كم امانيهم عريضة ، وأطماعهم طويلة !..
يتمنون ذلك اليوم الذي تسوى فيه أولى القبلتين ، وثانى الحرمين بالأرض ، ليبنى محله : هيكل سليمانهم المزعوم
لقد صدق القرآن إذ اعتبر أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود .. وصدق إذ قال عنهم انهم لا يرضون عنا حتى نتبع ملتهم ، بل ونستبدل مساجدنا بهياكلهم
ولكن لا ضير.. فصبرا صبرا ، إذ بشر الله تعالى بقوم ، ياتون فى آخر الزمان ، كانهم زبر الحديد ، لا يملون الحرب ، ولا يجبنون من الأعداء
نعم .. حتى يسلموا راية النصر والظفر الى المهدى من آل محمد (ص) وبجانبه المسيح المدخر!.. أوهل هناك أمل الا بهذه النخبة التى اعارت الله تعالى جماجمها كما طلب أمير المؤمنين (ع) ممن يريد القتال بين يدى الهدى!!
إن علاقتنا بالخارج واضحة من خلال هذه الصورة
فإن الخارج يتحول الى صورة في قعر العين ، فتنتقل على شكل ذبذبات عصبية الى المخ ، فلا اتحاد بين الناظر والمنظور اليه إلا بهذا المقدار
لنتكلم مع انفسنا بصراحة ونقول : إن من يسترق النظر الى ما يحرم النظر اليه .. ما الذي سيحصل عليه من ذلك النظر ؟..
صور في قعر الشبكية ، وذبذبات في زاوية من زوايا المخ ، هل هذا يكفي لاقتحام حدود الملك الجبار؟..
فكم من الجهل ان لا يبقى من الحرام الا هذه الصور الفانية ، والذبذبات العصبية الزائلة ، ومع ذلك نتكالب عليها تكالب الفراشة على النار؟!..
كان بامكان الحكيم ان يتم خلقه في اقل من هذه المدة
ولكنه ابى إلا ان يكون في تسعة أشهر ، كما أبى إلا ان يكون خلق السموات في ستة أيام
إنه الدرس العملي لنا جميعا : أن امور هذا الوجود مبينة على التدرج والمرحلية ، ومنها نمو الارواح .. فالذين يستعجلون الوصول الى الكمال في طفرة غير معهودة مخطئون في تصورهم ، إذ لا بد من المجاهدة المستمرة ، وقطع المراحل المتدرجة
فإن الأمر كما قال ارباب السير عنه : إنه سهل ممتنع !.. والتدرج سنة في الخلق ، من اراد تجاوزها خاب ظنه.
كم شبيه هذا بالخبز الذي ناكله كل يوم ، ناسين شكر صاحبه الذى اخرجه لنا من الارض
ولكن ليس هذا من ذاك !.. بل انه كرية من كريات الدم الذى يحمل غاز الحياة ( الأكسجين ) الى المخ
يا ترى ما الذي يحصل لو انقطع سفره التموينى الى المخ لحظات ؟!.. اليست النتيجة هي الانتقال الى عالم القبور؟
فسبحان الذى حمل الحياة على هذه الاطباق الطائرة ، ليقوينا على طاعته باقامة عدله فى الارض!.. فهل نحن شاكرون؟
نعم انها بويضة غارقة في اعماق المبايض فى الانثي ، وكانها لؤلؤة وحيدة في صدفة!
والحق انها اشرف من كل لآلئ الارض ، اذ انها منشأ لتكون خير ما يدب على وجه الارض كخليفة له عليها!
ولكن يا للغفلة!! .. واذا بهذا الجزء الصغير الذي كان وحيدا في ظلمات الارحام ، أخذ يتحدى مالك الرقاب ناسيا اصله !
وكانها كرة زرقاء لفت بخيوط صفراء بشكل عشوائي .. ولكن هيهات ان تكون عشوائية في هذا الوجود الذي اتقنه االبديع البارئ!..
انها كرة من الكرات اللمفاوية التى تشكل حراس البدن .. اولا يذكرنا ذلك بقوله تعالى : { وما يعلم جنود ربك الاهو}
ليس هذا فقط!.. فكل شيي فى الوجود طوع ارادته .. اوهل تخاف بعدها يا بني آدم شرا ، اذا كان هو المحامي والنصير؟
انه نصير ولكن لمن ؟.. للأولياء الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ..
فكما جعل له واقيه في عالم الأبدان - كهذا المخلوق الغريب - فكذلك له تعالى من يقي وليه المطيع من كل سوء فى عالم الارواح .. اذ له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله