|
عضو جديد
|
رقم العضوية : 64767
|
الإنتساب : Mar 2011
|
المشاركات : 25
|
بمعدل : 0.00 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
أم البنين في مدرسة الامام علي (ع)
بتاريخ : 16-03-2011 الساعة : 02:36 PM
أم البنين في مدرسة الامام علي (ع)
عدنان عبد النبي البلداوي
بعد ان تهيأت عند الامام علي عليه السلام فكرة الزواج بعد وفاة سيدة نساءالعالمين، قال لأخيه عقيل بن ابي طالب الذي كان احد الذين يتحاكم اليهم الناس في علم الانساب : (يااخي انظر لي إمرأة قد ولدتها الفحولة من بني العرب لأتزوجها فتلد لي غلاما فارسا) .
إن طلب الامام هذا لايعني انه بحاجة الى من يشخص له مرابض الشجاعة في قبائل العرب ، وهو البطل الفارس الخبير بأسرارها ( وكم سائل عن أمره وهو عالم..).
فأيّ هدف كان ينشد الامام في صيغة طلبه هذا..؟
إن معرفة الإمام بشجاعة وفروسية الأقوام لم تمنعه من تبادل الرأي ، فعلى الرغم من علمه الواسع وأدبه الجم وانه الاعلم بعد رسول الله صلى الله عليه واله بإمور الدين والدنيا ، فإن صيغة الطلب التي تقدم بها لأخيه عقيل لينظر له امراة يتزوجها ، إنما هي صيغة الحكيم المجرب ذي النظرة البعيدة المدى التي حرص فيها على نبذ الإنطواء على الراي الشخصي ، لكي لايبقى ذلك الانطواء سنّة تتبع أو عذرا يُصطنع، لذك لم يكتف الامام برأيه الشخصي رغم صواب مضمونه واهدافه، قاصدا من ذلك ديمومة المساعي الحسنة وتبادل الآراء ،لتتعزز بذلك الأواصر وتتقارب العلاقات وصولا الى سلامة النتائج ، وقد تمخض عن تلك المضامين الفكرية ولادة حكمة له عليه السلام يقول فيها: ( من استبد برأيه هلك ومن شاور الرجال شاركها في عقولها).
وكان جواب عقيل لأخيه الامام : ياأخي تزوج فاطمة بنت حزام الكلابية فإنه ليس في العرب على وجه الاطلاق أشجع من آبائها..
لقد شاءت إرادة الله تعالى ان يقترن امام المتقين بفاطمة بنت حزام ،وتمتزج الروحان فإذا بكيانها يلفّه فيض من النور المتوهج من كيان علي ، ومن هنا بدأت خطواتها تتنقل في أروقة الامام ، لتضيف الى سمو غرسها ونجابة ا صلها الوانا اخرى جديدة هي مما خص الله بها اولياءه الطيبين الطاهرين ، فما علمته من بلاغة قومها في خطبهم واشعارهم رأته هامشا صغيرا في عالم بلاغة الامام ، اما عن مآثر البطولة والفروسية فهي كلما ارادت ان تستجمع صورا منها في ذاكرتها يشخص امامها ذو الفقار محدثا اياها ببريقه حديث اسرار القوة المودعة في علي وموثقا بأنه السيف الذي قدر له ان يقترن بالامام دون غيره حتى تشرفت قراطيس التاريخ بمقولة ذلك الاقتران الخالد :
لافتى الا علي لا سيف الا ذو الفقار
وتفاعلت نفس فاطمة مع هذه الاجواء حتى استنهضت فيها كوامن ماورثته من اصلابها ..
اذ سرعان ما بدأت مظاهر الصفات الوراثية المتميزة تتجلى في سيرتها مع الامام وولديه السبطين عليهم السلام ، ففي اول ليلة زواجها سالت الامام ان يغير اسمها قائلة: اخشى ان تخاطبني بفاطمة فيتذكر الحسنان امهما عليها السلام فقال عليه السلام حسنا يا ام البنين ، وكان اختيار الامام لهذه الكنية اختيارا مُلهما والا لكناها بأم فلان او فلانة او بأي صفة كريمة كقوله يا ام الخير ويا ام المكارم وهكذا مهّد هذا الاختيار المبارك لتلج ام البنين بيت علي فتسمع كلاما هو دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوق ينساب الى مسامعها بمضامين متنوعة تعالج مختلف شؤون الحياة وهكذا شاء الله عز وجل ان ترتشف ام البنين من معين النبوة والامامة رحيق المعرفة والادب والخبرة والدراية ، ولاشك في ان هذا الكم الهائل من الخبرات المتنوعة في شؤون الحياة ليس من اليسير لكل متلق استيعاب مضامينه ، فقد اكدت الدراسات ان ليس لكل انسان القدرة على اختزان الخبرات التي تعرض له في حياته من خلال علاقته مع القريبين منه فوراثة قدرة معينة على التخزين يعني ان هناك استعدادا فطريا موهوبا. إذ لو لم تكن المسألة مسألة موهبة ، لما بدرت منها رضوان الله عليها لمحات الإدراك الحسّي المتميز وهي في اول ايامها مع الامام ولها من العمر مابين (10-11) سنة تقريبا ، ففي ضوء ادراكها الحسي الذي اهّلها الى ذلك وقدرتها على الاستنتاج السريع استطاعت ام البنين ان تقيم علاقات فيما بين ما لاحظته وهي عند اهلها وبين خبراتها الجديدة التي تم اكتسابها وهي في رحاب الامام (ولما كان من طبيعة الخبرات ان تتجاذب وتتآلف وتتحد فيما بينها في عملية ينجم عنها انجاب خبرات جديدة ) فقد تحقق ذلك في سيرة السيدة الجليلة وهي تغترف في خضمّ حياتها الخاصة النماذج العظمى في كل الاشياء مما ورثته من آبائها ومما حباها الله تعالى به من ثروة الامام العلمية والاجتماعية والتربوية ، الثروة التي استقاها عليه السلام وهو تحت وهج الانوار المحمدية طيلة اكثر من ثلاثين عاما ,
وفي ضوء ذلك بدأ التلقي في اجواء هذه المدرسة الكبيرة مُدافا مع مصْل الأصالة الكائن في العروق الطاهرة ، وحسبُ من يبحث بيولوجيا في شؤون هذا البيت المبارك أن يجد ذلك التوافق الفريد بين الوراثة والبيئة ، فالأصلاب سامية سامقة نقية زكية ، والبيئة طاهرة مطهرة يشغل اجواءها رفيف الملائكة وأنفاس التسابيح.
|
|
|
|
|