يحتفل في الثامن من مارس (آذار) من كل عام باليوم العالمي للمرأة، و هو يعبر عن قصة المرأة صانعة التاريخ على امتداد القرون الماضية من أجل المشاركة في المجتمع على قدم المساواة مع الرجل وصناعة السلام، حيث حققت المرأة حضوراً بارزاً ومتميزاً في العديد من القطاعات المختلفة وتجاوزت العادي والمألوف إلى الإبداع الإنساني.
فالمرأة تشارك الرجل مشاركة فعالة في جميع ميادين الحياة، وفي لمحة تاريخية عن المرأة العربية نرى أنها استطاعت أن تثبت حضورها جنباً إلى جنب مع الرجل في نضالها ضد الاستعمار والظلم، كما أولت القيادة السياسية اهتماماً كبيراً لتمكين المرأة من أخذ دورها الريادي الفعال في بناء المجتمع ودخول مختلف الميادين التي مهدت لتسلمها المناصب القيادية والنقابية والسياسية.
تاريخ الاحتفال بيوم المرأة العالمي:
في اليونان القديمة قادت ليسستراتا إضراباً من أجل إنهاء الحرب؛ وخلال الثورة الفرنسية، نظمت نساء باريس الداعيات إلى “الحرية والإخاء والمساواة" نظمن مسيرة إلى قصر فرساي مطالبات بحق المرأة في الاقتراع.
وظهرت فكرة اليوم الدولي للمرأة لأول مرة في كوبنهاجن19 مارس 1910 وتم الاحتفال به في عدد من الدول الأوروبية حيث شارك ما يزيد على مليون امرأة في الاحتفالات. طالبت فيها النساء بالحق في العمل و الحق في التصويت، والتدريب المهني وإنهاء التمييز في العمل. وما كاد ينقضي أسبوع واحد حتى أودى حريق مدينة نيويورك المأساوي في 25 مارس بحياة ما يزيد عن 140 فتاة عاملة. وكان لهذا الحدث تأثير كبير على قوانين العمل في الولايات المتحدة الأمريكية، وأثيرت ظروف العمل التي أسفرت عن هذه الكارثة خلال الاحتفال باليوم الدولي للمرأة في السنوات اللاحقة.
ولأن طبيعة المرأة تميل إلى السلام، أخذت حركة السلام في الظهور عشية الحرب العالمية الأولى، واحتفلت المرأة الروسية باليوم الدولي للمرأة لأول مرة في فبراير 1913. وفي الأماكن الأخرى من أوروبا نظمت المرأة في 8 مارس من السنة التالية، تجمعات حاشدة للاحتجاج ضد الحرب أو للتعبير عن التضامن مع أخواتهن.
وفى عام 1917 منيت روسيا بخسائر كبيرة فى الحرب، والتي بلغت مليوني جندي، فنظمت المرأة الروسية من جديد إضراباً من أجل “الخبز والسلام”. و عارض الزعماء السياسيون موعد الإضراب، غير أن ذلك لم يثن النساء عن المضي في إضرابهن.
واُجبر القيصر بعد أربعة أيام على التسليم، ومنحت الحكومة المؤقتة المرأة حقها في التصويت. ووافق هذا يوم 25 فبراير من التقويم اليوليوسي المتبع آنذاك في روسيا، والذي وافق يوم 8 مارس من التقويم الجريجوري المتبع في دول أخرى. ومنذ تلك السنوات الأولى، أخذ اليوم الدولي للمرأة بعداً عالمياً جديداً وساعدت الحركة النسائية الدولية المتنامية، التي عززتها أربعة مؤتمرات عالمية عقدتها الأمم المتحدة بشأن المرأة، ساعدت على جعل الاحتفال فرصة لحشد الجهود المتضافرة للمطالبة بحقوق المرأة ومشاركتها في الشئون السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وأصبح اليوم الدولي للمرأة يشكل فرصة لتقييم التقدم الذي أحرزته المرأة، والدعوة إلى التغير والاحتفال بما أنجزته المرأة العادية بفضل شجاعتها وتصميمها في تاريخ حقوق المرأة.
ثم جاء ميثاق الأمم المتحدة، الذي وقع في سان فرانسيسكو في عام 1945، أول اتفاق دولي يعلن المساواة بين الجنسين كحق أساسي من حقوق الإنسان، ومنذ ذلك الوقت، ساعدت المنظمة على وضع مجموعة تاريخية من الاستراتيجيات والبرامج والأهداف المتفق عليها دوليا بهدف النهوض بوضع المرأة في العالم. و اتخذ عمل الأمم المتحدة من أجل النهوض بالمرأة أربعة اتجاهات هي: تعزيز التدابير القانونية؛ وحشد الرأي العام والعمل الدولي؛ والتدريب والبحث، بما في ذلك جمع الإحصاءات المصنفة بحسب نوع الجنس؛ وتقديم المساعدة المباشرة إلى المجموعات المحرومة. واليوم أصبح عمل الأمم المتحدة يستند إلى مبدأ تنظيمي رئيسي يقول بأنه لا يمكن التوصل إلى حل دائم لأكثر المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية خطراً إلا بمشاركة المرأة وتمكينها الكاملين على الصعيد العالمي.
فالمرأة هي الأم الحنونة التي تستحقّ أن تكون كلّ أيامها أعياداً. و هي الزوجة التي بدونها لا تكون الأسرة ولا يكون المجتمع. و هي الأخت الحنون والابنة التي تزيّن البيت. و هي كذلك زميلة العمل التي تشارك الرجل في بناء المؤسسات وبناء الوطن. والمرأة هي نصف المجتمع العالمي. ولو أردنا إكرام المرأة حقاً، لهيأنا لها الظروف التي تجعلها تتمتع بالحقوق التي منحها لها الله سبحانه وهذه هي المساواة الحقيقية. فآدم وحواء عليهما واجبات، ولكل منهما حقوق. أتمنى أن يأتى اليوم الذي تنول فيه كل فتاة صغيرة حقها في التعليم لأنه لو تعلمت المرأة تعلم كل العالم لأنها المربية الأولى للبشرية .
الاهتمام بالمرأة المعاصرة:
وفي تقرير لصندوق الأمم المتحدة للسكان أنه في كافة أنحاء العالم لا تزال الحروب التي تندلع تلحق الخراب بحياة المدنيين، ولاسيما النساء والأطفال ويشكلون الأغلبية العظمى من الضحايا. لذلك فمن حقهم أن يتمتعوا بقدر من الرعاية والحماية والاهتمام الصحي ومواجهة الأمراض ورعاية الحوامل وتأمين الوقاية لها من الإصابة بخطر سوء التغذية والإصابة بالأمراض المعدية.
وطالب المؤتمر الدولي للسكان والتنمية الذي عقد في القاهرة عام 1994 بكفالة حقوق الإنجاب وتوفير الرعاية الصحية والإنجابية، ومنذ ذلك الحين يعمل صندوق الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف»، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر من أجل تلبية احتياجات الصحة الإنجابية والتصدي للعنف ضد المرأة وإنهاء الصراعات.
ومن هنا أصبح المجتمع الدولي للمرأة يدرك أن غياب المرأة عن دوائر صنع القرار يعرقل الجهود المبذولة لمنع الصراعات كما يعوق صنع السلام وحفظه.