الأستاذ حيـــــدرة أنت مدعو هنا بكل أحترام و " فدك في الميزان [&]
بتاريخ : 09-10-2009 الساعة : 03:57 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
من منا لا يعرف الحديث النبوي الشريف (( فاطمة بضعة مني فمن اذاها فقد اذاني))
فاطمة الزهراء (ع) كانت تملك مكانه كبرى عند والدها الحبيب المصطفى صل الله عليه وآله وسلم وحيث أنها الابنه الوحيدة التي عاشت بعد وفاته ، فقد حزنت عليه حزن شديداً ..
وكثير ما تساؤلنا عن أمر فدك وسر إصرار السيدة الجليلة على إثبات حقها في فدك فيما كان ارث او هبة من أبيها قبل وفاته ؟؟!!..
وهل السيدة البتول كانت تهتم بأمور الدنيا وملذاتها وكلنا نعلم كيف انها تصدقت بثوب زفافها وحينما سألها النبي (ص) قالت : ان الله تعالى قال (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )..
في قضية مواجهة مع اخواننا في مذهب اهل السنة والجماعة في إثبات شرعية مطالبة فاطمة الزهراء سلام عليها في فدك ..
نريد أن نذهب بفكرنا إلى التاريخ ونطلع على حقيقة ما كان وما جرى ونسلط الضوء على الادوار البارزة التي ظللت الفكر الإسلامي ...
ونود أن نستضيف الاستاذ المحاور "حــــــــيدرة "
في موضوعنا بعد إذن الموافقة على الدعوة من قبله
وهو المدعو بالخصوص فيه هنا لما لمسناه من إطلاع وأدب في الحوار هنا مع الجميع وخصوصاً مع المخالفين هداهم الله تعالى وايانا جميعا لما يحب ويرضى ...
فعسى منه القبول والعذر لنا من قبله ان دعوناه بلا أستئذان
والسلام عليكم ورحمة الله
أختكم
العقــــيلة
التعديل الأخير تم بواسطة العقــــــــيلة ; 09-10-2009 الساعة 04:01 AM.
نفعنا الله تعالى بك للدنيا والاخرة
ونفعك بنا إنه قدير حكيم
ولا أدري لما انا بالذات في هذا الموضوع الخــــطير والأمر الجلل وأمر فدك المغصوب من قبل الظالمين عليهم ما يستحقون
ولكن وإن كان ولا بد فحباً وألف كرامة للسيدة الجليلة المظلومة الشهيدة سيدتي ومولاتي أم أبيها فاطمة الزهراء عليها الصلاة والسلام
وأقبل هذه الدعوة المباركة إن شآء الله تعالى
مع الدعاء والطلب من الله تعالى بالتسديد فيه كله والتوفيق لنيل الفائدة منه لي وللجيمع
إن شآء الله تعالى
فبه سبحانه أستعين
____________________________
تسأل الأخت الكريمة " العقيلة " وفقها الله لمرضاته :
اقتباس :
وكثير ما تساؤلنا عن أمر فدك وسر إصرار السيدة الجليلة على إثبات حقها في فدك فيما كان ارث او هبة من أبيها قبل وفاته ؟؟!!..
وهل السيدة البتول كانت تهتم بأمور الدنيا وملذاتها وكلنا نعلم كيف انها تصدقت بثوب زفافها وحينما سألها النبي (ص) قالت : ان الله تعالى قال (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )..
فنجيب والمستعان بالله تعالى وحده ...
ولنتعرف أولاً على هذه الأرض المسماة (فدك) وما هي في الأصل ...:
تعتبر أرض فدك مما أفاء الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وآله وهذا ثابت عند أحبتنا أهل السنة والجماعة حيث نقلوا ما يلي بخصوصها هبة رسول الله فدكاً لفاطمة في حياتها عليها السلام :
>> حدثنا عباد بن يعقوب ، حدثنا أبو يحيى التيمي ، حدثنا فضيل بن مرزوق ، عن عطية ، عن أبي سعيد ( الخدري ) قال :
"ما نزلت «وآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا».
" دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة الزهراء فأعطاها فدك "
إسناده لين وفيه أبو يحيى التيمي ضعفه ابن نمير وغيره وقال ابن حجر : ضعيف من الثامنة .
لكنه لم يتفرد بل تابعه عليه سعيد بن خيثم وغيره فالحديث صحيح لغيره بهذا الإسناد .
>> وأخرجه أبو يعلى الموصلي في " المسند " ( 1 / 583 ) ح / 1405 ) قال :
قرأت على الحسين بن يزيد الطحان ، حدثنا سعيد بن خيثم ، عن فضيل ، عن عطية ، عن أبي سعيد الخدري قال : لما نزلت هذه الآية «وآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا»...لإسراء/26.
" دعا النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة عليها السلام فأعطاها فدك "
هذا حديث صحيح بهذا الإسناد ورجاله كلهم ثقاة . وأما عطية العوفي فهو حسن الحديث مع ضعفه لتشيعه .
>> أخرجه أبو يعلى في " المسند " ( 1 / 459 ) ح 1070
قرأت على الحسين بن يزيد الطحان هذا الحديث فقال : هو ما قرأت على سعيد بن خيثم ، عن فضيل، عن عطية ، عن أبي سعيد قال : لما نزلت هذه الآية «وآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا»...لإسراء/26.
" دعا النبي فاطمة الزهراء فأعطاها فدك " ...
إسناده حسن ورجاله ثقاة ! أخرجه ابن حجر في " زوائد مسند البزار " ( 2 / 90 ) ح / 1476 .
والنتيجة ...
فإن فدك قطعة أرض قريبة من خيبر كانت لرسول الله - بموجب آية الفيء التي قالت ( وَمَا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاء وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) ، فمفاد هذه الآية .. أنّ جميع الموارد التي لم يحدث فيها قتال و فيها غنائم، فإنّها لا توزّع بين المقاتلين، و توضع بصورة تامّة تحت تصرّف النبي و هو يصرفها في الموارد التي يذكرها الله . و فدك كانت من ضمن هذه المناطق التي تدخل في سياق هذه الآية ، أي كانت ملكا خالصا للرسول المصطفى صلى الله عليه وآله .
هذا ناهيك عن قيمتها المعنوية والمادية هذه الأرض المسماة "فدك" ...
فمن قيمتها المعنوية مدى ما بلغته فدك من القيمة المعنوية في النظر الأسلامى قصيدة دعبل الخزاعي التي أنشأها حينما رد المأمون فدك ومطلعها :
أصبح وجه الزمان قد ضحكا * برد مأمون هاشم فدكا
(شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد 16 : 217 )
وهي - فدك - لم تكن أرضا صغيرة أو مزرعا متواضعا كما يظن البعض ، بل الأمر الذي أطمئن إليه أنها كانت تدر على صاحبها أموالا طائلة تشكل ثروة مهمة وليس علينا بعد هذا أن نحدد الحاصل السنوي منها وإن ورد في بعض طرقنا الارتفاع به إلى أعداد عالية جدا ...
ومن قيمتها المعنوية ...فتدلنا عليها أموراً عديدة ومنها ...
( الأمر الأول ) إلزام عمر بمنع أبا بكر من ترك فدك للزهراء لضعف المالية العامة الاسلامية مع احتياجها إلى التقوية لما يتهدد الموقف من حروب الردة كما يزعمون وثروات العصاة بالمقابل .
( راجع : السيرة الحلبية 3 : 391 ، شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد 16 : 234 ).
ومن الجلي أن أرضا يستعان بحاصلاتها على تعديل ميزانية الدولة ، وتقوية مالياتها في ظروف حرجة كظرف الثورات والحروب الداخلية لا بد أنها ذات نتاج عظيم .
( الأمر الثاني ) قول الخليفة لفاطمة في محاورة له معها حول فدك :
( إن هذا المال لم يكن للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وإنما كان مالا من أموال المسلمين يحمل النبي به الرجال وينفقه في سبيل الله ) ، فإن تحميل الرجال لا يكون إلا بمال مهم تتقوم به نفقات الجيش .
(شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد 16 : 214 )
( الأمر الثالث ) ما سبق من تقسيم معاوية فدك أثلاثا ، وإعطائه لكل من يزيد ومروان وعمرو بن عثمان ثلثا ، فإن هذا يدل بوضوح على مدى الثروة المجتناة من تلك الأرض ، فإنها بلا شك ثروة عظيمة تصلح لأن توزع على امراه ثلاثة من أصحاب الثراء العريض والأموال الطائلة .
(شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد 16 : 216 ) .
( الأمر الرابع ) التعبير عنها بقرية كما في معجم البلدان (معجم البلدان / الحموي 4 : 238 ، و فتوح البلدان : 45 ، قال : حدثنا سريج بن يونس قال : أخبر إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن الزهري في قول الله تعالى : ( فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ) قال : هذه قرى عربية لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فدك وكذا وكذا ) ، وتقدير بعض نخليها بنخيل الكوفة في القرن السادس الهجري كما في شرح النهج لابن أبي الحديد .
(شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد 16 : 236) .
و قد استدل بعض العلماء على أن فاطمة عليها السلام قد تصرفت في هذه الأرض التي أعطاها أياها رسول اللهصلى الله عليه وآله في حياته ، مستندين إلى عدة أمور منها قول أمير المؤمنين عليه السلام في رسالته لواليه على البصرة عثمان بن حنيف التي يقول له فيها … :
" بلى كانت في أيدينا فدك من كل ما أظلته السماء ، فشحت عليها نفوس قوم وسخت عنها نفوس قوم آخرين ، ونعم الحكم الله " ...، فكونها في أيديهم يعني أنهم كانوا يتصرفون بها ، و ما ذكره بعض المؤرخين من أن الخليفة الأول انتزع فدكا من يد فاطمة يشير إلى هذا المطلب .
و كما يشير أهل التاريخ و الحديث أن فدكا قد أخذت من فاطمة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله بأيام قليلة ، فجاءت إلى الخليفة تطالب بحقها ، مستعملة كافة الطرق و الوسائل ، واقفة بكل مهابة و قوة أمام الرأي العام معلنة موقفها مجاهرة بالمطالبة بحقها ، و قد أصبحت المحاججة بين علي و فاطمة من جهة و الخليفة من جهة أخرى، مسألة يتضح فيها تزوير التاريخ من قبل الجهاز الحاكم و مسخ الفهم الديني الذي ركزه الرسول ، و تحريف حتى المفهوم القرآني ، في عدة مجالات من تلك المحاروات التي لا داعي لذكرها هنا بل تراجع في مصادرها وليس محل جوابنا الان ....
و قد استدعت هذه المطالبة الحثيثة من قبل الزهراء بفدك ، أسئلة من قبل البعض - كما في سؤال الأخت الكريمة - والتي تدور حول السر الذي دعا الزهراء إلى هذه المطالبة في الوقت الذي يتميز به أهل البيت عليهم الصلاة والسلام بالزهد و العزوف عن الدنيا، و يكفي أن نسمع جميعاً أمير المؤمنين في نهج البلاغة يصف الدنيا بأنها أهون عنده من عفطة عنز !!
ثم تراه هو و الزهراء يصران هذا الإصرار على أمر فدك . إذا ففي المسألة يا أحـــبة أسرار تستدعي هذه المطالبة ......
أولا : أهمية المال بالنسبة لأولي الأمر :
حين أعطى رسول الله فدكا لفاطمة مما يعني أنها ستنتقل من بعدها للأئمة بالإرث ،و فدك كانت قيمة اقتصادية كبيرة و ثروة هائلة بموازين تلك الأيام حسب ما ذكر كثير من المؤرخين، و بالتالي فقد أراد الرسول من خلال ذلك عدة أمور: الأمر الأول : أن تستغني الزهراء و ذريتها عن الناس فضلا عن الأجهزة الحاكمة ،و بالتالي يعيشون حالة من الاستقلالية المادية تستتبع استقلالية سياسية، و لذلك يؤكد الإسلام على أهمية تسليم الخمس للإمام و لخليفته ، لأن هذا الخمس يعطي استقلالية مادية لمنصب الإمامة و قوة المال في كثير من الأحيان قد تكون أشد من قوة السياسة و العسكر. الأمر الثاني : أن يكون بين يدي أهل البيت عليهم السلام مال يكفي للأنفاق على الحركة الرسالية ، لأن المال عنصر هام و حساس و فقدانه سيعيق الحركة المنتظرة من أهل البيت، و قد أراد الرسول تأمين مورد ثابت للإنفاق ، و محرز الاستمرارية ، و لولا المال الذي انتفع به رسول الله من خديجة لما كان الإسلام استطاع أن يتطور في البداية كما عبر الرسول أن أحد الأعمدة الثلاثة لدعوة إلى الإسلام وانه ما قام ولا بقى إلا بمال خديجة وسيف علي كما هو مشهور لدى العامة والخاصة .. .
الأمر الثالث :إن سياسة الأعداء كانت كما وصفها القرآن ( لا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ ) ، و بالتالي فإن عامل الفقر و انعدام الموارد المادية في العصر الذي فيه سلطة حاكمة تمتلك كل شيء سيشتت الناس من حول أمير المؤمنين و أهل البيت ، فكانت فدك في هذا المجال عامل جذب للناس .
إذن فهذه الأمور تشير إلى أهمية امتلاك من بيده السلطة للثروة المادية التي يستطيع من خلالها أن ينفق على المشاريع الرسالية ،و أن لا ينتظر الغائب المخفي من الأموال التي قد ترهن الشخص أو المشروع لصاحب المال ، و لذلك نحن نأخذ فدكا كمثال على أهمية تأسيس المشاريع المنتجة التي تدر ربحا و مالا على الخط الرسالي ، لينتج المزيد من المشاريع و لا يقع تحت ضائقة الضغط المالي الذي يشل الحركة الإسلامية عن العلم في انتظار الحصول على الدعم المادي.
ثانيا :موقع أهل البيت( في الوسط الإسلامي :
لقد هدف الرسول من خلال إعطاء فدك للزهراء إلى إبراز موقع أهل البيت في الوسط الإسلامي بشكل عملي ، بعدما أكثر الرسول من التحدث عنهم بشكل نظري ،و لكن يظهر من المجريات أن حديث النبي و آيات القرآن عرضة للتحريف و التزوير فلا بد من شيء ملحوظ على المستوى العملي ، فكانت فدك قطب مادي عيني معروف لدى الجميع لأمور عديدة منها ......:
الأمر الأول : تأكيد محورية أهل البيت في الخريطة الإسلامية سياسيا و اجتماعيا ،و جعلهم المركز و المحور ، فمن خلال إعطاء فدك للزهراء بموجب الآية الشريفة اتضح أن الزهراء و أهل البيت هم المقصودون بعبارة أولي القربى في الكتاب .
و إن النبي حيث أعطى ما أفاء الله عليه لأهل البيت أشار إلى موقع هؤلاء في الخط الإسلامي العريض .
الأمر الثاني : تعميق أحقية أهل البيت بالخلافة ، فالخلافة كما هو معلوم مجرد منصب ،أي ليست هي شيئا مادياً ، على عكس فدك التي كانت أرضا كتب الرسول فيها وثيقة شهد عليها أمير المؤمنين وأم أيمن و رجل من موالي الرسول كما ينقل لنا التاريخ ، و بالتالي فإن غصب هذا الشيء المادي المعروف الذي ما زالت يد الزهراء متصرفة فيه ، يعمق جريمة الاغتصاب ،و يعزز موقف أهل البيت أمام الناس وأن هذا إن أُغتصب مع شدة وضوحه كحق ولمن هو في ملكه فإن الكثير من الأمور بع هذا ستكون من السهل جداً أن تُغتصب وتؤخذ من أصحابها الشرعيين .
ثالثا : عدم التهاون في المطالبة بالحق
هذا درس تعلمنا أياه الزهراء من خلال حركتها الدؤوبة المثابرة للمطالبة لفدك ، فكما يقال الحق يؤخذ و لا يعطى ،و الساكت عن الحق شيطان أخرس و ما ضاع حق وراءه مطالب.
فقد يتندر البعض إن ما طالبت به الزهراء لا يستأهل كل هذا الجهد و الخلاف الشديد مع الحكام في ذلك الزمان و بعده ، و لكن هذا لا يستقيم في منطق الإسلام الذي يطالب الإنسان بعدم الاستكانة في المطالبة بالحق.
و خصوصا إذا كان هذا الحق هو الخلافة و الإمامة ، فلو لم تنهض فاطمة في ذلك الوقت ، لما كان يتسير لأي من الأئمة أن يطالب بهذا الحق ، حيث سيقال إن جدتك فاطمة سكنت و سكتت عن حقها وأهل بيتها . و لكن الحال أن كل واحد من الأئمة أخذ من دور فاطمة الرافض منطلقا للمطالبة بالحق الأساسي ، و كانت حركة فاطمة هي المنطلق لتلك العملية المعارضة الواسعة النطاق و القوية ألأثر التي قام بها آل البيت على مرّ السنين ، فكانت فاطمة تؤسس لحالة الرفض التي وصلت إلى أوجها في كربلاء يوم العاشر من المحرم ، و استمرت على مر الزمن مع الأئمة وكلٌ على حسب ظروف زمانه ومكانه وسعة يده وسلطانه .
رابعا: تأكيد المظلومية :
إن الزهراءأرادت أن تثبت لأهل الإسلام في ذلك الحين أنها مظلومة في أعلى درجات الظلم، التي تتمثل بأخذ المال الذي تعتاش منه ، و غصب مصدر رزقها ، هذا من ناحية ، و من ناحية أخرى إن غصب فدك كان مناسبة لكي تتحدث الزهراء عن موقعها من رسول الله ، فالخلافة ليست مما ينتقل بالوراثة أو يمكن أن يحاجج عليه بالقرابة ، لأنها منصب إلهي ، أما فدك فقد وصلت للزهراء على أساس أنها من بيت النبي ، و بالتالي فذلك كان وسيلة مناسبة لتأكيد قربها من رسول الله، و هذا مما له أهمية في ألأذهان الإسلامية في ذلك الزمان التي كانت ستتعرض لحملة تهدف إلى محو الموقع الواقعي لأهل البيت الذي أراد الرسول أن يثبته لهم.
و تعلمنا الزهراء عليها السلام أننا يجب أن نؤكد مظلومية أهل البيت ، و التأكيد على الحجج التي تؤيد موقفهم في مقابل الآخرين ، و هذا و إن كان لزام على العلماء،و لكن على الناس جميعا أن يعملوا عليه بشكل دائم أيضا ، بنفس الطريقة العقلية التي انتهجها أهل البيت .و الهدف من تأكيد المظلومية يظهر من خلال أمور : الأمر الأول : إن المظلوم يأخذ تعاطفا أكثر من الناس ،والظالم ينال سخطا من المجتمع بغض النظر عن موقع أي منهما ، فكيف إذا كان المظلوم من أهل بيت الرسول اللين لهم المحبة الكافية في القلوب على أثر محبة الناس للرسول ، بالإضافة إلى ما نزل في القرآن بحقهم. الأمر الثاني :إن أجواء الحزن و القهر تكون عاملا جامعا للناس على أسباب القوة الفكرية و السياسية و العسكرية .. و قد أرادت الزهراءمن خلال خلق هذه الأجواء الحزينة ، التي تمتلئ بالمظلومية و القهر ، أن تؤجج أسباب القوة المعنوية و المادية ، و ان تربط الناس بهذه الأسباب من خلالها . الأمر الثالث : إن إبراز المظلومية يشعر الظالم بالعجز ، فإن الزهراء حيث لم تسكن عن المطالبة بحقها ، أظهرت للخصم أن جزءا أساسيا من حركته قد سقط ، ألا وهو الحق ، الذي يكون أقوى في جانب المظلوم على الدوام . الأمر الرابع : أرادت الزهراء من خلال التأكيد على الظلم اللاحق بها من خلال غصب فدك ، أن تعري الجهاز الحاكم الذي كان يلبس لباس الإسلام وصحبة رسول الله ، فوقفت بنت رسول الله و صهره ليظهروا للناس مساوئ هؤلاء و ضعفهم على الصعيد الديني و الأخلاقي .
خامسا : ربط فدك بالخلافة :
إن مطالبة الزهراء بفدك لم يكن من أجل فدك بالذات و حصرا ، بل كانت خطوة أولى و أساسية لاسترجاع الخلافة ، و قد شكلت فدك خطوة أولى في هذا الاتجاه لأنها حق مكتسب كان بين يدي الزهراء و علي ، فيها وثيقة مكتوبة ، أما الخلافة فكانت عهدا غير مكتوب يمكن التلاعب في مضمونه و معاني كلماته كما حصل في ذلك الزمان تحديدا بحيث يشوه المعنى الأصلي و تحرف الحقيقة .
و لكن المطالبة بفدك أخذ الزهراء إلى موقف مهم وهو وقوفها في المسجد أمام جميع الناس لتسرد حججها و براهينها ، و لتعيد للأذهان القضية الأساسية التي تتمثل بالخلافة و أحقية أهل البيت بها ، و هذا الموقف لم يكن ليحصل لولا هذه القضية .
و الزهراء تعلمنا من خلال ذلك أن نختار القضية المناسبة لتأكيد الحق ، القضية التي تعجز الخصم و التي لا يمكن فيها التأويل و التفسير ، و التي تمكننا من المطالبة الواضحة بالحق و تكون حجة لنا على الخصم. ونحن يمكن أن نشاهد هذا الأثر في حوار ورد في حديث يسأل فيه أحد الخلفاء العباسيين الإمام الكاظم عن حدود فدك حتى يردها عليه ، فحددها الإمام بكامل العالم الإسلامي الذي حكمه العباسيون في ذلك الزمان ، مما يشير إلى أن فدك لم تكن مجرد قطعة أرض عادية بل كان لها امتداد في الاسلام و التدين و الفقه و السياسة .
سادسا : : التأكيد على موقع أهل البيت التاريخي :
و يتضح هذا الأمر من خلال موقع قضية فدك في التاريخ بشكل عام ، لأن امير المؤمنين كان قد استلم الحكم و لكنه لم يرجع فدكا ، مما جعل المسألة مدار بحث و جدل بين الناس ،و قد بين الأئمة سبب عدم رد فدك من قبل أمير المؤمنين :
1- عن أبي بصير عن أبي عبد الله قال : قلت له لم لم يأخذ أمير المؤمنين فدك لما ولى الناس ولأي علة تركها ؟ فقال : لان الظالم والمظلوم كانا قدما على الله عز وجل ، وأثاب الله المظلوم ، وعاقب الظالم . فكره ان يسترجع شيئا قد عاقب الله عليه غاصبه وأثاب عليه المغصوب .
2 - عن إبراهيم الكرخي قال : سألت أبا عبد الله فقلت له لأي علة ترك علي بن أبي طالب فدك لما ولى الناس فقال : للاقتداء برسول الله لما فتح مكة وقد باع عقيل بن أبي طالب داره فقيل له يا رسول الله ألا ترجع إلى دارك ؟ فقال وهل ترك عقيل لنا دارا إنا أهل بيت لا نسترجع شيئا يؤخذ منا ظلما . فلذلك لم يسترجع فدك لما ولى .
3 - عن أبي الحسن قال : سألته عن أمير المؤمنين لم لم يسترجع فدكا لما ولى الناس ؟ فقال : لأنا أهل بيت لا يأخذ حقوقنا ممن ظلمنا إلا هو ونحن أولياء المؤمنين إنما نحكم لهم ونأخذ حقوقهم ممن ظلمهم ولا نأخذ لأنفسنا.
فهذه الروايات تعطي انطباعا عن شخصية الأئمة التي ظهرت من خلال فدك موقعها التاريخي و العقدي ، فالأئمة عليهم الصلاة والسلام ليسوا من أهل الدنيا الذين يعملون على الثأر الشخصي و المصلحة الخاصة ،و هم يرجعون كل شيء إلى الله ، و بالتالي فإن عملهم يكون على الدوام من منطلق أنهم هداة الدرب و الأولياء إلى الله و حجج الله على البرايا ، و لا ينظرون إلى أنفسهم وموقعهم الخاص في المجتمع بقدر ما يتأملون في أثرهم على الواقع الإسلامي ككل.
وهذا ما وسعنا في وقتنا الحاضر والله المستعان
وعسى ان أكون قد وفقت في إيصال الجواب المطلوب والفكرة المنشودة من طرح هذا الأمر وهذه القضية الكبرى التي ستبقى على مر الزمان والدهر ... على حسب ما تراه وتنشده صاحبة الموضوع وفكرته الكريمة " العقيلة" وإلا فلها الحق في النقد او طلب ما تراه مناسباً وإنا إن شآء الله وإياها لمهتدون والســــ على من أتبع الهدى وآله ـــــلام .
بارك الله فيكم جميعاً أيها الزملاء الاعزاء و إنشاء الله يكون هذا الموضوع ذو فائدة للجميع .. و بعد إذنكم أيها الزملاء عندي إضافة بسيطة على الموضوع .. أن رسول الله (ص) قال : (( البنية على المدعي و اليمين على ما أدعى عليه )) و هذا الحديث يبين على أن من المفروض أن أبو بكر الذي يأتي بالشهود لانه هو المدعي في فدك و أما سيدتنا و مولاتنا القديسة الطاهرة أم الائمة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام فهي ملكت فدك في حياة رسول الله (ص) عندما أمر الله رسوله منح فدك لابنته (( و آتي ذو القربى حقه )) و لذا هي من المفروض التي تطالب أبو بكر بشهود و ليس العكس و لكن الطمع و الجشع من أعداء الله و رسوله جعلهم يطمعون في فدك و يأخذونه من أصحابه ..
نعم البينة على من ادعى .. وحيث ان في كل القوانين الشرعية والوضعيه لا يجوز ان تسلب فدك هكذا بكل بساطة حيث ان عتيق ارسل رجالاته الى وكلاء سيدتي فاطمه ع الموكلين على فدك وطردهم ثم استحوذ على الارض .. يعني مثل التسفيرات وقت صدام المقبور .. ولو كانت _ فدك _ حقا ليست للزهراء ع ( والعياذ بالله ) لكان عليه ان يقدم ادعائه و بينته والوضع يبقى على ما هو عليه الى حين ثبوت العكس ..
اللهم انصر شيعة الكرار
دروس تقدمها لنا سيدتي ومولاتي الزهراء البتول عليها السلام في فدك ـ وكما اشرت وبحقيقة فقضيه فدك كافيه لجعل العاقل يتفكر في اهل البيت عليهم السلام بل اثبات كافي ووافي بانهم اولياء الله وحجته