنين المستضعفين .
قال تعالى : "ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض، ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين"
إذن النصر في النهاية لدين الله الإسلام..
قال تعالى : "ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون"
كل الديانات، كل النظريات، كل الأيديولوجيات كل الاطروحات تسقط في النهاية ويبقى دين الله القويم الإسلام المحمدي الإصيل.
متى يأتي يوم الخلاص لكل الأرض، لكل الإنسان لكل الحياة، لكل الدنيا..
ذلك يوم يأتي النداء من السماء : ظهر قائم آل محمد" صلى الله عليه وآله
ومهما طال الزمن, ومهما اشتدت المحن, ومهما ضاقت الأرض على المؤمنين فيوم الخلاص آت، ذلك وعد غير مكذوب.
قال تعالى : "انهم يرونه بعيدا ونراه قريباً"
انه مصداق حي لقول الصادق المصدق صلى الله عليه وآله وسلم: " لو لم يبق من الدينا إلا يوم واحد لطول ذلك اليوم حتى يلي رجل من أهل بيتي يواطئ أسمه أسمي، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً, كما ملئت ظلماً وجوراً"
وقوله صلى الله عليه وآله: "لا تقوم الساعة حتى تمتلئ الأرض ظلماً وعدواناً، ثم يخرج رجل من عترتي(او من أهل بيتي) يملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا"
وقوله صلى الله عليه وآله : " أبشركم بالمهدي يبعث في أمتي على اختلاف من الناس وزلازل، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض"
وقوله صلى الله عليه وآله: " المهدي منا أهل البيت.. من ولد فاطمة"
نعم... انه المهدي من آل محمد صلى الله عليه وآله الذي يصلي خلفه المسيح عيسى بن مريم .
• جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله:
" فإذا كان يوم الجمعة من صلاة الغداة وقد أقيمت الصلاة، فالتفت المهدي فإذا هو بعيسى بن مريم وقد نزل من السماء في ثوبين كأنما يقطر من رأسه الماء، فيقول له الأمام : تقدم وصل بالناس، فيقول له عيسى: إنما أقيمت الصلاة لك، فيصلي عيسى خلفه"
• واخرج ابن ماجه والروياني وابن خزيمة وأبو عوانه والحاكم وأبو نعيم- وجميعهم من أئمة الحديث- عن أبى أمامة- وذكر حديثاً جاء فيه-:
"وإمامهم المهدي رجل صالح، فبينما إمامهم تقدم يصلي بهم الصبح إذ نزل عيسى بن مريم فرجع ذلك الإمام يمشي القهقرى ليتقدم عيسى، فيضع عيسى يده بين كتفيه ثم يقول له: تقدم فصل فإنها لك أقيمت فيصلي بهم إمامهم"
• وروى السدي:
"يجتمع المهدي وعيسى بن مريم في وقت الصلاة فيقول المهدي لعيسى: تقدم، فيقول عيسى: انت أولى بالصلاة، فيصلي عيسى وراءه مأمونا..."
• وذكر البخاري في صحيحه بإسناده الموصول إلى رسول الله صلى الله عليه وآله على النحو التالي:
"كيف انتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم"
وقد أجمع شراح البخاري أن لفظة "إمامكم" الواردة في الحديث المقصود بها(الإمام المهدي) ومما يؤكد هذا أن الحديث جاء في مصادر أخري بصيغة "وإمامكم المهدي منكم"
• أما مسلم فقد جاء في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة - قال- فينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم: تعال صل لنا، فيقول لا، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأرض"
وهنا أيضا قال شراح مسلم أن لفظة "أميرهم" الواردة في الحديث يقصد بها "الإمام المهدي".
وهكذا – ومن خلال هذه النصوص والأحاديث- تشكل الوعي الانتظاري عند المسلمين، وتكونت رؤيتين لهذا الانتظار:
الرؤية الاولى : رؤية تتعاطى مع الانتظار ضمن فهم يؤمن بوجود الإمام الحي الغائب، كما هي الرؤية الشيعية..
الرؤية الثانية : هي رؤية أخرى تتعاطى مع الانتظار ضمن فهم يؤمن بإمام لا زال في رحم الغيب، كما هي الرؤية الغالبة عند المذاهب الأخرى ..