تفسير تفسير القرآن/ علي بن ابراهيم القمي (ت القرن 4 هـ) مصنف و مدقق
{ عبس وتولى أن جاءه الأعمى } [1-2] قال: نزلت في عثكن وابن أم مكتوم وكان ابن أم مكتوم مؤذناً لرسول الله صلى الله عليه وآله وكان أعمى، وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وعنده أصحابه وعثكن عنده، فقدمه رسول الله صلى الله عليه وآله عليه فعبس وجهه وتولى عنه فانزل الله عبس وتولى يعني عثكن ان جاءه الأعمى.
{ وما يدريك لعله يزكى } أي: يكون طاهراً أزكى.
{ أو يذكر } قال: يذكره رسول الله صلى الله عليه وآله.
خاطب عثكن فقال: { أما من استغنى فأنت له تصدى } [5-6] قال: أنت إذا جاءك غني تتصدى له وترفعه.
{ وما عليك ألا يزكى } أي: لا تبالي زكياً كان أو غير زكي إذا كان غنياً.
{ وأما من جاءك يسعى } يعني ابن أم مكتوم.
{ وهو يخشى فأنت عنه تلهى } [9-10] أي: تلهو ولا تلتفت إليه.
قوله: { كلا إنها تذكرة } قال: القرآن.
{ في صحف مكرمة مرفوعة } [13-14] قال: عند الله { مطهرة بأيدي سفرة } [14-15] قال: بأيدي الأئمة.
في المجمع عن الصادق عليه السلام الحافط للقرآن العامل به مع السفرة الكرام البررة.
تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي/ الفيض الكاشاني (ت 1090 هـ) مصنف و مدقق
القمّي قال نزلت في عثمان وابن مكتوم وكان ابن امّ مكتوم مؤذناً لرسول الله وكان اعمى وجاء الى رسول الله صلّى الله عليه وآله وعنده اصحابه وعثمان عنده فقدّمه رسول الله صلّى الله عليه وآله على عثمان فعبس عثمان وجهه وتولّى عنه فأنزل الله عبس وتولّى يعني عثمان ان جاءه الأعمى.
وفي المجمع عن الصادق عليه السلام نزلت في رجل من بني اميّة كان عند النبيّ صلّى الله عليه وآله فجاء ابن مكتوم فلمّا رآه تقذر منه وجمع نفسه وعبس واعرض بوجهه عنه فحكى الله سبحانه ذلك وانكره عليه.
تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق
وقوله { أن جاءه الأعمى } معناه عبس لأن جاءه الاعمى، وقال ابن خالويه: تقديره إذ جاءه الاعمى، المراد به عبد الله بن أم مكتوم - في قول ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك وابن زيد - وقال الفراء: كانت أم مكتوم أم ابيه. وقال غيره: كانت أمه. وقال ابن خالويه ابوه يكنى أبا السرج. واختلفوا فيمن وصفه الله تعالى بذلك، فقال كثير من المفسرين وأهل الحشو: إن المراد به النبي صلى الله عليه وآله قالوا وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله كان معه جماعة من أشراف قومه ورؤسائهم قد خلا بهم فاقبل ابن أم مكتوم ليسلم فأعرض النبي صلى الله عليه وآله عنه كراهية أن تكره القوم إقباله عليه فعاتبه الله على ذلك. وقيل: إن ابن أم مكتوم كان مسلماً، وإنما كان يخاطب النبي صلى الله عليه وآله وهو لا يعلم أن رسول الله مشغول بكلام قوم، فيقول يا رسول الله.
وهذا فاسد، لان النبي صلى الله عليه وآله قد أجل الله قدره عن هذه الصفات، وكيف يصفه بالعبوس والتقطيب، وقد وصفه بأنه
{ لعلى خلق عظيم }
وقال
{ ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك }
وكيف يعرض عمن تقدم وصفه مع قوله تعالى
{ ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه }
ومن عرف النبي صلى الله عليه وآله وحسن أخلاقه وما خصه الله تعالى به من مكارم الاخلاق وحسن الصحبة حتى قيل إنه لم يكن يصافح احداً قط فينزع يده من يده، حتى يكون ذلك الذي ينزع يده من يده. فمن هذه صفته كيف يقطب في وجه أعمى جاء يطلب الاسلام، على أن الانبياء عليهم السلام منزهون عن مثل هذه الاخلاق وعما هو دونها لما في ذلك من التنفير عن قبول قولهم والاصغاء إلى دعائهم، ولا يجوز مثل هذا على الانبياء من عرف مقدارهم وتبين نعتهم.
يقول الشيخ علي ال محسن :لقد ذهب الشيعة الإمامية إلى أن سورة عبس لم تنزل في رسول الله للأسباب التالية: (السبب الرابع) أن التولي في كتاب الله صفة مذمومة جداً، يراد به في أكثر آيات القرآن: الكفر، كما ذكر ذلك أبو حيان الأندلسي في تفسيره البحر المحيط.
ومن الآيات التي ورد فيها وصف الكافرين بالتولي قوله تعالى:
(السبب الخامس) كما أن صفة التصدي والاعتناء بالأغنياء، والتلهي والتشاغل بما لا يفيد عن الفقراء المؤمنين الطالبين للاسترشاد والتعلم والتفقه لا تنطبق على رسول الله ص قطعا، لأن الله تعالى وصفه بغير ذلك، فقال: )لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ( (التوبة:128)