في ذلك البيت حيث يسكنه الهدوء والأمن والطمأنينة، في تلك البقاع التي يحفها الأمن والاستقرار.. في تلك البقعة، حيث توقف ناظري على مشهد مثير، حصلت وقائعه في بيت مريب.
تعالوا لتشاهدوا، وتتخيلوا معي ماهية هذا المنظر المريب!..
وصلت إلى تلك البلاد، فرأيت فيها بيتا مثيرا للدهشة : إنه مظلم ومغطى من جميع الجهات.. دخلت إليه، وبدأت أتفقده من الداخل والخارج.. إنه بيت غريب بجميع المواصفات.. بدأت بالتجول داخله، حتى وصلت إلى جهة منه.. فجأة سمعت صوت جلبة آتية من إحدى الغرف، فآثرت الاختباء في أحد الصناديق القريبة من ذلك المكان.. بعد قليل رأيت رجلا يخرج من الغرفة، وهو يترنح وفي يده مصباح.. وحين حاولت تبيُّنَ شكله، لم أستطع لشدة الظلمة، فجأة قام الرجل بإنارة المصباح، فتبينت معالمه إنه رجل عجوز!..
نعم، رجل عجوز قد خط الشيب في رأسه، فهو يمشي ويكاد يسقط.. مر هذا الرجل من أمامي، ولم ينتبه لي.. فقررت أن أتبعه، ومشيت ورائه.
فجأة توقف الرجل أمام أحد الأبواب، وفتحه ودخله.. إنه مكان للوضوء!.. تعجبت من هذا العجوز، كيف يتوضأ الآن والجو في شدة البرودة!..
قلت : لابد وأنه يمشي وهو نائم، فعذرته!.. بعد أن فرغ العجوز من وضوئه، رأيته يحمل مصباحه، ويخرج من البيت.. فهنا توثق في نفسي، أنه نائم ولا يدري عما يحدث من حوله.. قررت اتباعه، والمضي ورائه ؛ لأرى ما الذي سيفعله في هذا الليل المظلم؟..
بدأ هذا العجوز بالسير في الطرقات، حتى وصل إلى أقرب الأحياء التي يقطنها السكان.. بدأ العجوز بطرق الأبواب باباً باباً، ولكن لا أحد يرد عليه.
فقلت لنفسي : الكل نيام، ما الذي يريده هذا الرجل في هذا الوقت؟..
فقلت : لعل به سقما أو مرضا أو ضائقة، فقلت : لأتْبَعْهُ وأرى مصيره!..
مشينا ومشينا وقتا طويلا، حتى انتهى الرجل من جميع البيوت، وجميع البيوت لا أحد يرد عليه.. توجه الرجل نحو بيت من البيوت، الذي يشبه قصور هذا الزمان.. فطرق الباب، فخرج إليه شاب مفتول العضلات.. فقلت في نفسي : خيرا سيساعده إن شاء الله.. ولكن حصل ما لم يخطر ببالي، لقد قام هذا الشاب بدفع العجوز دفعة ً كاد يغشى عليه منها.. قام العجوز متثاقلا وهو يردد : هداك الله, هداك الله!..
تبعت العجوز حتى توقف على أحد الأرصفة، وسقط على أقرب كرسي على الرصيف، وبدأ يردد : ضيعتموني، فضيعكم الله!.. ضيعتموني، فضيعكم الله!..
هنا قررت الذهاب إلى هذا العجوز، وأريد الاستفسار منه.
فقلت له : ويلك من أنت؟!..
فقال : ألا تعرفني, إنه أنا!..
أنا الذي يقوم علي العباد الصالحون، والعلماء الخاشعون.
فقلت له : لم أعرفك!..
قال : أنا قيام الليل, أنا التهجد, أنا الوقت الذي ينزل فيه الله - عز وجل - إلى السماء الأولى، فينادي ويقول : هل من مستغفر، فأغفر له؟..
قلت : الآن عرفتك، وسألته : ومن ذلك الشاب الذي دفعك؟..
قال : إنه سلطان النوم، نعم إنه السبب وراء مصيبتي.. انظر إلى جسدي كيف أصبح؟.. وإلي نظري كيف ضعف؟.. وإلى سمعي كيف قلّ؟..
نعم، إنه من آثره الناس علي، فأكرموه وألبسوه أحلى الحلل!.. ورموني على قارعة الطريق، وألبسوني ثياب الذل والضعف.
وهذا هو حالي - يا بني - أجوب الطرقات، لعل الله أن يهدي أناسا، أو أن يخرج من أصلابهم من يحفظني ويرعاني.
وهذا هو الحال : أصبحت حياة الناس نكدا وهما وتعبا، لقد ضيعوني فضيعهم الله.. وهذا الذي سمعته مني، وأنا الآن أستأذنك فدعني أكمل المسير، لعل اليوم الذي يطلبني فيه الناس قد صار بالقريب.
هنا تركني الرجل وذهب في حال سبيله، وجلست أتفكر في نفسي : يا ترى إلى متى هذا النوم والضعف؟.. لماذا تركنا قيام الليل هكذا؟.. لماذا ضيعناه؟..
ننام يوميا 10 ساعات متتالية، ألا نستطيع أن نقوم منها عشر دقائق فقط لأداء ركعتين؟!.. ألا نستطيع أن نقوم خمس دقائق، لندعو الله في دقيقتين؟!..
ينزل ربنا يوميا إلى السماء الأولى، ونحن نيام يا سبحان الله!..
ألن نتخلص من النوم، لعل وعسى أن يأتي اليوم الموعود، فيعود الناس إلى ربهم، ويعبدونه حق عبادته!..
ننتظرك، فعجل علينا، لعل الله أن يفرج به عنا مصائبنا وكرباتنا!..
الاخت زينب ,, السلام عليكم
مررت بنصك الجميل والهادف فاعجبني
ولا ادعي الاحاطه والمعرفه المستفيضه بفنون القصه لكنني اكتب
بحمد الله
واقول : لقد كان نصك تقريريا بحتا في نهايته وهذا يعارض اسلوب القص الافتراضي
الذي سقت به النص في البدايه
لا اشأ ان اثقل عليك بملاحظتي انشاء الله
ابدعت ونتواصل