فاطمة الزهراء ....ليست إمرأة عاديّة !!!
يقولون في الصدّيقةالكبرى فاطمة الزهراءصاحبةالمقام الربّاني الذي لا يُنال ، أنّهاإمرأةعاديّة وزوجة ناجحة وربّة بيت موفّقة وأنّها عابدة لربّها. وإنتهى الأمر !!
فلو عندهم فقاهةلعرفوا أنّه لا يصحّ أن يُقال لفاطمة أنها إمرأة عاديّة بل يجب أن يُقال لها( حوراء إنسيّة ) فهذه هي العبارة التي تعرّف شخصيتها !
فلو كانوا فقههاء لعرفوا أنها ليست إمرأة كالنساء ، وأنّالنبيّعندما عرج به إلى الملأ الأعلى رأى الجنّة مكتوباً علىبابها : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، عليّ حزب الله ، والحسن والحسين صفوةالله ، فاطمة خيرة الله! إنّ هذا الحديث لم يروه الشيعة فقط بل رواه السنّةأيضاً ! ولا بد للفقيه أن يفهم لماذا يجب أن يفتتح ما كتب على باب الجنّة ب(لا إلهإلا الله ) ويختم بإسم ( فاطمة ) ! هنا يتميّز حدّ الفقاهة عن حدّالسفاهة.
والإنسان الذي يقولهذا الكلام لم يبلغ حدّ الرشد ، وعندما يبلغه سيفهمأنّ فاطمةالزهراء (ع) موجودٌ أبلغ من كل تعبيرنا ، ويفهم معنى إختيار الله إسم فاطمة لها : لأنّ الناس فطموا عن معرفتها .
عن الإمام الصادق( كان رسول الله يكثر تقبيل فاطمة فعلتبته عائشة وقالت يا رسول الله إنّكتكثر من تقبيل فاطمة فقال: (إنّه لمّا عرج بي إلى السماء مرّ بي جبرائيل على شجرة طوبى ، وناولنيمن ثمرها فأكلته ، فحوّل الله ذلك ماء إلى ظهري ، فلمّا هبطت إلى الأرض واقعت خديجةفحملت بفاطمة ، فما قبّلتها إلا وجدت رائحة شجرة طوبى منها ) . ( المختصرللحلي ص135 ، وفي المناقب :3/114 : (فكلما إشتقت إلى رائحة الجنةشممت رائحة إبنتي ) .
فهذه الرواية لهاأصل في مصادر التفسير السنيّة والحديثية والتاريخية ، كتفسير السيوطي ، ومستدركالحاكم ، والخطيب البغدادي .
لقد عُرج بالنبيإلى الملأ الأعلى مرات عديدة ، كما ثبت في محلّه ، وفي تلك المرّة أخذ بيدهجبرائيلفأدخله الجنّة وأخذه إلى شجرة طوبى ! وقد ورد وصف طوبى في مصادر السنيين بأنه لميُر أحسن من ورقها ، ولا أطيب من ثمرها ! وقد سميت في القرآن ( طوبى ) وهي مصدر منطاب ، وتسميتها من حمل المصدر على الذات ، والروايات في عظمة هذه الشجرة وأنهاالأولى في الجنّة والأكبر .
ولشجرة طوبى ميزاتمنها أن جذعها في بيت النبيّ ، وأن الله تعالى غرسها بيده ، كناية عن أن ملائكةالله بمن فيهم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل ، لا يصلون إلى مستوى غرسها ! فتربة شجرةطوبى ومغرسها في بيت الشخص الأوّل في الوجود.
ويجري من تحتها ثلاث عيون :السلسبيل ، والتسنيم ،والمعين ، وفي أملاك كل مؤمن غصن منها ، هو أعز عليه من كل ما يملك في الجنّة ،لأنّه مميّز بثماره ، وطيوره ، وأنغام حفيف أوراقه ، والثياب التي تنبت عليه ... كلذلك فوق ما تشتهي الأنقس !
إنّ خلق الزهراءمنثمر طوبى يفتح نافذة لفقهاء البشر والمفكرين في إ نسانية الإنسان ، ويطرح عليهمسؤالاً :إذا أخذت نطفة بدن إنسان من ثمرة شجرة طوبى ، فما هو البدن الذي يتكوّن منتلك النطفة ؟ ثم ما هي تلك الروح التي صنعت لتحلّ فيه ، والتي أكرمها الله أن يصلبدنها إلى مرحلة : ( فإذا سوّيته ونفخت فيه من روحي ) ، (سورة الحجر:29 ) وإلى أنيكتب الله تعالى على باب جنته : ( فاطمة خيرة الله ) ؟
تُرى من كان بدنها كهذا البدن ، فما هو نوع روحها؟؟؟
ماذا في تلك الروح ، وما هو مقصدها في الوجود؟؟؟
إنّ المصنع الإلهي قائم على الحكمة ، والصانع هو ذلك الحكيم الذي يديركل منظومة الوجود التي لا يحدّها الحسّ البشري ، والذي هو ( الله لا إله إلا هوالحيّ القيّوم لا تأخذه سنة ولا نوم ) ( سورة البقرة :255 )، وكل هذه العظمةوالحكمة في عالم المادّة ، الذي لا يساوي بالنسبة إلى بقيّة الوجود أكثر من حصوةالمثانة ،على حدّ تعبير المحققّ السبزواري رحمه الله .
ذلك الحكيم سبحانه الذي يدير كل الك العوالم ، ماغرضه من خلق روح فاطمة الزهراء وبدنها ؟ ما غرضه في أن يأخذ الأنسان الأول فيالوجود إلى شجرة طوبى التي تحدّث عنها لعيسى في الإنجيل ، وذكرها في القرآن فقال : (الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مئاب ) (سورة الرعد :29 ) ،ويطعمه من ثمرها فيتحوّل ثمرها إلى نطفة في بدنه ، ثم يحلّ في رحمإمرأة أعطت كل ما تملك لربّها ، قالوا كانت تجمع ما عندها من حُليّ وزينة فيبلغقامة الإنسان ولا يرى الواقف إلى جنبه ! لكن عندما حضرتها الوفاة قالت لرسولاللهليس عندي ثمن كفن ، فأنزل اللهتعالى لها كفناً مع جبرائيل (ع) أمٌ كهذه ، وأبٌ كهذا ، وبدن فاطمة من ثمار طوبى ،وروحها تلك الروح العليا .
فأيّ موجودة تكونفاطمة (ع) ؟؟؟؟؟
( خرج رسول اللهوقد أخذبيد فاطمةوقال : منعرف هذه فقد عرفها ، ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمد وهي بضعة منّي ، وهي قلبيالذي بين جنبيّ ، فمن آذاها فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله جلّ وعلا ) .وردت هذه الرواية بمضامين مختلفة في مصادر الخاصّة والعامّة : ( المختصر للحليص133 ، وشرح الأخبار :3/332 . وكتاب الأربعين للماحوزي ص 316 ، عن الفصول المهمة ص 146 ، واللمعة البيضاء للأنصاري ص 59 ، عن كشف الغمّة : 2/94 . والبحار : 43/54 ح 48 ) .
فمامعنى أن يخرجالنبي آخذاً بيد فاطمة (ع) ؟ إنّ عمله هذا كعمله في حقّ عليّ يوم الغدير، حيث أصعدذلك الرجل الفريد معه على المنبر ، وأخذه بيده ورفعها ! وفي هذا اليوم عندما خرجآخذاً بيد فاطمة المرأة الفريدة في العالم ، قال : من عرفها فقد عرفها ..
ومن لم يعرفها فليعرفها ! لاحظوا كيف قدّمها النبيّ إلىالأمّة ، وعرّفهم مقامها درجة درجة ! إنّ لكلامهفي أنفسمستمعيه وقارئيه جاذبية خاصّة منوّعة ! في المرتبة الأولى قال : بضعة مني ، لاحظواكلمة (بضعة ) ثم إنتقل إلى الأعلى إلى المرتبة الثانية
فقال : (وهي قلبي الذي بينجنبيّ ) ! وعندما يقول النبيّ ( أنا ) فالأنا هنا غير كلمة بدني ، فالبدنمضاف وضمير المتكلم مضاف إليه . هنا تعابير خاصّة : بضعة مني ، وهي أبلغ من بضعة منبدني ، وقلبي الذي بين جنبيّ غير قلبي ، إنها قلب بين جنبيّ الشخص الذي ( الأناخاصّته ) مبدظأ ومنشأ لكل الفضائل البشريّة .
الشخص الذي قال وهو الصادق الأمين : ( كنت نبياً وآدم بين الماء والطين ) ( المناقب لإبن شهر آشوب : 1/214 ، ونحوه في مسند أحمد بن حنبل :4/66 ) .
معنى أن فاطمة قلب إنسان بهذه الصفة ،أنه لو أخذت مني فاطمة سأبقى بدناً بلا روح !فإلى أين وصلتالصدّيقة الزهراء (ع) حتى بلغت مقاما كهذا ، وصارت قلباً بين جنبيّ علم وعمل ! فجنبالنبيّ الأيمن علم والأيسر عمل !
علمٌ عنده تتلاشىكل علوم الأنبياء (ع) ! وعمل عنده تتلاشى كل أعمال الأولياء ! والقلب الذي بين هذينالجنبين هو الصدّقة الكبرى فاطمة الزهراء (ع) !! وهنا يتضّح سرّ الحديث القدسيّ فيالنبيّوالعترة عليهم السلام : ( هم فاطمة وأبوها ... وبعلها وبنوها ) !
سيّدتي ماذا فعلت حتى صرت المحور والقطب ؟ !
سيدتي ماذا فعلت حتى صرت قلب عالم الوجود ؟ !
سيدتي ماذا فعلت حتى صرت في مقام قال عنك خاتمالنبيين صلوات الله عليه ( من صلّى على فاطمة فهو معي أينما كنت في الجنّة ) !
إنّ العمل الذي عملته لا يعرف كنهه وقيمته إلاّ اللهتعالى ومن هم خزائن أسرار الله تعالى
فأنت تلك العظيمةالتي يقول فيك الإمام الصادق (ع) لو حاول الناس جادّين أن يعرفوا كنه فاطمة ماعرفوه : لأنهم فطموا عن معرفتها ! وهنا نصل إلى مرحلة من كلام الإمام الصادق (ع) :اللهم إني أسألك بفاطمة وأبيها ، وبعلها وبنيها )
فكّروا وتفهّموا سرّهذه الكلمات ... فالسؤال بفاطمة وأب فاطمة وبعل فاطمة وأبناءفاطمة
وختام هذا الدعاء كلمة هي ختم الكلام : والسر المستودع فيها !!
فأيّ سرّ هذا السرّ ، الذي كانلا بدّ له من مقدّمات ، معراج النبيّ وأن يتناول من ثمار شجرة طوبى ليتكوّن البدنالذي يكون محلاً لهذا السرّ ! إنها سرّ الله الأعظم ، فقد كانقلبها سراً . وما في ذلك القلب كان سراً ، ألمها كان سراً ،لونها كان سراً ، ما تحملته كان سراً ، قدرها كان سراً ومقامها ما زال سراً ...
سرّ في سرّ ،وحتى القبر الذي حوى جثمانها كان سرّاً ! ماذا فعلت يا بنت رسول الله حتى صرت سرّالله ؟ وإلى أي مقام وصلت ؟
الذي أستطيع أنأقوله إنّ العمل الذي قامت به فاطمة (ع) أحيت به قيم الأنبياء عليهم السلام من آدمإلى النبيّ الخاتم! العملالذي عملته ... به إحيت إسم الله تعالى ...
أحيت كل حرماتالله تعالى عندما يموت المؤمن ... أوّل تحفة يقدّمونها له في الجنّة أنّهم يقولونله : كل من شارك في تشييع جنازتك مغفور له . وفاطمة تعرف ذلك ولذا قالت : يا عليّلا تُعلم بموتي أحداً منهم : هذا العمل وما أحدثه ، جدير بأن نفكّر فيه كثيراً ،لنعرف ماذا حدث ؟ ! عندما غادر النبيّ الدنيا كانت فاطمة في كامل النشاط وغايةالسلامة ، وبعد مضي خمس وسبعين يوماً لحقت به !
وفي الليلة التي غسّلوا جثمانها قالوا إنها كانت من ضعفهاكالخيال ! وأنّ جسدها على المغتسل كالشبح !
لم يبقَ إلاّ نَفَسٌ خافتُ أو مقلةٌ إنسانهاباهتُ
( ويقولون بأنّ فاطمةالزهراء عليها السلام إمرأة عاديّة )
وأنتم ماذا تقولون؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟