هذا هو الأردبيليّ
الشيخ أحمد بن محمّد، المشهور بـ « المحقّق، والمقدّس الأردبيليّ »، من أشهر فقهاء الشيعة الإماميّة في القرن العاشر الهجريّ. له تحقيقاتٌ وآثار أبكار في: الفقه والأصول والتفسير والحديث والرجال والكلام.
أمره في الثقة والجلالة، والفضل والنبالة، والزهد والديانة، والورع والأمانة، أشهر من أن يحيط به قلم، أو يحويه رقم
(1). كان متكلّماً فقيهاً جليل الشأن رفيع المنزلة، أورعَ أهل زمانه وأعبدهم وأتقاهم، وكفى في ذلك ما قاله الشيخ المجلسيّ: أخبرني جماعة عن السيّد الفاضل أمير علاّم قال: كنتُ في بعض الليالي في صحن الروضة المقدّسة بالغري ( النجف الأشرف ) على مشرِّفها السلام، وقد ذهب كثير من الليل، فبينا أنا أجول فيها إذ رأيت شخصاً مقبلاً نحو الروضة المقدّسة، فأقبلت إليه، فلمّا قربتُ منه عرفتُ أنّه أستاذنا الفاضل العالم التقيّ مولانا أحمد الأردبيليّ قدّس الله روحه، فأخفيتُ نفسي عنه حتّى أتى البابَ وكان مغلَقاً فانفتح له عند وصوله إليه، ودخل الروضة، فسمعته يكلّم كأنّه يناجي أحداً، ثمّ خرج وأُغلق الباب، فمشيتُ خلفه حتّى خرج من الغريّ وتوجّه نحو مسجد الكوفة، فكنتُ خلفه بحيث لا يراني، حتّى دخل المسجد وصار إلى المحراب الذي استُشهِد عنده أمير المؤمنين عليه السّلام، ومكث طويلاً.. ثمّ رجع وخرج من المسجد وأقبل نحو الغريّ، فكنتُ خلفه، حتّى قرب الحنّانة فأخذني سُعال لم أقدر على دفعه، فالتفتَ إليّ فعرفني وقال: أنت أمير علاّم ؟ قلت: نعم، قال: ما تصنع ها هنا ؟ قلت: كنت معك حيث دخلتَ الروضة المقدّسة إلى الآن، وأقسم عليك بحقّ صاحب القبر أن تُخبرني بما جرى عليك الليلة من البداية إلى النهاية، فقال: أُخبرك على أن لا تخبر به أحداً ما دمتُ حيّاً. فلمّا توثّق ذلك منّي قال:
كنتُ أفكّر في بعض المسائل وقد أُغلِقتْ علَيّ، فوقع في قلبي أن آتيَ أمير المؤمنين عليه السّلام وأسأله عن ذلك، فلمّا وصلتُ إلى الباب فُتح لي بغير مفتاحٍ كما رأيتَ، فدخلتُ الروضة وابتهلتُ إلى الله تعالى في أن يجيبني مولاي عن ذلك، فسمعتُ صوتاً من القبر أن ائتِ مسجد الكوفة وسَلِ القائم صلوات الله عليه؛ فإنّه إمامُ زمانك، فأتيتُ عند المحراب وسألته عنها وأُجِبت، وها أنا أرجع إلى بيتي
(2).
مؤلّفاته
للمقدّس الأردبيلي مؤلّفات جيّدة وعديدة، منها:
1 ـ مجمع الفائدة والبرهان: هو شرح ( إرشاد الأذهان ) للعلاّمة الحلّي.
2 ـ زبدة البيان: وهو شرح وتفسير آيات الأحكام.
3 ـ حديقة الشيعة: باللغة الفارسيّة.
4 ـ الخراجية.. وله رسائل وتعليقات، وكتب باللغة الفارسيّة
(3).
دراسته
قرأ على بعض تلامذة الشهيد الثاني وفضلاء العراقَين، وله الرواية عن السيّد علي الصائغ ـ وهو من كبار تلامذة الشهيد الثاني ـ. قرأ عليه جملةٌ من الأجلاّء.
(4)
وفاته
تُوفّي رحمه الله في المشهد الغرويّ المقدّس بالنجف الأشرف في شهر صفر سنة 993هـ، ودُفن في الحجرة المتصلة بالمخزن المتصل بالرواق الشريف