العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى العقائدي

المنتدى العقائدي المنتدى مخصص للحوارات العقائدية

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.16 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 1  
كاتب الموضوع : alyatem المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي
قديم بتاريخ : 19-03-2013 الساعة : 05:26 AM




بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ * لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ (النور11 - 12)
تسمى هذه الآيات بآيات الإفك. الإفك معناه الكذب العظيم الذي اختلقة بعض المنافقين بشأن زوجة رسول الله لغرض الإساءة إليه (صلى الله عليه وآله) خلاصة هذه القصة نقلا عن أهل السنة: إن عائشة زوجة الرسول دخلت بستانا لقضاء الحاجة اثناء عودة المسلمين من إحدى غزواتهم، وهناك سقطت عصابة رأسها فظلت تبحث عنها وتأخرت - نتيجة ذلك - عن القافلة، ثم أنها دخلت المدينة متأخرة برفقة صفوان الذي كان يسير خلف القافلة لمساعدة المتخلفين عنها. وفي أعقاب هذه الحادثة روج المنافقون تهما ضد زوجة الرسول (صلى الله عليه وآله).. يستفاد من هذه الآيات قضايا تربوية واجتماعية ذات أهمية بالغة، وقد نتعرض نحن في عصرنا الحالي لابتلاءات من هذا القبيل.
تؤكد الآية إن الذين جاءوا بهذا الإفك هم عصابة منكم. وبهذا الأسلوب ينبه القرآن المسلمين والمؤمنين إلى وجود مجاميع بينهم تتظاهر بالإسلام ولكنها تستهدف من وراء ذلك مقاصد خطيرة. أي أن القرآن يريد القول أنّ اختلاق هذا الإفك على يد تلك الفئة لم يكن عن جهل أو غفلة، بل كان عملا مقصودا ومبيتا يرمي إلى الإساءة إلى الرسول وانتهاك حرمته، إلا أنهم لم يحققوا غايتهم تلك.
يذكر القرآن إن هؤلاء عصبة منكم، وكان قصدهم شرا لكن النتيجة جاءت خيرا: ﴿لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ﴾. لا تظنوا أنّ في هذه الحادثة انتكاسة لكم أنتم أيها المسلمون، أبدا بل أن هذه القصة مع ما فيها من مرارة كانت خيرا للمسلمين. ولكن لماذا يعتبر القرآن هذه القصة ذات مردود إيجابي مع إنّها كانت تنطوي على مرارة فضيعة؟ هذه القصة وضعت حدّاً لانتهاك حرمة الرسول (صلى الله عليه وآله) وبقيت تتداولها الألسن أياما متوالية _ حوالي أربعين يوماً _ إلى أن نزل الوحي وتوضّحت الأمور تدريجيا. والله يعلم بما جرى على الرسول والمقربين إليه خلال هذه المدة‍.
أما قول القرآن انه خير فيعزى إلى سببين هما:
أولا: إن هذه الفئة المنافقة قد كشف عنها. من أكبر المخاطر التي تهدد المجتمعات هو تداخل الخنادق واختلاط الصفوف. فالمنافقون والمؤمنون كلهم في خندق واحد. وما دامت الأوضاع مستقرة فلا خطر في ذلك. ولكن ما أن يتعرض ذلك المجتمع إلى هزّة حتى يلحق به المنافقون أفدح الأضرار. ولهذا فالأحداث التي تمر بالمجتمع تؤدي إلى الكشف عن الوجوه.
وإذا وقع للمجتمع بلاء يقف المؤمنون إلى جانب المؤمنين، ويمزق المنافقون حجب نفاقهم ويقفون في الخندق الذي ينبغي لهم الوقوف فيه. وهذا خير كبير للمجتمع. المنافقون الذي وضعوا هذه القصة بقي لهم منها - حسب تعبير القرآن _ "الإثم" فقط، والإثم بمعنى وصمة الذنب. فأولئك المنافقون قد سقطوا من الاعتبار ما بقوا على قيد الحياة.
ثانيا: إن الذين لفقوا هذه التهمة لفقوها عن وعي، إلاّ أن سائر المسلمين صاروا كأداة لهذه الزمرة، فأكثرية المسلمين مع ما تتصفبه من الإخلاص والإيمان ونزاهتهم عن الأغراض والمساوئ إلا أنهم اتخذوا من قبل هذه الزمرة كأداة إعلامية ولكن لا عن قصد أو عن وعي. وهذا ما يبينه القرآن بشكل واضح.
...
الفائدة الثانية من هذه القصة هي أن المسلمين أدركوا الخطأ الذي وقعوا فيه، مما أدى إلى إيجاد الوعي بينهم. أي انهم وقفوا على حقيقة تلك الفئة من جهة، وعرفوا موضع خطئهم من جهة أخرى.
... الإسلام يقول: متى ما سمعتم مثل هذا الكلام لا تذكروه أمام أحد أبدا. أن كنت في شك منه أذهب وتحرّاه بنفسك. وإذا لم تكن لديك رغبة في التحقق من صحة الأمر لماذا تذيعه للآخرين؟ لا يحق لك أبدا إفشاؤه.
... الفائدة الثانية المستقاة من قصة الإفك هي توعية المسلمين. والقرآن ذكرها لتبقى على الدوام يقرؤها الناس باستمرار ويأخذوا منها العبر. فإياك وإن تصبح أداة وإذاعة للآخرين.
...
وقول القرآن ﴿لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم﴾ يريد منه إنّ هذا درس لكم أيّها المسلمون إقرأوا قرآنكم وخذوا منه العبر لكي لا تكونوا بعدها أبواقاً إعلامية للأعداد ولما يبثونه من إشاعات. ثم يقول: أن الذين جاؤا بهذه القصة لحقتهم عواقب ذنبهم كل حسب ما ارتكب من الذنب، وإن أحدهم قد تحمل القسم الأعظم من ذلك الأثم "والمقصود به عبدالله بن أبي بن سلول" ﴿وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾. وبالإضافة إلى سوء المصير والسمعة في هذه الدنيا حيث بقي يُسمى برئيس المنافقين ما دامت الدنيا. ويذيقه الله أيضا عظيم العذاب في الآخرة.
﴿لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ﴾ كان من الممكن أن يعبر القرآن عن هذا المعنى بالقول: أيها المسلمون لماذا أسأتم الظن بإخوانكم المسلمين لما سمعتم هذا الخبر ولم تحسنوا الظن بهم؟ ولكنه لو عرضه بهذا المعنى لكان قد عرض موضوعا في غاية البساطة، ولكنه قال: لماذا أسأتم الظن بأنفسكم؟ أي يجب أن تفهموا أنكم بناء واحد وجسد واحد. وعلى المؤمنين أن يعتبروا أنفسهم أعضاء في جسد واحد، فإذا نسبت لأحدهم تهمة تكون وكأنها موجهة ضدهم كافة، وإن عرض أي مسلم كأنه عرض الجميع.
النقطة الثانية هي أن القرآن لم يقل: لماذا لم تظنوا بأنفسكم خيرا؟ بل قال: لماذا لم يظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا؟ هنا ذكر الرجل والمرأة سوية، أي لا فرق بين الرجل والمرأة. ثم يدخل كلمة الإيمان في السياق، أي أن الإيمان هو ملاك الوحدة والاتحاد. أي أن المؤمنين يعتبرون نفسا واحدة انطلاقا من مبدأ الإيمان. أي انه يريد القول أيها المؤمنون والمؤمنات لو وجهت إلى أحدكم تهمة، هل يذيعها ويتحدث بها حيثما جلس ويقول نُسِبَت إلىّ مثل هذه التهمة؟ كيف إذا نُسبت لأحدكم تهمة يفهم أنّه يجب عليه التزام الصمت ولا يعمل على إشاعتها في حين إذا نسبت إلى إخوانه المؤمنين وأخواته المؤمنات لا يتخذ نفس الموقف؟ ﴿لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ﴾.
لماذا حينما سمعوه لم يقولوا: هذا إفك. سكت رسول الله مدّة شهر، في حين كان المسلمون الغافلون يتناقلون تلك الأكذوبة في مجالسهم وكلّ واحد منهم يقول: سمعت كذا؟ القرآن يقول: كان ينبغي أن تقولوا: هذا إفك منذ اليوم الأول. وعليكم الآن ان تقولوا حين سماع مثل هذا الإشاعات: هذا إفك مبين.
﴿لَوْلَا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾ (النور/13).
أي أنكم ملزمون برعاية الأحكام والقوانين التي حددها الإسلام لسلوككم. وأية تهمة تسمعونها بحق أي شخص مسلم - مادامت لم تثبت - يجب أن تعتبرونها أكذوبة، وأنها كذب عند الله، وعبارة "عند الله" بمعنى في الأحكام الشرعية.
التكليف واضح جداً. فإذا سمعنا شخصاً يتهم فرداً أو جماعة أو مؤسسة، ما هو تكليفنا؟ هل تكليفنا أن نسكت؟ أم نقول "الله أعلم"؟ أم نقول: لا ندري ربّما صحيح وربّما غير صحيح؟ أم نتحدّث في المجالس ونقول سمعنا يقولون هكذا؟ ما هو موقفنا؟ طالما لم تقم البينة الشرعية، وطالما لم يثبت لدينا شرعا - كأن يشهد أربعة عدول في قضايا الزنا، وشاهدان عدلان في القضايا الأخرى، وهذا هو معنى البيّنة الشرعيّة هنا، وعندها يترتب علينا واجب آخر - لا يحق لنا التحدث بذلك، ولا يحق لنا أن نقول: لا نعلم، أو نقول ربما للقضية أساس أو ربما لا أساس لها، ولا يحقّ لنا أن نسكت، بل يجب أن نكذّب الخبر ريثما يثبت شرعا وحينها يجب علينا التصدي لتلك الظاهرة السلبية.
يقع علينا بطبيعة الحال في كل حالة تكليف معين. في بعض المواقف يجب علينا الوقوف بوجه ذلك العمل، وفي مواقف أخرى يجب على الحاكم الشرعي اتخاذ الإجراءات الرادعة كقضية الزنا مثلا. والقرآن يقول: انتم أيها المسلمون إذا تناقلتم مثل هذه الإشاعات ترتكبون إثما عظيما، إلا أن الله غفر لكم هذا الذنب، وعليكم أن تحاذروا من ارتكاب مثل هذا العمل مستقبلا.
﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ (النور/14).
ولكن أي ذنب هذا الذي انهمكنا فيه، ونقلناه؟ ﴿إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ﴾ (النور/15). وكنتم تظنونه أمراً هيّناً: ﴿وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ لأن القضية هنا تخصّ كرامة المسلمين، وفي هذا المورد بالخصوص يمسّ بكرامة الرسول (صلى الله عليه وآله) فلماذا حينما سمعتموه لم تقولوا لا يحق لنا الخوض في هذا الحديث؟ ﴿وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾ (النور/16). ولا يقتصر الموقف عند حد الامتناع عن الكلام ‎، بل لا بد من تكذيب الخبر: ﴿سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾ (النور/16).
أن الله يعظكم أيها المسلمون أن لا تعودوا لمثل هذا الذنب: ﴿يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ (النور/17).
ويجب عليكم أن لا تكونوا أداة إعلامية تشيع ما يلقيه العدو في الأفواه: ﴿وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ (النور/18). فهو تعالى عالم بكل شيء وأنزل عليكم هذه الآيات على أساس حكمته.
...
المجتمع الذي يلفق الأكاذيب والتهم والبهتان وعده الله بالعذاب. جاء في الآية التالية: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ (النور/19).كما تتضمن الآيات اللاحقة مزيدا من التأكيد على المؤمنين أن لا يتبعوا الأكاذيب التي يبثها الآخرون ويصبحون جهازا إعلاميا للتشهير بأنفسهم.


من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.16 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : alyatem المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي
قديم بتاريخ : 19-03-2013 الساعة : 05:28 AM


﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّه رَؤُوفٌ رَحِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ (النور19 - 21)
ذكرنا أن القرآن يؤكد كثيرا على وجوب نقاء الأجواء الإسلامية من التهمةوالافتراء والبهتان والقول السيء. والمسلمون مكلفون بوأد كلّ ما يسمعونه عن إخوانهم وأخواتهم المؤمنات طالما لم يبلغ حدّ اليقين القطعي - لا بمجرد الظن والتصور - وأن لا يتناقلوه حتى بصورة "لقد سمعت" ما دامت ليست فيه أية بينة شرعية، لأن نقل الكلام على هيئة "سمعت ان ..." هو نوع من إشاعته أيضا.
والإسلام يرفض أي نوع من الإشاعة لمثل هذه الأقاويل والأخبار القذرة الدنيئة فقد جاء في الآية ﴿وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ (البقرة/216) أي أنكم لا تعلمون مدى جسامة هذه الجريمة ولا تعلمون حجم العقوبة المقررة لها.
الإسلام يريد أن تتوطد أسس المجتمع الإسلامي على أساس الثقة المتبادلة وحسن الظن والقول الحسن، لهذا السبب حرم الغيبة إلى الحد الذي جعل القرآن الكريم يقول عنها: ﴿وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ﴾ (الحجرات/12). وعلى هذا الأساس يؤكد القرآن بصيغ وأساليب شتى على هذه القضية، ومن جملة ذلك ما ورد في الآية الشريفة: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ (النور/19). وهذه الآية من الآيات التي تحمل معنيين وكلاهما صحيح.
أحد الذنوب الكبيرة التي توعّد القرآن بالعذاب الأليم جزاء لها هي إشاعة الفحشاء بين الناس. هناك من يروج لإشاعة الفساد بين الناس لأغراض مادية أو لأطماع أخرى.
...
أما السبب الذي جعل الإسلام يؤكد على أهمية العفة فهوا أن الطاقات الإنسانية كامنة فيها. قد لا يصدق أحدنا أن الإدارة الإنسانية كامنة في الجهاز التناسلي، لكن حقيقة الأمر هي هذه. الإسلام لا يعارض العلاقات الجنسية ولكن يريدها أن تكون ضمن إطار العائلة، ولا يؤيد ما تذهب إليه الكنيسة والمذهب الكاثوليكي. إلا أنه لا يجيزه خارج الزواج الشرعي.
ويستهدف الإسلام من وراء هذا، المحافظة على روح النخوة والنبل والشهامة والإنسانية والشرف عند الرجل المسلم والمرأة المسلمة...
يقول القرآن الكريم عمن يريد إشاعة الفاحشة لقتل هذه الروح الإنسانية:﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّه رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾ وقد حددت الآية نوع العذاب الأليم للإشارة إلى أهمية وحساسية هذه القضية في الرؤية الإسلامية. هذا تفسير للآية التي تتحدث عن إشاعة الفحشاء بين أهل الإيمان.
أشير هنا إلى قضية لغوية حول معنى حرف الجر "في" لإلقاء الضوء على المعنى الثاني للآية. هذا الحرف يأتي أحيانا بمعني يشير إلى الظرف المكاني، وأحيانا بمعنى "بشأن" أو "فيما يخص". ويمكن تفسير هذه الآية على الوجهين وهو تفسير صحيح، وينطبق كلاهما مع سياق آيات الإفك. وبهذا يكون المعنى الثاني للآية هو: "الذين يحبون إشاعة الفاحشة عن أهل الإيمان" أي ليس المراد: الذين يحبون إشاعة الفساد ذاته بين الذين آمنوا، بل أن تشيع تهمة الفساد بشأن الذين آمنوا، أي أن يساء إلى سمعتهم.
هناك عدد من الناس لديهم ما يمكن أن يصطلح عليه علم النفس اليوم باسم "العقدة"، فحيثما شاهدوا شخصا له مكانة بين الناس يبادرون إلى إشاعة ما ينتقص منه حسداً منهم له لعدم قدرتهم على مجاراته. يقولون في أنفسهم: ما دمنا لا نستطيع بلوغ منزلته إذن فلنحاول الهبوط به. والطريق إلى ذلك يتم بمنتهى الدناءة عبر تلفيق الإشاعات ضدة. ولا شك في أن الإثم الناتج عن هذا العمل لا يعلم مداه إلا الله !
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات مرة لأصحابه: "ألا أخبركم بشر الناس؟ قالوا: بلي يا رسول الله قال: الذي يمنع رفده ويضرب عبده ويتزود وحده، فظنوا أن الله لم يخلق خلقا هو شر من هذا. ثم قال: إلا أخبركم بمن هو شر من ذلك؟ قالوا: بلى يا رسول الله .
قال: الذي لا يرجى خيره ولا يؤمن شره فظنوا أن الله فظنوا أن الله لم يخلق خلقا هو شر من هذا، ثم قال ألا أخبركم بمن هو شر من ذلك؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال المتفحش اللعان الذي إذا ذكر عنده المؤمن لعنهم وإذا ذكروه لعنوه؟ (الكافي ج2 /290 ح7)وإلى هنا توقف الرسول. ومعنى هذا إنه لا يوجد من هو شر من هذا.
إذن فالمعنى الثاني للآية هو أن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة بشأن الذين آمنوا لهم عذاب أليم. ثم يقول: ﴿فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ لم يقولوا لنا سابقا أن لكل ذنب عذاب في الدنيا والآخرة، بل وان الكثير من الذنوب لا عذاب لها في الدنيا. ولكن لكل ذنب عقوبة في الآخرة. إلا أن ثمة ذنوب لا يتغاضى الله عن المعاقبة عليها حتى في الدار الدنيا. أحد الذنوب التي لها عقوبة في الدنيا - ويمكن تجربة ذلك عمليا! - هو ذنب التهمة وهدر كرامة الآخرين. فمن يتهم الآخرين بالباطل سيقع هو في نفس هذا المأزق يوما ما، فقد يأتي شخص مثله ويتهمه بالباطل، أو يفتضح أمره وتهدر كرامته بشكل أو آخر.
﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ أي أن الموضوع على قدر عظيم من الأهمية بحيث أنّ الله يعلم خطورته وأنتم لا تعلمونها.﴿وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّه رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾ (النور/20) أي كل ينبغي أن يصيبكم عذاب عظيم بسبب غفلتكم هذه إلا أن الله بفضله منع عنكم ذلك.
ثم يأتي تأكيد آخر هو: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ﴾ (النور/21) وهذه الآية حثٌّ على عدم اتباع الشيطان. وقد يقول قائل: نحن لا نعرف الشيطان ولا نراه، فمن أين لنا أن نفهم أن هذا موضع لقدم الشيطان فلا نضع قدمنا فيه؟ والحقيقة أن هذا الأمر لايحتاج إلى رؤية. اعرفوا الشيطان من وساوسه. فمتى ما شعرتم بوسوسة الشيطان في قلوبكم يدعوكم فيها إلى ارتكاب القبيح والمنكر، فهناك خطوات الشيطان، فهو قد تقدمكم ويدعوكم للسير خلفه. وهذا مما لا يستلزم الرؤية بالعين، بل تحرز رؤيته بالقلب. ﴿وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾ عليه أن يعلم أن من يتبع خطوات الشيطان ﴿فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ.
﴿الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ هذا تأكيد آخر على أنكم أيها المسلمون كنتم على شفا حفرة في عهد الرسول، وان مجتمعكم كاد أن يسقط فيها لولا وجود الرسول. واعلموا أنه لو وقعت مثل هذه القضية في عصور أخرى وكثرت الإشاعات التي تنتهك أعراض المسلمين، فأنكم ستسقطون وتقعون في مهلكة كبرى "كما هو حالنا اليوم" ﴿وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا﴾ أي لولا فضل الله عليكم لما كان أي واحد منكم طاهرا ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ الآية اللاحقة تتعلق بهذه القضية، ولكن تتناولها من جانب آخر وهو:
﴿وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ (النور/22) يشير القرآن هنا إلى مسألة تتعلق بامتناع الأثرياء وأولي الفضل عن الإنفاق. والمراد هنا بالفضل المال والثروة، وأولوا الفضل بمعنى الأغنياء.
...
يقول القرآن: على الأغنياء وأصحاب الثروة المشروعة أن لا يقسموا على قطع العطاء عن المستحقين، حيث كان بعض أغنياء المسلمين يقدمون العون إما للمهاجرين أو للمساكين أو لأقربائهم، ولكنهم في أحد المواقف - ويبدو انه هذا الموقف - رأوا منهم ما يغيض ويبعث على الغضب. ولهذا قالوا: عجيب أمر هؤلاء القوم نحن نساعدهم لوجه الله وهم يستغلون هذا العون ويرتكبون المعاصي! نحن نساعدهم لوجه الله وهم يلفقون الأكاذيب ويبثون الإشاعات! ولهذا السبب عزموا على قطع العون عمن كانوا يساعدونه من الفقراء الذين شاركوا في قضية الإفك تلك، وأقسموا أنهم لن يقدموا لهم أي عون بعد الآن. إلا أن القرآن الكريم يحرص على وحدة المجتمع الإسلامي أكثر من أي شيء آخر.مع ان هذه القضية كان فيها إفك وتهمة كبرى وارتكب عامة المسلمين خطأ في هذا الصدد، انبرى القرآن لإصلاح الخطأ الماضي وقال لعامة المسلمين: أنكم اخطأتم حينما جعلتم أنفسكم أداة لبث إشاعة تلك العصابة. وبعد أن عزم الأغنياء على قطع معوناتهم عن الفقراء، فبما أن قطع تلك المعونات من شأن أن يؤدى إلى عزل تلك الفئة عزلا تاما، جاء الأمر بالصفح عنهم: ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ (النور/22) بعد نزول هذه الآية قرر الأغنياء عدم قطع معونتهم عمن كانوا يقدمونها له.
...
لا أعتقد أن القرآن أكدّ على شيء مثل تأكيده على حرمة التهمة - وخاصة أتّهام النساء - إذ قال في هذا المورد: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (النور23 -24).هذا منطق القرآن، ولكن ليس هنا مجال الحديث عنه بشكل تفصيلي. القرآن يقول صراحة إن عالم الآخرة عالم حي وكل شيء في حي. وكل عضو فيه يشهد على ما أرتكب، اليد تشهد على ما ارتكب، والرجل تشهد على ما اقترفت، وكلّ من العين والأذن تشهد بما اقترفت. والجلد - وهو كناية عن الأعضاء التناسلية - يشهد على ما اقترف اللسان هناك يختم عليه ويقال له: اسكت ودع الجوارح والأعضاء تتحدث بنفسها، واللسان لا يتكلم هناك إلا بما اقترف هو بذاته.
يقول القرآن: يوم تشهد علي هؤلاء الأشخاص ألسنتهم " لأن الذنب كان باللسان" وأيديهم وأرجلهم بما اقترفت: ﴿يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ﴾ (النور/25) إذا كانت هناك امرأة - والعياذ بالله - فاسدة، فإن فسادها يؤدي إلى الانتقاص من شرف زوجها، إلا أن فساد الرجل لا يقدح بشرف زوجته.
...
فإذا فسدت المرأة لا يمكن للزوج حينذاك ادعاء الشرف لنفسه. ولكن مهما كان الزوج فاسدا، لا يعتبر الناس زوجته فاسدة - إن كانت شريفة ذاتا - بل يقولون أن زوجها فاسد وهي لا ذنب لها. هذا من جهة.
ومن جهة أخرى فإن المرأة هي شرف الرجل في جوانب العفة والشرف، إلاّ إن جوانبها الأخرى الفردية والذاتية لا علاقة لها بالزوج. أي إذا كانت المرأة فاسدة، فذلك يعتبر تدنيسا لشرف الرجل ولكنها إذا كان فيها نقص آخر فلا يحتسب ذلك على الرجل. فلو كانت المرأة مثلا كافرة أو منافقة فلا صلة للرجل بذلك. ولهذا السبب يضرب القرآن مثلا بامرأتي نوح ولوط. فهذان كان كلاهما نبيين حين كانت زوجتاهما كافرتين ومرتبطتين عقائديا بخصومهما. هنا يقول القرآن: ﴿الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ (النور/26) والمراد هنا طيب الشرف.
الرجل الخبيث الفاسد يفقد الغيرة ويقبل بالزوجة الفاسدة ولا يغيظه ما هي عليه من الفساد. إلا أن الرجل الطيب والشريف لا يمكن أن يقبل أبدا بامرأة غير شريفة. وهذا يحصل طبعا وفقا لنوع من الاختيار. فالطيبون يطلبون الطيبات والخبيثون يطلبون الخبيثات. وهذا لا يعتبر حكما شرعيا، بل بيان لقانون طبيعي.
...
والروح الخبيثة للشخص الفاسد تحبذ المرأة الخبيثة، والروح الخبيثة للمرأة الفاسدة تهوى الرجل الخبيث. إلاّ إنّ الروح الطيّبة للرجل الشريف تميل إلى المرأة الصالحة، الروح الطيبة للمرأة الشريف ترتضي الرجل الشريف.
كيف تتحدثون عن شرف الرسول (صلى الله عليه وآله) بهذه الكيفية؟ من المستحيل أن تكون ي أسرة أي من الأنبياء أمثال هذه المفاسد. أجل قد يقع الكفر بين أفراد عوائل الأنبياء أو أن يكون ابنه كافرا، ولكن من المستحيل أن يكون فاسقا.


من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.16 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : alyatem المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي
قديم بتاريخ : 19-03-2013 الساعة : 07:25 AM




(11) إن الذين جاؤوا بالافك بأبلغ ما يكون من الكذب عصبة منكم جماعة منكم لا تحسبوه شرا لكم استيناف والهاء للإفك بل هو خير لكم لاكتسابكم به الثواب العظيم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الاثم بقدر ما خاض فيه والذي تولى كبره معظمه منهم من الخائضين له عذاب عظيم.

في الجوامع وكان سبب الإفك إن عايشة ضاع عقدها في غزوة بني المصطلق وكانت قد خرجت لقضاء حاجة فرجعت طالبة له وحمل هودجها على بعيرها ظنا منهم إنها فيها فلما عادت إلى الموضع وجدتهم قد رحلوا وكان صفوان من وراء الجيش فلما وصل إلى ذلك الموضع وعرفها أناخ بعيره حتى ركبته وهو يسوقه حتى أتى الجيش وقد نزلوا في قائم الظهيرة.

قال كذا رواه الزهري عن عايشة.

والقمي روت العامة إنها نزلت في عايشة وما رميت به في غزوة بني المصطلق من خزاعة.

وأما الخاصة فإنهم رووا إنها نزلت في مارية القبطية وما رمتها به عايشة.

ثم روي عن الباقر عليه السلام قال لما مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وآله حزن عليه رسول الله صلى الله عليه وآله حزنا شديدا فقالت له عايشة ما الذي يحزنك عليه فما هو إلا ابن جريح فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام وأمره بقتله فذهب علي عليه السلام إليه ومعه السيف وكان جريح القبطي في حايط فضرب علي باب البستان فأقبل إليه جريح ليفتح له الباب فلما رأى عليا عرف في وجهه الغضب فأدبر راجعا ولم يفتح باب البستان فوثب علي على الحائط ونزل إلى البستان واتبعه وولى جريح مدبرا فلما خشي أن يرهقه صعد في نخلة وصعد علي في أثره فلما دنا منه رمى بنفسه من فوق النخلة فبدت عورته فإذا ليس له ما للرجال ولا له ما للنساء فانصرف علي إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال له يا رسول الله إذا بعثتني في الأمر أكون فيه كالمسمار المحمي في الوبر أمضي على ذلك أم أثبت قال لا بل تثبت قال والذي بعثك بالحق ماله ما للرجال ولا له ما للنساء فقال الحمد لله الذي صرف عنا السوء أهل البيت وهذه الرواية أوردها القمي بعبارة أخرى في سورة الحجرات عند قوله تعالى إن جائكم فاسق بنبأ فتبينوا اوزاد فاتي به رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له ما شأنك يا جريح فقال يا رسول لله إن القبط يحبون حشمهم ومن يدخل إلى أهاليهم والقبطيون لا يأنسون إلا بالقبطيين فبعثني أبوها لأدخل إليها وأخدمها واونسها.

أقول إن صح هذا الخبر فلعله صلى الله عليه وآله إنما بعث عليا إلى جريح ليظهر الحق ويصرف السوء وكان قد علم أنه لا يقتله ولم يكن يأمر بقتله بمجرد قول عايشة.

يدل على هذا ما رواه القمي في سورة الحجرات عن الصادق عليه السلام إنه سئل كان رسول الله صلى الله عليه وآله أمر بقتل القبطي وقد علم أنها قد كذبت عليه أو لم يعلم وأنما دفع الله عن القبطي القتل بتثبت علي عليه السلام فقال بلى قد كان والله علم ولو كانت عزيمة من رسول الله صلى الله عليه وآله القتل ما رجع علي عليه السلام حتى يقتله ولكن إنما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله لترجع عن ذنبها فما رجعت ولا اشتد عليها قتل رجل مسلم بكذبها.

(12) لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين كما يقول المستيقن المطلع على الحال وإنما عدل فيه من الخطاب إلى الغيبة مبالغة في التوبيخ وإشعارا بأن الأيمان يقتضي ظن الخير بالمؤمنين والكف عن الطعن فيهم وذب الطاعنين عنهم كما يذبونهم عن أنفسهم.

(13) لولا جاؤوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون قيل استيناف أو هو من جملة المقول تقريرا لكونه كذبا فإن ما لا حجة عليه مكذب عند الله أي في حكمه ولذلك رتب عليه الحد.

(14) ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة ولولا هذه لامتناع الشئ لوجود غيره والمعنى ولولا فضل الله عليكم في الدنيا بأنواع النعم التي من جملتها الإمهال للتوبة ورحمته في الآخرة بالعفو والمغفرة المقدرين لكم لمسكم عاجلا في ما أفضتم فيه خضتم فيه عذاب عظيم يستحقر دونه اللوم والجلد.

(15) إذ تلقونه بألسنتكم يأخذه بعضكم عن بعض بالسؤال عنه وتقولون بأفواهكم بلا مساعدة من القلوب ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا سهلا لا تبعة له وهو عند الله عظيم في الوزر واستحرار العذاب فهذه ثلاثة آثام مترتبة علق بها مس العذاب العظيم.

(16) ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا ما ينبغي وما يصح لنا أن نتكلم بهذا سبحانك تعجب ممن يقول ذلك فإن الله ينزه عند كل متعجب من أن يصعب عليه أو تنزيه لله من أن يكون حرمة نبيه صلى الله عليه وآله فاجرة فإن فجورها تنفير عنه بخلاف كفرها هذا بهتان عظيم لعظمته المبهوت عليه.

(17) يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين فإن الأيمان يمنع عنه وفيه تهييج وتقريع.

(18) ويبين الله لكم الآيات الدالة على الشرايع ومحاسن الآداب كي تتعظوا وتتأدبوا والله عليم بالأحوال كلها حكيم في تدابيره.

(19) إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون.


من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.16 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 4  
كاتب الموضوع : alyatem المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي
قديم بتاريخ : 19-03-2013 الساعة : 09:02 AM




السيّد محمّد الحسيني الشيرازي(قدس سره)
(1347ﻫ ـ 1422ﻫ)

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان، ج‏5، ص: 459
طبعة دار العلوم في قم 1424

[سورة التحريم (66) : آية 10]
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَ امْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَ قِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10)
[11] ثم جاء السياق ليضرب مثلا لأزواج الرسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم مبينا أن صلاح الزوج لا ينفع الزوجة إذا كانت منحرفة، كما أن فساد الزوج لا يضر الزوجة إذا كانت مستقيمة، منقادة، على طاعة الرسول وعدم الهوى في مهوى العصيان والمخالفة ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا مبينا لهم أن صلاح أصحابهم و ذويهم لا ينفعهم امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ فقد كانَتا تَحْتَ إدارة وعيلولة عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا هما نوح و لوط صالِحَيْنِ فهما رسولان من قبل اللّه سبحانه و أي صلاح أشد من ذلك فَخانَتاهُما خيانة في الدين، إذ كانتا تنافقان وتؤذيان زوجيهما.
فَلَمْ يُغْنِيا أي لم ينفع نوح ولوط عَنْهُما أي عن الزوجتين مِنْ عذاب اللَّهِ شَيْئاً بأن يخفف عنهما، ولو بعض العذاب وَقِيلَ للزوجتين حين ماتتا ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ فيها، فهما معذبتان مع كونهما زوجتا نبيين، وفي هذا تعريض بعائشة وحفصة اللتين آذتا الرسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم.



توقيع : alyatem

اللهم صل على محمد وآل محمد
إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء



قال الامام الخميني رحمه الله:
مقدار الصبر على المصاعب والآلام والتضحيات والفداء والحرمان
يتناسب وعظمة حجم الغاية وقيمتها ورفعة مكانتها
من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.16 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 5  
كاتب الموضوع : alyatem المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي
قديم بتاريخ : 07-04-2013 الساعة : 01:55 AM


اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة alyatem [ مشاهدة المشاركة ]



ورد النص اعلاه في كتاب الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل‏، ناصر مكارم الشيرازي، الناشر: مدرسة الإمام علي بن أبي طالب‏، قم‏1421 ق‏، ط1، ج‏18، ص 461 - 462.

من جهة اخرى قال سماحته في بحثه الأخلاقي الأسبوعي على هامش درس الفقه لمرحلة البحث الخارج 20 ذي القعدة1431 (هنا) :
ان الاساءة الى زوج النبي اساءة الى النبي(ص) نفسه...
ولفت سماحته الى أن بث الاشاعات البعيدة عن الواقع من جملة أساليب الحرب النفسية التي يشنها الأعداء، وقال: هذه القضية ذات أبعاد واسعة وتطبيق عملي واضح في عصرنا الراهن، حيث تنتشر وسائل الاعلام المتنوعة، والهدف من كل ذلك تشويش الرأي العام.
وأشار سماحته الى بعض الآيات والروايات في ذم بث الاشاعات، قائلاً: في عصر النبي الكريم (ص)، أطلق بعض المنافقين اشاعة حول إحدى أزواج النبي، فنزل عدد من الآيات القرآنية (حدود عشرين آية) لتوبيخ من شارك في هذه القضية من دون أن يعلم.
وأكد سماحته على أن مطلق الاشاعات له عذاب شديد في الدنيا والآخرة، مضيفاً: فضلاً عن العذاب الأخروي، هناك عذاب دنيوي في انتظار مطلق الاشاعة؛ لأن إراقة ماء وجه المؤمن والتعدي على كرامته ليس بالشيء الهين.
وقال سماحته كذلك: من أطلق في الآونة الأخيرة بعض الشائعات حول أزواج النبي الكريم (ص) ألم يقرأ آيات القرآن؟ ثم لو أخبر هذا الشخص بأن زوجته تفعل ما ذكره بشأن زوج النبي أفلا ينزعج من ذلك؟
وانتقد سماحته إطلاق الاشاعات العارية عن الصحة من قبل بعض الأفراد، مؤكداً أن ذلك من المحرمات، مصرحاً: لا يمنع نقل المسائل المقطوعة الكذب فقط، بل حتى الأمور المشكوكة التي لا نحرز وقوعها، أو القضايا التتي يترتب عليها انتشار الفحشاء والمفاسد، يحرم بثها بين الناس أيضاً.
وأخيراً، قال أيضاً: علينا جميعا أن نتيقظ ونتجنب السير في مسار العدو والتحول الى آلة بيده.


من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.16 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 6  
كاتب الموضوع : alyatem المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي
قديم بتاريخ : 07-04-2013 الساعة : 01:56 AM



الآيات [سورة هود: الآيات 45 إلى 47]
وَنادى‏ نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ (45) قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ (46) قالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ (47)
التّفسير
حادثة ابن نوح المؤلمة:
قرأنا في الآيات المتقدمة أنّ ابن نوح لم يسمع نصيحة والده وموعظته، ولم يترك لجاجته وحماقته حتى النفس الأخير، فكانت نهايته الغرق في أمواج الطوفان.
وهذه الآيات- محل البحث- تتحدث عن قسم آخر من هذه القصّة، وهو أنّه حين رأى نوح ابنه تتقاذفه الأمواج ثارت فيه عاطفة الأبوّة وتذكر وعد اللّه في نجاة أهله فالتفت إلى ساحة اللّه مناديا فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ.
وهذا الوعد هو ما أشارت إليه الآية (40) من هذه السورة حيث يقول سبحانه:
قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ.
فكان أن تصوّر نوح أن قوله تعالى: إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ خاص بزوجته المشركة التي لم تؤمن به دون ابنه كنعان، ولذلك خاطب نوح ربّ العزّة بهذا الكلام.
ولكنّه سمع الجواب مباشرة .. جواب يهزّ هزا كما أنّه يكشف عن حقيقة كبيرة ..
حقيقة أنّ الرّباط الديني أسمى من رباط النسب والقرابة .. قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ.
فهو فرد غير لائق، حيث لا أثر لرباط القرابة بعد أن قطع رباط الدين. فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ.
فأحسّ نوح أنّ طلبه هذا من ساحة رحمة اللّه لم يكن صحيحا، ولا ينبغي أن يتصور نجاة ولده ممّا وعد اللّه به في نجاة أهله، لذلك توجه إلى اللّه معتذرا مستغفرا وقالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وإِلَّا تَغْفِرْ لِي وتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ.

بحوث‏
1- لم كان ابن نوح «عملا غير صالح»؟!
يعتقد بعض المفسّرين أنّ في الآية إيجاز حذف، وأصل الآية هكذا «إنّه ذو عمل غير صالح».
ولكن مع ملاحظة أنّ الإنسان قد يذوب في عمله إلى درجة كأنّه يصير بنفسه العمل ذاته، وفي اللغات المختلفة يأتي مثل هذا التعبير على نحو المبالغة كأن يقال:
إنّ فلانا هو كل العدل والسخاء، أو إنّ فلانا هو السرقة والفساد فكأنّه غاص في العمل حتى صار هو العمل بذاته.
فابن نوح كان كذلك، فقد جالس رفقاء السوء وغاص في أعمالهم السيئة وأفكارهم المنحرفة، بحيث كأنّ وجوده تبدل إلى عمل غير صالح! ..
فعلى هذا .. وإن كان التعبير المقدم موجزا ومختصرا جدا، إلّا أنّه يعبّر عن حقيقة مهمّة في ابن نوح!.
أي لو كان هذا الظلم والانحراف والفساد في وجود ابن نوح سطحيّا لكانت الشفاعة في حقّه ممكنة، ولكنّه أصبح غارقا في الفساد والانحراف، فليس للشفاعة هنا محلّ، فدع الكلام فيه يا نوح! ..
وما يراه بعض المفسّرين من أن كنعان لم يكن ابن نوح حقيقة، أو أنّه كان ابنا غير شرعي، أو أنّه ابن شرعي من زوجته عن رجل آخر، بعيد عن الصواب لأنّ قوله: إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ في الواقع علة لقوله: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ أي إنّما نقول لك إنّه ليس من أهلك فلأنّه انفصل عنك بعمله وإن كان الرباط النسبي لا يزال قائما..
2- دائرة الوعد الإلهي‏
مع ملاحظة ما ورد في الآيات المتقدمة من خطاب نوح لربّه وما أجابه اللّه به، ينقدح هذا السؤال وهو: كيف لم يلتفت نوح إلى أنّ ابنه كنعان كان خارج دائرة الوعد الإلهي؟
ويمكن الإجابة على هذا السؤال- كما أشرنا آنفا- أنّ هذا الابن لم تكن له طريقة واحدة معروفة، فتارة تراه مع المؤمنين وأخرى مع الكفار، ممّا يوهم أنّه مؤمن. بالإضافة إلى الإحساس بالمسؤولية الكبرى التي كان نوح يجدها في نفسه بالنسبة إلى ولده، كذلك المحبّة والعلاقة الطبيعية التي يجدها كل أب بالنسبة لابنه، والأنبياء غير مستثنين من هذا القانون، كل ذلك كان سببا في أن يطلب نوح من ربّه هذا الطلب..
ولكن بمجرّد أن اطّلع على واقع الأمر، أسف على طلبه فورا واعتذر إلى اللّه راجيا عفوه - وإن لم يكن صدر منه ذنب - لأنّ موقع النّبي يقتضي منه أن يراقب كلامه وتصرفاته، فكان الأولى عليه الترك، ومن هنا فقد سأل اللّه العفو والمغفرة..
ومن هنا يتّضح الجواب على سؤال: هل يذنب الأنبياء حتى يطلبوا العفو والمغفرة؟..
3- هناك حيث تنقطع العلائق‏
تعكس الآيات الآنفة درسا من أنجع الدروس الإنسانية والتربوية ضمن بيان قصّة نوح .. درسا لا مفهوم له في المذاهب المادية لكنّه أصل أساس في المذهب الإلهي والمعنوي.
فالعلائق المادية «النسب، القرابة، الصداقة، المرافقة» تخضع دائما في المذاهب السماوية إلى العلائق المعنوية.
وفي المذاهب السماوي لا مفهوم للعلاقة النسبية والقرابة مقابل الرابطة المذهبية.
هناك حيث تتحقق العلاقة الدينية، كسلمان الفارسي الذي لا هو من أهل بيت النّبي ولا من قريش ولا من أهل مكّة، بل لم يكن أساسا من العرب، ولكنّه طبقا لماورد في الحديث الشريف المعروف «سلمان منّا أهل البيت»كان يعدّ من أسرة النّبي صلى اللّه عليه وآله وسلّم.
إلّا أنّ الابن الواقعي والمباشر للنّبي- كابن نوح - يطرد على أثر قطع علاقته الدينية، ويقال في شأنه لأبيه نوح: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ.
قد تكون هذه المسألة المهمّة عسيرة الفهم لمن يعيش في دائرة التفكير المادي لكنّها حقيقة من صميم الأديان السماوية جميعا.
وعلى هذا الأساس نجد أحاديث أهل البيت عليهم السّلام تتحدث عن بعض الشيعة الذين يحملون اسم التشيّع إلّا أنّه لا يوجد فيهم علائم من تعليمات أهل البيت عليهم السّلام بنفس الطريقة التي تقدمت في الآيات الآنفة في القرآن الكريم حيث نقل عن علي بن موسى عليه السّلام أنّه سأل بعض أصحابه يوما: كيف يفسر الناس هذه الآية إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ .. فأجابه أحد الحاضرين: إنّهم يعتقدون أن كنعان لم يكن الابن الحقيقي لنوح،
فقال الإمام: «كلّا لقد كان ابنه، ولكن لمّا عصى اللّه نفاه عن أبيه، كذا من كان منّا لم يطع اللّه فليس منّا» «تفسير الصافي ذيل الآية المتقدمة».
4- المسلمون المطرودون‏
ومن المناسب أن نستلهم من الآية فنشير إلى قسم من الأحاديث الإسلامية التي ترى طوائف كثيرة من المسلمين، أو أتباع أهل البيت عليهم السّلام في الظاهر مطرودين وخارجين عن صف المؤمنين والشيعة:
1- فقد ورد عن الرّسول الأكرم صلى اللّه عليه وآله وسلّم قوله: «من غش مسلما فليس منّا» «وسائل الشيعة، ج 12، ص 53».
2- كما روي عن الإمام الصّادق عليه السّلام أنّه قال: «ليس بولي لي من أكل مال مؤمن حرام» «وسائل الشيعة، ج 12، ص 53».
3- ويقول النّبي صلى اللّه عليه وآله وسلّم: «ألا ومن أكرمه النّاس اتقاء شره فليس منّي».
4- وروي عن الإمام علي أنّه قال: «ليس من شيعتنا من يظلم الناس».
5- وقال الإمام الكاظم عليه السّلام: «ليس منّا من لم يحاسب نفسه كل يوم» «بحار الأنوار، الطبعة القديمة ج 15 قسم الأخلاق».
6- ويقول النّبي صلى اللّه عليه وآله وسلّم: «من سمع رجلا ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس‏ بمسلم» «أصول الكافي، ج 2، ص 164».
7- وقال الإمام الباقر عليه السّلام لأحد أصحابه وكان يدعى «جابرا» : «واعلم يا جابر بأنك لا تكون لنا وليّا حتى لو اجتمع عليك أهل مصرك وقالوا: إنّك رجل سوء، لم يحزنك ذلك، ولو قالوا: إنّك رجل صالح، لم يسرك ذلك، ولكن أعرض نفسك على كتاب اللّه» «سفينة البحار، ج 2، ص 691».
هذه الأحاديث تضع علامة «البطلان» على تصورات من يقنع بالاسم فحسب ولكنّهم لا يعيرون أهمية للعمل بالتكليف، أو للروابط الإيمانية، وتثبت بوضوح أنّ الأصل في مذهب القادة الرّبانيين والأساس هو الإيمان بالعقيدة والعمل بمناهجهم، وينبغي أن يقاس كل شخص بهذا المقياس.

تفسير الامثل في كتاب الله المنزل، سورة الانبياء، الآية 77

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج‏10، ص 212

وهناك اختلاف بين المفسّرين في المراد من كلمة (أهل) هنا، لأنّه إذا كان المراد منها عائلته وأهل بيته فستشمل بعض أبناء نوح، لأنّ واحدا من أولاده تخلّف عنه مع المسيئين وأضاع بنوته لعائلته، وكذلك لم تكن زوجته مؤمنة به.
وإن كان المراد من الأهل خواص أتباعه وأصحابه المؤمنين، فإنّها على خلاف المعنى المشهور للأهل.
لكن يمكن أن يقال: أنّ للأهل- هنا - معنى وسيعا يشمل أهلهالمؤمنين وخواص أصحابه، لأنّا نقرأ في حقّ ابنه الذي لم يتبعه: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ «هود: 46» وعلى هذا فإنّ الذين اعتنقوا دين نوح يعدّون في الواقع من عائلته وأهله.


من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.16 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 7  
كاتب الموضوع : alyatem المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي
قديم بتاريخ : 19-03-2013 الساعة : 07:54 AM


وللفيض الكاشاني ايضا في تفسيره الصافي، سورة التحريم الآية 10:

ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما بالنفاق والتظاهر على الرسولين مثل الله حال الكفار والمنافقين في أنهم يعاقبون بكفرهم ونفاقهم ولا يجابون بما بينهم وبين النبي (صلى الله عليه وآله) والمؤمنين من النسبة والوصلة بحال امرأة نوح وامرأة لوط وفيه تعريض بعائشة وحفصة في خيانتهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) بإفشاء سره ونفاقهما إياه وتظاهرهما عليه كما فعلت امرأتا الرسولين فلم يغنيا عنهما من الله شيئا فلن يغن الرسولان عنهما بحق الزواج اغناء ما وقيل لهما عند موتهما أو يوم القيامة ادخلا النار مع الداخلين الذين لا وصلة بينهم وبين الأنبياء.


من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.16 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 8  
كاتب الموضوع : alyatem المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي
قديم بتاريخ : 02-04-2013 الساعة : 02:26 PM




سؤال: هل صحيح أن الشيعة يتهمون بعض زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالزنا؟

والجواب: أن الشيعة وإن كانوا لا ينزهون زوجات رسول الله صلى الله عليه وآله عن الكفر والفسق، إلا أنهم ينزهونهن عن فعل الفجور والفاحشة؛ لأن فعل الزوجة للفاحشة يشين الزوج، ويعيبه، ويحط من قدره، فقال تعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) (التحريم:10).

وكلمات أعلام الشيعة متضافرة في تنزيه زوجات الأنبياء عن الفحش والفجور، ...

وما يقال خلاف ذلك فهو مردود على قائله، لا يصح نسبته إلى الشيعة بعد تصريح أساطين علمائهم بالعقيدة الصحيحة للشيعة في هذه المسألة.


من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.16 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 9  
كاتب الموضوع : alyatem المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي
قديم بتاريخ : 02-04-2013 الساعة : 02:28 PM



ذكر في ترجمة الشهيد: الشيخ حسن بن محمد بن أبي بكر بن أبي القاسم الهمذاني السكاكيني الدمشقي الذي قتل على التشيع بدمشق 11 أو 21 جمادى الأولى 744.

وهكذا كانت تذهب الدماء هدرا بالتعصب والعداوات وشهادات الزور واحكام القضاة الجائرة لا سيما في دمشق. فكم قتل فيها من مؤمن بالله ورسوله وبكل ما جاء به من عند ربه موال لأهل بيته معظّم لأصحابه منزّه لأزواجه لأنه شهد عليه عند القاضي بأمور تبرأ منها الشيعة ويبرأ منها المشهود عليه فحكم القاضي بإباحة دمه ولم تقبل توبته وان حكم قاض آخر بقبولها تعصبا وعنادا ومحاداة لله ورسوله وأهل بيته والمطالع للدرر الكامنة يرى من ذلك الشئ الكثير وما هي الا تاريخ لعصر واحد وهي المائة الثامنة فما ظنك بباقي العصور! وكذا المطالع لغيرها لكنه لم يذكر فيها الشهيد الأول محمد بن مكي مع أنه في المائة الثامنة.
ومما يدل على كذب هذه الشهادات وان أصحابها انما شهدوا بها بغضا وعداوة انها تتضمن فيما نقله ابن حجر في ترجمة هذا الرجل قذف أمهات المؤمنين ونسبة جبرائيل إلى الغلط في الرسالة ولا يوجد بين جميع فرق الشيعة في جميع الأعصار والأدوار والبلدان والأقطار من يعتقد بشئ من ذلك وما هو الا محض افتراء على الشيعة كما بيناه في المقدمات ومن نسب إليهم ذلك فليأتنا بما يدل عليه من كلام واحد منهم ان كان من الصادقين.
والعجب ممن يتولى ساب علي بن أبي طالب على المنابر ومكفره وهو أحد أعيان الصحابة واحد الخلفاء الأربعة ومن كان يقتل من لا يبرأ منه ومن دينه ويقول عنه انه كفر كفرة صلعاء وينتحل له الاعذار ويستحل دماء المسلمين ويحكم بزندقتهم لأجل التشيع ولا شئ أعجب من أن الذين قذفوا أم المؤمنين عائشة كانوا من الصحابة منهم حسان بن ثابت فلم يحكم النبي ص بكفرهم ولم يستحل دماءهم بل أقام عليهم حد القاذف بعد ثبوت براءتها وقبل توبتهم.
والشيعة تعلن لجميع الملأ انها تعتقد انه لا يجوز أن تكون زوجة النبي زانية وانه يجب تنزيه جميع أزواج الأنبياء عن ذلك فلا يقبل منهم وتلصق هذه التهمة بهم ان هذا لعجيب.


من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.16 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 10  
كاتب الموضوع : alyatem المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي
قديم بتاريخ : 02-04-2013 الساعة : 02:30 PM


السيّد محسن الأمين العاملي(قدس سره)
(1284ﻫ ـ 1371ﻫ)

اعيان الشيعة ج1 ص 119

رأي الشيعة في أمهات المؤمنين وبخاصة في عائشة

كتب الأستاذ سعيد الأفغاني لمناسبة ما يقوم به من بحث عن عائشة، كتب كتابا إلى المؤلف جاء فيه:
1 - ما هو رأي الشيعة المتفق عليه في أمهات المؤمنين عامة مستندا إلى المصادر الموثوق بها المجمع على احترامها عندهم.
2 - رأيهم في السيدة عائشة خاصة، وجميع ما كان منها.
3 - رأيكم الخاص في الأمرين على التفصيل بصفتكم أبرز مجتهدي الشيعة اليوم أثرا في الاصلاح.
4 ما هي المراجع المعتمدة عند الشيعة التي يحسن بالباحث الرجوع إليها كلما أراد معرفة رأيهم الرسمي في قضية ما لأنه قد ثبت عندي أن الاعتماد في ذلك على ما حكي من آرائهم في كتب غيرهم كابن تيمية وابن حزم في المتقدمين والنشاشيبي مثلا في المعاصرين مخالف لأصول البحث العلمي المجرد.
5 - هل صحيح ما حكي عنهم في كتاب الاسلام الصحيح للنشاشيبي؟ وخاصة ما جاء في ذيل الصفحتين 86 و 87 منه بحق السيدة عائشة.

الجواب:
قلتم انكم تريدون أن تكون دراستكم حيادية، شاملة وجهات النظر كلها، وقد أعوزكم ان تدرسوها من وجهة النظر الشيعية، وإنكم لم تقتنعوا بما رأيتم من آرائهم في كتب غيرهم، ابن تيمية مثلا في منهاج السنة، والإنصاف يقتضي دراستها في مظانها، وطلبتم ان أدلكم على مصادر شيعية وتعيين ما نراه محترما موثوقا يعبر في نظرنا عن وجهة النظر الشيعية لتستطيعوا الاعتماد عليها، وإن أبين لكم رأيي الخاص في الموضوع، وطلبتم في كتابكم الثاني الجواب عن خمسة أمور لا تخرج عما طلبتم في الكتاب الأول الجواب عنه.
فأقول مجيبا وسائلا منه تعالى التوفيق والتسديد لصواب القول:
اما قولكم إن في نيتكم أن تكون الدراسة حيادية: فنعم ما تفعلون إذا أمكنكم ذلك. فان ما في الكتب الإسلامية مما يرجع إلى الآراء والديانات قد اختلط فيه الحابل بالنابل والحق بالباطل واعتورتها العصبيات والأهواء، ومضى على المسلمين أحقاب وقرون دخلت فيها السياسة في الدين، واستغل الدين لتوطيد الملك واختلقت الأحاديث والأقوال حسب رغبة الملوك والأمراء والسلاطين وبعض من يحملون لقب الخلافة. فعل ذلك خوفا وطمعا ولارغام فريق وتأييد فريق كما هو الشأن في كل عصر وزمان واقتضت السياسة في غالب العصرين الأموي والعباسي الغض من العلويين وإرغامهم واقصاءهم وإخمال ذكرهم واختلاق كل ما فيه إرغامهم وتأييده وتشييده لا سيما من طريق الدين والناس عبيد الدنيا إلا من عصمه الله وقليل ما هم.
ومهما بذل العلماء جهودهم في تنقية الأخبار لم يستطيعوا وإن تخيلوا ذلك؛ لأن العصبيات المذهبية والعداوات الدينية تأصلت في النفوس وتوارثها الخلف عن السلف ومن أراد تجريد نفسه عنها لم يوفق لكثرة ما في الامر من الاختلاط إلا ما شاء الله ولا يمكننا تنزيه ما عند فريق دون فريق عن ذلك فما علينا إلا أن ننعم النظر ونأخذ بما أتفق عليه الكل وتوافقت عليه الأخبار من الطرفين وأيده الكتاب العزيز والسنة الثابتة عند الجميع.
أما عدم إقتناعكم بما ترونه من آراء الشيعة في كتب غيرهم فهو الصواب لأنها قد كثرت النسب الباطلة إلى الشيعة في كتب غيرهم وتداولها الناس ولا سيما ما في كتب ابن تيمية الذي غلب عليه التعصب وأتى في كتابه الذي سماه منهاج السنة بما تشمئز منه النفوس وعاب مسلكه كثيرون من علماء أهل السنة كالامام السبكي وغيره بما لا يتسع المقام لبيانه. وشهد عليه ابن بطوطة بأن في عقله شيئا.
أما الجواب عن السؤال الأول:
فيمكنني في هذه العجالة ان أبين لكم خلاصة عقيدة الشيعة المتفق عليها في نساء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام عامة وفي أمهات المؤمنين نساء النبي ص خاصة:
يعتقد الشيعة وجوب تنزيه الأنبياء عن جميع العيوب والنقائص سواء كان ذلك في أفعالهم كالاكل على الطريق ومجالسة الأرذال أو صناعاتهم ككونه حجاما أو زبالا أو أخلاقهم كالحقد والحسد والجبن والبخل أو في أجسامهم كالبرص والجذام أو عقولهم كالجنون والبله أو في الخارج عنهم كدناءة الآباء وعهر الأمهات أو الأزواج فتحصل من ذلك أن زوجة النبي يجوز أن تكون كافرة كما في امرأتي نوح ولوط ع ولا يجوز أن تكون زانية لأن ذلك من النقائص التي تلحق النبي فتوجب سقوط محله من القلوب وعدم الانقياد لأقواله وأفعاله وذلك ينافي الغرض المقصود من إرساله.
وحينئذ فقوله تعالى في حق امرأتي نوح ولوط: فخانتاهما يراد منه الخيانة بغير ذلك ولا عموم في لفظ الخيانة.
أما إعتقادهم في خصوص أزواج النبي ص فهو ما نطق به القرآن الكريم وأتفق على نقله أهل الآثار والاخبار دون ما أنفرد به بعضهم ولم يقم برهان على صحته ما روي لأمور سياسية في عصر الملك العضوض أو انفرد به شذاذ لا عبرة بهم.
هذا هو إعتقادهم ومن نسب إليهم سوى ذلك فقد أخطأ.
فأزواج النبي ص أمهات المؤمنين في لزوم الاحترام والتكريم احتراما للنبي ص وحرمة نكاحهن من بعده، النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم، ما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده.
وإن الزوجية للنبي ص لا ترفع عقاب المعصية بل تضاعفه كما تضاعف ثواب الطاعة: يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين، ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين، يا نساء النبي لستن كأحد من النساء ان اتقيتن.
وإن زوجية المرأة للنبي لا تنفعها مع سوء عملها كما أن زوجيتها للكافر المدعي الربوبية لا تضرها مع حسن عملها: ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله.
وإن بعض أزواجه ص أفشت سره وإن اثنتين منهما قد صغت قلوبهما ومالت عن طريق الطاعة وفعلتا ما يوجب التوبة وأنهما تظاهرتا عليه وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبات به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض. ثم قال: إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فان الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير عسى ربه ان طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن الآية.
وروى الطبري في تفسيره روايات كثيرة والبخاري في صحيحه ان المتظاهرتين كانتا عائشة وحفصة.
وان نساء النبي ص فعلن ما يوجب اعتزاله إياهن تسعة وعشرين يوما حتى نزلت آية التخيير: يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فان الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما.
ويعتقدون ان أفضل أمهات المؤمنين خديجة بنت خويلد وان من المحسنات أم سلمة.
وأما الجواب عن السؤال الثاني:
فهو ان السيدة عائشة أم المؤمنين كانت راوية للحديث بصيرة بالفقه جريئة على النبي ص ظهر ذلك منها في عدة مواضع حفظها التاريخ لا يتسع المقام لذكرها، منها قولها له في غزاة فتح مكة: إنك تزعم إنك رسول الله فما لك لا تعدل (كما في السيرة الحلبية ج 3 ص 293) ومنها إنه لما أراها ولده إبراهيم لترى ما بينه وبين ولده من عظيم الشبه قالت إنها لا ترى بينهما شبها (كما في كتاب حياة محمد للدكتور هيكل ص 429) ولتكاد تتهم مارية بما يعرف النبي ص براءتها منه (كما في ص 431 منه).
ويرون إنها أخطأت بخروجها على الإمام العادل مظهرة الطلب بدم عثمان، وهي كانت من أعظم المحرضين عليه، وكانت تقول ما هو معروف مشهور وتخرج قميص رسول الله ص وتقول ما هو معروف مشهور أيضا لا حاجة بنا إلى ذكره وقد تركت عثمان وهو محصور لم تنصره ولم تحرض على نصره وخرجت إلى مكة فبقيت فيها حتى قتل ثم خرجت من مكة تريد المدينة وهي لا تعلم بقتله، روى الطبري (ج 5 ص 172) وابن الأثير (ج 2 ص 102 الطبعة الثانية) أنها لما كانت بسرف لقيها ابن أم كلاب وهو من أخوالها فقالت له: مهيم؟ قال قتل عثمان قالت ما صنعوا قال أخذها أهل المدينة بالاجتماع فجازت بهم الأمور إلى خير مجاز وحارت بهم خير محار اجتمعوا على بيعة علي، فقالت:
ليت هذه انطبقت على هذه ان تم الامر لصاحبك ردوني ردوني فانصرفت إلى مكة وهي تقول: قتل والله عثمان مظلوما، والله لأطلبن بدمه. فقال لها ولم والله أن أول من أمال حرفه لانت ولقد كنت تقولين اقتلوا نعثلا فقد كفر قالت إنهم استتابوه ثم قتلوه وقد قلت وقالوا وقولي الأخير خير من قولي الأول، فقال لها ابن أم كلاب:
منك البداء ومنك الغير * ومنك الرياح ومنك المطر
وأنت امرت بقتل الإمام * وقلت لنا أنه قد كفر
فهبنا أطعناك في قتله * وقاتله عندنا من أمر
ولم يسقط السقف من فوقنا * ولم ينكسف شمسنا والقمر
وقد بايع الناس ذات تدرء * يزيل الشبا ويقيم الصعر
ويلبس للحرب أثوابها * وما من وفى مثل من قد غدر

وقد أمرت أن تقر في بيتها بقوله تعالى: وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى. ويعتذر المعتذرون لها بأنها اجتهدت فأخطأت أو أذنبت فتابت، ورحمة الله واسعة، ويصعب علينا التصديق بان هذا كان اجتهادا وإذا جردنا أنفسنا عن التقليد ونظرنا نظرا لم يتأثر بشئ وجدناه بعيدا عن الاجتهاد غاية البعد وقد قال بعض علماء الأعصار الأخيرة من الشيعة:
عائش ما نقول في قتالك * سلكت فيه سبل المهالك
ويا حميرا سبك محرم * لأجل عين ألف عين تكرم

وروى أبو الفرج الأصبهاني في مقاتل الطالبيين بسنده إنه لما جاءها قتل علي بن أبي طالب سجدت وروى فيه أبو الفرج أيضا ومحمد بن سعد في الطبقات الكبير وذكره المرزباني في معجم الشعراء والطبري في تاريخه وابن أثير في الكامل: انه لما أتاها نعيه تمثلت:
فألقت عصاها واستقرت بها النوى * كما قر عينا بالإياب المسافر
ثم قالت: من قتله؟ قيل: رجل من مراد فقالت:
فان يك نائيا فلقد نعاه * غلام ليس في فيه التراب

قال أبو الفرج: ثم تمثلت:
ما زال اهداء القصائد بيننا * شتم الصديق وكثرة الألقاب
حتى تركت كان قولك فيهم * في كل مجتمع طنين ذباب

وان ما جاء من أن النبي ص كان يستمع إلى الغناء وهي معه وانه كان عنده نساء يلعبن بالدفوف وهي عنده فجاء بعض أكابر الصحابة فقال اسكتي فقد جاء رجل لا يحب الباطل - أو ما هذا معناه لست أحفظ لفظ الحديث ولم تمكنني الفرصة لمراجعته - باطل مختلق وان ذكر في كتب مشهورة لمنافاته مقام النبوة وشرف الرسالة. وسبيل هذه الأخبار سبيل كثير مما جاء في هذا الباب.
وأما الجواب عن السؤال الثالث:
فيعلم مما ذكر في جواب السؤالين الأول والثاني.
وأما الجواب عن السؤال الرابع:
فالمراجع المعتمدة عند الشيعة هي: كتب السيد المرتضى وأمثاله. وتجدون كثيرا من آرائه وأقواله منقولة في شرح النهج الحديدي. ومن المراجع المعتمدة في التفسير مجمع البيان للطبرسي المطبوع، ومروج الذهب للمسعودي في التاريخ.
والاعتماد عليها لا يعني ان جميع ما فيها صواب فلا ينزه عن الخطا غير كتاب الله العزيز.
وأما الجواب عن السؤال الخامس:
فكتاب النشاشيبي لم أره ولا كلفت نفسي رؤيته وما فيه ان طابق ما قلناه فصواب وإلا فلا.


من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 12:22 AM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية