اللهم صلّ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
أعتذر للأخت مسلمه ولجميع الأعضاء على التأخير.
أولاً لنضع في أذهاننا ولا يغيب عن بالنا في جميع أقوال النبي صلى الله
عليه وآله أنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ، أي أن أقوال
النبي وافعاله وحركاته وسكناته بعيدة كل البعد عن الهوى والعاطفة
والمجاملة فهو القائل بأبي هو وأمي وهو يشير إلى فمه (والله ما خرج
منه إلا الحق).
الحديث (حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا).
حسين مني:
ـــ نعلم أن الحسين هو من رسول الله فرع من أصل إذا هو الحسين أبن
فاطمة وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله.
ـــ عندما يقول النبي حسين مني لا يريد بها فقط مقولة معروفة عند الغير
وإلا أصبح كلامه من نافلة القول ، ولكن يريد أيضاً وكأنه يستشرف بأبي
وأمي الزمن وهذا يبن علم من بعض علوم النبي الغيبيه ، أنه سيأتي
الزمن بأشخاص من شدة بغضهم لأهل البيت سيحاولون أن يبعدوا الحسن
والحسين عليهما السلام عن جدهما بمقولة بلهاء بأن أبناء الأبناء هم
أبناء أما أبناء البنت فليسوا أبناء لجدهم من أمهم ، وهذا ما حاولت بني
أمية إدخاله في عقول الناس وأكثر من ضرب على هذا الوتر الدولة
العباسية ، لأنها ترى في نفسها الحق في النبي أكثر من آل علي.
ـــ إن النبي عندما يطلق كلام ولا يخصص فلا يحق لنا التخصيص دون
مخصص ، وهنا النبي صلى الله عليه وآله أطلق الكلمة (حسين مني)
فكل خصائص ومعاني حرف الجر (من) هو أن النبي وبلا شك يريده ،
فهو يريد بلفظة (مني) أي (ولدي) ومني (من سنخي ونوعي) ومني
(جزء مني) ومني (يحمل خصائصي وخلقي).
وأنا من حسين:
وهذا المقطع فقد حير الكثير ، مما حدى بالبعض تجاهله ، والبعض
تهوينه بأن جعلوا النبي قاله مجرد كلام عاطفي ومن باب حنان الأب على
الولد وأن الشيعه فقط يهولون ويحملون الأمر مالا يحتمل.
ولكن علماء الشيعه الكرام رحم الله الماضين وحفظ الله الباقين لم يقبلوا
هذه التأويلات السمجه والتافهة البعيده عن روح النص ومراده فقالوا:
ـــ أن النبي صلى الله عليه وآله يريد أن يقول أن ذريتي أو أغلب ذريتي
من الحسين وصدق النبي فنحن نرى أن هذه الذرية المباركة التي تحمل
لقب (الساده) أو (الأشراف) أو (العلويين) أو (الفاطميين) على
أختلاف الألقاب أكثرهم يرجع نسبهم إلا الإمام الحسين.
ـــ أن النبي صلى الله عليه وآله يريد أن يقول أن الإمامة والأئمة هي في
ومن صلب الحسين عليه السلام.
ـــ أن النبي صلى الله عليه وآله يلمح إلى قضية كربلاء واستشهاد الإمام
الحسين عليه السلام ، بأن الإمام يرجع للدين رونقه وثوبه الحقيقي الذي
أبلاه بني أمية ، حيث أن الأموين وعلى رأسهم معاوية عليه لعنة الله
أدخلوا في الدين ماليس فيه وعطلوا حدود الله وهذا ما ألمح له الإمام
الحسين عليه السلام في قوله (ألا ترون إلى الحق لا يعمل به وإلى الباطل
لا يتناهى عنه) وأيضاً مقولته سلام الله عليه (ما خرجت أشراً ولا بطراً
ولكن لطلب الأصلاح في أمة جدي ، آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر).
فهذه المقولات وغيرها من النصوص الحسينيه تثبت لنا بأن الأموين
أرادواأفراغ الدين من مضامينه وقتل روحه وجعله مجرد تعاليم لا تذكر إلا
في المساجد ، ولا موقع لها من التطبيق، بل والأدهى والأمر التشكيك في
النبوه وهذا ما ظهر جلياً في كلام يزيد عليه اللعنه حين قال :
لعبت هاشم بالملك فلا ـــــــ خبر جاء ولا وحي نزل
فعليه لم يسع الحسين أن يرى دين جده تلعب به بني أمية وتهدمه بمعاول
الشرك المستبطن في قلوبهم وعقولهم فنهض وهو يرسم ذلك الخط الذي
هو خط جده رسول الله في مقابل خط يزيد الذي هو خط أبيه معاوية
واسلافه فقال الإمام قولته الشريفه (ومثلي لا يبايع مثله) فجعله خط لا
يمحى يمشي عليه كل حر وأبي.
ومن هذه المقوله يتضح معنى النبي من قوله (وأنا من حسين) أي أن
بقاء خطي ودربي ببقاء خط الحسين ، خطي الذي كادت بني أمية تغييره
ومحوه ولكن الحسين جدد ذلك الخط.
ـــ أن النبي صلى الله عليه وآله أراد أن يقول أن بقاء ذكري واسمي الذي
له كل خصائص النبوه ومزايا الرساله هو على يدي الحسين ، أي أن لولا
الحسين عليه السلام لكان ذكر النبي كذكر أي أحد ولخلدت كلمة (يهجر)
وبقيت خالده ، ولعمقها بني أمية لمحو أي قول من النبي لا يخدم
مصالحهم ويصطدم مع أطماعهم ، أو لربما أن بني أمية محوا ذكر النبي
من الوجود ولا يسمع ذكره على المآذن وهذا ما بينه الإمام زين العابدين
عليه السلام ، حين سأله ذلك الشامي قائلاً وهو يشمت بما حل بأهل بيت
النبوة : من المنتصر الآن يا أبن الحسين أبيك أم الأمير يزيد .
فقال الإمام عليه السلام وقد أذن المؤذن ، وحين قال المؤذن (أشهد أن
محمد رسول الله) قال له الإمام : أسمع ما يقول المؤذن وانت تعرف
المنتصر.