بسم الله الرحمن الرّحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياءالمرسلين وآله الأطهار المنتجبين
الإمامة : بين النّص والشورى .. وحكم الرافضة ج2.
*** البحث في النّص عند الرّافضــة :
إنّ النصوص الواردة في حقّ إمامة الإمام عليّ – عليه السلام – من بعد رسولالله – صلى الله عليه وآله وسلّم - . أيقنت بها الصحابة قبل نشأة المدرسة الشيعيّة ، وعلى رأسهم الإمام علي "ع" ، يقينا لايسمح أن يتسرّب إليه مدلول الشكّ .. ممّا دفع عليّا "ع" أن يردَّ بدهشةٍ على من دعاه إلى التعجيل بعقد البيعة لهُ بعد وفاة الحبيب المصطفى "ص" قائلا ": ومن يطلبُ هذا الأمر غيرنا ..؟:" [1]
هذا إستفسار من كان موقنا بحتميّة النّص . لكن تسارع الأحداث .. وبين هَجْــرِ رسول الله "ص" ..؟ والرزيّة ، وحتى مهزلة السقيفة .؟ والسطو على بيت الزهراء – عليها السّلام - .. تلك المخازي وغيرها لم تترك لشيء من تلك النصوص موقعا يُرتجى . في حين كان الواجب الشرعيّ المقدّس يُحتّمُ عليهم التعبّد بالنّصوص الشريفة الثابتة والمتواترة عنه "ص" ، بدلا من إفراطهم فيإتّباع أهوائهم وتأويلاتهم وإجتهاداتهم .. حتّى أصبح إعتقادهم في قدسيّة الرجال أعظم من قدسيّة النّص ..؟ فأدانوا التاريخ لتخطئته كثير منَ الصحابة ، وذهبوا إلى التأويل بمجرّد الأهواء والتعصّب الأعمى .. ثمّ عزفوا على وقع الإجتهاد في مقابلالنّص ، فأجازوا لأوليائهم الخطأ وأثابوهم في ذلك الأجر .. بغيا من عند أنفسهم وبهتانا . ولم يبقى بين المتمسّك بالشريعة والثابت عنها إلاّ فارق الأجر ..؟ فالذي قاتل الشريعة له نصف اجر الذي قاتل دونها ..؟ [2
قاتلهم الله كيف يحكمون ..إلاّ أنّ الروافض كانوا يرون في الإمامة قضيّة شرعيّة ، تولّى الله بذاتها لقدسيّة أمرها . فنصب ومنذ بدء الخليقة لعباده أئمة يهدون سُبُلَ الرشاد والسعادة الأبدية ..": وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا ./: .. : إنّي جاعلك للنّاس إماما ..: إنّا جعلناك خليفة في الأرض ، فاحكم بين الناس بالعدل ..:" ثمّ أمرَ – تعالى شأنه – عبيده بالطاعة المطلق لمن إصفى وأجتبى ..": وما أرسلنا من رسول إلاّ ليُطاع بإذنالله .:" ..: وأطيعوا الله وأطيعواالرسول وأولي الأمر منكم ..:"
هذا من حكم الله ومشيئته .. فهم أئمة ، سواءأجمع الناس على طاعتهم والتسليم لهم أو أجمعوا على مخالفتهم ومعاداتهم .. كما لا يغيّر واقع الأنبياء "ع" الذين أجمع أقوامهم على تكذيبهم وقتلهم أو إقصائهم ..
وحتّى نأكّد صحّة ما ندّعيه ونعتقده ، أكتفي بدليل واحد فيه الخير كلّه ، والسبيل إلى مرضاة الله تعالى .
وهو حديث الولاية الكبرى أو حديث الثقلين ..أو الغدير ، وذلك من قولالحبيب المصطفى – صلى الله عليه وآله وسلّم – ": كأنّي دُعيت فأجبت ،وإنّي تارك فيكم الثقلين ، إحداهما أكبر من الآخر :
كتاب الله وعترة أهلبيتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما .. فإنهما لن يفترقا حتّى يردا عليَّالحوض ثمّ قال "ص" ": إنّ الله مولاي وأنا وليّ كلّ مؤمن .:" ثمّأخذ بيد عليّ "ع" فقال: من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه اللهمَّ وال منوالاه، وعاد من عاداه [ 3 ولم يعش رسول الله "ص" بعد ذلك البيان الخالد إلاّ نحو ثمانين يوما ، ومنذذلك اليوم أصبح مفترق الطرق بين المسلمين وحتّى اليوم .. رغم ما علمهالصحابة وأدركوه من النصوص الصريح في خلافة عليّ"ع" مباشرة ، وهذا كلام لايختلف في فهمه عاميّ ولا بليغ .. وما جاؤوا بالتأويل السخيف والإرتيابوالتعطيل إلاّ تقديسا لرجال كرهوا ما أمر به الله ورسوله "ص" ، ومرضاةلقريش وعمر وأذناب السقيفة .. حتّى جاء من بعدهم قوم أضاعوا الأمانة ،واستطابوا البدعة والخيانة .. فعطّلوا النصوص المحمّديّة الجليّة ،وابتغوها عوجا ، وهذا شيخ الإسلام عندهم إبن تيميّة يقول ": إنّ الحديث لميأمر إلاّ بإتباع الكتاب ، ولم يأمر بإتّباع العترة ..؟
ولكن قال أذكركمالله في أهل بيتي ..:" [4]
وهكذا نسج شيخ الضلالة على منوال مولاه عمر بنالخطاب .. حين صدّى رسول الله عن كتابة وصيّته المقدّسة بدعوة ضلالة : أنّرسول الله يَهجر .. حسبكم كتاب الله ..؟ وهكذا كان لهذا التهافت البغيضمقلّدون من الرعاع والبسطاء وأشباء العلماء ، وإلاّ هل فيهم من مُسائلالشيخ : على الثقل الثاني ..؟ والنبيّ يقول الثقلين .. وفي موقع آخرخليفتين.؟ ومن هاذان اللذان لن يفترقا حتّى يردا على المصطفى "ص" الحوض ..؟ - .. كتاب الله وعترة رسوله "ص" : إنهما المحوران اللذان سيدور حولهمامصير السعادة والنجاة للأمّة المحمّديّة غدابعد وفاته "ص" -
كذاك فعلوا بالقسم الثاني من الخطبة الشريفة ، ومن قوله "ص" : من كنتمولاه فهذا علي مولاه ... حين رأوا أنّ الإقرار بدلالته على الولايةالعامةيفضي إلى إدانة أوليائهم من أركان السقيفة ومن ناصرهم من الأذنابوالإنتهازيين ..
ذهبوا عندها إلى غايات الغي والتضليل وادعوا أنّ معنىالحديث : يامعشر المؤمنين ، إنكم تحبّونني أكثر من أنفسكم ، فمن يُحبّنييُحبُّ عليّا ، اللهمّ أحبّ من أحبّه ، وعاد من عاداه [5 وحين رأوا أنّ جماعة من الصحابة أعلنوا الحرب ضدّ الإمام عليّ "ع" ، ولايُمكن التستّر عليهم بعد أن فضحهم التاريخ كطلحة والزبير وعائشة .. كماأسس آخرون سياساتهم على بغضه ولعنه والتبرئ منه .. كابن هند معاوية اللعين، وابن النابغة عمر بن العاص ، والمغيرة الزاني ، ومروان الفاسق ،وعبدالله بن الزبير الناصبي .. ذهبوا إلى حقّ هؤلاء في الإجتهاد مقابل النّص .. والتمسوا لهم الأعذار عن نكثهم وفسقهم .. بل وهبوهم على ذلك أجرا واحدالأجل إجتهادهم ..؟ [6]
وكان الأجدر بهم أن يتمسّكوا بالنصوص الشريفة ،ويٌوقّروا السنّة المقدّسة . بدلا من إفراطهم في إتباع أهل الضلالة منالأسلاف ، وأخذ أفعالهم وأقوالهم ، كأمر واقع ، ومناصرته .. دون تدبّر أوتمييز هديا بسنن الأوّلين .وممّا يزيد في ظهور هذا النّص ، نصوص أخرى أذكرها إجمالا كي يتدبّر فيها من شاء أن يُلقي السمع وهو بصير...
- قوله "ص" : إنّ عليّا منّي وأنا منه ،وهو وليّ كلّ مؤمن بعــــدي ..:" [7
- قوله "ص" في عليّ "ع" : إنّه منّي وأنا منه ، وهو وليكم بعــدي ..:" [8
- قوله "ص" لعليّ "ع" ": أنت ولييّ في كلّ مؤمن بعدي .[9
أو أنت وليّ كلّ مؤمن بعــــــــدي ومؤمنة ..:" [10
ولتعلم شدّةَ عداوتهم ونصبهم في حقّ أمير المؤمنين – عليه لسلام - ، تراهميقفون أمام هذه النّصوص الجليّة ، والبراهين السنيَّة شاهرين سيوف التشكيكتارة ، وتكذيب أخرى .. فقالوا إسناد صحيح لهذه الأحاديث ، مع نكارة منمتنها ..؟ لشذوذ كلمة " بعـــــــــــــدي .."؟ .. ويرموا بذلك الشذوذشيعيّا ورد في السند ، وإن لم يكن موجودا أوجدوه .. مع العلم أن النص رقم 9 رواه أحمد في مسنده برجاله الثقات ، وليس من بينهممن يتّهم بالتشيع .. كما إتّفق على صحّته الحاكم والذهبي والألباني [11ولكن سوّلت لهم أنفسهم أمورا منكرة ، فصبرٌ جميل ، والله المستعان عمّا يقولون ويخطّون .. وهم يدّعون.
وأكتفي بهذا .. مع اليقين بصحّة هذه الأحاديث والتي لايمكن أن تفسّر بحسبظواهرها أو ما يراه النّواصب .. فيُدان عندها تّاريخهم ، وماأسسّوا منه وله ..
أبو مرتضى عليّ
الفهـــــــــــــــــــرس
- 1 – إبن قتيبة في الإمامة والسياسة ص 12 .
- 2 – الفصل في الملل والنحل ج 4 ص 163والبداية والنهاية ج7 ص 290
- 3 – أخرج ألإمام أحمد حديث الغدير من 19 طريقا، وصاحب البداية والنهاية من 20 طريقا ، ورواه غيرهم بأسانيد صحاح ، كالترمذي وابنماجة والنسائي وابن أبي شيبة والحاكم .. كما نصّ الذهبي على تواتره .. وقد ألف فيذلك مائات الكتب والموسوعات ..
- 4 -- ابن تيمية في منهاج السنّة ج 4 ص 85 ..
- 5 -- الآلوسي في تفسير روح المعاني ج 6 ص 195 وما بعدها ..
- 6 -- الفصلفي في الملل والنحل ج 4 ص 164 و البداية والنهاية ج7 ص 290 ..
- 7-- مسند أحمدج4 ص 437 و سنن الترمذي ج 5 ص / 3712 وفي خصائص النسائي ..
- 8 -- " " ج 5 ص 356 ..
9 – مسند أحمد ج 1 ص 331 ..
- 10- أحمد في مسنده " "
- 11- المستدرك ج3 ص 133 وتلخيص الذهبي في ذات الصفحة و كتاب السنّة لأبي عاصم – يتخريج الألباني - : 552 ...
التعديل الأخير تم بواسطة أبو مرتضى عليّ ; 26-08-2010 الساعة 05:09 PM.