العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى الثقافي

المنتدى الثقافي المنتدى مخصص للكتاب والقصة والشعر والنثر

 
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next

الصورة الرمزية نور المستوحشين
نور المستوحشين
شيعي حسيني
رقم العضوية : 10716
الإنتساب : Oct 2007
المشاركات : 21,590
بمعدل : 3.31 يوميا

نور المستوحشين غير متصل

 عرض البوم صور نور المستوحشين

  مشاركة رقم : 12  
كاتب الموضوع : نور المستوحشين المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 30-03-2009 الساعة : 05:30 PM


بعد أن استلم "حسن" جدوله انضم إلى طابور طويل يقود إلى مكتب توزيع الكتب الدراسية عبر قاعة المحاضرات الكبيرة ، كان عليه أن يسلك درب الأفعى كي يصل بعد ربع ساعة إلى المرشدين الذين يقدمون التقويم الدراسي و مفكرة بها أرقام مهمة و بعض الإرشادات ، ثم وقف أمام موزع الكتب الذي يتأكد من عدد الكتب فيسلمها لـ "حسن" ويختم جدوله ، و انتهي "حسن" عند آخر المطاف بشخص آخر يتأكد من تطابق الكتب مع الجدول ، خرج "حسن" من الباب ليجد نفسه أمام البوفيه ، كان "مصطفى" يجلس أمام طاولة يقلب الكتب الإنجليزية باهتمام عندما وضع "حسن" رزمة الكتب على الطاولة و هو يهتف:

- هل سنحمل هذا الكتاب الأزرق الثقيل كل يوم؟
- ربما...
ثم أردف "مصطفى":
- لقد جعت... أتريد شيئا من البوفيه...

- سأذهب معك..

- و الكتب؟؟
- ماذا يبيعون؟
- سأجلب لك فطيرة جبن من مخابز العيد وعصير..
- O.K

أمسك "حسن" جدوله يحاول أن يفك طلاسمه ، و انضم له "مصطفى" بعد أن جلب الفطائر و العصير ، لكن محاولاتهما باءت بالفشل ، فرفع "مصطفى" رأسه بحثا عن شخص يساعده ، كان البوفيه يعكس حالة اللا تجانس بين المجتمع السعودي ، طاولة تحلق حولها مجموعة ترتدي الثياب البيضاء و تسدل الشمغ الحمراء بينما أغلبهم يطلقون اللحية ، طاولة أخرى يجلس عليها شباب يرتدون ثيابا غربية في أحسن هندام و بأيديهم جوالات مستعدة لإطلاق الموسيقى في أقرب لحظة ، و طاولة اختلط فيها الثوب الأبيض الحاسر و البنطلون الفضفاض مع القميص مع الجينز و "البلوزة" ، اللهجة القطيفية تشجع "مصطفى" على التحدث إليهم ، نهض من مكانه و لم يكد يصل حتى صافحهم جميعا و هو يهتف :

- من أي القرى أنتم؟
- أنا "صالح" من القديح... و أنا "سعيد" من القديح أيضا... و أنا "محمد" من العوامية و أنا "حيدر" من العوامية ... أنا من التوبي و اسمي "سيد هاشم"...
[color="navy"]- تشرفنا... أنا "مصطفى" من الوسادة..[/COLOR
]- أهلا بك..
- هل فككتم طلاسم الجدول ياشباب؟
سأل "حيدر" بابتسامة:
- أين جدولك؟
سلم "مصطفى" جدوله لـ "حيدر" الذي لم يلبث أن هتف:
- جدولك ممتاز... فترة صباحية و الرياضيات بين الحصص... لكن عندك الرياضة يومي السبت و الإثنين تنتهي عند الخامسة... الله يعينك... الورشة يوم الأحد بين الحصص كذلك... أنت أفضل جدول حتى الآن..
- لكن كيف عرفت ذلك؟
أمسك "حيدر" الجدول و بدأ يشرح لـ "مصطفى" كيف يقرأ الجدول و معنى الرموز و أرقام الفصول ، فشكره "مصطفى" وعاد ليطبق ما تعلمه على جدول "حسن"...

كان الاختلاف بين جدول "مصطفى" و "حسن" في وقت الورشة و الرياضة ، فرياضة حسن يومي الإثنين و الأربعاء بين حصص اللغة الإنجليزية ومادة الورشة يوم السبت بعد حصص اللغة ، أي أن عليه قضاء يوم الإثنين فقط منتظرا انتهاء "مصطفى" من حصة الرياضة...

كلما تقدمت الأيام في السنة التحضيرية كلما طرأ تغييرا في بعض الأمور ، فالمجتمع الذي أتى فرادى أو جماعات صغيرة أصبح تكتلات وفقا للمدينة ، و الشباب المرح الذي جاء بنشوة الثانوي بدأ يركد و يسأم من طول اليوم الدراسي ، الأشكال بدورها قد تصرفت جذريا مع أول مكافأة طلابية ، و هذا ما حدث لـ"حسن" ، لم يكن "حسن" يتحدث مع أحد سوى "مصطفى" أو يرد على التحايا دون التعمق ، يجلس متى استطاع وحيدا كأنه يخشى التعرف على الآخرين ، و يبقى صامتا عندما يضطر للجلوس مع مجموعة من الشباب ، أما ثيابه فقد تغيرت بعد أول مكافأة وكذلك قصة شعره التي أعطته مظهرا جذابا...

كان أول أسبوع يرتدي فيه ملابسه الجديدة حافلا بتعليقات "مصطفى" الاستفزازية ، وكان يجيبها بابتسامة أو صمت ، كان آخرها يوم الأربعاء في طريق العودة ، كان "مصطفى" يسأله:
- ماذا مكتوب في الصحيفة؟
- أي صحيفة؟
- الصحيفة التي تلبسها...
- ...

في منتصف الطريق سأل "حسن":
- أين كتابك الرياضيات؟
- أتوقع أنه في المقعد الخلفي... لا... لقد نسيته على الطاولة...
لم تمضِ دقيقة حتى خالف "مصطفى" معاهدته بعدم تجاوز السرعة ، و بدأ يسابق السيارات و ينتقل من مسار إلى مسار ، و "حسن" جامد في مقعده يقرأ الفاتحة و يهلل ويكبر ، و كلما ضغط "مصطفى" مكابحه صرخ "حسن":
- بسم الله الرحمن الرحيم...

فصرخ "مصطفى" في وجهه..
- اصمت... سوف تصل سالما...
وبقي "حسن" صامتا حتى وصل المنزل و هو لا يصدق....

يقف إلى جانب الشجرة الأزلية ، يلبس نفس الثوب الذي ارتداه أول يوم في الجامعة ، ينتظر "مصطفى" لكنه ينتظره هذه المرة و هو يستمع إلى التلاوة ، و صوت الناعي بين الفينة و الأخرى يهتف من مسجد الإمام المهدي "عج":
- من أراد الأجر و الثواب فاليحضر لتشييع المرحوم الشاب...
يغيب ذهنه عندما يسمع اسم "مصطفى" ، يمر طيفه أمام "حسن" ، الفتى الأسمر الذي لا يكاد يعرف سواه في الجامعة ، التويوتا التي نذر لها نصف مكافأته ، السرعة و الهدوء ، ماذا مكتوب في الصحيفة؟ أين كتابك الرياضيات؟


- تركته على الطاولة...
أبناء "الوسادة" يلبسون البياض و يستندون إلى الجدار ، يقف "حسن" إلى جانب الشجرة الأزلية ، ينتظر قدوم "مصطفى" في سيارة مظللة كما يحب "مصطفى" لكنها بيضاء هذه المرة ، و سيفتح الباب لكنه لن يهتف "بسرعة" هذه المرة ، سينزله رجلان يلبسان البياض و سيتدافع الشباب لحمله على الأعناق ، ينتظر "حسن" تحت الشجرة الأزلية ، و تمر سيارة الأسعاف ليقف خلفها طابور من السيارات التي لا تتذمر هذه المرة بل تتحرك شفاه أصحابها في تلاوة لسورة الفاتحة....







توقيع : نور المستوحشين

ما الفشل إلا هزيمة مؤقتة تخلق لك فرص النجاح
من مواضيع : نور المستوحشين 0 من مطبخي .. عصيدة التوفي
0 وجعلنا من الماء كل شيء حيا...
0 كلبه نور ...
0 من مطبخي : شراب المارس
0 طقطقات من هنا وهناك ...
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 06:28 AM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية