قال الرافضي : (( البرهان الثاني عشر : قوله تعالى : ) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا((1)،روى الحافظ أبو نُعيم الأصبهاني بإسناده إلى ابن عباس، قال : نزلت في عليّ. والوُدُّ محبة في القلوب المؤمنة. وفي تفسير الثعلبي عن البراء بن عازب قال : قال رسول الله e لعليّ : يا عليّ قل : اللهم اجعل لي عندك عهداً، واجعل لي في صدور المؤمنين مودة. فأنزل الله : ] إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا((2)، ولم يثبت لغيره ذلك، فيكون هو الإمام )).
والجواب من وجوه : أحدها : أنه لا بد من إقامة الدليل على صحة المنقول : وإلا فالاستدلال بما لا يثبت مقدماته باطل بالاتفاق، وهو من القول بلا علم، ومن قفو الإنسان ما ليس به علم، ومن المحاجّة بغير علم. والعزو المذكور لا يفيد الثبوت باتفاق أهل السنّة والشيعة.
الوجه الثاني : أن هذين الحديثين من الكذب باتفاق أهل المعرفة بالحديث.
الثالث : أن قوله : ) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ(([1]) عامّ في جميع المؤمنين، فلا يجوز تخصيصها بعليّ، بل هي متناولة لعليّ وغيره. والدليل عليه أن الحسن والحسين وغيرهما من المؤمنين الذين تعظّمهم الشيعة داخلون في الآية، فعُلم بذلك الإجماع على عدم اختصاصها بعليّ.
وأما قوله : (( ولم يثبت مثل ذلك لغيره من الصحابة )) فممنوع كما تقدم، فإنهم خير القرون، فالذين آمنوا وعملوا الصالحات فيهم أفضل منهم في سائر القرون، وهم بالنسبة إليهم أكثر منهم في كل قرن بالنسبة إليه.
الرابع : أن الله قد أخبر أنه سيجعل للذين آمنوا وعملوا الصالحات ودّا. وهذا وعد منه صادق. ومعلوم أن الله قد جعل للصحابة مودّة في قلب كل مسلم، لا سيما الخلفاء رضي الله عنهم، لا سيما أبو بكر وعمر، فإن عامّة الصحابة والتابعين كانوا يودُّونهما، وكانوا خير القرون.